46/06/15
نقاط تمهيدية في النهي عن العبادة والمعاملة/ النهي عن العبادة والمعاملة/النواهي
الموضوع: النواهي/ النهي عن العبادة والمعاملة/ نقاط تمهيدية في النهي عن العبادة والمعاملة
يقع الكلام في مسألة ان النهي عن العبادات او المعاملات هل يقتضي الفساد ام لا؟
طبعا ما المراد من هذا البحث؟ ليس المراد به النهي الوارد في الأدلة الخاصة لان ان كان المراد إياها فالادلة الخاصة في المركبات سواء كانت في المعاملات او العبادات وضعي يعني يدل على الفساد فلا بحث فيه. هو نهي ارشادي او وضعي وليس تكليفيا مولويا. فاذاً البحث في هذه المسألة ليس في النهي الوضعي او الارشادي او النهي الخاص المرتبط بمركب العبادة او المعاملة.
طبعا قد لا يكون النهي في الأدلة الخاصة بل نهي يرد بدليل عام لكنه أيضا وضعي وارشادي كذلك الكلام ليس فيه. فالنهي الوارد بمفاد ارشادي او وضعي ليس محل الكلام. لانه واضح ان مفاده الفساد أي بيان المانعية او بيان الفساد فلا ترديد فيه كي يبحث فيه سواء بدليل عام مثل الرياء في العبادات كلها «نواهي وضعية تعم كل العبادات» او بدليل خاص.
بل قد يكون النهي مولويا وتكليفيا ولايختص بالتكليفية بل يفيد الوضع أيضا يعني ان يفيد مفادين طوليين او عرضيين يعني ان النهي نفسه مفاده هذا الحكم الوضعي بلا ضميمة حكم آخر.
هذا احد الوجوه الستة الموجودة في روايات فقد العبادات للولاية لاهل البيت عليهم السلام. في الروايات الواردة في أبواب مقدمة العبادات في الوسائل والمستدرك وجامع احاديث الشيعة «مع ان الروايات في الوسائل كافية لكن الالمام بالكتب الأخرى ضروري» تقريبا ستة وجوه صناعية مرتبة على ان الولاية شرط الصحة. لو غضضنا النظر عن هذه الوجوه الستة فهناك وجه آخر على ان هذه الأدلة في صدد الحكم الوضعي أيضا لان هذه الروايات تدل على ان العبادة من دون الولاية لاتقبل والنية عبادة بل عبادية العبادات بالنية فاذا كانت النية بدون الولاية لا تقبل كعبادة فكيف يمكن ان يتقرب بالنية وبعمل آخر. يعني ان الشخص يتقرب بشيء ليس فيه قابلية التقرب فكيف ينفك بين التقرب والصحة في خصوص العبادة. ما لا يتقرب به لا يمكن ان يكون نية قربية. فهذه الأدلة تدل على انها لا يتقبل تدل على انها لا يتقرب بها والتقرب أساس العبادة فلا يمكن التفكيك بين الصحة والقبول فيها. معنى التقرب يعني ان إمكانية التقرب موجودة فاذا لم يكن لها إمكانية التقرب فكيف يحكم بصحتها. تقريبا تسعة وتسعين بالمأة بنوا على انها شرط الصحة لكن اقصد من لا يقبله. إذاً نفس معنى القبول في النية معناها الصحة وهو مفاد وضعي. هذا مثال. وله ستة وجوه أخرى فيه أيضا. رب مشهور عند المعاصرين لا اصل له في الأدلة.
فاذا كان مفاد النهي الخاص او العام وضعيا ليس محل البحث. بل محل البحث في النهي التكليفي تقارنه مع العبادة او المعاملة اتفاقي. هل يوجب بطلانها ام لا؟ فمحل البحث في النهي التكليفي المحض وليس فيه شائبة مفاد وضعي. لانه اذا كان مفاده الفساد فليس محل البحث.
صاحب الفصول او غيره قال ان هذا البحث يجري حتى في النهي غير المقارن اتفاقا بل حتى لو كان دائميا. مثل موارد اجتماع الامر والنهي. وسيأتي ان شاء الله والميرزا النائيني ومدرسته منهم السيد الخوئي وتلاميذه ان التنافي من التنجيز او الفاعلية او الفعلية التامة بنحو الدائم تعارض. أصلا التزاحم الدائم عنده تعارض لولا الترتب. ربما التنافي في احراز الامتثال لا يعده من التعارض. لكن التنافي في الامتثال والتنجيز والفاعلية والفعلية التامة والفعلية الناقصة لو يمكن تصويره هذه المراحل من التنافي يجره الميرزا النائيني ويجعل مآله الى التعارض لولا وجود العلاج في البين خلافا للمشهور والشيخ الانصاري وصاحب الكفاية ومشهور طبقات الفقهاء والاصوليين ان التنافي في مرحلة الانشائية تعارض وبقية أنواع التنافي في بقية المراحل ليست توجب التعارض سواء عولجت او لا.
هذا المطلب ذكرناه لانه تصوير النهي التكليفي الدائم عن العبادة ولو بنحو العموم والخصوص من وجه. عند صاحب الفصول مطلقا النهي التكليفي الدائم عن العبادة عند صاحب الفصول ليس من التعارض. اذا اوجب الفساد يعني التخصيص. اذا بني على الفساد في المقام فيوجب التخصيص واذا بني على عدم الفساد فلا يوجب التخصيص. والتخصيص في الأدلة.
فالنقطة الأولى ان النهي هو النهي التكليفي المحض وفيه كلام انه مقارن اتفاقا او ولو مقارن دائما.
النقطة الثانية ما الفرق بين هذه المسألة ومسألة اجتماع الامر والنهي؟ قيل في ذلك فرقان: الفرق الأول ارتضاه الاعلام ان المسألة السابقة اجتماع الامر والنهي بمثابة الصغرى والجزئية الإضافية. تعتبر صغرى لهذه المسألة. لان المسألة السابقة هل المأمور به من العبادات عين المنهي عنه او لا؟ هذه هي مسألة الاجتماع وهو تحديد وحدة المأمور به والمنهي عنه. اما المسألة اللاحقة بعد الفراغ عن وحدة متعلق الامر والنهي هل النهي يقتضي الفساد ام لا؟
يمكن ان يتسائل: بحثوا هناك في اجتماع الامر والنهي انه هل يستلزم التعارض ام لا؟ لذلك شيئا ما من هذا البحث بحثوا هناك. بينما البحث هنا اذا في المحمول ان النهي الذي متعلقه عين متعلق العبادة او المعاملة هل يقتضي الفساد او لا؟ فهناك بحث في الموضوع.
فرق آخر قيل اجتماع الامر والنهي في التقارن الاتفاقي اما النهي عن العبادة والمعاملة ليس بالضرورة الكلام في النهي الاتفاقي كما صرح بعض الاعلام انها يشمل النهي الدائم. بالتالي فيه فرق.
لماذا يبحث هذا البحث اذا كان دائميا؟ لان التقارن الدائم والتلازم الدائم مع التنافي عند المشهور ليس بالضرورة يستلزم التعارض. انما يستلزم التعارض عند النائيني ومدرسته.
في نفس هذا الفارق صاحب الكفاية في مبحث تعدد الإضافات وتعدد العناوين ذهب الى ان التعارض بالعموم والخصوص من وجه يمكن علاجه بتأويله انه تزاحم اقتضائي ولو هو تنافي دائمي. اذاً في مسألة اجتماع الامر والنهي وسع بعض البحث الى الاجتماع الدائم وفي مسألة النهي عن العبادة أيضا وسع بعض البحث للدائم. في الاتفاقي في الاثنين محل الاتفاق انه من المسألتين سيما اذا جعلا صغرى وكبرى.
المهم ان البحث في النهي يقتضي الفساد في النهي التكليفي المحض هل هو يقتضي الفساد الوضعي ام لا وهل هناك ملازمة بين النهي التكليفي والفساد الوضعي ام لا؟
لكن ذكرنا انه حتى مسألة اجتماع الامر والنهي اضطر الاعلام عن البحث عن المحمول هل هو تعارض ام لا.
نقطة ثالثة: المسألة أصولية لانه تقع في طريق الاستنباط بلاشك. سواء تقع في طريق الاستنباط ككبرى أخيرة في الاستنباط الذي اصر عليه النائيني او كبرى قريبة لنهاية الاستنباط. لان المسائل الأصولية لا حاجة لهذا الشرط الذي اصر عليه الميرزا النائيني من انه لابد ان يكون كبرى أخيرة في الاستنباط. بل يمكن ان تكون من الكبريات الأخيرة فيه. قال: حينئذ تندرج المسائل الرجالية وباقي العلوم الدينية والحال انه ليس هكذا. لان الأقرب للاستنباط هو المسائل الأصولية. فاصوليته واضحة ونحن لا نصر على الأخير.
المسألة أيضا عقلية والعقل يحكم ويحقق موضوعا ومحمولا. طبعا لم يقال ان هذه المسائل الخمس العقلية غير المستقلة «الإجزاء والضد واجتماع الامر والنهي والنهي عن العبادة والمعاملة ومقدمة الواجب» ليس يعني انه لا يمكن للشارع ان يعبدنا فيها لذلك عندنا الإجزاء التعبدي والتزاحم التعبدي. هي عقلية محضة لكن لا يمتنع ان يعبدنا الشارع فيها. بمعنى ان يتصرف الشارع في الموضوع العقلي او قل ان هذه المسائل العقلية تسمى غير مستقلة وقد تكون اكثر من الخمس المهم ان هناك حكم عقلي غير مستقل وهناك احكام المستقلة. الاحكام ا لعقلية غير المستقلة سواء العقلية بحكم العقل النظري او العقلية بحكم العقل العملي يعني اخذ في موضوعها سابقا عليها حكم شرعي فهي ليست احكام عقلية ابتداء من العقل. انما هي احكام عقلية لصيانة ورعاية الحكم الشرعي. فتسمى احكاما عقلية غير مستقلة سواء العقل العملي او النظري. فالاحكام العقلية الغير المستقلة هي احكام عقلية يدركها ويحكم بها العقل تبعا ورعاية للحكم الشرعي سواء خمسة او عشرة او عشرين. هذه الخمس ما اكتشف في الفقه وقد يكتشف الأجيال احكام أخرى. اما الاحكام العقلية المستقلة تلك احكام يحكم بها العقل ليس تبعا للحكم الشرعي سواء العقل النظري او العملي. اما دعوى البعض ان الاحكام العقلية المستقلة تعني العقل العملي فقط وغير المستقلة هي العقل النظري خطأ. الضابطة ما مر بنا. انه تارة اخذ في موضوعه حكم شرعي وحكم العقل لرعاية الحكم الشرعي فهو غير مستقلة.
لذلك في مبحث اجتماع الامر والنهي آلية البحث الذي بحثوها فيها عقل نظري بعد ذلك يجيء العقل العملي. يعني عدة احكام عقلية. في الضد والإجزاء أيضا هكذا. يعني تعاون بين العقل العملي والنظري.
يعني ليس حكما واحدا. مسألة اجتماع الامر والنهي مجموعة من الا حكام العقلية النظرية والعملية تنتج حكما عقليا تبعا للحكم الشرعي.
كذلك للاحكام العقلية المستقلة عندنا احكام عقلية مستقلة في العقل النظري والعملي. طبعا الكلام في حجية العقل في كليهما هل هوحجة في العملي والنظري وهل هو حجة في المستقل وغير المستقل فيه كلام مع الاخباريين.
الفساد هنا بالدقة هل كلي او جزئي؟ هل طور عقلي او طور شرعي؟ نقطة هامة ان شاء الله نتعرض اليه غدا.