47/05/19
مقامات خمسة في الصفات
الموضوع: مقامات خمسة في الصفات
وصلنا الى هذه الرواية في اصول الكافي في باب جوامع التوحيد عن الامام الصادق سبحانه وتقدس وتفرد وتوحد ولم يزل ولا يزال وهو الاول والاخر فهو اول واخر في الاشياء والمخلوقات ففي المخلوقات الاول ليس باخر ولكن في الباري تعالى الاول هو الاخر بل اكثر من هذا اوليته عين اخريته يعني كل صفة عين الاخرى لان الله ليس كثيرا وانما واحد احد حيث الامام قال توحد وهذه من المباحث الوعرة في مبحث صفات الباري انه تعالى كل صفة عنده هي عين الاخرى فعينية الصفات لبعضها البعض لا سيما الصفات الذاتية باي معنى ؟ فعين بعضها في التحقق هو امر مسلم والتحقق الخارجي هذا امر مسلم اي الصفات الذاتية عين بعضها البعض في التحقق الخارجي وهو امر مسلم لان التحقق الخارجي والحقيقة الخارجية هي المسمى وليست الاسماء والصفات وهذا المعنى متفق عليه مع انه غامض انه كيف حقيقة عينية ازلية غير مركبة وغير متركبة وما شابه ذلك ان تكون مجمعا للكمالات ؟
هذا الامر حار فيه الفلاسفة والعرفاء والمتكلمون والمفسرون وحتى على مبنى الحكاية كيف تحكي وحدة واحدة في الصفات وفي الاسماء وفي المحكي? سواء الصفات الذاتية عين الذات تحققا او حكاية والذي يتبنى الكثرة في المسمى ونفي الاحادية والواحدية فهو باطل ﴿قل هو الله احد﴾[1] وليس كثير ، الاحد غير مركب الاحادية مقابل التركب والواحدية مقابل الشريك ومقابل الكثرة فالواحدية مقابل كثرة التعدد والشراكة فليس له ند شريك .
فبالتالي هذه ضوابط وخطوط حمراء عقلية بديهية وحياناية في الصفات انه لا يمكن تفسير الصفات بنحو يؤدي الى التكثر بمعنى التركب او التكثر بمعنى الانداد ما الفرق بين ﴿قل هو الله احد﴾[2] وبين لا اله الا هو ؟ الاخير هو نفي الكثرة ﴿قل هو الله احد﴾[3] ايضا نفي كثرة التركب اما لا اله الا الله هو نفي كثرة الشركاء وفي الادعية ورد عنوان صفة واحد او متفرد متوحد تفرد مع انهما يختلفان تفرد يعني واحدية توحد يعني احدية مقابل التركب وقد تستخدم التوحد يعني التفرد ، الباري تعالى اي مسلك في الصفات يؤدي الى الكثرة تركبية او كثرة فردية هذه باطلة فلابد ان تنتهي الصفات الذاتية الى وحدة واحدة احدية سواء كان الاتحاد على سبيل التحقق امر مفروغ منه او ان هذه الكثرة الكاثرة هي على صعيد المفهوم فالوحدة والواحدية والاحدية على صعيد الواقع العيني والحقيقة العينية مفروغ منه .
هناك مسلك سواء عند المتكلمين او المحدثين او العرفاء والفلاسفة او المفسرين حيث المعارف ليس من اختصاص الفلاسفة او العرفاء او المتكلمين وانما المفسرين ايضا يخوضون في المعارف وكذا المحدثون واصحاب التراث الروائي العقائدي ايضا هم ممن يتصدون للمعارف فسبع مدارس او اكثر تتصدى للمعارف فالمتكلمون مدارس والمحدثون مدارس وكذا المفسرون فمعاني الصفات ومفاهيمها هل ترجع الى المعنى الواحد على صعيد المفهوم والمعنى؟ ام ان وحدتها فقط على صعيد التحقق العيني ؟ وهذا سؤال يثار في العلوم العقلية لان العقائد والمعارف لغتها لغة العقل فحتى لو خاض فيها المحدثون فانهم يخوضون بلغة العقل فلكل لغة ولكل نمط من اللغة العقلية وليست هذه اللغة مختصة بالفلاسفة فهل هذه الصفات على صعيد المعنى ايضا تؤول الى الواحد والاحد? فجماعة من هذه العلوم المتعددة لا اقول كلهم تتبنى ان معاني الصفات ومفاهيمها تؤوب في النهاية الى معنى واحد حتى على صعيد المعنى وهذا امر صعب جدا من جهة المفهوم التحليلي العقلي ، فعلى صعيد المبنى معناه كيف تؤول هذه المفاهيم والمعاني الى معنى واحد ؟ وعلى صعيد الواقع العيني كيف تؤول المعاني المتعددة الى واقع عيني واحد? فما الاشكال انه الواقع العيني والمسمى واحد والمعاني متعددة?
فالسؤال والابهام الذي يثار ويجب ان يعالج كيف واقعية واحدة ينتزع العقل منها معاني وكمالات متعددة ؟ كما لو ان شخصا عنده مليار من المال فانتزع منه مليون والف وتريليون يعني كمالات وطبقات متفاوتة مع انه مال واحد ، مع ان المثال يقرب من جهة ويبعد من جهة اخرى فيمكن تصوير كمال اعظم يعني كمال الذات العينية الخارجية المسمى اعظم من كمال الصفات مفهوما والكثرة بالدقة حدود وكمال الذات بلا حدود هذا جواب اجمالي ولاندخل في التفصيلي من ثم يكون الكمال الاتم وحدة ينشأ منها الكثرات .
نأتي لهذا التساؤل كيف المعاني الكثيرة كصفات علم وقدرة وحياة اولية واخرية وازلية وابدية وصمدية ترجع الى معنى واحد ؟ ايضا نجيب عنه بشكل اجمالي اما التفصيلي ففي مواطن اخرى حيث ورد ان العلم والقدرة والحياة الاولية والسرمدية والابدية الظاهر والباطن الاول والاخر ليس المراد منها انها مشتركة معنوية بتمام المعنى لان هذا غير معقول وانما المراد في الصفات النسبة والعلاقة بين الصفات الالهية والصفات المخلوقة لا هي اشتراك لفظي لانه يكون تعطيلا ولا هي اشتراك معنوي كامل لانه يصير تشبيه وانما امر بين امرين يعني جزء المعنى مشترك ، فانت صفات المخلوقين اعزلها وخذ كمالات الخالق فالانبياء عالمون والله عالم هل بمعنى واحد? كلا او الانبياء يمكنهم الله بالقدرة والله قادر وهو ليس معنى واحد فليس هو تباين كلي ولا وحدة كلية وانما امر بين امرين فعندما في الصفات الالهية تقول ان تأويلها معنى واحد يعني هناك معنى كمالي المعنى الوحداني للكمال المشترك بين كمال العلم وكمال القدرة كمال الاولية وكمال الاخرية مع ان المفاهيم للصفات الالهية قطعا هي كثرة وهي كثرة مفهومية نعم نقول الله عالم والانبياء عالمون ولكن هناك فرق ، فالله قادر والملائكة قادرون ولكن اين من اين?
فهناك اشتراك وهناك تباين لا اشتراك مطلق ولا تباين مطلق فالتباين المطلق هو تعطيل والاشتراك المطلق تشبيه فالصفات الالهية داخل احاطة ومحيط الصفات الالهية الذاتية لا هو اشتراك مطلق ولا هو تباين مطلق وانما جزء مشترك فالجانب المشترك هو الكمال وهو الوحدة والبساطة فالواحد والاحد هو اكمل الكمالات وليس فيه كثرة في الصفات الالهية فليس المراد من مآل ومصير الصفات الذاتية الالهية الى معنى وحداني احدي واحدي وليس المراد الفوضوية وهلامية المفاهيم وعشوائيتها فالمفاهيم تبقى متعددة لكن بينها جامع معنوي مشترك اكمل منها فالكثرة التي فيها او ذاك المعنى الجامع بينها منزه عن كثرتها .
هذه مقامين ذكرناهما الان بشكل اجمالي ان الوحدة العينية في المسمى كيف تكون مع كثرة المفاهيم? فهو كمال يشتق منه كمالات هذي بالنسبة للعينية اما بالنسبة للمفاهيم هناك جانب مشترك في المفاهيم ينزه عن كثرات المفاهيم لان الكترات هي حدود اول و اخر وو لما نقول اول نحتاج ان نقول اخر وهذه المفاهيم فيها حدودات كثرة وهذه الكثرة خلقية وليس خالقية .
المقام الثالث ان الصفات هي الاسماء والاسماء ليست فقط مفاهيم حيث الكثير يظن ان الاسماء هي اصوات وان اسم الاعظم صوت او هو معنى طبعا هناك صوت مرتبط ومنتسب الى الاسم الاعظم معنى مفهومي منتسب بالاسم الاعظم ولكن الاسم الاعظم حقيقة ملكوتية مهولة عينية فنفس الاسماء حقائق عينية ملكوتية مهولة من الطبقات العليا من الاسماء فتكون كل العوالم المخلوقات في جنبها قطرة في محيط وهذه البيانات موجودة في روايات اهل البيت وايات القرآن بما بينه اهل البيت فالاسماء التي هي عين الصفات ليس المراد منها صرف المفاهيم حيث اذا كان هكذا فالحقيقة العينية الواحدة التي علينا ان نصل للمسمى اذن نفس الحقائق العينية للاسماء حاكية عن حقيقة عينية احدية واحدة وليس فقط صرف الاصوات وصرف المفاهيم هذه الحقائق العينية المهولة التي هي كل العوالم والعرش وسماوات وجنة ونار وكرسي ووو قطرة فيها وتلك هي حقائق عينية مهولة ولكنها مخلوقة وحادثة بالحدوث العقلي وليس بالحدوث الزماني فبالتالي هذه الاسماء حقائق عينية وهي ايات المسمى الواحد الاحد ﴿سنريهم اياتنا في الافاق﴾[4] وهذه الاية ليست مفاهيم وانما هي عينية وليست اية مفهومية فقط فنفس الوجود العيني للافاق هو اية حتى يتبين لهم انه الحق من خلال نفس الحقائق العينية فهي مرآة ومرايا حاكية عن العينية الكبرى اي عن الباري تعالى .
اذن المسألة في تعدد الاسماء والصفات وتكثرها ليس جانب مفهومي وانما جانب عيني فكيف عينيات وحقائق عيون في العين الخارجية? فهي اية للواحد الاحد وبتعبير عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل الى ذلك الجمال يشير فايات العينية المهولة شتى وكل منها يشير الى العينية فاذن في الصفات او الاسماء الحال هكذا وهذا مقام ثالث غير المقام الاول والثاني الذي مر بنا فهناك حواكي ومرايا متعددة تشير الى المحكي وهو ليس متكثر وانما التكثر في المرايا والاسماء الحاكية وحسب بيانات الوحي اول ما خلق الله اسما واحدا واشتق من ذلك الاسم المستأثر بقية الاسماء وحتى تلك الكثرات التي اشتقت من الاسم الاول ليس في عرض بعضها البعض بل في طولها وهذا قبل ان يأتي الفلاسفة والعرفاء هذا البيان في نظام عالم الاسماء وخلقة الاسماء المذكور في بيانات اهل البيت والقرآن هذه شؤون مهمة في بحث الصفات الذاتية الفعلية .
المقام الخامس ان صفات الفعلية ضروري ان ترجع الى الصفات الذاتية ثم الذاتية ترجع الى الواحد الاحد.