« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

47/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم



#تقرير_درس_العقائد

عنوان الدرس : الظن أو اليقين الحسي في الاعتقادات

تأريخ الدرس : الأربعاء 26 جمادى الآخر 1447هــ

 

كنا في هذه الرواية الشريفة للامام الرضا وفي نهاية الرواية ورد نفي التشبيه عن الله وهو التشبيه الجسماني وهذا امر متواتر عن اهل البيت وفي نهج البلاغة وفي بيانات اهل البيت متواتر ولكن ليس حجته من جهة التواتر مع ان التواتر يقيني وهذا بحث لطيف في نظرية المعرفة ان المعروف عند علماء الفريقين ان جل العقائد لا يسوغ فيها الظن معتبرا او غير معتبر انا لا اقول لا يستفاد من الظن ففرق بين المقامين تارة اقول لا يعتبر تارة نقول لا نكترث بالظن فعندما يقول علماء الامامية جلهم كما ينقل كلماتهم الشيخ الانصاري في نهاية الظن ونهاية الخبر الواحد وكذلك في الرسائل في نهاية الانسداد في تنبيهاته ينقل اقوالا كثيرة بل حتى غيره من الاعلام ينقلون الاقوال ان في العقائد الظن لا يغني من الحق شيئا .

نعم ينقل الشيخ عن مجموع العلماء دور الظن في ارياف العقائد اما في دولة العقائد فلا مسرح فيها للظن وانما في الارياف البعيدة في العقائد قد يكون الظن حجة وهذا تبناه عدة قليلة من الاعلام اما المناطق المركزية فالظن لا يعول عليه فما مرادهم من هذا? فنراهم يكترثون بالاخبار الظنية فكيف لا يعول عليه?

ان مقصودهم من ذلك انه لا تكون حجة تصديقية معتبرة اما كاثارة تصورية علمية ارشادية فلا مانع من ذلك فترى مثلا الاعلام في الكلام والعقائد والمعارف او حتى الضروريات في جميع العلوم يتعرضون لكلام العالم الفلاني مع انه ليس حجة في العقائد اذن لماذا يتعرضون لكلامهم? انه لاجل التنبه والارشاد والاثارة التصورية فلعل وعسى يكون في كلام هذا العالم او مجموعة من العلماء اشارة الى الدليل البرهاني فالبرهان هو المعول عليه لا كلمات الاعلام .

لاحظ في العقائد لا يصح من العوام التقليد فضلا عن العلماء فاذن لماذا العلماء يتعرضون لكلام فلان عالم? لا لانه حجة تصديقية وانما هو حجة تصورية اما عدم كونه حجة تصديقية فلا يعني عدم الاكتراث به تصورا وانما في التصور كاثارة جيدة الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه فالقول هو جنس فلا يتبعون القائل بما هو قائل انما يتبعون حسن القول وهذه نكتة مهمة ان الادلة التي ليست هي حجة تصديقية تثمر تصوريا فاقوال العرفاء والصوفية او الفلاسفة ليست هي حجة تصديقية في العقائد لكن ربما تثير عندك اثارة تصورية فتستفيد منها فالحجية ليست للقائل وانما للمرشد اليه .

طبعا لابد ان تلتفت انه لا تحبس نفسك مع غير المعصوم لانه من اكبر الاخطاء وانما اسبح في بحر الوحي والثقلين نعم استعن بها كاثارات تصورية ونفس الائمة يحثون على ذلك فاحد تلاميذ الامام الرضا يساله انه ما هو قولك في كذا? قال الامام انت ما قولك? قالوا ما قولي جنب قولك? قال قل فان في مقابلة قولك يفهم قولي يعني الاشياء تعرف باضدادها مثلا او تعبير امير المؤمنين عند مقابلة الاقوال يعلم الخطأ من الصواب وحتى الامام الصادق نصح اصحابه انه يذهبون ويدرسون عند القوم ثم يأتون اليه ليصحح معلوماتهم فالتصور بدايته لا مانع منه .

لاحظ زراره كان فاضلا في فقه مذهب الطرف الاخر وكان تلميذا لفلان وفلان وفلان ولكن بعد ذلك اتى الامام الصادق فرأى الشيء العظيم انا لا اقول ان الانسان يتلوث ويتشبع بافكار معينة هذا بحث اخر لكن الاطلاع لاثارة تصورية مفيدة جدا والائمة يحثون على ذلك لكن لا ان تجعل سفينة النجاة والعروة التي تتمسك بها غير الثقلين والا المعنى التصوري لا مانع منه كان تراجع مثلا كلام اللغويين لاجل الدلالة التصورية بعد ذلك انت تعتمد على البرهان التصديقي فلا نخلط بين الجانب التصوري والجانب التصديقي فمن الناحية التصديقية الوحي هو المعول وكذا بديهيات العقل والفطرة فكبحث تصوري انفتح عليه لكن لا تحبس نفسك مع نتاج البشر وانما تعرف عليه فالحبس خط احمر يعني مر عليه مرورا واطلاعا لكن بعدما تتدرب المفروض ان تسبح في بحر الوحي لكي تستثمر اللآلئ والدرر فربما ترى الائمة يحتجون بكذا وكذا لا من باب ان ذلك القائل حجة ولكن ما قال فيه هو الصحيح لذلك ترى صاحب العبقات والعلامة الحلي ربما يأتون بكلام من علماء الطرف اخر شرحا لحديث النبي المتواتر في مقامات امير المؤمنين ولم يلتفت الى ذلك حتى علماء الامامية فما دام هذا المفاد قويا وعاليا ومستندا الى دلائل نأخذ به فنحن لا ننظر الى من قال وانما ننظر الى ما قيل .

السيد عبدالحسين شرف الدين يقول ان الزمخشري مع انه ليس اثنى عشريا وانما حنفي معتزلي ولكنه صوفي يحب اهل البيت بشدة وعنده كتب في فضائل اهل البيت كثيرة التفت الى معنى شامخ في اية المودة لم يلتفت اليها علماء الفريقين وهو معنى عظيم مبهر فانظر الى ما قيل لا الى من قال كذلك الحكمة الضالة المؤمن اينما وجدها اخذها من ثم بحث الفقه المقارن موجود عند كل علمائنا وكذلك علم الكلام المقارن فنقاط مشتركة اذا انجز شيء يصب في الحق وفي الثقلين فاهلا وسهلا وما عندنا تعصب فالحق مع الثقلين اينما كان فهو فوق افق البشر سواء من اتباع اهل البيت او من غير اتباعهم فاهل البيت هم المدار اعني الكتاب والعترة .

اذن كلام العلماء في ان الظن ما يعول عليها في العقائد المقصود منه يعني ما يكتسب به التصديق اما ما يكتسب به التصور والعلم كما يحتاج الى تصديقات يحتاج الى تصورات بل التصورات اعظم من التصديقات لان من رحم التصورات ينبثق التصديق كما الان في العلوم العقلية الحديثة فالتصور شيء ليس بالهين فالتصور شيء والتصديق شيء اخر نعم نحن منهيين عن بعض الظنون حتى تصورا كالسحر والشعبذة والكهانة والجن والقياس هذه الظنون حتى الاقتراب تصوري منها ممرض هذا كلام صحيح ان الانسان لا يعتمد على اخبارات الجن او الكهنة او العرافين فهذا لم ينزل الله به من سلطان حتى تصورا .

مثلا باب الرؤيا والحلم ليس حجة تصديقية ولكن كاثارة تصورية لا مانع منه الشيخ الانصاري في المكاسب المحرمة بمناسبة التنجيم او غيره ذكر رواية عن الائمة ان الرؤيا في غير المعصوم ليست حجة تصديقية لكن فيها فائدة وهو التصور فعندنا في القرآن سورة باكملها وهي سورة النبي يوسف اعتبر الرؤيا مادة تصورية للعلم هو احد المواد العلمية وبتعبير العلامة الطباطبائي ينقله عن استاذه الميرزا القاضي او غيره انه حتى الرؤيا غير صادقة هي من احاديث النفس او عبث الشيطان بالانسان هذه الرؤى اذا كان الانسان لديه المام بالعلوم الروحية او العقلية يستطيع ان يستثمر من هذه الرؤى الباطلة فيلتفت الى ميوله النفسية هل هي ظلمانية ام ليست بظلمانية مع انها مختلقة من قبل النفس او عبث الشيطان فيلتفت انه ما هي مواقع الضعف عنده? فيقول بان الرؤى وحتى اضغاث الاحلام يلتفت المتمرس ان نفسه ماذا تحمل? هل سوداويه ظلمانية? او مستنيرة جيدة? فعملية الادراك في المنام ليست حجة تصديقية لكنها منبهة ومرشدة لا اقول الانسان يعول عليها كالكل في الكل وانما هي احدى المعلومات ليس الا .

فاذن قضية ان الظنون لا يعول عليها في العقائد هذا المعنى جيد فاكثرية علمائنا قالوا في الظنون انها ليست حجة تصديقية مهما بلغت حتى لو كانت رواية صحيحة السند الا ان تنبه متن الرواية الى برهان فهذا المبحث كفائدة تصورية وتصديقية بلورته جيد وان كان واضح لدى الاعلام فيبقى هذا المطلب ان اليقين الذي يطالب به الانسان في العقائد اي يقين ؟ لان الاخير درجات فاليقين الحسي درجة واليقين العقلي درجة اخرى وهناك عدة يقينات كما ذكر المناطقه ، او هو يقين وحياني وبديهات الاولية كما يقوله الاعلام ؟

نقول المسائل العقائدية ليست على درجة واحدة في اليقين فبعض المساحات في العقائد لا يكفي فيها اليقين المتواتر الحسي انت لاحظ نظرة علماء الامامية في حجية المصحف وما بين الدفتين وهم تبعا لاهل البيت تقديسهم للمصحف وما بين الدفتين اعظم من تقديس كافة المذاهب الاسلامية له واقول ذلك من دون تعصب واتي لك ببرهان مع ان هذا المصحف الذي جمعه عثمان لا يرقى الى مصحف امير المؤمنين بل كل علماء العامة يعترفون ان المصحف الذي جمعه امير المؤمنين ليس في الامة من يستطيع ان يجمع مثله هذا خاص بامير المؤمنين بحيث هو الامين على وحي النبوة حصريا وكذا فاطمة والحسن والحسين واهل البيت فهذا مفروغ عنه مع ذلك هذا القرآن الذي في الظاهر من جمع عثمان ولكن في الحقيقة بجمع مجموعة من الصحابة وبايعازات من امير المؤمنين لان اصحابه الانصار موجودين كحذيفة وخزيمة يعني يعني اصابع علي ابن ابي طالب موجودة في القضية ولكن مع ذلك لا يرقى الى مصحف امير المؤمنين واين من اين? وسيظهر هذا المصحف باتفاق علماء الامامية على يد صاحب العصر والزمان وسيجلجل النور وانى لهم بان يأتوا بترتيب السور كما انزلت وبترتيب الايات كما انزلت مع تأويل من رب العالمين ومع بيان اسلوب النزول وهذا يقوله عكرمة وغيره انه لا يستطيع عليه شخص غير علي ابن ابي طالب ومع ذلك كله اعتقاد علماء الامامية تبعا لائمة اهل البيت في هذا المصحف وتقديسهم له اعظم من التقديس الذي يراه المذاهب الاسلامية الاخرى .

بيان ذلك ان علماء المذاهب الاسلامية يرون ان جمع القرآن هو مستند الى التواتر وهو يقين حسي والحس بحسب العلوم العقلية لا يرقى الى اليقين العقلي فالحس فيه علل ونواقص الى ما شاء الله بل قيل فوق ثمانمائة خطأ في الحس وليس ثمانمائة فرد وانما 800 نوع وكل نوع الى ما شاء الله فيه افراد ونواقص مثلا انت ترى طرفي الشارع متصلا في الافق لكن العقل يقول هذا خطأ الحس او النار الجوالة فالذي يراها كانها حلقة نارية فهنا ايضا خطا الحس او اذا كنت في مكان بارد وذهبت الى مكان متوسط البرورة ترى هذا المكان حارا عكس ما اذا كنت في مكان حارا وذهبت الى مكان متوسط الحرارة ترى المكان باردا فهذا من اخطاء الحس وقس عليه فعلل وتفعلل او مثلا في الافلام تسأل المتخصصين اليس هذا الفيلم متحركا? يقولون كلا ليس لدينا تصوير متحرك وانما هذا الاف الصور متعاقبة بعضها وراء البعض فتراها متحركة وانما خداع العين تراها متحركة .

فلاحظ خداع الحس وخطأه الى ما شاء الله انا لا اريد ان ادخل في البحث هذه نظرية المعرفة اذن اليقين الحسي لا يرقى الى اليقين العقلي واليقين على درجات كما ان اليقين العقلي لا يرقى الى اليقين الوحياني فالاخير فيه ما يعجز عنه العقل لكن يدركه اذن اليقين مراتب فهنا بيت القصيد ان نظرة ائمة اهل البيت والعلماء الامامية الى المصحف الموجود بين المسلمين انه يقين وحياني وليس يقينا عقليا فضلا عن ان يكون يقينا حسيا بينما القوم في مصادرهم يعتبرون حجية المصحف الموجود بين المسلمين بتواتر الصحابة وهذا خطأ ويلزم من عنده الالتباسات في التراث بشرية بينما في نظرة اهل البيت نجد ان وجود امير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وائمة اهل البيت هو الحافظ لوحيانية القرآن لا الحافظ هو علماء الشيعة ولا علماء السنة ولا علماء الامة فلولا وجود رعاية صاحب العصر والزمان لتفلت وحي القرآن .

لاحظ مجمع فلان في المدينة المنورة كم اخطاء رصدت عليه? فلاحظ الفرق بين رعاية الوحي للشيء وبين رعاية الحس فالحس ينفلت ويتآكل الى ان يصبح كالتوراة والانجيل فيهما ما فيهما لذلك النسخ الاصلية للانجيل والتوراة حفظها الاوصياء وورثها صاحب العصر والزمان وسيكشفها في الظهور فحتى حفظ هذه الاوراق البشر عندهم قدرة حسية وليست قدرة عقلية ولا قدرة وحيانية لذلك القرآن يقول يجعلون التوراة والانجيل قراطيس يبدون بعضها ويخفون بعضا اخر فانتم غير قادرين على ذلك وانما لابد الوحي يحفظ المادة الان في عصرنا هذا من يتكل على من? كل شخص وكل دولة وكل مذهب وكل عالم تجده يمينا ويسارا فمن الذي يحفظ القرآن وحيانيا ؟ انه هو صاحب العصر والزمان فلا يتفلت وينفلت ولايتآكل القرآن ، فوجود من هو سبب متصل بين الارض والسماء يحفظ وحيانية القرآن ولا يحفظ بالمسلمين ولا بعلماء الامة ولا بعلماء الشيعة وانما بصاحب الزمان هذا جانب من غيبية وحيانية القرآن .

احد معاني كلام النبي لن يفترقا يعني حافظ له انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون فلصاحب الزمان تدبير خفي كما كان لجده تدبير خفي فحتى زيد ابن ثابت ليس حافظا للايات ولا حافظا للسور فمن الذي يدبر الامر? انه هو امير المؤمنين باصابعه ، فوحيانية القرآن بعلي وبفاطمة والحسن والحسين وائمة اهل البيت ذاك القرآن اعجازه وحياني وليس بالصحابة فهم اي بلاغ واي فهم عندهم ؟ فضلا عن التابعين وتابعي التابعين او بقية علماء الامة بل حتى علماء الامامية اي علم يحيطون بالقرآن? القرآن هو متفجر وحيانيا فنظرة اهل البيت وعلماء الامامية تبعا لهم ان هذا المصحف الموجود يقين وحياني به لا يقين عقلي فلسفي فقط ولا يقين حسي لانه يتآكل بمرور الدهر بينما المذاهب الاسلامية تقول تواتر .

نقول كم لعب بكتاب البخاري ومسلم والاحاديث وكم وكم? فحتى حفظ التراث عندهم بما يصب في الحق وهو ايضا ببركات صاحب الزمان فعندنا فحفظ التراث ليس بعلماء الامامية وعلمائها وانما بصاحب الامر لان هذا ايضا تراث النبي فهو موجود عندنا وعندهم فحفظ الذكر الالهي بالوحي نعم هناك اسهام من الصحابة والتابعين وعلماء الفريقين لا ننكره لكن هذه الاسهامات لا تثمر يقينا وحيانيا واما تثمر يقينا حسيا ظنيا وهذا لا فائدة فيه .

فالقرآن العظيم ليس مرهونا بالحس والظن فنحن مع اننا نقول ان مصحف امير المؤمنين اعظم لكن هذا المصحف العظيم المقدس الموجود بين ايدي المسلمين حجته وحيانية وليست بالامة لذلك اتفق علماء الامامية على ان اجماع الامة حتى بما فيهم علماء الامامية ليس بحجة الا ان يكون الوحي في وسطهم وهو صاحب العصر والزمان وهذه من الايات العظيمة الموجودة في علم الكلام وعلم الاصول عند الامامية فهو الوجود والسبب المتصل بين الارض والسماء والا لا تكن حجة وحيانية وانما حجة حسية لاحظ تقديس وتعظيم ائمة اهل البيت وبتبعهم علماء الامامية لهذا المصحف هو اعظم مما يقوله كافة مذاهب المسلمين فنحن نعظم القرآن لا انتم واقصد ائمة اهل البيت فهم يعظمون القرآن وحيانيا يعني انتم تعظمونه كتراث بشري فانتم تبدلون الوحي الى طابع بشري هيهات هيهات فهذه المساحة في القرآن ما يمكن ان تقول لي نعتمد على اليقين الحسي وانما يجب ان تأتي بيقين وحياني لا يقين فلسفي وكلامي وعقلي فهذا لا يفيد فضلا عن اليقين الرجالي فلا علم الرجال يبقى ولا الفلسفة ولا علم الكلام وانما الباقي هو علم الوحي .

فبعض مساحات العقائد لا يكفي فيها اليقين الحسي ولا العقلي وانما يحتاج الى يقين وحياني فيبقى البشر عاجزا وهو يعجز البشر والعقول ونحن نطالب بيقين من هذا القبيل الى يوم القيامة هل انت تحصل هذا اليقين من الفلاسفة والعرفاء والصوفية? او فقط من النبي واله فكلام علماء الامامية صحيح انه ان القرآن يحتاج الى يقين وحياني .

 

logo