47/06/17
العقائد
تأريخ الدرس : الاثنين 17 جمادى الآخره 1447
عنوان الدرس : الولاية والمعرفة في التوحيد والنوبة و الامامة
في متابعتنا لروايات الكافي والرواية الثالثة في هذا الباب جامع في نوادر التوحيد يرويها الكليني بسند متصل الى الفتح ابن يزيد الجرجاني :
علي بن إبراهيم ، عن المختار بن محمد بن المختار ومحمد بن الحسن ، عن عبد الله ابن الحسن العلوي جميعا ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني قال : ضمني وأبا الحسن عليه السلام الطريق في منصرفي من مكة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق ، فسمعته يقول : من اتقى الله يتقى ومن أطاع الله يطاع ، فتلطفت الوصول إليه ، فوصلت فسلمت عليه ، فرد علي السلام ثم قال : يا فتح من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق ومن أسخط الخالق فقمن أن يسلط الله عليه سخط المخلوق وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه و أنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحده والابصار عن الإحاطة به ، جل عما وصفه الواصفون وتعالى عما ينعته الناعتون ، نأى في قربه وقرب في نأيه فهو في نأيه قريب ، وفي قربه بعيد ، كيف الكيف فلا يقال : كيف ؟ وأين الأين فلا يقال : أين ؟ إذ هو منقطع الكيفوفية والأينونية .
الظاهر انه هذا من الوفد العسكري الذي ارسله المأمون لاخذ الامام الرضا من المدينة الى خراسان فهنا الامام يبين اداب العلاقة مع الله في نظام افعال الانسان فمباشرة يعرج الامام الرضا الى بحث معرفة الباري ويربط بين نظام التعامل بين العبد المخلوق مع الله مع صحة وسداد معرفة العبد بربه هذا الثنائي الذي مر بنا في الايام السابقة وهي ان الاعتقاد تقوم بركنين ركن ولاية وركن معرفة ، فالولاية كيفية التعلق بالله تعالى والموالاة له وبعد المعرفة .
الامام الصادق في كتاب كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر في اول رواية وهي رواية عظيمة بقينا فيها في العامين الماضيين مائة وخمسين جلسة حيث تعرض الامام الصادق لمدارس الرياضات الروحية ومدارس فقه القلوب وهو بحث عظيم وهو في النصف الثاني من القرن الاول قبل ان تنتشر الصوفية والفرق الباطنية لان الفرق الصوفية متأخرة عن الفرق الباطنية التي انشقت عن اهل البيت يعني ابتعدت عنهم هناك يبين الامام الصادق المدارس والرياضات الروحية فالرواية عظيمة جدا ونستطيع ان نقول تلك الرواية عبارة عن اصول دستورية من الامام الصادق ولا اقولها عاطفة وانما حتى بالتدبر العقلي وبلغة العقل عبارة عن اصول دستورية لكيفية الرياضة الروحية والقلبية .
طبعا الرواية لها طريقان او ثلاث وهي رواية طويلة حافلة خطيرة جدا رواها ابن عقدة الكوفي الزيدي الثقة عند علماء الامامية بسنده المعتبر عن الامام الصادق ورواها الخزاز بطريق اخر غير طريق ابن عقدة وفي الطريق ينتهي الى عبد الله بن ابي يعفور انه شهد المجلس الذي تكلم فيه الامام الصادق هذا المطلب وفي رواية اخرى فيها يونس ابن ظبيان فحديث الامام الصادق كان مع يونس بن ظبيان لكن هذا الحديث نقله يونس بن ظبيان نفسه ونقله ابن ابي يعفور الفقيه ففي هذا الحديث يونس ابن ظبيان يسرد على الامام الصادق حادثة حصلت له طبعا هو من ذوي المستوى العلمي الثقيل في اصحاب الامام الصادق اما الان يطعنون فيها او يوثقوه هذا بحث اخر البعض يطعن فيه بانه خطابي ولكن كثير من المحققين الكبار لا يقبلون هذه الطعون وان رويت او الخطابية حاولت تلتصق به والرواية لا تنحصر بهذا الراوي وانما نفس ابن ابي عفور شهد المجلس ورواه بطريقه .
ثم ان البيانات الموجودة في كلام الامام الصادق اعظم برهانا من وثاقة ابن ابي يعفور او وثاقة يونس ابن ظبيان من حيث المطابقة مع قواعد واصول المذهب ففي هذه الرواية يونس ابن ظبيان يذكر حادثة للامام الصادق انه دخل او زار مجلس مالك ابن انس وفي هذا المجلس ذكروا التجسيم في صفات الله وكلهم بنوا على تجسيم الله فلما نقل يونس بن الظبيان للامام الصادق هذا المطلب غضب الامام فبين ان الله منزه عن الجسمانيات وهؤلاء لم يفهموا معنى وجه الله ويد الله وبينه بالبرهان العقلي لا التعبدي على استحالة ان يوصف الله بالجسم فصحح الامام الصادق المعرفة بالله تنزيهية وتحميدية بدون تشبيه بعد ذلك عندما صحح المعرفة الامام الصادق ليونس بن ظبيان وان ما قالوه باطل قال فمن عرف الله بالتنزيه والتحميد وليس بالتشبيه والتجسيم فمن عرف الله بذلك او بهذا واراده واحبه فقد وحد الله وامن به اما من احبه واراده بصفة مشبهة مجسمة فلم يعبد الله ولم يوحده وامن بغير الله .
فالامام الصادق يقول الوظيفة الاعتقادية لا يكفي فيها انك تحب الله وتريده وتتولاه ان لم تكن على معرفة صحيحة فالامام الصادق يقول التوحيد والايمان بالتوحيد لا يتحقق الا بركنين معرفة صحيحة سديدة غير مغلوطة وولاية وارادة ومحبة ، هنا الامام الرضا بنفس البيان نستشف منه الذي ذكره الامام الصادق فلا تجسيم ولا تشبيه ولا تعطيل وانما امر بين امرين توحيد وتحميد وتنزيه وتسبيح تطبيقها طبعا بالية عقلية فكرية بحاجة الى مجهر والمجهر درجات هناك مجهر مسلح ومسلح المسلح وكل واحد حسب قدرته لكن بالتالي على الصراط المستقيم تحميد وتنزيه وتسبيح فيتم التوحيد به لا بالتشبيه والتعطيل .
بعض المجسمة من مذاهب المسلمين يظن انه اذا لم يشبه الله فقد عطل نقول لا تعطيل ولا تشبيه نعم النظام صعب لكن ائمة اهل البيت في خلال الروايات وهذا ليس فقط في الباري تعالى ايضا في معرفة النبي فاذا لم تعرف لا اقل السقف الادنى اللازم من الصحة والسداد بمعرفة النبي فحينئذ انت لم تتولى النبي وانما توليت نبيا اخر وحق المعرفة هي حقيقة المعرفة كذلك معرفة الامام لا اقل السقف الادنى حينئذ تكون الولاية الصحيحة والا لا تكن صحيحة .
فعندما اعوذ بالله يقول النبي يفقد عقله ما الفرق بينه وبين كفار قريش? عندما يقولون انه لمجنون عندما يقول النبي يهجر ما الفرق بينه وبين كفار قريش? وما الفرق بين الكفر بالنبي? عندما اقول النبي ليس بواعي او اقول النبي ساعي بريد وهو لا يعي بالبريد الذي اتى به والوحي عن الملكوت من الله الى البشر فكيف الله يقول ويعلمهم الكتاب والحكمة? هل النبي معلم او متعلم? النبي يعلم الكتاب والحكمة .
البعض يقول النبي يتعلم من الكتاب فماذا تصنع مع هؤلاء? اذن هؤلاء معرفتهم ليست سديدة هذه المعرفة غير سيدة بالله او بالنبي او بالائمة لا اقل السقف الادنى منه لاالاعلى هذه المعرفة ان لم تتم ينفتح باب العلمانية وهي الرد على الله ورسوله وهي عن عبارة عن انه ليس الوحي مسيطرا على كل شيء فلنا عقولنا وللوحي رأيه وهذه علمانية قديمة جديدة وبتعبير احد الباحثات تقول السقيفة هي بدء العلمانية من ترك النص واعمال الرأي والاجتهاد في مقابل النص مع ان هذه الباحثة التي اعلنت هذا الامر هي من الطرف الاخر ولكن تقول الانصاف والحقيقة ان السقيفة هي مبدأ المنهج العلماني انه يشترط مقابل النص والوحي ، لإلنا كذا ولكم كذا فالسقيفة او رزية يوم الخميس كما يقول عنها عبدالله بن عبدالله بن عباس الرزية كل الرزية ما حيل بين رسول الله وبين الكتاب وكذا ما جرى في صلح الحديبية وفي مواطن عديدة كله منهج علماني لا ايماني فبالتالي هما منهجان .
فان لم نصحح المعرفة بالنبي لن تكون لنا انقياد له ولن يكون هو لنا اسوة ولن نطيع قوله تعالى اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فالباري تعالى يقول ويعلمهم الكتاب والحكمة هذا يقول ويتعلم الكتاب والحكمة وجملة من كلمات المتكلمين لا سيما عند الطرف الاخر يصور لك النبي كانه مسجل صوت وليس مسجل معاني فضلا عن ان يكون مسجل حقائق فهم لم يعرفوا القرآن حق معرفته فمن ثم لم يعرفوا النبي حق معرفته والعكس كذلك وهذه الغفلات بدأت تنشأ في الوسط الداخلي عندنا وهذه غفلات قاتلة كيف يصير النبي ليس لديه علم جامع مانع بالقرآن .
الامام زين العابدين يقول نفس القرآن ينص على ان النبي اعظم من القرآن علما ووحيا واعني الطبقات العليا من النبي فعشرات الموارد التي ينص فيها القرآن على ان النبي اعظم علما من القرآن بل القرآن ثمرة من ثمار بحار النبي ونوره فالقرآن يقول الوحي الذي فيه قد انجز وتم يعني فعل ماضي وان كان هو بحر لا ينزف صح بلا شك اما بالنسبة الى جوهر ذات النبي نفس القرآن ينص ان النبي وحي مستمر مؤبد فايهما اعظم وحيا? فاذا كان القرآن وحي قد انجز وتم فعل ماضي اما النبي جوهر نبع وحياني متدفق ابدي ازلي فايهما اعظم? لاحظ في سورة الشورى وكذلك اوحينا اليك لم يوحى كلمات واقوال ولا معاني بل حقيقة القرآن اوحينا فعل ماضي تم انجازه وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا هذا بالنسبة للقرآن الكريم فعل ماضي اما بالنسبة الى النبي في سور عديدة دائما بصيغة المضارع قل انما انا يعني جوهري ومر بنا الوحي في الاصل جوهر وليس عرض هؤلاء حتى لا يلتفتون ان الوحي ماذا? يظنون انه صوت عرضي ومسجل صوتي ومعاني عرضية وخواطر كلا هذه هوامش الوحي ودرجات نازلة منه الوحي الاصلي هو جوهر وروح من امرنا النبي ليس عرض وانما جوهره وحي قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي فليس فعل ماضي وانما مضارع مستمر وهذا في سورتين والسورة الثانية في سورة نجم ان هو الا وحي يوحى لاحظ فعل مضارع متدفق ومستمر واوسع افقا وبحورا من الفعل الماضي وهذا نفس مقارنة القرآن .
كما يشير اليه الامام زين العابدين في الصحيفة السجادية والاخير ليس كتاب دعاء وانما كتاب اعتقادي البس بلباس الدعاء وهو كتاب علمي واعجازي وليس فقط ترانيم روحية صوتية وانما معارف خطيرة فيها منظومات معرفية عظيمة واحد الشارحين لها السيد علي خان المدني في كتابه رياض السالكين وهناك شراح اخرين لها ففي احد الادعية يذكر الامام زين العابدين برهانا على ان من المقامات الغيبية للنبي وهي الحروف المقطعة وهي مقامات مهيمنة على القرآن مثل قوله تعالى يس يعني يقسم الله بالنبي اولا فهذه اي درجة من النبي ؟ فليس بدنه ولا روحه ولا نفسه وانما هو قسم بالمقامات الغيبية للنبي ولا يعرف احد رمزها الا الله بالحروف مقطعة يس ثم يقول والقرآن الكريم بل القرآن يتحدى الانبياء عن ان يعرفوا كل هذه الحروف المقطعة .
لاحظ هناك بديهة عند المسلمين ان كلمة ياسين في القرآن هو اسم النبي فاي اسم للنبي هي حروف مقطعة غيبية قدم ذكرها والقسم بها توكيدا تشديدا في الميثاق فالقرآن اقسم باسم النبي قبل ان يقسم بالقرآن وجعل القرآن تبعا وذيلا ويقول زين العابدين كل حرف قرآني وكل حرف مقطع في السور القرآنية عقب بذكر القرآن هذا اسم من الاسماء الغيبية الملكوتية للنبي فلما نقول الصحيفة السجادية كتاب عقائدي انفجاري هو هذا معناه فهو ليس كتاب دعائي فقط نعم هو صيغ بصياغة الدعاء كي يكون سهل الهضم والتناول والا الصحيفة السجادية حقيقة كتاب المعارف والاسرار وكتاب درسي كما هو الحال في نهج البلاغة هذه كلها كتب عقائدية ومنظومة للعلوم الدينية .
فالصحيفة فيها علوم القرآن وفقه وعدة من العلوم الدينية موجودة فيه بل قد استفاد منها الفقهاء حتى في مباحث صلاة الجمعة ومباحث الصلاة فاستفادوا منها مقاطع مهمة بل ربما كان هو النص الوحيد لهم في تلك المباحث الفقهية فهو كتاب علوم دينية وبالذات العلوم الاعتقادية فيقول زين العابدين بان كل حرف مقطع والحروف المقطعة التي يعدها كل علماء الامة غيبيات مهولة ولا يفقهها علماء الامة ولا الانبياء السابقون فهي رموز بين الله سيد الانبياء واهل بيته هذه الرموز تعكس لنا المقام الغيبي لسيد الانبياء انت ضم هذه البديهة عند المسلمين مع ما ورد عن السجاد ان النبي غيب الغيوب فينتج نتيجة عظيمة ،
نعم العلمانيين من الفريقين لا نتكلم معهم وانما نتكلم مع المتعبدين علميا بالتراث الاسلامي عندهم هذا من البديهي ان الرموز والحروف المقطعة هي اعظم ما في القرآن ، فمن المسلم لدى المسلمين ان ياسين اسم للنبي ويتلوه والقرآن الحكيم فاولا قسم الله بهذا الغيب ثم قسم بالقرآن مما يعني انه اعز واعظم واكثر مقاما وليس فقط في هذا المقام وانما بقية السور هكذا وهذا منبه قرآني كما يعلمنا زين المعارف صلوات الله عليه ينبهنا على ذلك فهناك اسرار ومعارف عجيبة وغريبة في الصحيفة السجادية لمن يتدبرها لذلك موقعية الامام زين العابدين اعظم رتبة من الباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والحسن العسكري عدا صاحب العصر والزمان .
هناك ايات عديدة تبين ان المقامات العليا هي غيبية للنبي وهو اعظم من القرآن وانما احد الانهر التي نبعت من تلك العيون الغيبة لسيد الانبياء هو القرآن هذا البيان معتمد على القطعيات وليس الظنيات واخبار الاحاد وعند جميع المسلمين وليس فقط عند الامامية انت نضد هذه المعادلات مع بعضها استنتاجا عقليا تجد النتائج المهولة هذه معرفة النبي واذا لم نعرفه بهذه المعرفة نقول النبي يتعلم من المصحف فهل هو معلم او متعلم? هو معلم يعلمهم الكتاب والحكمة فليس هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويتعلم ويتزكى ويتذكر وانما يعلم .