« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الفقه

47/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

نظام الولايات (16) التطوير في الفقه مرونة مع تغير البيئات

الموضوع: نظام الولايات (16) / التطوير في الفقه مرونة مع تغير البيئات /

 

كان الكلام ان الاذن خفيف المؤونة في الانشاء سببا اي الة الانشاء ومسببا يعني المعنى الذي ينشأ به ، فهو خفيف الانشاء والمؤونة سببا ومسببا وهذا التوسع المعاطاتي في اليات الانشاء او ماهية الانشاء كما مر بنا نوع من توسع العرف لطرق المعاملات ولطرق التعامل والتعايش من دون مقيدات ثقيلة ومن دون ان يخرجوا ايضا عن منظومة القانون العام وتعرضنا له امس وسميناه بتطوير الفقه من دون رفع اليد عن الثوابت العصرية مع ازالة المكبلات .

مثلا البيئة الاقتصادية تحتاج الى سرعة تعامل اما اذا اقتصر على قالب معين قانوني لا يتناسب ولا يتناغم مع سرعة الحركة المالية فليس بمجدي ، طبعا هذا ليس كل تغيير في البيئات العرفية الاقتصادية البنكية التجارية وانما المنضبط والواجد لضوابط القانون لاحظ الفقهاء لما بحثوا في المعاطاة سببا والمعاطات مسببا ، معنى كلمة المعاطاة ظاهرها التوسع في السبب وليس التوسع في المسبب لكن هنا بالدقة بحثوا في توسع السبب وتوسع المسبب هذا ما قام به العرف حقيقة قبل ان يقوم به الفقهاء .

لاحظ الان الغرب رأوا الزواج الكنسي مكبل للاسرة وكذا الزواج القانوني كأنما القانون هو رباط بين الزوج والزوجة ولم يكن قائما على العلاقة والمحبة طبعا لا يخفى ان القانون له سهم وايضا المودة لها سهم فحدود الله لها سهم في ابقاء العلاقة الزوجية والمودة لها سهم ، يعني لا نكون مثاليين فالعرف العام عندهم انه لا يمارس الزواج القانوني والكنيسي فمن ثم حتى القانونيين اخذوا يدرسون هل هذا منضبط بقوانين عامة اخرى ام لا؟ فلاحظوه منضبطا .

فلاحظ العرف ايضا عنده ارتكاز قانوني وليس فقط المقننين والبرلمانيين والمتخصصين سواء متخصص قانون وضعي او شرعي ، العرف ايضا يحمل ارتكازات فهو قد يوسع ويتحرر من الاعراف القانونية الوضعية المكبلة او اعراض قانونية شرعية مكبلة طبعا الشارع ليس مكبل وانما فهمنا للشرع هو قد يكون مكبلا والا هناك نوافذ في القانون الشرعي في ابواب كثيرة وقد يسمى هذا نوع من ادارة القانون في علم اصول القانون فباب البيع والاجارة موجودان ولكن هناك ابواب عديدة ، وفي البداية نقلنا كلمات الاعلام صاحب العروة والمحشين عندهم مسار في جملة من المعاملات هل عموم قاعدة اوفوا بالعقود هل هي محصورة في العقود ولا تزيد ولا تنقص؟ او قاعدة الا ان تكون تجارة عن تراض ؟

الصحيح ان التجارة غير خاصة بالبيع وانما كل عقد فيه استرباح يسمى تجارة وان كان في اللغويين هناك حيص وبيص ما الفرق بين عنوان التجارة وعنوان احل الله البيع؟ وهذا اول بحث لعله اثير في ذهني في قم عند كبار فظلت اتابعه الى ان وجدت شواهد كثيرة دامغة في السنوات الاخيرة ان كل عقد انما فيه استثمار او استرباح وهو غير مخصوص بالبيع وطبعا عندنا روايات ان التجارة فيها تسعين بالمئة من الرزق وليس خصوص البيع بينما عندنا رواية من اجر نفسه يعني التوظيف والموظفين هذا يحرم من غالب الرزق فقد تكون الاجارة تجارة مثل المقاولات لكنها تجارة وفيها ربح .

فمراد الرواية من اجر نفسه هي الوظيفة الثابتة فهذا يحرم نفسه من الرزق فيا ترى عنوان التجارة الا ان تكون تجارة عن تراض مختصة بالبيع او هي اعم ولكل استثمار ؟ فهل يقتصر على العقود المعهودة او يمكن ان يتوسع ؟

مثلا عقد التأمين في علم الاقتصاد هو علم مستقل برأسه واهم شيء فهو تجارة واسترباح واستثمار ضخم يسمى بعلم التأمين وانواع التأمين بحث طويل الذيل ، فيا ترى التأمين هل هو عقد مستقل جديد؟ او بعضها ؟ او ماذا؟ او ان اي عقد مستجد لابد ان يندرج بنحو او باخر تحت العقود المعهودة ولو ان يركب بين عقدين معهودين بيع واجارة او بيع وهبة او بيع وصلح او يمكن ان نبني ان هناك عقود ماهية يمكن ان تتبدل ثم الحصر في هذه العقود هل هو حصر عقلي؟ ام عرفي ام ماذا؟ وهذا بحث مهم مثار في العروة الوثقى والسيد اليزدي يثيره في كل باب والمحشين يدخلون في نقاش علمي مثمر .

فالبيئات المختلفة سواء مصرفية صناعية تجارية حتى البيئة العسكرية الامنية العقود والتعاملات في هذه البيئات المختلفة بحسب الازمان والاماكن هذه الانواع من التعامل يمكن ان تتحرر من العقود المعهودة الى عقود اخرى ام لا ؟ وهذا بحث مهم .

لاحظ منظومة القانون طبيعتها اذا اردت ان تصورها كهرم طبقات في القانون الفوقية او المتوسطة والبحث في نفس البحث التشريعي الثبوتي الواقعي وهذا يعبر عنه في علم القانون ان القانون له مداخل او جامع يعني عدة ابواب له ، فانت قد يضرك الدخول من هذا الباب فينفعك الدخول من باب اخر فنفس القانون فيه ابواب وقواعد هذي عملية المرونة في كيفية ادخال البيئة المعينة في هذا القالب من القانون او ذلك القالب من القانون ولو يصل الى نتيجة معينة وليكن هذه عملية المرونة او الترقص او التحوير او التطوير هذه ماذا تسمى في علم فقه القانون؟ يعني في حين انك تضبط بضوابط ، هذه امور ما وراء الفقه يعني يجب ان يكون عندك اشراف ما ورائي لكي لا تنحبس في البيع ، الان مثلا المضاربة استثمار صاحب المال ينضم الى صاحب العمل سواء عمل تجاري او اي عمل معين فما ربط المضاربة مع باب البيع؟

هذه النظر الفوقية تجعل الفقيه ذا مرونة فيكون عنده سعة تحرك من دون ان يعبث بالثوابت بل يستمر بالثوابت اكثر ولعل كلام الائمة عليهم السلام هكذا ان الفقيه كل الفقيه من يفهم تصرف الكلام سبعين وجها ولا يكذب يعني المدلول والوجود الواقعي لمنظومة التشريع ان الامام عنده قدرة حركة مثلا عندما تراجع ادارة معينة قد هذا الموظف قليل الخبرة او قليل الخدمة ينظر الى نافذة قانونية معينة قد معاملتك لا تمشي فيها ولكن موظف اخر نبه عنده تجربة ومراس اكثر يجد لك نافذة اخرى هذا يسمونه مرونة وسيطرة على القانون ومداخل ونوافذ القانون وهذا حتى في باب الفقه الشرعي هكذا .

فتارة انت تنقح الموضوع وتشخصه وتجعله في نافذة معينة وتارة انت تدقق في الموضوع قد ينطبق عليه عنوان وماهية اخرى فتدخله في نافذة اخرى لاحظ حالات من الوعي الاستنباطي والقانوني اما من جهة الموضوع اي الشبهة الموضوعية او من جهة الشبهة الحكمية عندك لياقة قانونية مرنة قوية جدا كما ورد في الرواية ان الكلمة منا لتنصرف على سبعين وجها لكل منها لنا المخرج وهذا باب الدلالة او لعل الثبوت .

وكذلك في قوله تعالى فامن او امسك هذا ليس بحث دلالة هذا بحث ثبوتي وليس بحث في الدلالة فهذا ربما بعضهم يسميه عارضة فقهية او ذوق فقهي او ربما اسماء متعددة المهم هو قدرة الفقيه او القانوني على المرونة في تكييف البيئة المعينة الجديدة مع القانون ونوافذ قانونية اخرى من طبقة معينة او طبقات اخرى وهذا بحث مهم عن عمد اثرته بالامس واليوم لاجل ان ابين بحث المعاطاة بالدقة هو نوع من المرونة والتطوير لتكييف البيئة المستجدة مع مرونة القوانين .

احد معاني التفويض هو هذا يعني الامام المعصوم عنده قدرة فوق الفقهاء والعلماء فيعلم منافذ القانون المتعددة حتى الفوقية و احد معاني ضرورة الولاية التشريعية للائمة وفوق اولئك تشريع النبي ان تشريعات فرائض الله يعلم مقاصدها ونوافذها وابوابها والطرق اليها وله صلاحية التشريع فيسد باب ويفتح باب شبيه البرلمان والدستور فليس في عرض تشريع الله وانما حكم الله المهيمن هذا حكم الله المهيمن الفوقي له نوافذ وسبل بعد ذلك يأتي دور الائمة ايضا في وصولهم الى تشريعات الله وتشريعات النبي عندهم طرق لا يهتدي اليها الفقهاء ولا البشر وسيما هذا القانون وحياني معجز .

امس مر بنا بحث المتعة الف سنة ربما يظن بان عقد المتعة هو تشريع خاص وتقنين خاص لكن لسان الروايات المستفيضة عن اهل البيت انه تشريع النبي هو من باب فتح نوافذ موجودة لا ان النبي اسسها فهي في الظاهر كأنها تأسيس ولكن في واقع الامر هي بحسب القواعد فهو نكاح مشروط فقاعدة الشروط موجودة وقاعدة النكاح موجودة نضمها الى بعض فلا نفكر انه اصلا لا اساس وهذا هو المنطبع في ذهن الفريقين في السجال حول عقد المتعة انه لا تجده في القواعد ، فاما النبي نص عليه والا فلا ، ولكن الرواية تقول هذا هو بحسب القواعد فهي شروط انضمت الى النكاح .

من ثم يقول الامام الصادق لزرارة حيث استحدث اهل الكوفة نكاحا اخر يسموه الزواج النهاري في البصرة فعرض زرارة هذا النكاح على الامام وهي شروط معينة غير المتعة وغير الدائم فالامام قال لا بأس هذه الشرائط منها ان ليس لها نفقة الا ما جاد به والا يأتيها الا نهارا فهو كوفي اذا سافر للبصرة فيأتيها وهي تقبل لانها عانس فسموا اهل الكوفة هذا الزواج بالزواج النهاري فيسأل زرارة الامام قال هل فيه مانع؟ قال ليس فيه مانع .

فهذا هو تخفيف لاعباء الزواج الدائم من اسقاط النفقة او اسقاط كذا فالمرأة عانس موجودة فبهذا المقدار هو يرتاح وهي ترتاح اما ان تقول الا زواج دائم والنفقات هذا تكبيل بينما المجتمع والشرائح الاخرى يحتاج الى زواج مخفف ورصدنا في رواية اهل البيت ست انواع من الزواج في زمن الامام الصادق يعني عملية تخفيف المشكلة ، يعني سيرة المجتمع او سيرة العرف المتشرعي اذا حصرت له المسير بطريق واحد فيكون تكبيل وانما تقول له هناك خمس ست مراتب لذلك حينئذ ذكاء الفقيه والقانوني ان يلتفت كيف يركب بين القوانين من دون تم يتخلى عن الثوابت ولعل هذا هو مراد السيد الخميني ان الاجتهاد بحسب الزمان والمكان وان كان شرحنا كلامه ولكن هو نفسه في المكاسب المحرمة وضح مراده وهو تقريبا من هذا الافق انه ليس ان ترفع يدك عن الثوابت وانما كيف تدرج وتقولب الموضوع وتدرجه في اي قالب حكمي؟

فاذن طبيعة الفقه وطبيعة علم القانون كعلم الرياضيات والهندسة يمكن ان تتصرف في الاشكال دون ان تعبث بالثوابت والضوابط والان جدلية في علم الادارة وهو نظم الادارة فالادارة تعتبر من العلوم السحرية وعلماء الادارة رأوا ان النظم الثابت ليس بنظم لان هذا النظم ما يستوعب التغير والا هذا ليس نظم فكيف انت تعجن التغير والنظم؟ نحن في ذهننا هكذا انه ثبات انت كيف تعجن الثابت والمتغير الموجودة في عقل البشر ، فطبيعة البيئة البشرية في اي مجال هي بيئات متغيرة لكن في هذا التغير ثبات لكن هذا الثبات اذا انت تشخصه بنمط معين لن يستوعب التغيرات الجديدة يعني هناك ثوابت وهناك تغيرات جديدة يعني نفس الثابت في قبال ثابت اخر متغير او حيث هناك ثابت اعلى منه وهذا بحث معقد هندسي منطقي رياضي في علم الادارة لذلك الان اثير علم وهو ادارة الادارة ، فالادارة بحاجة الى مدير او يعبرون عنها تقنية الادارة .

هذا شبيه ما هو موجود عندنا في بيانات الوحي ان امير المؤمنين ليس اماما من قبيل امامة ابراهيم او موسى وعيسى وليس حتى من قبيل امامة ولده وانما هو امام الائمة فهو امام وقائد القيادات يعني نفس القيادة بحاجة الى قيادة فالقيادات العليا بحاجة الى قائد فهو امام الاوصياء وامام الانبياء وعصمة الاصفياء يعني الناس بحاجة الى من يعصمهم ركن الانبياء ركن الصديقين فهذه طبقات في القيادة وفي الادارة وفي النظر هذا البحث موجود في علم القانون وكلما يتمرس الفقيه اكثر في الفقه اكثر ما تصير عنده مرونة وتضلع وباع فقهي وتتبع وعارضه .

الشيخ جعفر كاشف الغطاء والعهدة على تلميذه التنكابوني ذكرها في كتابه وكذا احد احفاد الشيخ جعفر ايد هذه المعلومة قال قدرة الشيخ جعفر كاشف الغطاء الديناميكية اللولبية المرنة لانه كرر الشرائع ثلاث مئة مرة وانا لا استبعده يعني اذا من المقدمات الى المرجعية كرر الشرائع ليس بممتنع ان يكررها ثلاثمئة مرة وانا السيد الكلبيكاني منذ ان عهدته في قم الى سنة وفاته وجدت كتاب شرح اللمعة لا يتركه فهو قبل ان يراجع الرسالة العملية يراجع الروضة البهية وعنده تعلق خاص بهذا الكتاب .

فالمقصود ان التمرس والتضلع في الفقه يعطيك قدرة مناورة كاللاعب النجم الدولي كيف يهدف من يمين ويسار الى ان يصل الى الهدف وعلم القانون طبيعته كعلم رياضيات فاذا انت من دون ان ترفع اليد عن الثوابت ومن دون تغيير الشريعة طبيعة الشريعة وطبيعة علم القانون لمن يستطيع ان يحيط ويتضلع به فيه نوافذ عديدة الان مثلا مدينة من المدن الذي يعرف شوارعها وطرقها الصغيرة والكبيرة يستطيع ان يصل الى نقطة واحدة من الف طريق واذا سد طريقا يذهب الى ثالث رابع خامس فلم يهدم المدينة ولم يقم بتغييرها وانما الاحاطة الهندسية بطرق المدينة الصغيرة والكبيرة والتلفيق بينها ونقاط الترابط بينها استطاع اخر ان يدير ذلك وعلم المرور هو هذا كثيرا ما الازمة ليست في الشوارع وانما الازمة في ادارة المرور يعني نقاط الاختناق كيف نبددها؟ يعني بحث هندسي وبالضبط علم القانون هكذا فكثيرا ما في البحث الفقهي يستعصي علينا البحث ان نسلك نافذة واحدة وقالب واحد ويمكن ان ننتبه الى النوافذ وجهات .

لاحظوا في المضاربة مر بنا انها باستثمار يعني شركة العمل مع المال علماء الامامية قالوا عدم جواز الشركة مع المال ولكن هذه النتيجة نتيجة غير صحيحة لان باب المضاربة هو نوع مشاركة بين العمل والمال فالمضاربة هي مشاركة بين العمل والمال ففي المضاربة ذكروا مشاركة العمل مع رأس المال بينما ذكر الفقهاء مشاركة اعظم واهم من هذه المشاركة لم يذكروها في باب المضاربة وتفتح بابا واسعا للاستثمار ذكروها في باب الاجارة مثلا خياط يريد يستأجر حانوت ودكان فيقول لصاحب الدكان لا اعطيك اجرة معينة انا اخيط وربح الخياطة نصف لي ونصف لك او ثلث لك وثلثي لي فيصح الاجارة وهذا استثمار غير استثمار المضاربة ومنصوص عليه ومفتى به .

او مثلا صاحب مصنع يقول للعمال انتم اشتغلوا والارباح نصف لي ونصف لكم او ثلث لكم وثلثين لي وهذا مفتى به في باب الاجارة فبحث كبير من الاستثمار ذكره الفقهاء تبعا للنص في باب الاجارة وغفلوا ان يذكروه في باب المضاربة ففي باب المضاربة جعلوا الاستثمار بشاكلة واحدة والحال ان هذه الشاكلة اعظم من تلك الشاكلة مثلا انا املك سيارة اقول لسائق السيارة خذ هذه السيارة اجرها والثمن ارباح باي نسبة كانت مع ان هذه استثمار وذكرت لكم كلمة تجارة ليس معناها البيع وانما كل عقد تستثمره هو تجارة وهذا يوسع باب الاستثمار وسيعا فقضية التدقيق في النوافذ القانونية للابواب شيء مهم في مرونة الفقه.

 

logo