« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

47/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

تراث الحديث ومنهج الاستنباط في علوم الدين

الموضوع: تراث الحديث ومنهج الاستنباط في علوم الدين

من الامور المهمة في استنباط الرؤية الدينية واستنباط الحكم الشرعي في العلوم الدينية المتعددة ما مر بنا امس وعبر عنه صاحب الجواهر ان لا يغتر الباحث بطائفة من الادلة سواء ايات او روايات والقرآن يشير الى ذلك فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ، فالقرآن يقول من يتبع طائفة من اياته ويترك البقية يبتلى بالزيغ وبالفتنة وتتشابه لديه ايات القرآن وهكذا بيانات العترة اذن المنهج هو لابدية استقصاء الادلة وفحص اكبر عن طوائف الروايات والايات فلا تقتصر على طائفة والا يصبح لديك منهج يؤدي الى الزيغ والفتنة ، فاذا كان الامر في طائفة الادلة ومجموع الايات هكذا فكيف بك بالروايات? فضلا عن الاكتراث برواية واحدة هذا من العجب العجاب وهذا ليس تنظيرا منهجيا فقط وديكور بل لابد ان يراعيه الباحث في كل العلوم الدينية ومسائلها فالباحث حتى لو كان مجتهدا فقيها متكلما مفسرا اذا اكتفى بطائفة دون تجميع بقية الطوائف وملاحظاتها سوف يكون منهجه في الاستنباط والاستنتاج زيغيا وفتنة علمية ومعرفية ولا يكفي الشعار العلمي وانما لابد من الفحص والتنقيب لكن تجد البعض فحصه قليل .

مر بنا المجلسي عنده خمس مجلدات في البحار من مجلد ثلاثة وعشرين الى سبعة وعشرين كلها فقط في القواعد العامة في الامامة والعصمة بما يشمل الائمة والانبياء وفيها مئة وخمسين قاعدة وكل قاعدة منها هي من امهات القواعد التي ينشعب عنها قواعد كلية مهمة كبيرة فإذا يلم بهذه القواعد يصير شبكي منظومي ونحن الان في فهرسة هذه القواعد ولم نمر عليها مرور الكرام فضلا عن ان نتدبر فيها وفضلا عن تفاصيل هذه الابواب ثم نريد ان نبدي رأيا علميا عن مباحث الامامة او مباحث العصمة فاستنتاجاتنا كلها تكون شططا .

استاذنا الميرزا هاشم الاملي يؤكد انه الباحث في العلوم الدينية يجب ان يسيطر على بحار الانوار وكان يكرر هذه العبارة سنويا عدة مرات يقول ما ان يتلفظ بالشهادة الثالثة يلزمه ان يسيطر على البحار بمئة وعشرة مجلداته فلما تكون مؤمنا اذن تراث اهل البيت يجب ان تسيطر عليه والبحار هو نموذج مع ان حتى بحار الانوار كما اعترف العلماء لا يمثل نصف تراث اهل البيت الواصل وعلى بعض الاحصائيات هو سبعين الف رواية لكنها لا تشكل نصف تراث الواصل لاهل البيت فضلا عن غير الواصل فالبحار مع ما عليه من موسوعية وتوسع اذا تقارنه مع كتب الحديث الاخرى الواصلة لا يشكل نصف التراث الواصل فضلا عن غير الواصل.

السيد عبدالله شبر كتب كتابا يستدرك على البحار ولعل هذا الكتاب موزع عند الورثة الى ان ضاعت بعض اجزائه ويقال انه ثلاث اضعاف البحار والسيد الفاني استاذنا بذل الذهب والدينار للورثة كي يأتوه بالكتاب لكن ما وفق وهو متوزع عندهم فالبحار مع عظمته لا يمثل نصف تراث الحديث الواصل فكيف نحن عندنا اطلاع? ومتى سنطلع في العلوم الدينية المختلفة? فالامر عصيب جدا فالفحص عن الادلة ليس شعارا وانما هذا منهج الزامي لكن الكلام انه من يقوم بالفحص الكامل الشامل التام بل اقول دع عنك الفحص الكامل التام الشامل لا اقل الغالب بل انا اقول حتى الغالب لا نقوم به فالفاصل بيننا وبين التراث الواصل كبير جدا .

هذا شاهد على هذا المطلب ان فهرسة كتب الحديث الواصلة من القرن الثاني بل من الاول ككتاب سليم ابن القيس الى القرن الحادي عشر فحيث البحار في القرن الحادي عشر هناك كتب حديث ليس لدينا اطلاع استقصائي كامل عنها لا تستغرب ذلك فهل نحن لدينا استقصاء كامل عن ايات القرآن بشكل تبويبي دقيق في كل مجال ؟ نحن كنا في ورشة عمل مع بعض الاخوة في جلسات عديدة والى الان ما استطعنا ان نستقصي مسألة واحدة وهو النصوص الواردة في الفرق بين القلب والفؤاد والصدر والنفس والروح، وهذه مسألة مرتبطة بفقه القلوب وبعلوم دينية كثيرة وهذه ليست مسألة وانما قاعدة .

فاستاذنا المرزا هاشم الاملي الذي هو من تلاميذ المحقق النائيني والعراقي والكمباني والشيخ عبد الكريم الحائري سنويا يؤكد هذا المطلب ان الباحث في العلوم الدينية لا مفر له من السيطرة على كتاب البحار لانه بهذا تكون عنده منظومة متكاملة في المصادر فكيف نتبجح نحن بالصناعة العلمية مع ان بضاعتنا جاهلية وليست علمية لذلك هذه وصية العلماء كصاحب الجواهر وكاشف اللثام والعلامة الحلي في وصيته لابنه وكذلك صاحب الكفاية انقل عنه بواسطتين في مجلس درسه في الحويش كان يوصي بنفس الشيء ان مع عدم الاطلاع الواسع بتراث الحديث لا يجزئ الاستنباط في العلوم الدينية اذن كيف انا اريد اشكل نظرية عقائدية او دينية من رواية او روايتين او اية وايتين فان هذا لا ليس بصحيح وانما لابد من الاستقصاء والالمام والتجميع في المواد شبكية منظوميا باقصى ما يمكن ولو بالاستعانة بجهود الاخرين وبضم جهد الانسان الى جهودهم وحتى ربما المشهور يغفل عن طائفة من طوائف الروايات ويبني رؤيته على طائفة فقط وهذه الطائفة تؤثر في المحصلة النهائية وهذا امر مهم يجب ان لا نغفل عنه .

فما هي البيانات او الطوائف الواردة عند اهل البيت عليهم السلام كيف تستقصيها وادعاء الاستقصاء صعب وحصر المواد من باحث ما هذه دعوى كبيرة زائفة كيف تقول غير موجود? كم بحثت انت? ربما تبحث موسوعة الكترونية ولا تجد ولكن يبحثه شخص اخر بطريقة اخرى يجدها او ثالث بطريقة ثالثة فيجدها بمصادر اخرى غير الثاني وكم له من نظير? فدعوى انه لا يوجد هي دعوى جزاف بل قل هذا فحص العجزة فنحن ليس لدينا ديدن ان نفحص ونتابع لذلك عملية مدارسة علم الحديث والتفسير بنحو دائب دائم يسبب تراكم وبنك معلومات لدى الباحث .

فلا اقل فهرسة كل كتاب من كتب الحديث تحفظه مثلا كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر مع ان المؤلف همه فقط النص على الائمة الاثني عشر وهذا بحث مهم وخطير لكن الروايات التي اوردها فيها معارف عن الامام المهدي وفيها علوم القرآن وفيها فقه القلوب ولكن هو ليس ملتفت لها لانه الخريطة الذهنية في ذهنه والبوصلة متجهة الى مبحث معين فالفهرس الذي هو يكتبه ايضا لا يمثل كل ما هو موجود من حقائق التراث فلاحظ كيف البحث والفحص صعب? والحال ان هذا الكتاب الشريف فيه رواية عن الصادق يتكلم الامام عن مدارس الرياضات الروحية او كل مدارس العرفان ومدارس السير والسلوك ومدارس فقه القلوب والذي يستعرضه الامام امر غامض جدا وبحاجة الى جهود من العلماء ليبحثوه وهذا اقوله بدون تعصب هو بحث وعرف كل معادلة يقولها الامام بحاجة الى فحص في الايات والادلة الاخرى .

ذكرنا مرارا مثلا كتاب الوسائل هو اسمه في الفروع لكن هذا الكتاب بلا ادعاء وتعصب كل العلوم الدينية موجودة فيه من علوم القرآن وعلوم الرياضة الروحية سواء شعر صاحب الوسائل به ام لم يشعر فلاحظ الحر العاملي يكتب ابواب الدعاء ينظر اليها من زاوية والحال ان هذا الدعاء هو من ابواب العقائد وابواب الرياضات الروحية فليس من الضروري ان صاحب الوسائل ملتفت الى خطورة هذا التراث الموجود بين يديه فابواب الذكر في الوسائل مرتبطة بالبحث عن الرياضات الروحية والمعارف والعقائد .

الان في ابواب قراءة القرآن في الوسائل انت تجد جل علوم القرآن موجودة فيه فاذا اردت ان تبحث عن نظرية اهل البيت في قواعد التفسير اذهب الى ابواب قراءة القرآن في الوسائل فهو عنده سلسلتين وبابين لقراءة القرآن في الصلاة وبعدها وابواب قراءة القرآن مطلقا ونحن استخرجنا روايات عجيبة عن علوم القرآن غفل عنها المشهور وكذا تاريخ تدوين القرآن الكريم في زمن النبي ومع انه مبحث حساس وخطير في القرآن .

كذلك الحال في الكتب الاربعة اصحابها ربما كان همهم الاكبر بحث الفروع الا ان الروايات التي اوردوها غير مقتصرة على الفروع وانما فيها بحوث القائد والمعارف وعلوم القرآن وعلوم الاخلاق وسيرة النبي وعلوم الدين كلها فنحن نخطأ اذا ننساق الى الفهرس والتبويب الذي دونه المؤلف وان كان المؤلف علم من اعلام الطائفة فهذه الامور في قضية الفحص جدا مهمة فعلى طبق هذا الشرط في الاستنباط وهو الفحص التام او قل لا اقل الاكثري نحتاج ان نتعرف ونطالس ونمارس الانفتاح على كتب الحديث بقراءتها وتصفح الروايات فيحصل عندنا بعض الشيء فهذا المنهج صعب مستصعب ولكنه ممتع ولكن مع الاسف هممنا قاصرة فتصير ممتنعة .

لذا هنا في بحث الصفات والاسماء ما ورد في بيانات اهل عن الاسماء والصفات طوائف من الروايات وكذلك طوائف من الايات ولست الان في صدد الاستقصاءها ولا عندي قدرة فورية في الاستقصاء لكن اذكر نبذة لا اقل كي نتنبه يقظة في ما ورد من طوائف في الصفات والاسماء فبعض طوائف الروايات في صدد انه يمتنع معرفة الله وتوحيده بوجود الاسماء وطائفة اخرى في صدد انه يمتنع تنزيه الله عن التشبيه الا بالاستعانة بالاسماء والصفات وطائفة اخرى من الروايات في الصفات والاسماء انك لابد ان تنزه الذات المسمى حتى عن الاسماء يعني لاحظ كانما هناك تدافع وتناقض وطائفة اخرى من الروايات انه اعرف الله بالله وطائفة اخرى من الروايات والايات اعرف الله بالاسماء وبالايات وطائفة اخرى من الروايات او الايات ان الاسماء ليست كلها في عرض رتبة واحدة بل هي مراتب فالمقصود انه اذا اردنا ان نستقصي فهرس طوائف الايات والروايات الواردة في الاسماء والصفات يحصل لدينا موازنة اخرى.

 

logo