« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

47/03/27

بسم الله الرحمن الرحيم

قواعد في أبواب المسؤوليات العامة (١15)

الموضوع: قواعد في أبواب المسؤوليات العامة (١15)

 

الإعلام والصدق والكذب بين الوحي والعلوم البشرية

مر بنا ان الاعلام او الاعلان او نقل المعلومات او النقل التاريخي او القصص هذه ليست مجرد نقل لمعلومة او المعلومات بشكل خام ، نحن نقص عليك احسن القصص فلا محالة ينضم الى النقل المجرد الخام امور كثيرة اخرى وهذا مبحث جدا هام في العلوم سواء كانت دينية او لغوية او نقلية .

الى الان ذكرنا سبعة ابواب : اخبار واعلام واعلان والشعائر والقصص والتاريخ ونقل المعلومة كذا التعليم فيه جنبة اعلام فالتعليم سمي بالتعليم لانه يوصل المعلومة فهذه ثمان عناوين ربما تجد اكثر من هذه قنوات متقاربة لبعضها البعض مثلا الشهادة والاشهاد ليست مجرد نقل معلومة حتى الفن مع انه سنخا ماهية اخرى لكن تمتزج وتندمج مع الاعلام كذلك الوحي نفس الكلام فهناك عناوين عديدة متقاربة هذه القنوات العديدة المتميزة عن بعضها مع انه بينها جامع مشترك ولكن هي ليست نقل مجرد خام للمعلومة بل فيها امور اخرى يجب ان نلتفت لها .

فالدارج في العلوم اللغوية والعلوم الانسانية والاجتماعية قديما هو نفس منطقة ارسطو وهذه من اخفاقات المنطق انه يتبنون في هذه القنوات انها نقل مجرد خام ومن ثم جعلوا الصدق والكذب يدور مدار المطابقة واللامطابقة فقط وفقط وهذه غفلة عن الواقع والحقيقة بمسافات كبيرة جدا وهذا شيء رسمي الان في علم الاصول والفقه والكلام والتفسير والمنطق اليوناني والفلسفة والعرفان فبنوا على ان هذه العناوين هي مجرد نقل للمعلومة بشكل خام وعلى اثرها بنوا تداعيات وبحوث وجهات مترامية فصار عندهم نظام الصدق والكذب مبني على المطابقة الصرفة وضاعت حقائق كثيرة في العلوم بسبب هذه الغفلة .

فلاحظ كيف المناطق او الفلاسفة نأوا بانفسهم عن الوحي؟ هب انتم ايها الفلاسفة تقولون نحن لسنا وراء التعبد ولكنهم لا ينفتحون على الوحي انفتاحهم على بعضهم البعض ما هذه العجرفة؟ انتم تدعون الحرية في البحث فهل انت في حرية البحث تغلق نفسك عن كلمات الوحي؟ يعني البشر تنفتح عليه لكن لا تنفتح على الوحي ؟ لا اقل انظر الى الوحي كنظرتك الى البشر العاديين؟ انا لا اقول الفلاسفة الاسلامية هكذا لعل الشيعة اهون لان ملا صدرا كان رئيس علم الكلام في حوزة اصفهان مدة اربع سنين كما يذكر ذلك المرحوم الشيخ محمد رضا المظفر في ترجمته لملا صدرا فهو لم يكن فيلسوفا ولا عارفا وانما من بعد انفتح على الفلسفة ففي البدء كان فقه واصول وكلام وكان رئيس حوزة اصفهان والاخيرة كانت لها مركزية الحوزات الدينية في ايران مع ذلك لاحظ انفتاح ملا صدرا فضلا عن بقية الفلاسفة الشيعة حتى ابن سينا انفتاحهم على الفلاسفة اكثر من انفتاحهم على الوحي وهذا خطأ .

نعم انت لا تتعاطى مع كلام الانبياء كتعبد ولكن تعاطى معها كمعلومة علمية ، احد مقامات سيد الانبياء انه معلم وهذا غير بعد ولايته هل انت هذا البعد ما تلاحظه في النبي ؟ وانا اتعجب حتى من الباحثين الشيعة مثلا يركز لك طول عمره في الفارابي مع انه فيلسوف شيعي اثنى عشرية فكيف انت تركز على الفارابي وتترك الوحي ؟ انت لاحظ حتى الباحثين الغربيين او غيرهم يركزون على ابن سينا وعلى الفارابي لانه نحن مقصرين حيث لم نوصل لهم انوار الحقيقة وهم الائمة الاثني عشر هذا تقصيرنا نحن مثلا انت تتخصص طول عمرك في العلامة الحلي ، واعظم واعظم به ولكن تعال تخصص في الامام الجواد والهادي والرضا .

انتم ايها النجوم النخبوية الاكاديمية الشيعية اذا انتم هكذا فكيف نتوقع من الاجانب؟ وسيما علوم اهل البيت هي تتحدى الاجيال العلمية للبشر ، انا لا اقول تعال خذها عمياويا تسليما وانما افتح منازلة علمية معها وانظر لها كيف هي ؟ هل فيها كفاءة ان تكون معجزة فضلا عن ان كونها معلومة حقيقية؟ يعني انت هذه المعلومة تدركها ولكن ما يمكنك ان تأتي بمعلومة مضاهية لها فضلا على ان تأتي بما هو يعارضها ، المعجزة العلمية طبيعتها تدركها انها حق ولكن في قرارات نفسك تجد انه عندك قصور عن ان تضاهيها فضلا عن ان تعارضها وهذه هي معجزة علمية بالتعريف العصري فهل المنطق العلمي العصري يؤمن بان هناك معلومات من هذا القبيل؟ مثلا علم الرياضيات الذي نشأ منه علوم التكنولوجيا وعلم السيبراني والفضاء وعلم الصواريخ والعلوم الرياضية والنانو والجبر والهندسة والخوارزميات حيث يقولون علوم الرياضيات تنشعب من تسع معادلات فوقية جمع قسمة طرح ضرب يقولون هذه التسع معادلات ام العلوم الرياضية وسيأتي صاحب الزمان يكشف لنا معادلات اخرى ومن هذه التسع تولد النانو والجبر والحساب والجذر واللوغاريت والخوارزميات كلها نشأت من هذه التسع معادلات اذا تركبها مع بعضها البعض تجعل منها طبخات مذهلة هم يقولون هذه المعادلات عجز البشر عن ان يقرأ ما وراءه فالعقل البشري وصل الى هيئة السماء وما يستطيع ان يعرج لما ورائها يعني يسلم بهذه القواعد التسعة من دون ان يلتفت الى الذي وراءها يعني لم يلتفت الى العلة واللم وانما يلتفت الى الان ولا يلتفت الى اللم فالمعلولات شيء واللم وهي العلاج شيء اخر هذه شبيه المعجزة الالهية فهو يسلم بالمعلومة لكن لا يستطيع ان يضاهيها فضلا عن يعارضها .

طبعا في شرح اسم الباقر للامام محمد بن علي بن الحسين بن علي ورد ان علومه معجزة تدرك لكن لا تضاهى فضلا عن ان تعارض وانما من فتق علوم اهل البيت وابرزها واظهرها هوباقر العلوم واستمر في هذا المنهج بعد ذلك الامام الصادق والا في البدء كان الباقر يبقر العلوم يعني يفتقها فكلامنا انه يدعى ان في علوم اهل البيت المطمئن ثبوتها ونسبتها لهم هناك اشياء معجزة علمية وهذا تحدي منهم ونحن لسنا في صدد العاطفة .

خاصية اخرى في علوم اهل البيت انهم ليسوا فقط يأتون بمعلومات معجزة وحقة بل ما يأتون به من علوم هي اسس العلوم وليست فقط علوم وهذا مصطلح في منطق العلوم عموما ، فما الفرق بين اسس العلم ونفس العلم؟ فطبيعة علمهم انها عيون العلم ، فهم ليس فقط عندهم علوم صادقة وحقيقية بل اولا عندهم معجزات علمية وثانيا عندهم اسس عيون العلم .

احد الاعلام قرأ هذه الحكمة الطبية المنسوبة لامير المؤمنين لبروفيس كبير غربي عجبت من ابن ادم ينظر بشحم ويتكلم بلحم ويتنفس بخرم فسأل الاخير انه من هذا القائل؟ فقيل له هذا شخص قبل الف واربع مئة سنة فظل البروفيسور مدهوشا وقال هذي ليست معلومات ولا علوم وانما هذي اسس لعلوم فمن يلتفت الى ان هذه المعلومة اساس لعلوم او هي معلومة من المعلومات نظير ما اشار به امير المؤمنين لابن ابي رافع حيث علمه علم النحو وفتق له العلوم العربية وهذه الكلمة الواحدة مفتاح العلوم اللغوية فاذن علوم اهل البيت طبيعتها اعجاز واسس العلم وليست معلومات فقط وهي منظومة علوم ولذلك في الرواية التي نقلها ابو بكر عندما دار الاحتجاج بينه وبين الصديقه فاعترف كرواية في مشهد المسلمين بانهم يقرون بهذه الرواية ان فاطمة عين الحجة وليست مجرد حجة وربما ذكر عشرة مقامات لفاطمة اعترف بانها رواية النبي وانه يقر بهذا المشهد انها عين الحجة وهو نفس تعبير ام الحجج وهذه ذكرها ابن ابي بالحديد في بحث فدك .

فهناك عشر مقامات رواها ابو بكر في شأن فاطمة وبمشهد المسلمين والصحابة وفسر في تتمتها ان ذريتها حجيتهم اصطفاؤهم منها فورد انه انك سيدة امة ابيك وليس فقط سيدة النساء رجالا ونساء وقال امرك نافذ في وفيما املك ، فالنبي اولى بالمؤمنين من انفسهم .

نحن نرجع الى بحثنا مع الفلاسفة ومع احترامنا لهم ونحن مخطئة ولسنا مصوبة ولا مفسقة ولا مكفرة انه سلسلة الفلاسفة نائين بانفسهم عن الانبياء وهذا خطأ او لا ينفتحون على الانبياء بقدر انفتاحهم على الفلاسفة والعرفاء ايضا اصيبوا بنفس الداء فينفتحون على بعضهم البعض اكثر مما ينفتحون على الوحي وهذه مؤاخذة موجودة على العرفاء والصوفية كذلك المتكلمين ينشغلون بجدليات فيما بين بعضهم اكثر مما ينفتحون على نصوص الوحي . والكلام الكلام في الفقهاء فينفتحوا على بعضهم البعض وهو ضروري لكن لا يكون اكثر من نصوص الثقلين وان كانت كلمات الفقه هي شروح للنصوص لكن عدم الانفتاح على الوحي فيه آفات .

اذن تعريف الصدق والكذب في العلوم حجر اساس انه ما هو حقيقة الاخبار والاعلام والاعلان وحقيقة الشعائر فان لم تقولب على ما هي عليه من حقيقة تسبب تداعيات وافات الى ما شاء الله ومن ثم تركيز الوحي على انه ما هو المدار في نظام الصدق والكذب يختلف عما هو موجود في علوم البشر وهذا ليس بالشيء السهل .

البعض يقول العارف والصوفي عنده مكاشفة ... و ان؟ ابليس عنده مكاشفات الكلام انه هاي المكاشفات لا تعني الحجية او الاصطفاء بل حتى الاصطفاء فيه نظام تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض فاذا انت لا تراعي التفضيل والمراتب التي رتبكم الله فيها تصبح متهوكا ! كما يقول البيان المعرفي لسيد الانبياء في احاديث مستفيضة او متواترة انه تجعل من النبي موسى او عيسى او ابراهيم لهم مركز في قبال سيد الانبياء فيصبح لديك انحراف فيسمى بالتهوك وهذا ليس كبقية الانحرافات فكيف بنظام غير الاصطفاء فهذه امور خطيرة في نظرية المعرفة وفي بحث الاعلام وفي المعرفة الدينية وفي بناء المجتمع على الرؤية الدينية والوحي الديني .

مثلا في زيارة عاشوراء والتي يعتبرها علماء الامامية جيلا بعد جيل انها من اسرار المعارف ومن اسرار الزيارات دع عنك الشواذ ونحن لا نحبس انفسنا مع المعاصرين لان المعرفة الدينية لا تؤخذ حصريا من المعاصرين بل تؤخذ من مجموع اجيال علماء الامامية فانت يجب ان تنفتح عليهم كلهم وانا عاصرت كثير من عمالقة النجف وقم يعتبرون زيارة عاشوراء حديث قدسي يعني انشاء من الله وليس من الائمة والا كان تعليما كما يعلمنا الله في القرآن كيف ندعوه ربنا امنا فاغفر لنا ، ربنا لا تؤاخذنا فلماذا يعلمنا الله اياه وينشئها؟ ولا استغراب ، ففي زيارة عاشوراء نظام سياسي عقائدي امني سياسي اجتماعي وهذا ليس عبطا انه يقرا كل يوم .

فلاحظوا ما هو موجود : ولعن الله امة اسست اساس الظلم والجور عليكم اهل البيت ولعن الله امة دفعتكم عن مقامكم وازالتكم عن مراتبكم ، فلماذا ذكر دفعهم عن مقامهم ثم عن مراتبهم مقدما على قتلهم ؟ وهل فوق القتل شيء؟ نعم هناك شيء اعظم خطورة وهو انكار مقاماتهم ومراتبهم فهذا قتل معنوي اعظم من القتل المادي مثل من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا قال تأويلها الاعظم يعني من اضلها لانه يحرمها من الحياة الابدية ومن احيا نفسا مصداقها الاعظم وتأويلها الاعظم هداية الروح والقلب والبقاء الابدي اعظم من البقاء المؤقت فانكار مقامات ومراتب اهل البيت اعظم خطورة من قتلهم بالسيف والسم لانهم وجودهم الحقيقي كاصول الدين فهو دين متجسم فانكار مقاماتهم هو كالقتل المعنوي واعظم من القتل المادي فاذا نحن لا نعرف مقاماتهم يكون تهوك منا فلا تكتفي ان تقول لا نفرق بين احد من رسله بل اللازم ان تضم معها : تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض يعني المراتب والمقامات لابد ان تحفظ وتعرف والا تخبط وستصير متهوك او مثلا معرفة الحجية والحجج هذا لا يكفي يجب ان تعرف المقامات والمراتب فاساس المعرفة هي معرفة المراتب في الاصطفاء والا تكون متهوكا .

لاحظ كلام سيد الانبياء المروي عند الفريقين هو حديث التهوك ومروي بعدة طرق وبعدة موارد فيجب ان نعرف مراتب الحجج فهذا الحديث بغض النظر طرقه رواه الفريقان او حديث اخر علماء امتي افضل من انبياء بني اسرائيل حتى لما سئل السيد الخوئي فهو ما انكر الحديث وانما انكر ان ينطبق عليه بالقياس للنبي موسى ولكن اقره ان ينطبق على الحديث بين عموم الانبياء في بني اسرائيل فعلماء الامة ليس بلحاظ اشخاصهم وانما بلحاظ ما يحملون من علم سيد الانبياء فعلم سيد الانبياء ولو المنقول كسبيا حصوليا اعظم من الوحي الذي موجود عند سائر الانبياء فعلماء امتي يعني الذين حصلوا على علم سيد الانبياء بالكسب والتحصيل وبالحديث والتدبر والتفقه هم افضل من انبياء بني اسرائيل يعني افضل من الوحي والمكاشفة الوحيانية التي يحصل عليها انبياء بني اسرائيل لان هذا وان كان علما حصوليا وانت لا تكترث به اعني تراث الحديث عن النبي وال بيته ولكنه اعظم من الوحي الذي اوحي الى موسى وعيسى فليست هي مقولة اشخاص وانما علم سيد الانبياء اعظم وهذا ما اخطأه حتى العرفاء فيكترثون بالمكاشفات اكثر مما يكترثون بالعلم الموجود في تراث الحديث النبوي وتراث العترة او المصحف وكانما تلك المكاشفات اعظم ، فاين من اين؟ صحيح تراث الحديث هو علم حصولي وليس حضوريا وصحيح ان قراءة المصحف الشريف علم حصولي وصور حاصلة في الذهن لكن هذا العلم الحصولي جامع مانع فيه طبقات من العلوم الحصولية والمعاني اللا متناهية ، فاين من المكاشفة في بقعة صغيرة؟ ولو لاحد انبياء اولي العزم فضلا عن العرفاء ؟

فانت عندك علم حصولي جامع ومانع لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها بينما ذاك عنده مكيشفة عويلمة في بقيعة في عوالم الغيب ثم ماذا؟ هذا اين واين ذاك العلم الجامع؟ اذن لا يكفي فقط ان نعرف حجية صفات سيد الانبياء وانما يجب ان نعرف درجة تفضيله على الانبياء .

نقرا في سورة ال عمران الاية ثمانين واذ اخذ الله من النبيين ميثاقهم لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه فاعطى الله النبي ابراهيم وموسى وعيسى وادم ونوح وبقية الانبياء اعطاهم النبوة والكتاب في مقابل ايمانهم بسيد الانبياء والتزامهم بالتبعية والاقتداء والنصرة له ولاوصيائه .

مثلا باحث من الباحثين يقرأ علم الاصول والحجج لكن لا يعرف مرتبة الحجج فيخبط بين الاصول العملية والحجج الظنية والحجج القطعية فيقدم ويؤخر بلا حساب هذا ليس النظام حجج وانما هو نظام اهوج ففي نظام الحجج ان لم تعرف ترتيب مقاماتهم يصير ضلال من نمط خاص وهو ضلال مغلف بذريعة الحجج ويعبر عنه سيد الانبياء بعنوان التهوك لان بعض الصحابة اراد ان يجعل للتوراة والانجيل مركزية ويهمش القرآن بشكل ذيلي فخاطبهم سيد الانبياء بحدة امتهوكون انتم ؟ كما لو انك تقدم الاصل العملي على الحجج الظنية او الحجج الاجتهادية او الحجج القطعية او تقدم الحجج الظنية على الحجج القطعية .

اذن المقتضى بيانات الوحي ان الاخبار والاعلام ليس مجرد نقل خام للمعلومات بل اخذ فيه اثار وتداعيات النقل فاذا كان تربويا وايجابيا فهو صادق واذا كان التربوي سلبي فهو كاذب واذا كان الغرض خداع فهو كذب فليس مجرد المطابقة وعدم المطابقة او مثلا اذا كان الهدف نصيحة وان كانت دائرة المطابقة فيه ضيقة هذا صادق اما اذا كان الهدف التخريب حتى لو كانت دائرة المطابقة وسيعة هذا كذب لان اختلت فيه بقية الاركان لان الحقيقة ليس كما انت ترجف وتزلزل السامع وانما هذا السامع عنده عناصر اخرى انت جعلت عناصر التأثير بما تنقله وتعكسه من دائرة المطابقة وهذه ليست مطابقة انت اغفلت التوكل على الله وهي جانب غيبية .

لاحظ في سورة الانفال في واقعة بدر لماذا الله لم يعكس الصورة كاملا لا للمسلمين ولا للمشركين لان هذه الصورة الكاملة مادية وليست صورة كاملة لكل الاسباب المؤثرة فنزول الملائكة غير مرئي وهروب الشياطين والابالسة غير مرئي وهذه مؤثرة ولو البشر لا يعترفون بها ولكن اتباع السحرة والمشعوذين من الدول العظمى يعلمون بان تأثيرات الحرب النفسية اكثر مما هي حرب مادية فالمادية هي عشرة بالمئة اعظم الحروب هي الحروب الاعلامية النفسية .

فاذن في اسباب القوة واسباب النصر هناك مؤثرات كثيرة مثلا في بدر المشركين الف والمسلمون ثلاث مئة وثلاثة عشر فلو ان احدا اخبرهم بذلك فليس بصادق لانه يريد ان يقول ان العامل المؤثر الوحيد هو العدد فهو من هذه الجهة كاذب او يذهب للمشركين في بدر ويقول ان عدد المسلمين ثلاث مئة ثلاثة عشر بينما لو قال لهم عدد المسلمين مئة لن يستعدوا لهم بشكل كافي والا اذا قال لهم ثلاث مئة وثلاثة عشر يكون نصرة للمشركين واضعاف للمسلمين وهو لم يقف على كل اسلحة المسلمين منها المدد الغيبي المشكلة اذن في نظام الصدق والكذب بتبع المطابقة ان هذا النظام يغفل عناصر اخرى في الواقع هي مؤثرة بينما هذا الذي فقط يعتمد نظام المطابقة يوحي للمخاطب ان كل الواقع هو هذا وهذا كذب ، غالعناصر الاخرى من الهدف الايجابي ومن الغاية الايجابية ومن عدم الخداع والنصح والنصرة تلك الحقيقة تغطي مساحات واقعية اخرى اعظم الواقع المادي المحسوس او وراء الواقع المرصود بحسب قدرة البشر .

فالحقيقة اوسع من قدرة البشر ومن نطاق ادراكهم وعدم الالتفات الى وسع الحقيقة لا مطابقة فلاحظ حتى لو سلمنا ان المطابقة هي الاول والاخر ولكن يجب ان تنظر هي اي مطابقة واي وسع الوسع هو اللي ما خفي من تلك الغايات وتلك الاثار.

 

logo