47/05/05
دور علم الحديث في المعرفة والاستنباط
الموضوع: دور علم الحديث في المعرفة والاستنباط
كنا في خطبة امير المؤمنين في اصول الكافي او المجلد الاخير وهو المجلد الثامن والذي يسمى بالروضة حيث ذكر الكليني جملة من خطب امير المؤمنين التي لم يرويها الشريف الرضي في نهج البلاغة الا ربما بعض المقاطع اليسيرة جدا مثل خطبة الوسيلة مع انها عظيمة جدا وقواعد علم الادارة موجودة فيها فالاطلاع الفهرسي الاحصائي على كتب الحديث مؤثر في الملكة العلمية في العلوم الدينية وهناك قصور علمي كثير في الجو العلمي والمسيرة العلمية حول الاطلاع بكتب الحديث وعلم الحديث .
مثلا المجتهد يريد ان يستنبط الفروع لكنه غير مطلع على ايات الاحكام فهذا لا يمكنه كذلك كتب الحديث وهذا ليس فقط في الفروع وفي الفقه حتى في علم الكلام هكذا كما مر بنا في التفسير او العقائد تعريف العقيدة بانها مجرد معرفة فقط هذا خطأ سواء في علم الكلام او الفلسفة او التفسير او الفقه يعني نقص كبير جدا فالمعرفة ركن ركين في العقيدة ولكن ليست هي مجردة وليست تتحقق العقيدة بها فحسب سواء توحيد نبوة امامة معاد وانما الايمان بالمعرفة هي عقيدة فالمعرفة ركن اول لكن الكلام في الايمان بالنبوة والايمان هو عبارة عن تولي الله والولاية لله يعني تسليم وانقياد لله هذا هو التوحيد وليس التوحيد ان اعرف واذكر براهين عن الذات الازلية الابدية السرمدية نعم هذا من جانب المعرفة وهذا صحيح اول الدين معرفته يعني مرحلة ابتدائية وروضة لكن ليس عقيدة مكتملة مرضي بها عند الله العقيدة المرضية هي الايمان بالتوحيد .
ابليس ايضا يعرف التوحيد خلقتني من نار وخلقته من طين انظرني الى يوم يبعثون يعني يعرف المعاد ويعرف الذات الالهية ولكنه ليس موحدا خلافا لما يدعيه الصوفية والعرفاء وابن عربي يقولون بان فرعون امن قبل ان يموت فهم لم يفهموا ما معنى الايمان لانهم ابتعدوا عن الوحي وحبسوا انفسهم فعندما فرعون قال امنت بالذي امن به بنو اسرائيل هل الايمان باللسان او الايمان عبارة عن تولي الله؟ فهل فرعون في تلك اللحظة يتولى الله ومنقاد له ؟ هذا كذب لاحظ حتى العرفاء يزلقون والصوفية يزلقون لانهم يبتعدون عن الوحي وانما يتخرصون امورا من انفسهم اني تارك فيكم الثقلين وليس تارك فيكم المكاشفات فالاخيرة شيء مهم والتفكر شيء مهم تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة ولكن التفكر بمفرده ليس مأوى وملاذ وانما الملاذ اني تارك فيكم الثقلين ، التفكر والمكاشفات كلها لازمة وتنضوي تحت خيمة القرآن والعترة فابليس ليس موحدا لان التوحيد ليس مجرد المعرفة فقط وانما معرفة مع تسليم ويسلموا تسليما فلا وربك لا يؤمنون حتى حتى حتى .
لذلك الله قال لفرعون الان وقد عصيت من قبل ؟ نعم هو الان روحه شقية فلاحظ كيف يزل الصوفية او العرفاء كثير منهم كابن عربي انهم يقولون ابليس موحد؟ فالتوحيد ليس صرف المعرفة يجب ان يكون هناك تسليم فملكات الشر الموجودة في روح فرعون هي كالجبال ، اين تسليمه مع رعونته؟ هل ذهبت رعونة فرعون؟ هذه غفلات لانهم تركوا نور الوحي لذلك تعبير القرآن يوم لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل فليس كل ايمان نافع وقد ورد في الدعاء اللهم اني اسألك خضوع العبادة في الدنيا قبل خضوع الذل في النار هذا الخضوع ليس ايمانا فيجب ان نفرق بين خضوع الايمان في الدنيا وخضوع الذل بالقهر والمعاينة فهذا لا ينفع وهذا ليس دواء للرعونة الموجودة عند المخلوق والقرآن واذا اردنا ان نطلع عليه منظوميا وبذكاء منظومي لنستقي فهم القرآن من تعاليم اهل البيت وخاصة في ظاهر القرآن والا يفوتنا جل الحقائق .
الان هناك حالة من الابتعاد عن الاطلاع على كتب الحديث فهرستها مواضيعها وهذا يسبب نقصا في الاستدلال لان قوام الاستدلال بالفحص انت كيف تفحص صناعيا في الادلة سواء في فقه الفروع في علم الكلام وانت لا تعلم الاودية والمدن الموجودة في الحديث ؟ فنفس مدارسة ومباحثة ومتابعة فهرسة كتب الحديث واسماء كتب الحديث مهمة جدا لو تسأل اي شخص منا كم كتاب حديث مطبوع متوفر لعلماء الامامية ؟ سيقول لك لا نعلم ، لعدم الفحص والتتبع ، واما الموسوعة الالكترونية فلم تتضمن كل ما طبع من كتب الحديث وكل ما هو كان موجودا يدا بيد فالاطلاع شيء مهم والاطلاع التفصيلي على جواهر ودرر المعلومات العلمية في العلوم مهم جدا وهو الشيء الكثير جدا لؤلؤ مرجان لا يعد ولا يحصى .
لذلك الصحيح في برنامج كتب العقائد ان يجعل كتب الحديث مقرر عقائدي ويؤتى بكلمات العلماء في كتب المتكلمين كشرح من الشروح فتذكر كلمات العلماء كسجال علمي بينهم وهو ضرورة لكن لا يجعل هذا هو المتن الاصلي وانما المتن هو كتاب الحديث وفي موازاته تذكر شروح العلماء واقوالهم فالمطالسة عن قرب لكتب الحديث مهم وهذا بعد ما يصير الانسان قويا في العلوم الدينية مجتهد او مراهق للاجتهاد وفاضل في علوم الاستنباط فالاطلاع عن كتب في كتب الحديث يورثه علما ومعلومات وجواهر جمة وهذه غفل عنها الف سنة ان العلماء جيلا بعد جيل مهما كان سعيهم لا يستطيعون ان يحيطوا بالتراث الحديثي الواصل فكل اجيال العلماء بتفسير القرآن لا تستطيع ان تحيط بكل جواهر القرآن وخزائن القرآن مع ان القرآن مئة واربعة عشر سورة وسبعة الاف اية فرغم انه في الالفاظ محدد لكن جواهره لا تنتهي وحتى كتب الحديث ليست الكتب الاربعة هذه مقولة غير رسمية عند علماء الامامية حتى المعاصرين منهم .
المحقق الحلي في كتاب المعتبر في المقدمة الرابعة يعتبر الكتب الاربعة تابعة للكتب الاخرى يعني مثلا محاسن البرقي او اصول البزنطي وابن ابي عمير التي وصلت اليهم فهو يذكر الاصول الاربعمائة مقدما على الكتب الاربعة وهو في القرن السابع وهو يعكس المسيرة ، فحصر الكتب بالكتب الاربعة كلام خاطئ كبير جدا السيد الخوئي يقول الرواية الموجودة في كتاب مسائل علي ابن جعفر صحيحة السند كلها ويعتمد عليها وان لم توجد هذه الرواية في الكتب الاربعة لكنها صحيحة وهو يعتبر كامل الزيارات وتفسير القمي في عرض الكتب الاربعة بل ليس فقط في عرض الكتب الاربعة فمقولة حصر كتب الحديث في الكتب الاربعة هذه مقولة خاطئة لا حقيقة لها ولا نزنها علميا ابدا وانما كل تراث الحديث شيء عظيم وهذا ليس منهجا اخباريا وهذه خدعة انه كل من يقرأ كتب الحديث هو اخباري الشيخ الطوسي محدث اصولي واكثر كتبه في الحديث وكذلك الشيخ المفيد عنده كتب في الحديث فالمحدث علم لا ربط له بالاخباري والاصولي .
من الاشتباهات الدارجة التي تجني على المعرفة الدينية ان العوام لا يقرأون الحديث ويحرم عليهم قراءة الحديث فعلى هذا يجب ان نحرم قراءة القرآن فلا يجرمنكم على استنباط الحرام ان تحرموا قراءة القرآن المشكلة نحن لانفكك بين الملفات ملف الاستنباط هذا بحاجة الى تخصص ومن يرتكبه حتى لو كان مراهق لاجتهاد يحرم عليه ذلك ، هذا امر اخر ما ربطه بالقراءة والتدبر؟ فالتدبر يعني التصور وليس الله يخاطب المجتهدين افلا يتدبرون القرآن كلا بل لادنى امي في الامة الاسلامية وحتى البشر يخاطبه الله افلا يتدبرون القرآن او ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر فليس كل القرآن مجمل ومعقد واحجيات وانما هناك مساحات بديهية واضحة فيه وهناك مساحة وسط وحتى المساحات المجملة المعقدة نفس سماعها خطوة لحلحلتها فيما بعد ولو بالاستعانة بالعلماء بل قراءة القرآن واجبة كفائيا .
اليس يحرم التقليد في العقيدة؟ ومعنى حرمة التقليد ليس الابتعاد عن العلماء وانما حرمة التقليد يعني لا يكفيك ان تعتمد على الاعلم بل لا بد ان تنفتح على جميع العلماء بقدر وسعك الاحياء منهم والاموات هذا معنى حرمة التقليد سواء في العقائد او في ضروريات الفقه حيث الامور الضرورية غير العقائد ايضا لا يجوز فيها التقليد كذلك في اعتبار كتب الحديث الكلام ليست مسألة تقليدية ترجع الى المعرفة فالمقصود حرمة التقليد يعني لا يعذرك العالم مهما كان يجب ان تنفتح على جميع العلماء ومربنا الثقافة الفقهية عمل الفقيه .
مثلا في مسألة من المسائل الفقهية كتقليد ترجع الى الاعلم لكنك اذا تريد ثقافة ترجع الى تاريخ هذه المسألة عند علماء الامامية فهذا لا يسوغ فيها تقليد الاعلم وانما تنفتح على جميع العلماء ومشهور الطائفة عبر القرون فلا يمكن عندما تريد ان تناقش وتحاور مذاهب واديان اخرى تأتيني برأي الاعلم فقط هذا لا يصح وانما كثقافة فيجب ان تعكس رأي مشهور الامامية نعم بحث احترام الاعلم بحث اخر فالثقافة لا يملكها عالم واحد كما يقولون في باب الاجتهاد والتقليد ثقافة المذهب كثقافة علمية يشارك فيها قافلة العلماء كلهم في القرون لان الثقافة ترجع الى المعرفة والعقيدة وما يمكن ان تصادر الثقافة بعالم او عالمين ونفس العلماء حاشاهم من ذلك تارة بعض الاحيان الملكيون يصيرون ملكيين اكثر من الملك وعندهم افراط وتعصبات ما انزل الله بها من سلطان .
ففرق في المسألة الفقهية كعمل ترجع الى المرجع الذي تقلده لكن كثقافة فقهية وثقافة علمية ليس لك ان تحصر الرأي والبحث العلمي لهذه المسألة بالاعلم فالرؤية العلمية لتاريخ المسألة غير المسألة الفقهية ليس لها صلة بالتقليد هي مرتبطة برؤية مشهور علماء الامامية ماذا قالوا؟ ولا يمكنك ان تراجع فقط المعاصرين يجب ان تتعرض الى الاولين والاخرين وطبقات علماء الامامية حتى الاخباريين فهم كبار ولا يمكنك اخراجهم عن الطائفة فليس من صلاحية الاصوليين ان يخرجوا علماء الاخباريين عن المذهب ولا من صلاحيات علماء الاخباريين ذلك ، فانت ترجع الى مشهور علماء الطائفة اجمعين اكتعين كما اوصى بذلك الامام الصادق خذ بما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر فان المجمع عليه لا ريب فيه يعني في الرؤية العقائدية وهذا بغض النظر عن تفسير هذه الشهرة هل هي عملية او روائية او فتوائية جابرة كاسرة اجمالا ان في الرؤية العلمية وليس العملية ، التقليد هو في العمل ففي الرؤية العلمية حتى في مسألة تعمل فيها بما يمليه عليك المرجع الاعلى لكن في الرؤية العلمية لا يمكنك ان تحصر مذهب اهل البيت به وانما علماء مذهب اهل البيت من الف ومئتين سنة ولا يمكن حصره بعشرين سنة ولا العلماء يقولون بذلك الا المتعصبون من العوام حتى لو كانوا من عوام الطلبة .
فالرؤية العلمية شيء والعمل شيء اخر لان الرؤية العلمية والثقافة العلمية ترجع الى نفس العقيدة حينئذ الاطلاع على كتب الحديث امر هام جدا ولا يمكن ان تحرم قراءة الحديث للعوام لانه نفس الشيء يأتي الاشكال في قراءة القرآن هو في العقائد لا يصح التقليد ففي الرؤية العلمية والثقافية يجب ان تراجع المصادر الاصلية وتراجع كل العلماء فكيف يراجع المصادر وهو لم يقرأ القرآن ولم يقرأ الروايات؟ فيجب التفكيك بين الملفات بين العمل والاستنباط فالعمل البدني واصل الثقافة والاطلاع شيء اخر والموسوعات الالكترونية لا تعطي للانسان تظلعا في علم الحديث الا ان تجعلها جسرا ثم انت تذهب وترى مقطع الحديث وعائلة الحديث وشبكة الحديث وشجرة الحديث .
الميرزا النوري ليس اخباريا وانما اصولي واساتذته اصوليون وتلامذته اصوليون ولكنه بحر في علم الحديث كذلك نصف تأليفات الشيخ الطوسي هو في علم الحديث المصباح المتهجد التهذيب الاستبصار الغيبة كذلك السيد رضي الدين علي ابن طاووس كل تاليفاته حديثية ولكنه اصولي ولم يقل احد انه اخباري فعلم الحديث شيء والاخبارية شيء اخر ربما عالم اخباري لكن ليس له باع في علم الحديث لان هذا العلم مستقل كما هو الحال في العلوم القرآنية هي علوم مستقلة لا ربط لها بانك اخباري اصولي او اشعري او امامي.