« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

47/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

نظام الوسائط و التوحيد

الموضوع: نظام الوسائط و التوحيد

 

كنا في مبحث التمييز والتفكيك بين الصفات الفعلية للخالق وصفات المخلوق وهذا ما يقع الخلط فيه كثيرا ، مثلا قوله تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي او وخلق الانسان من سلالة من طين فوردت لفظة (من) او ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حمأ مسنون وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا فلماذا خلق من الماء؟ كان يمكنه ان يخلق من دون الماء او فلينظر الانسان مم خلق خلق من ماء دافق او اني خالق بشر من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم او بالنسبة للارض منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم او فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة او خلقنا الانسان من نفس واحدة وخلق منها زوجها وفي سورة ياسين اولم يروا انا خلقنا لهم مما عملت ايدينا انعاما فهم لها مالكون هذه الايدي ليست جزء الذات وانما هي مخلوقات فجعل الخلق من تلك المخلوقات خلقنا لهم مما عملت ايدينا اي القدرة الالهية خلقنا لهم مثل خلقناكم من ذكر وانثى فالبشرية من نسل ادم وحواء فلماذا الله ما جعل البشرية بدون واسطة ادم وحواء؟

ايضا تعبير القرآن كما انشأكم من ذرية قوم اخرين فلماذا ذلك؟ او انشأكم من الارض فلماذا من الارض؟ لكان بامكانه ان يكون بدون الارض او انزلنا من السماء ماء الى ان تقول فانشأنا لكم به جنات وهذه في قبال انشأنا لكم به جنات من نخيل من ضمن الايات الله خلق كل دابة من ماء فلماذا هذا التوسيط في منظومة الخلق هل لعجز في الله ؟ حاشا لانه هناك عشرات الايات او جعل من النفس الواحدة زوجها فلماذا يجعل حواء من ادم؟ كان يمكن ان يجعل حواء من دون ادم او فانزل من السماء ماء فاخرج به ، هنا كلمة به اخرج به من الثمرات سبحان الذي خلق الازواج كلها مما تنبت الارض ومن انفسهم ومما لا يعلمون فتعدد الوساطات او خلق الانسان من علق هذه نموذج من الايات والباحث قد يرى الكثير الكثير من الايات لما ذكرناه كالنبات والجنات والدواب والجن والانس فمنظومة الخلق في عالم المادة وعالم الارض عبر عنها القرآن بانها خلقها بوسائط فنظام عالم الاجسام والمادة جعلها الله ضمن وسائط بل في بيانات متواترة في الوحي ان الحور العين او الولدان او الجنة كيف انشئت في عالمها؟ ففي الروايات المتواترة بين الفريقين كثيرا ما موجودة ووردت مستفيضا ومتواترا الملائكة خلقت من نور امير المؤمن ومن نور النبي ، والكرسي خلق من نور النبي والسماوات خلقت من نور الامام الحسن او مثلا نور السماوات والارض خلق من نور الزهراء ومن هذا القبيل الى ما شاء الله متواتر عند الفريقين حتى عالم الخلقة هو ما فوق الجنة .

مثلا عالم الاسماء فعدا الاسم الاول المستتر بقية الاسماء اشتقها من كذا من كذا من كذا فالاشتقاق في عالم الاسماء شبيه الانشاء او الخلق فكلمة (من) دائما موجودة فالتوسيط موجود والفاعل حقيقة هو الله فلماذا وسطها؟ هل لعجز فيه كلا؟ فلنلتفت ان فعل الله وما امرنا الا واحدة انما الاختلاف في افعال لله بلحاظ القابل لاالفاعل حتى يمكن ان يقال ان فعل الله على وتيرة واحدة ، الرحمن على العرش استوى يعني على عرش المخلوقات ابدع وكله ابداع اذن كيف يقول الله خلقناه من علقة ثم مضغة ؟

في الحقيقة توفر الشرائط او الممكن ليستقبل الفيض من الله فلماذا التوسيط؟ سواء في عيسى بن مريم او في ادم من سلالة من طين مثلا سورة النحل الاية الخامسة ينزل الملائكة بالروح من امره فالروح الامري هو وسيلة يتنزل كل الملائكة بما فيهم حتى جبرائيل واسرافيل وميكائيل فعروجها ونزولها بالروح الامري وورد هذا في القرآن كما في سورة النحل كذلك في الاماتة قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم او في حين الفعل حقيقة يسند الى الله فالوسائط ما هو دورها؟ فهي ليست دورها اعطاء القدرة الى الله فكل هذه الابحاث حتى في العوالم الملكوتية العليا دور الوسائط ليس اكمال قدرة الله وان لله عجز يكمله بالوسائط فهذا وهم فليس له شريك وانما هذه الوسائل اكمال قابلية القابل وهو من جهة المخلوق نفسه فهو عجز المخلوق لا عجز الخالق .

ايضا لاحظ يوم ينفخ في الصور يعني ارجاع الارواح في الاجسام بتوسط اسرافيل وهذا بحسب الروايات المتواترة عند المسلمين يعني يحيي كل الموتى جن وانس وحتى الملائكة المقربين يحييهم اسرافيل فلماذا الاحياء بتوسط اسرافيل؟ ولماذا بتوسط الصور؟ وما هو هذا الصور؟ هذا الصور له رؤوس بعدد رؤوس الارواح فهذا ليس عجزا في الباري وانما عجز في الارواح والابدان .

هنا الوهابية او السلفية او بعض العرفاء وبعض الصوفية اختلط عندهم الامر ان العجز قد تكون في قدرة الباري وهذا خطأ فيقولون القول بالشفيع شرك خفي انما يعلمنا الوحي الشفاعة في بدايات الامر واما بعد ذلك يترقى ويترك التوسل والشفاعة فالله لا يحتاج لشافع ولا لوسيلة نقول هل الوسيلة والشفيع حاجة الله او المخلوق؟ وهذا موجود عند الصوفية والعرفاء فهناك سقائف فلسفية وعرفانية ما شاء الله وليست محصورة في سقيفة بني ساعدة حتى في جمع القرآن حصلت سقيفة وهذه سقيفة عجيبة تمتد افاقها وهي كبيرة ، حيث ابعد امير المؤمنين في جمع القرآن وليس فقط ابعد عن الخلافة لان جمع القرآن خطير ومن اعظم السقائف هو سقيفة جمع القرآن فلا تقل اهمية عن سقيفة بني ساعدة في الخلافة فهل علوم القرآن مدرسة سقيفية او مدرسة ولائية لاهل البيت فنحن في العرفان عندنا سقيفة وهدفها ابعاد ال البيت في عالم الوصول الى الله ووقع فيه كثير من العرفاء حتى الشيعة الاثني عشرية ان العرفان الاعظم ان تغيب اهل البيت في العلاقة بينك وبين الله لان هذه وثنية خفية وشرك خفي .

وذكرت لكم قبل ثمانين سنة في النجف حصلت معركة عرفانية شديدة بين من يسمون بالموحدين او التوحيديين والولائيين شبيه السقيفة وبين اتباع اهل البيت وانا اذكر هذا التاريخ العلمي كي ابين انه كيف الامر معقد وليس بسهل ولو كنا نحن في سقيفة بني ساعدة الله يعلم كيف كنا سنفتتن لانها في مجالات عديدة على قدم وساق منها السقيفة العرفانية ومنها سقيفة جمع القرآن وقواعد علوم القرآن فالسقيفة تكثرت وتكررت في مجالات اخطر من السقيفة السياسية .

الكثير يتصورون ان الشفاعة معنى اعتباري ووساطة اعتبارية لانه يتصور ان المحكمة يوم القيامة اعتبارية مع ان الشفاعة في الاصل هي معنى تكويني قبل ان تكون معنى اعتباري ومجاملات وتعارفات فهنا البيت القصيد كيف ان الشفاعة معناها تكويني في الاصل؟ لاحظوا كل العناوين في المعارف والدين وفي الفقه اساسها تكويني اما الجانب الاعتباري فهي معاني تبعية مفسرة موضحة لذلك المعنى التكويني وهذه قاعدة معرفية مرت بنا مرارا وبحثناها قبل ثمانية عشر سنة في بحث اصول الكافي ان المعارف في الاصل هي معاني تكوينية واما المعارف الاعتبارية فهي شارحة للمعاني التكوينية فالالفاظ والمعاني في الاصل اعتبارية مثلا الاجارة بالدقة معنى تكويني وهذا المعنى الفقهي الاعتباري يحاكي عنه ، انا وعلي اجيرا هذه الامة يعني حقيقة تكوينية وليست اعتبارية انا وعلي وليا هذه الامة ولاية تكوينية قبل ان تكون تشريعية اعتبارية وهذا نظام مهيمن خطير كبير .

مر بنا كرارا التوسل معناه تكويني في الاصل وليس اعتباريا انشائيا كذلك الحاكمية والحكم يوم القيامة ليس قاضي ينشئ حكما اعتباريا وانما الحكم يوم القيامة حكم تكويني اما الحكم الاعتباري شارح للحكم التكويني ، يوم القيامة جزاء الاعمال ليس اعتباريا كان يصدر القاضي جزاءا معينا او يصدر الوزير مكافأة معينة وانما الجزاء والحكم امر تكويني فاصل المعارف والمعانيه تكوينية وليست اعتبارية والشفاعة في بعدها التكويني احد معانيها الكبيرة تسمى الوسائط والوسائل وابتغوا اليه الوسيلة انتم مبتغون ان الله يبتغي هو لا يحتاج لوسيلة ولا يحتاج للشفعة وانما المخلوق الداني يحتاج الى شفاعة المخلوق العالي في الوفود على الله لا انه في هيمنية الله على المخلوقات الله يحتاج الى شفيع ولا الى وسيلة .

اذن لماذا امر الله بالوسيلة؟ العرفاء يقولون هذا تعليم للتوحيد الناقص المخلوط بالشرك الى ان يتطهر والا هذا ليس توحيدا خالصا ، التوحيد الخالص ان تنفي وتتبرأ من الشفاعة والوسيلة فالبحث معقد وحساس في مجالات عديدة وليس مجالا واحدا والوهابية والسلفية كلها ترتبط بهذا البحث وابليس يرتبط بهذا البحث وحتى كثير من عرفاء الامامية قالوا المخلوق له وجهتان وجهة بوسائط الى الله ووجهة ليس بينه وبين الله وسيط ويسموها الجهة التي تلي الرب وغالب الصوفية والعرفاء يبنون على هذا المبنى حتى الولائية من عرفاء الشيعة هم هكذا يعني هذه سقيفة انطلت عليهم انه في كل مخلوق جهتان جهة خلقية بوسائط وشفعاء ووسيلة وجهة خالقية وربوبية نحن الجهة التي تلي الرب لا يحتاج فيها لا شفيع ولا وسيط فالجهة الثانية معناه هو الغاء الوسائط واختلط هذا البحث فلسفيا عرفانيا كلاميا بين نظام الوسائط وحلحلة هذا البحث معقد قد الانسان يحلحله نظريا لكن لما يصير عنده سير ومسير ينساه ويقع في نفس الخلط والخبط .

 

logo