« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الفقه

47/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

/ مراتب القصد والإرادة في العقود والإيقاعات/نظام الولايات (20)

الموضوع: نظام الولايات (20) / مراتب القصد والإرادة في العقود والإيقاعات/

 

المسألة التي عنونها الشيخ ونحن عنونا شيئا منها يوم امس ان العقود تابعة للقصود والقصد مراتب وعندما يشترطون في كل عقد شرطا اذن هناك مراتب من القصد وهذا ليس خاصا بالبيع لان القصد هو مراتب فالقصد والارادة تقريبا هنا مترادفان لغة او عقلا ، قصد الشيء اراده ، والدعاء والعبادة فيها قصد والعبادة بدون قصد غير صحيحة والقصد هو ارادة ، فهل لدى العبد ارادة الى الله؟ فالقصد توجه والارادة قصد فمترادفان عقلا يعني متلازمين فقد يكون القصد والتوجه باهتا والارادة ضعيفة وقد تكون الارادة قوية والتوجه قويا والقصد قويا فالرياضة الروحية ترتبط بتقوية التركيز والتركيز من اعظم الرياضات الروحية والاخلاقية لتهذيب النفس كما في جرس الانذار في الحرب فيصير توجه وانشداد اكثر سواء في العبادة او في مراقبة النفس او تهذيبها فالتركيز يعني التوجه والقصد وهذا هو الاستقبال القلبي في الصلاة وهو اعظم من الاستقبال الجغرافي، فالاستقبال الجغرافي له تأثير مع الاستقبال القلبي فلاحظ كم قصد يشترطه الفقهاء في العقد؟ واشتراطه في العبادة نفس الكلام فليس فقط في المعاملات والايقاعات كذلك في العبادة .

ان سيد الانبياء هو اكبر جهاز بشري يلتقط الوحي بحيث نفس امير المؤمنين وفاطمة في ظل التقاط قدرة النبي للوحي يتم البث اليهم، امير المؤمنين ايضا عنده جهاز التقاط للوحي ولكن ليس نبويا وانما ولوي وكذلك فاطمة لكن جهاز الالتقاط وقدرة الالتقاط لسيد الانبياء لا يوصف بحيث تلقائيا لما هذا البث يلتقطه النبي ينشره ويبثه لامير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين فرغم ان النبي عنده اكبر جهاز للالتقاط الا انه كان في جلوسه او شؤونه يستقبل الكعبة وحتى في غار حراء لان الاستقبال الجغرافي يؤثر في الاستقبال الروحي فنفس موضع الكعبة لها دور خاص فالعمدة في العبادة التوجه والاستقبال القلبي ، لكن الاستقبال الجغرافي للكعبة فيصب في الاستقبال القلبي للانسان .

فاذن التركيز الروحي والارادة يعطي قدرة على الرياضة الروحية فالقصد له مراتب قوة وضعفا القصد يعني ارادة حتى ان الخواجة نصير الدين الطوسي قال بان الالفاظ موضوعة للمعاني المستعملة اي المقصودة استعمالا وكذلك النهاوندي والسيد الخوئي عندهم الدلالة الوضعية تصديقية وليست تصورية يعني فيها قصد ارادة مثلا مناجاة المريدين وان الراحل اليك قريب المسافة نفس الارادة والتوجه الى الله هذا قصد وتوجه واستقبال فالقصد له درجات وهو نفس الارادة .

فالنبي واهل البيت يتوجه بهم الى الله فان النبي يعين للبث الروحي لامير المؤمنين وفاطمة ومن ثم لما رحل النبي انتاب امير المؤمنين وفاطمة اكبر وحشة بهذا السبب وقالا عبارة عجيبة ولقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بفقد احد من البشر فبفتوى كل فقهاء الشيعة دعاء التوجه للنبي له صياغات ان يتوجه الانسان الى الله بالنبي واهل البيت اذن القصد الذي يشترطه الفقهاء في العقد او الايقاعات ذو مراتب فالقصد الاستعمالي هذه ارادة والقصد التفهيمي اقوى والقصد الجدي هذا اقوى واكثر ارادة لاحظ الارادة الاستعمالية اضعف الارادات حيث اولا ارادة استعمالية ثم تفهيمية ثم جدية فنظام الدلالة في القرآن كما يبينه القرآن واهل البيت لا يعتمد على المراد الجدي الاول بل الجدي الثاني او الثالث او النهائي لقد كان في قصصهم عبرة يعني عبور .

فلاحظ فوق الارادة الجدية الاولى هناك ارادة جدية ثانية او نهائية فهذه الارادة تشتد بتوجه وتركيز من ثم الفقهاء يقولون العقود تابعة للقصود اي ان القصود مراتب كلها تؤخذ في الحقيقة الاستعمالية التفهيمية الجدية ولكل مرتبة اثر فلا بد من توفره لكل مرتبة ، لذلك الانسان بالغوص في مباحث الفقه يستطيع ان يغوص في مباحث العرفان والاخلاق فمباحث العرفان تقرأ بلغة فقهية فستدخلك الى مغارات وكهوف ودهاليز في العلوم الدينية الاخرى ، يعني اسلوب ومنهج مارسه النبي ومارسه الائمة ايضا انه يمكن الانسان ان يوظف الفقه للبحوث المعقدة الروحية او الاخلاقية او العقائدية ولكن يشترط التركيز فيها اكثر ويعبرون عنها بالقراءة الفقهية للعلوم الدينية فالفقهاء عندما يعنونون مبحث العقود انها تابعة للقصود وفي البداية الشيخ الانصاري عنى منه القصد الاستعمالي اما القصد التفهيمي او الجدي سيأتي ، لذلك لاحظ الان مسألة يعنونها الشيخ هنا الاختيار ويعاود بعد كذا صفحة يعنون مسألة الاختيار فهذا اختيار واختيار وارادة وارادة هذا المقصود انه مراتب في الارادة ارادة استعمالية تفهيمية جدية .

فالشيخ يقول بلا شك القصد الاستعمالي لابد ان يكون وحتى التفهيمي والشيخ الانصاري يذكر شبهة ذكرها الشهيد الاول والثاني في الاختيار الثاني يعني الارادة الجدية باعتبار ستأتي مسألة لاحقة وضابطة لاحقة في الشرط اللاحق وانا اذكر هذه المباحث فهرسة كي يلتفت الى البحث انه ما الفرق بين المسائل والمباحث فالمسألة اللاحقة ايضا اشترط فيها القصد والاختيار هناك قال الشيخ الاختيار بمعنى عدم الاكراه او طيب النفس لابمعنى الاجبار هذا معنى ثالث فهنا ثلاث معاني للاختيار ، الاختيار هنا عدم الاكراه او طيب النفس لا بمعنى الاجبار المعنى الاول هو القصد الاستعمالي او التفهيمي المعنى الثاني طيب النفس وعدم الاكراه يعني الارادة الجدية المعنى الثالث عدم الجبر فهناك اختيار مقابل الالجاء والجبر وهناك اختيار بمعنى طيب النفس ارادة لا عن اكراه هنا ارادة استعمالية وتفهيمية فالارادة درجات والقصد درجات لذلك نحن افتتحنا الحديث اليوم عن بحث معنوي مرتبط بهذا البحث وهذا البحث مرتبط بالارادة وهي درجات وليست درجة واحدة .

الشهيدان في المسالك استشكلوا في عقد الاكراه وطلاق الاكراه ان المكره في العقود او الايقاعات ليست لديه قصد وليس المقصود من كلامهم الضابطة الثانية وهو عدم طيب النفس وانما يعني ليس لديه قصد استعمالي تفهيمي فهنا صار كلام الشهيد الثاني مثارا للغط العلمي بين الاعلام لان البحث في الاكراه تصل النوبة اليه اذا كان اصل القصد الاستعمالي والتفهيمي موجود والا لا تصل النوبة الى الاكراه وغير الاكراه فطيب النفس او عدم الاكراه والرضا هذا يأتي الحديث عنه بعد فرض اصل وجود المعنى الاستعمالي والتفهيمي ، فهذا الطلاق الذي اوقعته هل الزوجة الاولى هي اكرهتك عليه؟ بان طلقت الثانية او بالعكس او قد اهلي يضغطون عليه بان اطلق زوجتي فلابد انت قصدت استعمالا وقصدت تفهيما كي يقال طلق عن اكراه وباع عن اكراه والشيخ الانصاري يقول سيأتي البحث عن التساؤل الذي اثاره الشهيد الثاني مفصلا لكن قطعا الشهيد لا يريد هذا الشيء لان الهازل يقصد المعنى الاستعمالي والتفهيمي فكيف بالمكره او الفضولي؟

احد الاشكالات في العقد الفضولي ان الفضولي هل عنده ارادة جدية او لا؟ فهو يعلم بانه فضولي فكيف تتمشى منه الارادة الجدية؟ فاذا لم يكن لديه ارادة جدية فاي انشاء ليس فيه ارادة جدية فليس هذا الانشاء التام ومر بنا امس ان الاخبار والانشاء اربع مراتب مرتبة منه المعنى الوضعي فيما لو كانت دلالة الالفاظ جملة موضوعة للخبر او مفردة موضوعة للخبر او تركيب ناقص فالاحتمامات الثلاثة موجودة اذن عندنا اخبار وانشاء وضعي وعندنا اخبار وانشاء استعمالي وهذا يفيد في حلحلة العقد التي ستأتي وعندنا اخبار انشائي تفهيمي مع انه ليس جدي، فالفضولي لا اقل عنده انشاء تفهيمي فالهازل اذا كان عنده انشاء تفهيمي واستعمالي فكيف بالفضولي وكيف بالمكره؟ لماذا لم يقبل المشهور انشاء الصبي ؟ فتقريبا الى صاحب الجواهر يقولون الصبي مسلوب العبارة يعني ارادته ناقصة وارادته العمدية كارادته الخطأية حتى على صعيد الاستعمال ، فارادته الاستعمالية ناقصة ولا يؤاخذ بكلامه وارادته التفهيمية الناقصة فعندما يقال الصبي مسلوب العبارة وعمد الصبي خطأ تحمله العاقلة ليس المقصود فقط الارادة الجدية وانما حتى الاستعمالية فهم لا يقولون ليست لديه ارادة وانما قالوا ارادة ناقصة ولذلك في مستهل حديث اليوم قلنا تقوية الارادة والقصد والتوجه هذا علم نفساني عجيب فاصطلاحهم من مسلوب العبارة هو ان ارادته ناقصة لانه حتى البالغ الذي هو ذو ارادة تامة اذا قتل خطأ يلزمه الله بالكفارة لانه عنده ارادة ولو ناقصة فهو بالغ رشيد حكيم لكن في القتل الخطئي يجب عليه الكفارة يعني عنده مسؤولية .

فالارادة وان كانت ناقصة هي ارادة لا انها ليست بارادة، فالصبي مسلوب العبارة يعني ارادته الاستعمالية ناقصة لذلك انت عندما تتكلم مع الطفل بعض الاحيان يأتي بالفاظ بدل الفاظ اخرى فالمفروض هو يأتي بلفظ هكذا خطئا ياتي بلفظ اخر فلا تؤاخذه لانه تعلم بان حتى ارادته الاستعمالية فيها ضعف فارادته الاستعمالية فيها كلام وارادته التفهيمية فيها كلام فلا انه مسلوبة يعني من رأس مزالة وانما ضعيفة فعمد الصبي خطأ يعني ارادته فيها نقص هنا الان يشترط قصد المعاملة هذه الارادة الاستعمالية والتفهيمية ، اذن الصبي فيه اشكال من هذه الجهة يعني الارادة ناقصة هذا في الصبي المميز فضلا عن غيره بعضهم قال اذا بلغ الصبي عشرا حكمه يختلف حيث مر بنا اربع مراتب للصبي فاولا الرضيع ثم دون المميز ثم المميز ثم عشر سنين ثم المراهق الذي على وشك الاغتلام ، والرضيع يحج به ونصوص مستفيضة عندنا ويستحب ان يعتمر ويطاف ويحج بالصبي والرضيع فحج الكبير على حاله وحج الصغير على حاله .

المذاهب الاسلامية من الطرف الاخر ما كانت تعلم بمسائل الحج فضلا عن احكام الرضيع فيقول الامام الصادق دعوا نسائكم تسأل حميدة ام الامام الكاظم فاني قد علمتها وهذا يبين دور المرأة في الفتوى فكانت تتقن احكام حج الرضيع فالبعض فسر عبارة الصبي ميز بين من عمره عشر سنين فما فوق اعتمادا على ما ورد ان وصيته نافذة المتوسطة واليسيرة وان وقفه وصدقته نافذ فانشاؤه نافذ ولكن يظل البحث ان في باب الحدود عمد الصبي خطأ حتى لو كان قريب الاغتلام يعني لم يشتد احكام عقله فعمد الصبي في القصاص خطأ فلا يقتص منه فكلامنا في المغتلم يعني على وشك الفحولة يعني عنده حالات الاغتلام بعده لم يبلغ لكن على وشك مع ذلك لا يقتص منه فهل يمكن القول بان ارادته الاستعمالية لا نقص فيها وارادته التفهيمية ليس فيها نقص وانما ارادته الجدية فيها نقص والحد انما رتب على الجدية فيقال بالتفصيل في انشاء الصبي فالصبي ذو عشر سنين فما فوق يمكن ان يقال انه يوكل في انشاء العقد والطلاق فارادته الاستعمالية والتفهيمية ليس فيها نقص وانما ارادته الجدية فيها نقص وذهب بعض الاعلام كالعلامة المحلي والشيخ الطوسي الى هذا فيفصل في الارادة في الصبي وهذا البحث في العقود والايقاعات يوسع لنا البحث حتى في قضية الصبي .

اذن الصبي مسلوب العبارة هو دون العشر ولو كان مميزا البعض ذهب ان الصبي المميز ليس مسلوب الارادة الاستعمالية والتفهيمية وانما مسلوب الارادة الجدية طبعا غير مسلوب الارادة الاستعمالية لكن ليس تام الارادة الاستعمالية فالشيخ يقول في العقود لابد من الارادة الاستعمالية والارادة التفهيمية ودعوى ان الفضولي او المكره ليست لديه ارادة استعمالية ولا ارادة تفهيمية هذا خطأ حيث الهازل عنده ارادة تفهيمية فكيف بهذا ؟ فالمكره او الفضولي يريد ان يفهم الاخرين فهل يا ترى هل بحث العقد الفضولي يعني العقد الذي انشئ بدرجة الاستعمال والتفهيم دون الارادة الجدية ؟ او المراد من العقد والطلاق والنكاح والبيع الفضولي هو الارادة الجدية ايضا ولو ادعائية ؟ فالمكره بالفتح يريد ان يفهم المكرِه فارادة تفهيمية موجودة فالمكره عنده ارادة تفهيمية وارادة استعمالية كلامنا الان في الارادة التفهيمية والارادة الاستعمالية .

السيد الخوئي عنده هذه الفتوى انك اذا تعاملت مع بنك حكومي او مشترك يعني تعاملت مع غير القطاع الخاص يصح ان تقترض منه قرضا ربويا ولو بغير ضرورة فهو ينشئ القرض بغير شرط الزيادة والربا فالسيد يقول هذا تكليفيا جائز فالمقترض ينوي ارادة استعمالية وتفهيمية وجدية للقرض لكن لا ينوي ارادة للشرط الربوي جدية فالحرمة في الربا هل في الارادة الجدية؟ او الاستعمالية ؟ انها في الارادة الجدية فبذلك المقترض يتخلص من الحرمة التكليفية للربا وفي باطن نفسه لا يلتزم بالزيادة حتى وان لم يكن مضطرا للقرض .

فاصل القرض وضعا وتكليفا صحيح لكن هذه الزيادة هو لا ينويها ولا يريدها ولو امكنه ان يتملص لتملص منها لان الشارع يقول له لا تلتزم بالزيادة الربوية هذا حرام وهو كسبعين زنية بذات محرم في الكعبة فالفقهاء في القرض قالوا اذا المقترض انشأ القرض او قبول القرض ولا ينوي الارادة الجدية في القرض سيكون المقترض سارقا فهناك ارادة للقرض وارادة ثانية للشرط الربوي السيد الخوئي فكك بين ارادة القرض اللي هي حلال وصحيح وضعا وتكليفا وبين ارادة الشرط الربوي اما في ارادة القرض اذا الانسان اصلا ما نوى القرض هذا سارق فلا يحل التصرف فيه سواء من قطاع خاص او من قطاع عام فلماذا فرق السيد الخوئي بين القطاع الخاص والقطاع العام؟ فلماذا لم يجوز القرض بهذا في القطاع الخاص وجوزه في القطاع العام؟ جملة من تلاميذ السيد الخوئي استشكلوا عليه ولكن كلام السيد صحيح وهذا البيان يحتاج الى بسط اكثر اشرحه غدا .

 

logo