« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الفقه

47/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم



الفقه

تأريخ الدرس : السبت 15 جمادى الآخره 1447

عنوان الدرس : نظام الولايات 41

العنوان الثانوي : مراتب الإنشاء في عقد المكره والفضولي

الكلام في الاكراه وهو محل ابتلاء سواء في المعاملات او الايقاعات او في الامور المحرمة التكليفية فمن المباحث التي يثيرها الاعلام في موضوع الاكراه ولم نستوفه بعد هو بحوث محمول الاكراه والتنظير ليس البحث الموضوعي وانما الشبهة الحكمية دوما التنظير في الموضوع هو في الشبهة الحكومية وتحديد التنظير موضوعا ومحمولا هو شأن يرتبط بالشارع فالتنظير دوما شبهة حكمية وشأن الشارع من ثم لا يوكل الى عامة المكلفين .

مثلا ماء الشعير والفقاع بحث في البحث التنظيري الكلي وليس شبهة موضوعية وانما شبهة حكمية فكنا في هذا البحث هل اخذ عدم امكان التفصي وامكان التخلص من التهديد في صدق الاكراه عرفا او عقلا او لغة ام لا ؟ والعجز ليس بدقة عقلية وانما عجز عرفي وبحث العجز والقدرة درجات فالقدرة والعجز درجات متفاوتة فاي درجة من الدرجات اخذ في العجز ؟ هل العجز الشديد او الامتناع العقلي او المتوسط او الخفيف?

مثلا قضية التورية او عدم القصد فيتلفظ بالعقد والايقاع ولا يقصد فهذا المقدار لا يحتاج الى مؤونة وتارة يقولون قل ان امرأتك طالق فهو يقول فلانة طالق ويردد الصوت بدون ما يقصد مثلا انسان ظالم يقول له احلف بالله كذا كذا وهو يحلف لكن ليس مقصوده الحلف وانما مقصوده التلفظ هذا المقدار من عدم القصد لا يحتاج الى مؤونة هذا اذا كان بامكانه وكان ملتفتا فح يجب ان نفصل بين الغافل وغير الغافل والملتفت وغير الملتفت هذا الالتفات يسمى التفاتا موضوعيا وهذا ليس هو الموضوعي في الشبهة الموضوعية وانما موضوعي في تنظير الموضوع الكلي وفي تطبيق القضية الكلية يسمى عمد اما في تنظير القضية الكلية سواء هذا التنظير في الموضوع او في المحمول ما يعبر عنه عمد وانما يعبر عنه علم لان التنظير الكلي للموضوع هذا معرفة وعلم وليس عمدا .

مثلا الشرع لما يقول عن علم وعمد هل مراد الشارع عن علم بالتنظير الكلي للموضوع او عن علم بالتنظير الكلي للمحمول ؟ مثلا بطلان الصيام وكفارات الحرمة الابدية الشارع ياخذ العلم بالاحكام لكن اي بعد في الاحكام هل الموضوع الكلي في الحكم او المحمول او هما معا ؟ فهذا يؤثر ، فصرف تعلق العلم بالموضوع الكلي لا يسمى عمد وانما يسمى علم يعني تنظير كلي والعمد يعني تطبيق جزئي ففي باب المكره هو ايضا ملتفت للموضوع الكلي وهو يستطيع ان لا ينوي يعني عنده علم لذلك السيد اليزدي في كلام له يقول الذي عنده علم بالمحمول ليس بالضرورة ان يكون موضوعا كليا وانما عنده علم بالمحمول الكلي ان المكره عقده وايقاعه ليس بصحيح فكيف يتصور الاكراه عنده? هو عنده علم فاي اكراه يصير?

فالاشكال الذي يذكره السيد اليزدي في خصوص من علم ببطلان عقد او ايقاع المكره فهو يقول بانه من يعلم بان حكم المكره عدم الصحة كيف يتصور فيه الاكراه موضوعا? كالاكراه على شرب الخمر فعلمه بان المكره معذور لا يزعزع صدق الاكراه في الافعال التكوينية ، فالعلم بمحمول الاكراه وهو العذر لا يزعزع الاكراه في الافعال التكوينية اما الافعال الانشائية فهناك تساؤل يقول في الافعال الانشائية الاعتبارية كالعقد او الايقاع اذا علم بالمحمول بانه باطل فالاكراه يقع على اي شيء ؟ فشرب الخمر يقع حتى لو كان مكرها وهو كاره فيصدق ويرتفع المحمول كالمنجزية والعقوبة اما في العقود والانشاء والايقاعات اذا كان مكرها ما يقع فاكره على ماذا? فحتى لو تلفظ بالعقد والايقاع فهو تلفظ صوري لانه يعلم بان هذا لا يقع .

فعلى ضوء هذا الاشكال اذن من علم بحكم المكره لا يقع في حقه الاكراه انما يكون صوريا فلو نوى جدا ما يكون مكرها فيقع العقد والايقاع والسيد اليزدي يجيب بجواب لطيف متين وبامثلة عديدة مهمة جدا دعني اوضح بعض الامثلة كي يكون في موقعه الان مثلا حرمة سب المقدسات هل هو انشاء? فلو اكره على سب المقدسات وقام بالتورية هل هذا يرفع الاكراه? كلا لا يرفع وبعبارة اخرى سب المقدسات عندنا هو التبري من الله ورسوله والقرآن والائمة وهذا حرام حرمة كبيرة ولو هزلا يعني ليس عنده النية جدية مع ذلك هو حرام فبعض الانشاءات حتى الوجود الاستعمالي له حرام بل اكثر من هذا بعض المحرمات الانشائية الوجود الصوتي لها حرام من دون ارادة استعمالية مثل ماذا? كما ان شخصا بسبب التهديد يرفع صوته او يتكلم بكلام سيء مع المعصوم او مع النبي وحتى لو اراد الصوت ولم يرد الحرام مع ذلك الهتك يترتب على مجرد الصوت وان لم يرد المعنى الاستعمالي هنا لن يجدي في رفع موضوع الحرمة وهذا بحث واسع عجيب فتحه الشهيد الثاني ثم بلوره اكثر السيد اليزدي قال في بعض الاسباب الانشائية اصل الصوت هو سبب الهتك للتبري من الله ورسوله واهل البيت او الاسلام او القرآن او الدين فهو هزلا واستعمالا حرام فبعض الفاظ الانشاء يترتب عليها الحكم حتى على وجوده اللفظي الاستعمالي فضلا عن التفهيمي فضلا عن الجدي .

مثلا عمار ابن ياسر لماذا بكى? لانه طالبوه ان يتبرأ من الله ورسوله ويشتم الشتيمة المقرفة فبعض الامور الانشائية اذا العلم بان المراد الجدي هوكذا ونفي المراد التفهيمي بل حتى نفي المراد الاستعمالي لا يفيد لان سببيتها في الانشاء عند العقلاء صار بدرجة الوجود الصوتي او الاستعمالي لذلك الانشائيات درجات فاي درجة منها اخذ في الموضوع في العقود والايقاعات او في احكام اخرى ؟

الشهيد الثاني وصاحب الجواهر يقولان لا يبعد ان التشهد بالشهادتين من المنافقين والطلقاء يصح كما يقول امير المؤمنين عن قريش استسلمت ولم تسلم يعني ليست عندها ارادة جدية مع ذلك الشارع جعل التشهد بالشهادتين سببا ولو للاسلام الظاهري حيث هناك نزاع وجدل بين الاعلام هل التشهد بالشهادتين خبر وانشاء معا او انشاء درجة؟ فاذا قيل بان التشهد بالشهادتين يوجب الاسلام الظاهري ولو كنا نعلم بعدم وجود اي عقيدة عند هذ المنافق بل حتى لو علم بنفاقه ايضا هذا اسلام ظاهري لان الشارع جعل التلفظ نوعا من الخضوع للدين ولو صوريا فهذا الانقياد للدين وله صورة لقلقيا رتب عليه الشرع حفظ الدماء وتعبير القرآن اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون يعني هؤلاء اصلا اسلام واقعي ما عندهم ومع ذلك الشارع رتب اثار الاسلام الصوري عليهم لانهم اخذوا بالانقياد والاستسلام فحتى الاسلام الظاهري درجات وطبقات احدها اسلام المنافقين اللي هو ظاهر نفاقهم ومن هؤلاء من قبض عليه وهو يعبد الاصنام في المدينة المنورة .

فصاحب الجواهر والشهيد الثاني والسيد اليزدي يقولون ان السببية والمسبب في باب الانشاء درجات من ثم الاكراه ويعلم بحكم لا يقع يعني شرعا او عرفا ، لكن كمتعاقدين هذا شيء اخر وهذه نقطة جدا مهمة في باب الاكراه وباب العقد الفضولي وباب الانشائيات والايقاعات وسبق ان في بداية مباحث البيع نقلنا عن الاعلام انه عندنا بيع له وجود اعتباري فقط عند المتعاقدين او قل اول ما ينوجد العقد بيع او نكاح او اجاره او اي شيء اعتبارا عند المتعاقدين او البيع عند البيعين وقد هما يقترحان بيعا معينا لا يقر به العقلاء لكن هو بيع عند المتعاقدين قد يتعاقد المتعاقدان على ماهية عقدية ما انزل بها من سلطان ولكنهم يخترعون من عندهم عقدا وحتى العقود عند العقلاء اولا تمر بمحطة المتعاقدين وثم يترتب عليه اعتبار العقلاء ويترتب على المحطة الثانية من اعتبار العقل المحطة الثالثة هو اعتبار الشارع فالعلم بان عقد المكره لا يقع عند الشارع هذا لا يزعزع العقد عند المتعاقدين او عند العقلاء ان لم يكن يرون بان الاكراه مخل .

اذن حتى عند الملتفت بان عقد المكره يقع هذا لا يزعزع الاكراه لان الاكراه على عقد المتعاقدين او عقد العقلاء موجود لانه يعلم بان حكم الشارع لا يقع وعدم وقوع البيع الشرعي لا ينفي الاكراه عن البيع العرفي فالاكراه على اي درجة من درجات العقد؟ ومر بنا في السب والهتك وكذا الاكراه من المكرهين على من? انه هو على اللفظ حتى بدون الاستعمال يعني الانشاء في باب الهتك لا يحتاج الى ارادة استعمالية للمعنى وانما نفس ايجاد او انشاء اللفظ يترتب عليه بعض درجات الانشاء .

هكذا مدح الظالمين والجبابرة والفراعنة واهل الباطل حرام ولو على صعيد الصوت اللفظي نعم اذا كان تقية او هو معذور بحث اخر لكن وجوده حرام اذن بعض الامور الانشائية من باب الانشاء باب وسيع هذي تدقيقات مهمة عند الاعلام فبعض القضايا الانشائية سلبا وايجابا يكفي فيها الوجود اللفظي وبعضها يكفي فيها الوجود الاستعمالي وبعضها يكفي فيها الوجود التفهيمي وبعض لا يكفي فيها الا الوجود الجدي يعني جدي عنده او جدي عند العقلاء او جدي عند الشرع يعني هناك عقدة صعبة جدا في المكره والفضولي .

دعني اطرحه ونؤجل الاجابة غدا فيجب الالتفات اليه وهنا عقدة صعبة حيرت الفحول مثلا نفس الفضولي اي ارادة جدية لديه ؟ فهو يعلم بانه من باب الفضولي يعقد البيع او النكاح فاي ارادة لديه ؟ هو يعلم بانه لا يتحقق حتى عند العقلاء البيع فاذا لم تكن له ارادة جدية فكيف يقال عن العقد الفضولي انه ينشئ العقد? وبعد ذلك يجيزه المالك ؟ هو يجيز اي شيء ؟ فهناك شبهة عميقة موجودة في كل العقود او الايقاعات الفضولي انه اي ارادة جدية لديه ؟ ومن دون الارادة الجدية اي عقد تحقق في الفضولي كي يجيزه المالك ؟ طبعا كل قدم جوابا ولكن هل هذه الاجوبة متينة او غير متينة بحث اخر ، ففي المكره نفس الكلام فاذا كان هو مكرها يعني ليس عنده ارادة جدية وهذه هي شبهة الشهيد الاول والثاني فاذا ما عنده ارادة جدية الخلل يكون في قصد العقد لانه ارادة جدية موجودة فبعد ذلك يقولون بان المكره يجيز عقده فكيف يجيز عقده? هو العقد ما تحقق لانه لم تكن لديه ارادة جدية .

فالاشكال المشترك بين العقد الفضولي وعقد المكره انه اين هي الارادة الجدية? هذا بحث مجهري حول درجات وجود العقد والايقاع ووجود الامور الانشائية .

 

logo