« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

47/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

منهج الخبر الآحاد أو الخبر العلمي في الاستنباط

 

الموضوع: منهج الخبر الآحاد أو الخبر العلمي في الاستنباط

في بيانات اهل البيت روايات عديدة كمنظومة واحدة يجب ان نلاحظ كلماتهم لا بشكل رواية احاد فالاخبار الاحاد يرى الشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي اجمالا وابن زهرة وابن براج والديلمي وسلار وابن حمزة والحلبيون وابن ادريس وجل القدماء انها غير حجة بغض النظر عن ابن ادريس اذ شن عليه المتأخرون وانما كما ينقل الشيخ الانصاري في الرسائل قاطبة المتقدمين لا يرون حجية خبر الواحد نعم الشيخ الطوسي اجمالا بين بين يعني يؤكد مبنى اساتذته لكن يقول الخبر الواحد في الجملة نعتبره يعني هو بين بين فما هو خبر الواحد? هذا بحث اصولي وكلامي يرتبط بالمنهج الكلامي فعلم الاصول هو علم يمنهج الاستنباط والاستدلال في كل العلوم الدينية فهو منطق العلوم الدينية يمنطق ويمنهج العلوم الدينية فما المراد بالخبر الواحد في قبال مبنى القدماء او الاخباريين برمتهم ؟

الشهيد الاول مبناه نفس مبنى القدماء ولم يلتزم هو في كل كتبه بمنهج السيد احمد ابن طاووس ابدا لا من قريب ولا من بعيد وذلك في الدروس في اللمعة في غاية المراد في حاشية الارشاد مع ان الفاصل بينهما ليس كثيرا المحقق الحلي والعلامة الحلي بين بين اما الشهيد الثاني فمتمحض في مسلك احمد بن طاووس اما نفس السيد احمد ابن طاووس مؤسس هذا البحث هو بنفسه يقول في كتابه التحرير الطاووسي انا لست متشددا في الخبر الواحد وانما انا لا زلت بين مبنى القدماء ومبنى الخبر الواحد فهو يقول انا لست مفرطا في هذا المبنى وتقريبا شبيه الشيخ الطوسي هو بين بين لكن الشهيد الثاني تمحض في مبنى السيد ابن طاووس اما صاحب المدارك فقد افرط وازيد منه المقدس الاردبيلي الى ان وصلت النوبة الى المجلسيين مبناهم مبنى القدماء الشيخ البهائي بين بين الى ان وصلت النوبة الى الوحيد البهبهاني وكذلك الفاضل التوني صاحب الوافية هو قبل الوحيد البهبهاني وهؤلاء مبناهم نفس مبنى القدماء وهو ليس الخبر الواحد وانما يخبرون عن المبنى القدماء بالخبر العلمي .

فاذن عندنا مبنى الخبر العلمي وخبر الاحاد والواحد وهذا ليس فقط الوحيد البهبهاني وانما الطبقة الاولى من تلاميذه كصاحب الرياض وكاشف الغطاء وبحر العلوم والنراقي والقمي والاعرجي والسيد عبدالله شبر وصاحب مفتاح الكرامة والطبقة الثانية والثالثة والشيخ الانصاري فهناك اربع طبقات من تلاميذ الوحيد بهبهاني مبناهم الانسداد والانسداد هو نفس مبنى القدماء يعني هو خبر علمي وليس خبر احاد ، نحن نتبجح ونتشدق بعلم الاصول ولا نعرف تاريخه فلا يمكن ان نطمس هذا التاريخ ونقوقع اذهان الموجودين فقط في مدرسة واحدة ومشرب واحد مع ان مبنى القدماء مبني على الخبر العلمي فح ما ربطه بالمنهج الكلامي؟

الشيخ الانصاري وحتى السيد محسن الحكيم واستاذنا السيد محمد الروحاني والان بعض الكبار من الطبقة الاولى ايضا مبناه الانسداد يعني مبنى القدماء وهذا ليس انهم يعملون بشكل هرج ومرج وانما بنظام اصولي دقيق معقد صناعي ولكن لا يعتمدون الخبر الواحد كمنهج في الاستنباط فالخبر الواحد هو ان تعتمد على الخبر بمنأى ومعزل عن بقية الادلة طبعا هم يقومون بالتخصيص والتقييد والحكومة والورود اذن يلاحظون منظومة الادلة لكن اصل الحجية عندهم قائم على الخبر منعزلا عن المنظومة فهم يلاحظون حجية الخبر صدورا دلالة في نفسه ثم بعد ذلك يأتي دور المنظومة فلا اقول انهم لا يراعون المنظومة لكن في اصل الاقتضاء والحجية والظهور يلاحظون بنفسه بمنأى وبمعزل عن البقية اما القدماء يقولون اصل الظهور والصدور من الخطأ الكبير ان تلاحظه بمعزل والصدور له معنيان لان خبر الواحد عبارة عن قصاصة حتى ذاتيات هذه القصاصة ليست هي مستقلة عن المنظومة فالخبر العلمي يعني انت اربط الذاتيات مع بعضها البعض واعرف الدين الموجود في متن الخبر اين هو ؟ فصدور الخبر اعرفه بالمنظومة لا بمنأى ومعزل عنه .

فالاحاد والواحد يعني في تقويم وتكوين الذاتيات ونحن نريد ان ننبه على هذا المطلب ان بيان اهل البيت في الصفات الالهية والاسماء الالهية هي عدة بيانات وعدة قواعد فاذا نقرأ هذه القاعدة المستفيضة او المتواترة بمعزل عن مستفيضات ومتواترات اخرى لم نفهم ذاتيات هذه الطائفة الواحدة يعني حتى طائفة من الروايات لا تتعامل معها احاديا بمنأى وبمعزل في تكوين الظهور الذاتي مثلا انا اذكر لكم طائفة لا بنحو الاستقصاء الكامل وانما الناقص مثلا احد الاساتذة لاجل غفلة تصور ان ظهور الايات بمنأى معالجات الروايات ، فيجب ان يحدد الاية منفردا منعزلا عن الروايات او عن بقية الايات بينما هذه مشكلة منهجية انك كيف انت تأخذ بظهور الاية بمعزل عن بقية الايات هل يمكن ذلك? كلا ففي نفس اصطياد قائمة الظهور وبنية الظهور هكذا الحال ، ايضا مع ظهور الروايات لا يوجد معزل والا فليست معية ولا يعلم تأويله ولا تظن ان التأويل مقابل التفسير. مثلا ﴿وانزلنا عليك القرآن لتبين للناس ما نزل اليهم﴾[1] تبين عليه التفسير ان علينا بيانه يعني التفسير والتأويل فلا تقل العقل البشري والعلوم اللغوية كفيلة بان توصلك لبيان القرآن الذي هو عربي مبين .

فاذا لاحظنا طائفة من الايات واغفلنا طوائف اخرى سنقع في خطأ منهجي خطير في بنية الظهور وهذا النزاع الاخباري الاصولي او الاصول الاصولي او الاخبار الاخباري او الكلامي الفلسفي او الفلسفي الكلامي انه ما هي المنهجية في ظهور القرآن? ونحن نتعرض لفهرسة البحث كي نلتفت انه هل يعزل بنية الوصول الى ظهور القرآن طبعا القرآن كتاب عظيم لكن هذا العظيم يحتاج لشخص عظيم بعظمة القرآن كي يستطيع ان يبين القرآن انا لا اقول القرآن مجمل كما ان الروايات ليست مجملة وانما لها ظهورات ابتدائية بدوية تمهيدية يمكن للمفسر والمجتهد والمتكلم ان يستظهر منها لكن هذا لا يبنى على انها ظهور نهائي فالاخير يجب ان تتدخل فيه عناصر منظومية فهل يمكنك ان تفهم كتاب فيزيائي معقد من دون معلم فيزياء?

انا لا اقول ان القرآن كله مجمل هذا خطأ القرآن كله مبين ولكن مع ذلك يحتاج في تبيانه الى الروايات فهل يمكنك تاخذ بظهور اية واحدة من دون بقية الايات? او اخذ رؤية القرآن في سورة معينة بمعزل عن بقية السور ﴿أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضࣲ﴾[2] فهل السورة مجملة حتى تضم اليها بقية السور? كلا ولكن هذا لا يعني ان السورة الواحدة مجملة او مبهمة وانما لابد ان تنضم اليها سبعة الاف اية كي يصير ظهورها واضحا فاذا قلنا بلابدية انضمام بقية الايات هذا لا يعني ان الاية مجملة لكن عناصر وبنية الظهور لا تلتئم الا بالمنظومة ومن ضمن عناصر الظهور هو بيان المعلم الالهي فالله يقول في حين القرآن ظهور وبيان ولكنكم الستم تدعون ان القرآن معجزة بلاغية? يعني حتى في علوم اللغة القرآن فوق قدرة علماء الامة فهو معجزة فيجب ان يكون هناك شخص معجز ملكوتي يبين لكم طرق القرآن ، نعم القرآن ليس بمجمل ولكنكم لا تستطيعون ذلك قل لو اجتمعت الجن والانس على ان يأتوا بمثله او بسورة كذا كذا هذا لا يعني ان القرآن مجمل هذه مغالطة وانما نظام الظهور في القرآن منظومي .

بلا تشبيه لو عبرنا بالشبكة العنكبوتية يعني الشبكة مترامية الاطراف لا ان القرآن مجمل ومجمد هذا خطأ هو ليس بمجمل لكن لا تنفرد انت به لا بد ان يكون عندك سعي حثيث فكيف انت تستعين ببقية المفسرين الذين هم بشر مع انهم يخطئون ويصيبون ولكن لا تستعين بائمة الوحي فانت تستعرض كلام قتادة ومجاهد وغيره ولا تستعين بصقور الملكوت وهم اهل البيت امراء البيان انا لا اقول احصر نفسك نعم اذهب يمينا ويسارا واستعرض المدارس البشرية الاخرى ولكن الائمة هم في البيان قمة وفي العلم قمة وفي الوحي قمة اما انه يجب ان تكون معلوم النسبة فهل الاقوال التي تنسب الى قتادة قطعيا صادرة منه? كلا هي منسوبة اليه فانت بناء على درجة الاحتمال تعتني به او حتى المنسوب الى ابن سينا او حتى الفلاسفة الكلام الكلام فانت اذا كان الكلام منسوبا الى ابن سينا والفارابي لا مانع منه لكنك انظر الى ما قيل تعال الى تراث الحديث لاهل البيت قد احتمالا صادر من الله ومن فوق عرشه لان كلماتهم هي عن الوحي وهذه عقيدتنا في ال البيت فهل هذا الاحتمال نتركه في مقابل ان نعتني باحتمالات صادرة من بشر يخطئون ويصيبون? هل هذا هو المنهج? على الاقل نقدر تراث الحديث لاهل البيت بقدر كلمات الفلاسفة لا اقول خذها عمياويا وانما خذها بفهم كيف انت تتعامل مع كلمات الفلاسفة او المفسرين او المتكلمين حيث لا تأخذها بعماية وانما تأخذها بفهم ولكن اعتن بتراث اهل البيت انظر الى ما قالوا ولا تنظر الى النسبة اليهم صدرت او لم تصدر انت في ظهور القرآن تراجع الراغب وتراجع لسان العرب وكتاب العين للفراهيدي فهؤلاء بشر مهما يكونوا ولا الاسانيد بينك وبينهم متصلة فهنا لا توسوس فتقول هنا المنهج ليس اخباريا وانما منهج صناعي علمي مع ان كلها مراسيل فلماذا لا تتعامل مع تراث اهل البيت بهذا المنهج? مع انه عندنا في هذا الطرف علم اجمالي منجز يلزمنا بالعمل بتراث اهل البيت .

فانت تعامل معه تعاملا علميا ليس تعاملا تعبديا وكذلك اقوال الرجاليين هل هي مسندة? كلا فهناك كثير خربطات منهجية تسمى وتتمشق بالصناعة ولا رائحة للصناعة فيها مع انه التزمت من قبل بعض الكبار ونحن مع احترامنا العظيم لهم ولكن البحث العلمي ليس فيه مجاملات فانت تعتني بكلمات اللغويين وبكلمات المفسرين في ظهور القرآن واما اذا ما سمعت رواية اهل البيت التي تعالج الظهور فكانه نسيا منسيا فما هذا التبري في المنهج العلمي عن اهل البيت? انا لا اقول خذها حجة وتعبد وانما كاحتمال تعامل مع جعفر بن محمد الصادق كانه مجتهد ولا اقل هذا القول منسوب احتمالا للصادق وهو ليس باقل من قتادة فلماذا تعتني بكلمات هذا ولا تعتني بكلمات الصادق? ولماذا لا تنظر الى ما قيل هناك? وتنظر الى ما قيل هنا? فهل الائمة اقل من ابن سينا? فانا اتعامل مع الائمة كفلاسفة وكمتكلمين فالامام يقول يا زرارة اذا اخبرتك عن حكم فاسألني اين هو من كتاب الله يعني الامام يعلم ويبين لك الوجه والدليل انا معك ان لا نأخذ بالرواية الا ان نفهم ان الرواية ومستمسك المطلب فيها لكن لماذا هذا الابتعاد عن المنهج العلمي في التفسير وفي اللغة وفي الفقه وفي الكلام? فهناك نوع من الخربطة والغفلة في المناهج العلمي بلحاظ تراث اهل البيت فعدم الاعتناء حتى بهذه الدرجة هذا لا مبرر له ابدا .

فانت لااقل كاحتمال عقلي ان الرواية صدرت من اهل البيت فهناك احتمال عرشي وهناك احتمال بشري اي الاحتمالين اجدر فلا قياس اصلا وهذا هو كلام الانسداديين ونظرة الانسداد قائمة على هذا الامر فنرجع الى كلامنا في بيانات اهل البيت حول الصفات الالهية والاسماء الالهية هناك عدة طوائف وكل منها مستفيضة او متواترة لكن نفس اهل البيت يقولون اياك ان تقتصر على طائفة واحدة متواترة فلا تصير احاديا في الطوائف المتواترة فضلا عن الخبر الواحد المجلسي عنده خمس مجلدات في البحار من المجلد اربعة وعشرين او ثلاثة وعشرين الى مجلة سبعة وعشرين عنده مائة وخمسين بابا وليس مائة وخمسين قاعدة وفي كل باب عدة قواعد وليست عدة روايات بعبارة اخرى عنده خمس مجلدات حول الامامة والنبوة والاصطفاء ففي هذه الخمس مجلدات مائة وخمسين باب كل باب هي فيها قواعد جحفلية وكل باب قاعدة ام وكل قاعدة من هذه الابواب تتوالد منها عدة قواعد كلية فلماذا ارتكب مجلسي هذه الهندسة العلمية الصناعية مع انه استفاد من الكليني ومن بصائر الدرجات ومن البرقي في المحاسن والاخير هو من الشخصيات الجامعة للعلوم وهو شبيه النراقي فهو جامع موسوعي مع انه عاش في زمن الجواد لكن موسوعي العلوم ومتفرد عن بقية العلماء والرواة فهو موسوعي حتى في الحديث والتاريخ والفلك والنجوم وفي كل العلوم نعم هكذا تلاميذ ائمة اهل البيت والان المستشرقين يستهدفونه بشدة في كتاباتهم لانه شخصية لامعة نجمية فيما يسمى عندهم هرطقات تاريخ علم الحديث فالمجلسي استفاد من هؤلاء الكبار كثيرا فلماذا هذا النظم المنظومي من المجلسي مئة وخمسين قاعدة من كل قاعدة تنشعب انظمة لان طبيعة طوائف الروايات وطبيعة الاحاديث المتواترة انها منظومية شبكية مجموعية ما يمكن تنظر لبعضها بغض النظر عن بقية الاخبار هذا يسمونه الخبر العلمي يعني احاديث مستفيضة لا تكتفي بها والحديث المتواتر لا تكتفي وتقتصر عليه في الاستظهار وانما اجمع كل المتواترات فضلا عن الخبر الاحادية الظنية فلابد المنهج يصير منظوميا .

هذه المقدمة استغرقنا فيها الجلسة اليوم ان شاء الله غدا نبين لكم كأنه كم طائفة عندنا في بيانات اهل البيت في الصفات والاسماء? وان كنا لا نستقصيها ولكن اشارة اجمالية .

 


[1] السورة النحل، الآیة 44.
[2] السورة البقرة، الآیة 85.
logo