47/05/07
الصفات الفعلية قبل الفعل والجهة التي تلي الرب
الموضوع: الصفات الفعلية قبل الفعل والجهة التي تلي الرب
كنا في هذا المبحث وهو صفات الفعل وهي الصفات التي تنتزع من الفعل الذي يخلقه الله ويوجده فينتزع من الفعل التي للفاعل ، فالضارب من الضرب الذي يوجده الشخص محي ومميت نعم موجود في بيانات اهل البيت ان الله مثلا عالم اذ لا معلوم فهذه اما تحمل على الصفة الذاتية او على الفعلية هذا بحث اخر فهناك صفات فعلية يتصف بها الباري قبل المخلوق خالق اذ لا مخلوق رازق اذ لا مرزوق والا طبيعة صفة الفعل انها تنتزع كصفة للباري تعالى بعد ايجاد الفعل الذي يقوم به الله تعالى كمحي ومميت ، الان خالق اذ لا مخلوق على فرض وجودها او رازق اذ لا مرزوق قد يؤولها المتكلمون او الفلاسفة ان كل صفات الفعل مآلها الى الصفة الذاتية وهي القيوم فاذا اولت الصفات الفعلية الى صفة ذاتية فلا تكون الصفة الفعلية حينئذ تنتزع من الفعل الذي يخلقه الله فهو الباري المتصف بهذا الوصف قبل ان يخلق الفعل خالق اذ لا مخلوق .
مثلا في تفسير العسكري الثاقب للمناقب عن الامام العسكري خالق اذ لا مخلوق ورب اذ لا مربوب والقادر قد تفسر بالقدرة الذاتية حيث عندنا قدرة ذاتية فيها صفة فعلية لكن الرب هي اظهر في الصفة الفعلية سيما كلمة خالق اذ لا مخلوق ورب اذ لا مربوب طبعا هذا يختلف مع الله خالق غير مخلوق فليس ننفي عن الله مثلا الربوبية وانما ننفي عن وجود المخلوقات عالم اذ لا معلوم يعني لم تنوجد عالم المخلوقات فتعلق علمه باشياء قبل ان توجد لكن هذه الصفات الفعلية ان اولت بالصفة الذاتية فلا تنتزع من الفعل وهي قبل الفعل اما اذا لم تؤول بصفات ذاتية لا محالة ستكون تنتزع عن مقام الفعل الذي يخلقه الله طبعا الصفات الفعلية لها مقامات ولها شؤون كلامنا الان في الصفات الفعلية التي تنتزع عن الفعل الذي يخلقه الله .
كذلك في رواية الامام الباقر اله اذ لا مألوه وخالق اذ لا مخلوق وهي في الكافي فبالتالي هذه الصفات الفعلية اصل كمالها هي الصفة الذاتية يعني عندما يقال الصفات الفعلية تنتزع من الفعل الذي يخلقه الله فالصفات الفعلية كمال الله فهي لا تنتزع من مخلوق فقير فليس المراد هذا وهذا كأنه الله ليس لديه هذا الكمال وانما تكامل الله بسبب انه قام بهذا الفعل مثل المخلوقات تتكامل بالافعال فهذه الرواية موجودة في الكافي فبالتالي الصفات الفعلية في الاصل متقربة لله قبل ان يوجد الفعل فكيف يقال ان صفات الفعلية تنتزع من الفعل الذي يخلقه الله والصفات الفعلية كمال؟
الجواب هو بيانات الامام الباقر والامام العسكري وبقية الائمة ان التعبير هو ان الصفة الفعلية تنتزع من الفعل والفعل الذي يخلقه الله هذا له معنى لا يؤدي الى ان الفعل الذي يخلقه الله وهو مخلوق يتكامل الله بهذا الفعل وانما المراد بالعكس انه الكمال الموجود عند الله رازق اذ لا مرزوق انه هو منشأ فعل الرزق، فالصفات الفعلية للباري هي منشؤ للفعل لا ان الفعل منشؤ لها بمعنى ان هذه الصفات الفعلية مآلها في الحقيقة صفات ذاتية مثل قيومية وليس معانيها الصفات الفعلية متقررة له تعالى بسبب المخلوق لان هنا المخلوق هو يسبب التكامل للخالق هذا لا يمكن بالعكس الصحيح ان الصفات الفعلية هي منشأ لايجاد الفعل الالهي فالفعل الذي يخلقه الله مترشح من صفة الخالقية لا العكس .
فاذن هي سميت بالصفات الفعلية اشارة الى ان هذا الفعل خلق من هذه الصفة ومن هذا الكمال عند الله وان هذه الصفة بالدقة هي صفة ذاتية وتؤول الى صفة ذاتية ولكن صورة لانها ارتبطت بايجاد مخلوق هذه الصفة قيل عنها صفة فعلية وطبعا ليس في الباري حالة مركبة لو كانت حالة مركبة اذن كان الباري مركبا وحادثا وانما حالة ازلية ابدية سرمدية فاذن تسميتها بصفات الفعل بهذا المعنى بمعنى ان هذه الصفات هي منشأ من شؤون ايجاد الفعل فاذن صورة انت ترى الخالق كأنما صفة انتزعت من الفعل المخلوق لكن حقيقة هو العكس .
هناك مبحث لطيف في العقليات يقول ان كثيرا ما ذهن البشر او ذهن المخلوقات يرى المعلول علة والعلة معلول بسبب ان هذا الذهن يرى الدخان فيقول الدخان سبب للنار فدليل على ان النار موجود فهو دليل اني فكأنما الذهن يتخيل ان الدخان سبب للنار لا النار هي سبب للدخان فعلمنا بالنار معلول لعلمنا بالدخان لكن ليس الدخان سبب واقعي للنار بالعكس النار هي سبب للدخان فالبشر او غير البشر والذهن المخلوق دوما يدرك المتأخر قبل المتقدم فينطبع في ذهنه ان المتأخر متقدم والمتقدم متأخر وهذا خطأ وغالبا الذهن العادي البشري هو كذلك والحال في الصفات الفعلية يقولون تنتزع من الفعل بحسب الذهن الذي يأنس ويرتبط بالمعلول والاثر قبل ان يرتبط بالمؤثر وبذي الاثر .
طبعا كلامنا ما انتهى في الجهة التي تلي الرب والجهة التي تلي المخلوقات فكلام جملة من علماء العلوم المختلفة ان الجهة التي تلي الرب يعني ليست فيها وسائط وانما يستفيض كل مخلوق من الخالق بلا وسائط وبلا شفيع وبلا وسيلة اما الجهة الاخرى التي تلي الخلق يعني المخلوقات التي هي وسائط بين المخلوق والخالق ومر بنا امس او قبل امس يعني المراد المخلوق في ارتباطه بالله وبالمبدأ عن طريقين طريق يلي الرب بلا وساطة حسب تفسير هؤلاء وطريق يرتبط الى الله عبر الوسائل والوسائط والشفعاء اذن المخلوق له جهتان ونظير هذا البحث بنفسه في مواطن اخرى مثلا في المعرفة بك عرفتك وانت دللتني عليك وكذلك بكم عرف الله يقولون بان هذان طريقان للمعرفة تارة طريق بلا وسائط وتارة بوسائط .
جاء منصور بن حازم تلميذ الامامين الباقر والصادق قال يا ابن رسول الله علمتني انه لا يعرف احد احدا الا بالله يعني ليس فقط معرفة الله بالله وانما حتى معرفة الاخرين بالله قال صحيح لا يعرف الله الا بالله ولا يعرف احد احدا الا بالله هذه بيانات متواترة موجودة فهذه الاثنينية تارة يعرف الله بالله وتارة يعرف الله باكرم مخلوقاته فيقولون كلاهما معرفة ولكن معرفة الله بالله هي معرفة اعظم من معرفة الله بالوسائل هذا ما ذكروه وفسروه وظاهر كلامهم في القسم الاول وهو نفي الوسائط نفيا واقعيا في الطريق الذي تلي الرب بخلاف الجهة التي تلي المخلوقات .
ولكن سبق ان بينا ان هذا التفسير غير صحيح فهناك ثنائية موجودة في المعرفة في الافاضة وفي كل علاقة بين مخلوق وخالق لكن تفسير هذه الاثنينية ما هو؟ هنا البيت القصيد وانا قرأت للعلامة الطباطبائي تفسير اخر غير هذا الدارج عند العرفاء والصوفية او الفلاسفة والمتكلمين في مبحث الوحي ان الوحي تارة مباشر وبلا وسائط واخرى بوسائط فنفس الكلام فالوحي من اعظم الفيوضات مثلا يسأل زرارة الامام الصادق تلك الغشية او الغشوة التي تصيب النبي؟ قال ذلك اذا تجلى الله له من دون وساطة ملك او ملائكة هذه قدرة وطاقة اعظم من تنزل الشياطين على بني ادم حيث في الاخير كثير من البشر يصيرون مجانين ومصروعين حيث لا يتحملون وز الجن يعني طبيعته كهرباء تزلزل البشر فلا يتحملون وتسمى رجز فكيف يتحملون بالملائكة ؟ بينما الانبياء لا سيما سيدهم يتحملون ونزول جبرائيل غير نزول ابليس فابليس عصفور بمقياس جبرائيل فكانما جبرائيل محيط من الطاقة لكن مع ذلك سيد الانبياء لا يزلزله نزول جبرائيل ولا الملائكة لكن اذا لم تكن بوساطة الملائكة المقربين تنتاب النبي غشوة ويغشى عليه فحينئذ الكفار يقولون عنه انه يصرع بالجن وكذلك يقولونه بالنسبة للغشوة التي تحصل للانبياء ما بهم من جنة اعتراك بعض الهتنا بسوء اما به جنة فهذه الحالات التي تصيب الانبياء تفرق عن غير الانبياء لان الجن اذا تتنزل على الانسان فيصير عنده غشوة يكون فيه زلزلة وهذا علامة انه جن وليس بملك اما الملك والوحي الثقيل فربما بعض الانبياء اذا تنزل عليهم جبرائيل يصير عندهم غشوة يعني لا يتحملونه .
فكثير من الامم الكافرة بالانبياء يقولون هذه القنوات التي يرتبط بها الانبياء هي جن وشياطين وحتى الماديين يثيرون هذه الشبهة ولكن هذا باطل كما بينه الامام الصادق والائمة ان نزول الملك حينه يصبح لدى الانبياء سكينة ووقار اكثر ولا يرجف بل مزيد من الوقار والثبات اما ذاك الذي يصيبه الجن فتكون عنده رجفة وعثرة وهلم جرا فايا ما كان سواء نزول الملائكة او نزول الجن الا انبئكم على من تنزل الشياطين لذلك القرآن يقول تؤزهم ازا او التعبير كالذي يتخبطه الشيطان من المس يعني طبيعة الشياطين هكذا واما الملائكة فيزيدون من يتنزلون عليه سكينة وبهجة فالجن طبيعته مغناطيسية حيث انت عندما يتصل بدنك بالكهرباء يصير عندك رجفة اما الملائكة حيث لم يخلقهم الله من نار السموم ومن كهرو مغناطيس بل خلقهم الله من النور والسكينة .
واللطيف ان كثيرا من المرتاضين بالسحر يعرفون الفرق بين تنزل الملائكة وتنزل الجن فنزول الملائكة فيها سكينة ووقار وهذا ما اجاب به الامام الصادق زرارة حيث زرارة سأله سؤالا عظيما انه بماذا عرف النبي ان الذي يأتيه ويتنزل عليه من الله هو جبرائيل وليس الشيطان؟ قال بالسكينة والوقار فكلما ازداد الانسان السكينة ازداد عقله نورا فهذا من الله بخلاف الجن فيكون عنده حالة زلزلة نفسية وزلزلة في الاعصاب وزلزلة في البدن .
القرآن يقول عن الاحتلام الذي هو من الشياطين اغتسلوا وانزل من السماء طهورا ويذهب عنكم رجز الشيطان فالاحتلام رجز من الشيطان .