« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

47/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الهيمنة بين النبي (ص) والقرآن والعترة (ع)

الموضوع: الهيمنة بين النبي (ص) والقرآن والعترة (ع)

مر بنا في مباحث صفات الفعل او الصفات الفعلية الناشئة من فعل الله تعالى لماذا ربط هذا المبحث مع مبحث ان المخلوق له جهة تلي الرب وله جهة تلي المخلوقين ؟ فما ربط هذا المبحث الذي اثير امس مع الصفات الفعلية ؟

الربط هو ان الفعل مع انه مخلوق الا انه ينشأ منه نسبة للفاعل والخالق وهذه الفعل هي الجهة التي تلي الرب وجهة للخلق مر بنا ليس المخلوقات التي دون هذا المخلوق وانما يعني نفس هذا المخلوق بلحاظ الوسائط المخلوقة بينه وبين الباري تعالى ففعل المخلوق له نسبتان الى الله نسبة للرب من دون وسائط حسب كلام جملة من العرفاء والصوفية والفلاسفة والمتكلمين والمحدثين فتوجه هذا الفعل او المخلوق الى الله تارة من دون وسائط فيعبرون عنها بالجهة التي تلي الرب يعني الاضافة والنسبة وتارة هذا المخلوق ايضا في اتجاهاته ونسبته الى الله لكن عبر وسائط في الفيض اي وسائط مخلوقة بينه وبين الباري هذه الجهة الثانية يقولون هي الجهة التي تلي المخلوقين يعني ليس المخلوقين الذين دونه وانما المخلوقين الذين فوقه وليس دونه يعني هم وسائط بينه وبين الباري من ثم هذا البحث له ربط بالصفات الفعلية بهذا اللحاظ فهو فعل مخلوق من افعال الباري ينشأ منه صفة لله صفة في مقام الفعل ولما تكون صفة يعني نسبة اضافة الى الله ، هذا البيان العقلي لامير المؤمنين واهل البيت عليهم السلام والوحي عموما في القرآن وال البيت والنبي الذين هم مهيمنين على الكتاب بنص القرآن.

لقد بين ذلك زين العابدين في الصحيفة السجادية في الصلوات على النبي فيبين المعارف العظيمة لمعنى الصلوات على النبي فالصحيفة السجادية كتاب عقائدي بلغة الدعاء من اوله الى اخره وفيه فروع وقواعد فقهية موجودة بلغة الدعاء فالصحيفة السجادية كتاب عقائدي بامتياز بلغة الدعاء كما ان نهج البلاغة في بداية الخطب نصف الخطب او ثلثها وربعها ثلاث ارباعها بعض الاحيان كلها مباحث عقائدية وقسم منها مباحث الفقه السياسي وقسم منها مباحث الفقه الاخلاقي فاذا اراد الانسان ان يقسم خطب نهج البلاغة او الاربع مئة وخمسين حكمة في نهج البلاغة كلها مرتبطة بعلم الادارة وعلم التنمية الانسانية والصحيفة السجادية ايضا مملوءة بهذه الامور ، اجمالا فالصحيفة كتاب عقائدي ومنظومة اخلاقية روحية من علوم متعددة متقاربة لبعضها البعض وكل معادلة وكل جملة هي معادلة علمية فيها كنوز من البحوث ففي بداية الصحيفة السجادية يشرح الامام زين العابدين معنى الصلوات على سيد الانبياء فالصلاة على النبي معرفة وليست لقلقة دعاء فقط او دغدغة روحية وانما حقيقة الدعاء منهاج عقائدي معرفة .

فالامام زين العابدين يشرح بان الاية الكريمة ﴿ان الله وملائكته يصلون﴾ الى اخر الاية هذه الصلوات صياغتها دعاء لكن حقيقتها عقيدة وتشهد بالشهادات الثلاث لاحظ الاية الكريمة ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ولم يقل وسلموا سلاما يعني انقياد نفس هذا الانقياد موجود في قوله فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك ويسلموا تسليما فالامام يشرح فيه الصلوات فيبين الامام زين العابدين ان المقامات الغيبية للنبي احد انهرها والعيون الغيبية العظيمة لسيد الانبياء هو القرآن لاحظ حديث الثقلين المتواتر ما هو معنى اني تارك فيكم يعني انا المصدر والتركة هي نتيجة عمل الانسان وشأن من شؤون الانسان فالقرآن والعترة تركة وجهد مني ثم يقول لن يفترقا حتى يردا علي فمبدأ ومنتهى القرآن هو سيد الانبياء وبيانات سيد الانبياء هي جوامع الحقائق فسيد الانبياء عندما يبين نفسه مهيمنا على القرآن والعترة فهو مبدأ ومنتهى للقرآن ومرجع للقرآن والعترة وهو المدير الفصل ففي هذا البيان النبوي المتواتر القطعي يثبت ان مقام سيد الانبياء اعظم من القرآن كما انه اعظم من العترة وبالتدبر تتضح الصورة من هيمنة النبي على القرآن لا ان نقول ان النبي اعوذ بالله دون القرآن في الحجية لان سيد الانبياء وجوده طبقات .

نعم اذا قلنا وجوده فقط فوقي فهذا غلو لانه نفينا الجهة البشرية في النبي وهذا خطأ هذا نوع من الغلو يعني تقتصر على الجهة الفوقية ولا تراعي الجهة التحتانية كما انه لو قلنا ان وجود النبي فقط هو الوجود الدازل وليس له وجود صاعد هذا تقصير في معرفة النبي اما المعرفة المثلى هو ما يحدده القرآن قل انما انا بشر مثلكم ولم يقتصر عليه وانما يقول يوحى الي ، احد معاني الغلو انه انت تنفي الجهات النازلة في النبي او المعصوم ان تقول النبي لا يأكل ولا يشرب ولا ينكح ولا ينام فهذا غلو لان النبي له جنبة بشرية نازلة فتثبت الجهة الفوقية والجهات المتوسطة فكل وجود النبي له طبقات فهل انت تقصد النبي بكل طبقات وجوده وتقول حجيته دون القرآن ؟ اعوذ بالله هذا لا يصير القرآن يصف النبي بوحي اعظم من وحي القرآن وبينه اهل البيت يعني الجهة العليا في النبي هو ذلك لكن الجهة السفلى والجهة النازلة بحث اخر المشكلة الموجودة في المعارف سواء عند المتكلمين او الفلاسفة او العرفاء او الفقهاء انه ينظر الى بعض الطبقات ولا ينظر الى الطبقات الاخرى وهذا خطأ فالنبي وجود ذو طبقات وكذلك الامام المعصوم وجوده ذو طبقات فليس عبطا ان الله في موضعين من القرآن يقول قل انما انا بشر يعني هويتي بشرية مثلكم يعني الجانب النازل والجانب الصاعد هو يوحى الي فلم يذكر الطبقات المتوسطة وانما ذكر طبقات نازلة وطبقات صاعدة .

ربما يتساءل ان كلام النبي دون كلام والله لكن نحن نقول هل المقارنة بين كلام النبي وكلام الله او المقارنة بين ذات النبي والقرآن؟ حيث اذا قارنا بين الحديث النبوي والقرآن فالقرآن شأنه عظيم كلام الله لكن اذا قارنا بين ذات النبي والقرآن فالنبي هو كلمة الله وكلام الله فهنا مغالطات لا يلتفت اليها الكبار ولكن تجري هذه المغالطات في التفكير في المقارنة بين كلام النبي وكلام الله او بين ذات النبي والقرآن؟ المقارنة بين امير المؤمنين والقرآن او المقارنة بين كلام أمير المؤمنين وكلام الله فالقرآن هل طبقة واحدة ام طبقات؟ كثير من المفسرين عند الفريقين لانهم لا يلتفتون الى بيانات اهل البيت يظنون ان القرآن طبقة واحدة نفس الطبري من اكبر مفسري العامة ومعاصر للكليني وعنده اكبر كتاب تفسير روائي المسمى بتفسير الطبري اسمه جامع البيان يعترف بان القرآن طبقات بدليل وعنده ام الكتاب فام الكتاب شيء والتنزيل شيء اخر اذن القرآن طبقات .

قبل ثلاثمائة سنة العلماء الامامية عندهم مسألة مهمة طرحوها ان الثقل الاكبر هل هو القرآن او العترة؟ والكتاب مطبوع باللغة العربية وفي بعض الرسائل باللغة الفارسية ثلاث مجلدات اسم الكتاب الثقل الاكبر هو القرآن ام العترة؟ جماعة من كبار علماء الامامية قالوا بان الثقل الاكبر هي العترة فالمقابلة بين القرآن والعترة بين اي طبقة من طبقات وجود القران واي طبقة من طبقات وجود العترة هذا هو البيت القصيد فالقرآن له وجود طبقاتي وليست طبقة واحدة فكثير من ايات وبيانات سيد الانبياء تقول حبل ممدود يعني ممتد لا ينقطع طرف منه عند الناس وطرف منه عند غيب الغيوب فالمشكلة تنشأ في عدم التدقيق في طبقات الوجود الواحد وهذه مشكلة الامم ، ما لهذا الرسول يأكل ويمشي في الاسواق لانهم رأوا جانبا وغفلوا عن جوانب كثيرة الفرق الباطنية والغلات يركزون على الجهة الفوقية ويتركون الجهة النازلة يقولون مثلا السيد الشهداء لم يقتل يعني لم يلتفتوا للجانب البدني بينما الصحيح ان الانسان يكون مؤمن بسركم يعني الجانب الغيبي وعلانيتكم يعني الجانب الحسي الظاهري سركم وجهركم باطنكم وظاهركم لابد تؤمن بالجميع اذا امنت بجانب دون جانب اما تكون مقصرا او غاليا .

فاذا كان البحث في العترة والقرآن فكيف بك بسيد الانبياء وهذا البحث حتى وقع في الغفلة العلامة الطبطبائي فكلام النبي وكلام العترة نسبته مع القرآن ماذا ؟ ايهما اصل ايهما فرع ؟ كثير من الاعلام الان قد يعبرون ان الحديث النبوي شرح للقرآن والعترة شرح الشرح لكن هل هذا الكلام باطلاقه صحيح ام لا؟ واستطيع ان اقول في اللغط العلمي الموجود بين الاخباريين والاصوليين و احد المباحث العلمية المتنازع عليها بينهم هو حجية ظواهر القرآن فهذا المبحث وهو حجة ظواهر القرآن اي قالب لها ؟ فما هي المعيار الصناعي الاصولي بين حجية الظواهر كلام النبي مع حجية ظواهر القرآن ومع حجية ظواهر العترة بعبارة اخرى هل المدار على القرآن والبقية يعرض عليه؟ او قد يقال المدار على المعلم لان العترة هي المعلم والنتيجة التي وصل اليها رواد الاصوليين اخيرا ان المحكم من القرآن والمحكم من كلام النبي والمحكم من كلام العترة هو المدار هذا المحكم المجموعي مع محكم العقل ومحكم الفطرة هو المدار الذي تعرض عليه متشابهات او ظواهر القرآن وظواهر الحديث النبوي وظواهر العترة الطاهرة او ظواهر الادلة العقلية هذي هي ملخص النتيجة .

 

logo