47/03/21
/ النسبة والحقيقة المطلقة في الدين/قواعد في أبواب المسؤوليات العامة (112)
الموضوع: قواعد في أبواب المسؤوليات العامة (112) / النسبة والحقيقة المطلقة في الدين/
النسبة والحقيقة المطلقة في الدين
كنا في ان ايات الاحكام الواردة في سلطة الاعلام -وهي قوة من القوى- على طوائف ولن يكون منا الدخول في تفاصيل الاعلام بقدر ما تعرضنا للقواعد والضوابط العامة في باب الاعلام لا سيما القواعد الدستورية فيه والتي تمثلها ايات الاحكام ومر بنا اهم نقطة وهي ان سلطة الاعلام تأثيرها ونشرها مسؤولية كبيرة كما هو الحال في القضاء حيث القضاء ضرورة النظام الاجتماعي والمجتمع قائم عليه كما ان التشريع والقانون في اي نظام اجتماعي لابد ان يكون والا يكون الهرج والمرج والفوضى كما ان السلطة التنفيذية لابد منها و ورد في بيان امير المؤمنين ردا على الخوارج عندما تمسكوا بلا حكم الا لله قال امير المؤمنين نعم لا حكم الا لله ولكن ما معنى ذلك؟ فيرد عليهم انه لابد للناس من امير بر او فاجر فحتى الحاكم الفاجر او الجائر او الظالم ضروري في مساحة من الحكم وان كان هذا الجور باطلا يعني هنا يدور الامر بين فوضى وهرج ومرج وبين حكم جائر فالحكم الجائر اقل فسادا من الهرج والمرج والوضع التوحشي والغابي حيث لا يستقر حجر على حجر فلا بد للناس من امير تأمن به السبل .
طبعا البعض يخلط بين انه مادام الحكم ضروري فحتى حكومة حاكم الجور مشروعة ولها شرعية طبعا هذه مغالطة لان الحكم ولو كان للجائر ضروري لكن هذا لا يعطيه شرعية وهذا بيان من امير المؤمنين عقلي وعقلائي وجبلي في صدد انه اذا قارنا بين الحكم الجائر والفوضى والهرج والمرج ، فالاخير فساده عام فالقتل والمقاتلة وزوال الامن بالكلية هذا فساده اعظم واعظم وهذا البحث محط جدل في النظريات السياسية ولكن كلام امير المؤمنين واضح جبلي فطري عقلي عقلائي .
اذا قايسنا بين النظام الجائر والفوضى العارمة فالنظام الجائر يقدم ، فالفوضى نظير ما موجود في سوريا او السودان او الصومال فهو هرج ومرج وهذه اشد فسادا اما اذا قارنا بين النظام الجائر والنظام العادل فيجد ان النظام الجائر هو كبت للحريات وتكميم للطاقات والفساد فيه عظيم فالفارق كبير لاحظ المشكلة في الاذهان البسيطة الساذجة انها دوما الحكم مطلق اما نعم او لا ، كلا ليس الامر كذلك ، فان الاعتراضات الشديدة التي وجهت للامام الحسن من المحبين او الخوارج هو لعدم فهم النسبية والموازنات انه اما صح بقول مطلق او خطأ بقول مطلق كلا ليس هذا صحيح؟ هناك موازنات سيما في النظم الاجتماعية والشؤون العامة فالموازنات نسبية وهذه نظرية مهمة يؤكد عليها القرآن الكريم وهي ركنية في نظرية الحكم والادارة والتدبير .
لاحظ كلام امير المؤمنين في رد الخوارج قال نعم لا حكم الا لله ولكن ما قال لا حاكم الا الله وقال لا حكم الا لله والله احكم الحاكمين ولم ينف الله وجود حاكمين اخرين نعم هو مهيمن على كل حاكم هذا صحيح لكن ليس معناه ان الباري تعالى ينفي الحاكمين الاخرين كيف ؟ والله يقول فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في شجر بينهم وقوله تعالى واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم وقوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا التي نزلت حينما تصدق امير المؤمنين وهو راكع ، فلا حكم الا لله بمعنى انه لا يهيمن على حاكمية الله احد هذا صحيح لا انه لا تنشعب من حاكمية الله حاكمية النبي والوصي .
لذلك قال امير المؤمنين بضرورة وجود الحاكم حتى الفاجر في قبال الفوضى العارمة فالحكم الجائر ضرورة تدرأ بها الافسد وهذه نكتة مهمة في وعي الشعوب ان من يدعو الى فوضى عارمة لا يقصد من ذلك صلاح الوطن ابدا ، فالية الاصلاح مهمة جدا يعني يقع من الفاسد في الافسد فنفس الية الاصلاح طريقة مهمة .
اذن امير المؤمنين في صدد انه الفوضى العارمة واللا نظام المطلق يقدم عليه الحكم الجائر والان في عرف عقلاء البشر يفرقون بين الحكومات المتغيرة واصل النظام فالاخير لابد منه لانه لا يمكن التفريط بمقدرات البلد نعم شخوص الحكام يبدلون هذا بحث اخر فنظم الدولة لا ربط لها بالشخوص والاشخاص واي شعب لا يعي هذه الحقيقة يستغفل .
لذلك حتى في منطق الدين تجد انقاذ المستضعفين في الارض من الجبارين وهذا ليس معناه هدم اصل النظم الموجودة عند الكفار وانما معناه التغيير من دون زعزعة لذلك في وصايا النبي لا تقطعوا شجرة لا تقتلوا امرأة او شيخا كبيرا ولا تفسدوا ماءا يعني النظم الاجتماعية حافظوا عليها والنظام البيئي يحافظ عليه وانما الطبقة الحاكمة من شخوص واشخاص يستبدلون بتغيير ناعم تدريجي هادئ لا بفركشة وانهدام كل النظم الموجودة في المجتمع فهذه ليست من روية الاسلام .
كما النبي لم يزعزع اصل النظام القبلي في الحجاز او في الجزيرة العربية فابقى الاوس اوسا والخزرج خزرجا ولكن هذب هذا النظام لا انه فركشه من الاصل بل استثمره اكثر وقال المعيار هو قوله تعالى انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم بالعكس هذه حكمة الهية موجودة .
فلنرجع الى نكتة النسبية في نظرية الحكم ، ان امير المؤمنين يبين ان لا حكم الا لله يعني الحاكمية ليس للحاكم وانما الحاكم هو الله وحاكميته الحاكم منشعبه من الله فامير المؤمنين يرد على الاسلوب الفوضوي العارم المنفلت ويقارن بينه وبين الحاكم الجائر ان الحكم الجائر فساد عظيم ولكن الهرج والمرج اعظم واعظم وهذا ما كان يذكره الامام الحسن يقول ان معاوية مع ظلمه وعتوه ولكن في قبال هرج ومرج الخوارج يقدم لا ان معاوية مشروع صحيح ولكن ما يدعو اليه الخوارج من الفوضى العارمة هذا لا معنى له نعم معاوية غاشم منحرف ما شئت فعبر لكن لا يدعو الى فوضى عارمة نعم هو نظام اموي سفاك دمائي نسبي بالقياس الى الخوارج فلا ان النظام الاموي له شرعية ولكن هناك فساد وهناك افسد وهناك شر وهناك اشر .
من ثم لاحظوا موقف امير المؤمنين تجاه حكم السقيفة الكلام الكلام فليس ان حكم السقيفة مشروع في نظر امير المؤمنين وفي نظر فاطمة لكن يدور الامر بين الانفلات وزوال اصل كيان الاسلام او ان يتسلق على هذا النظام من ليس اهلا له ، لذلك في نهج البلاغة هذا التعبير افلح من نهض بجناح او استسلم فاراح يعني اذا ما عندك قوة التغيير فاهدأ لانه يصير هرج ومرج شبيه توصية موسى بن جعفر لعلي بن يقطين ان يتغلغل ويخترق النظام العباسي مع ان الاخير دموي ظالم ولكن بمقدار ما يستطيع المؤمن ان يقتحم ويتغلغل في هذا النظام ليصلح بالدرجة الناعمة فان هذه ضرورة فلا يؤدي فساد الحكم العباسي الى ان المؤمن يحجم عن المشاركة السياسية والتغافل والاصلاح بشكل ناعم فهذه نكتة جدا مهمة وهي النسبية .
لذلك امير المؤمنين يقول مشروع الخوارج بالقياس الى مشروع بني امية اقل خطرا ، ولكن هناك مقاييسة اخرى بين مشروع الخوارج والامويين يبينه امير المؤمنين ان الامويين اشد فسادا من الخوارج فمن جانب يقول امير المؤمنين لابد من امام بر او فاجر ومن جانب اخر يقول ليس من طلب الحق فاخطأه كمن طلب الباطل فاصابه ، فهل هذا تناقض؟ كلا وانما هذا من الملاحم العلمية العظيمة في بيان مدرسة امير المؤمنين ان نفس الامور النسبية في الفساد او الصلاح هي نسبية ومقيدة بجهات اخرى فمن جهة الامويون اشد فسادا من الخوارج ومن جهة الخوارج اشد فسادا من الامويين .
طبعا بحث النسبية في الفكر الديني وفي الفقه الجعفري او قل في علم الكلام والمعارف او قل في جانب التنفيذ والتطبيق ليس هي النسبية التي يطرحها الحداثويون او السفسطيون او المشككون تلك النسبية بمعنى التشكيك في اصل الحقائق والهرج والمرج في الضوابط وهذه نسبية باطلة وهي تنسف نظرية المعرفة وهي على الوان وانواع واقسام وانما هناك نسبية يذكرها القرآن والوحي والعترة مثلا الذين امنوا واهتدوا زادهم الله ايمانا وزادهم هدى وفي ايات عديدة تجد مضمونها موجودة هذه نسبية في الكمال وفوق كل ذي علم عليم فهذه درجات فليس معناه ان هذا المؤمن عنده كل الطبقات او كامل كل الكمال .
لاحظ القرآن الكريم فلما جاءت ابراهيم البشرى يجادلنا في قوم لوط يا ابراهيم اعرض عن هذا ان ابراهيم لحليم اواه منيب فالقرآن يخطئ النبي ابراهيم لانه ترك الاولى في حين يصححه فهذا ليس تناقض فهو يصححه بان منشأ ترك الاولى عند ابراهيم ليس معصية وليس باطلا وانما الكمال الموجود عند نبي الله ابراهيم محدود لا توصله الى الكمال المطلق لذلك في حين يعاتب الله ابراهيم انه اعرض عن هذا ولكن في حينها يبين كمالاته في واقعة واحدة وهذا ليس تناقض ولا تدافع هذه يقال لها النسبية يعني يرى الواقعية انه كم نسبة الايجابيات عند ابراهيم وكم نسبة فقد الكمالات؟
او مثلا ما جرى بين الموسى والخضر في بيانات القرآن او اهل البيت يقول الامام الصادق والرضا في بيانهم لهذه الملحمة العظيمة بين موسى والخضر ان لموسى فضلا وللخضر فضلا يعني موسى يمتاز بفضل خاص ليس موجود عند الخضر والخضر يمتاز بفضل ليس موجود عند موسى ولكن موسى مقدم في الفضل وهذا مثل الفيزياء او علم اللغة يعني هناك كسر وانكسار .
فلا تعمم وتطلق الحكم انه صح مطلق ولا خطأ مطلق فالصح بدرجته والخطأ بدرجته فلا تفرط في التخطئة ولا تفرط في التصحيح وانما كن نسبيا هذه نسبية واقعية عظيمة في نظرية الحكم السياسي وفي نظرية الحكم الاجتماعي وفي المعارف فالاطلاق مشكلة والازمة هي لتعميم الاحكام او اطلاق الاحكام ، كلا القضايا دائما نسبية فمن جهة الخوارج افسد ومن جهة الامويون افسد فمن جهة انفلات الحكم الخوارج افسد والامويون اقل فسادا اما من جهة اصل التنظير فالخوارج اقل فسادا فشعاراتهم شعارات حق واصلاح بخلاف ما تكون العمالة سيد الموقف ولكنه ينظر لمسار اخر ففي واقعة وملحمة واحدة تارة نقول الافسد هم الخوارج وتارة نقل الافسد هم الامويون ولكن هذه من جهة وتلك من جهة اخرى فعدم مراعاة النسبية امر خطير جدا.
لنأخذ مثالا خطيرا اخر وهي الصوفية والتصوف فيها انحرافات خطيرة ولكن اذا اردنا ان نقايس بين الصوفية والسلفية واخوان المسلمين فمن هو الاقرب للوحي؟ الصوفية في التنظير يرون الائمة الاثني عشر انهم ائمة ملكوت وان الوحي غير النبوي ينزل عليهم ولكن قد تجد بعض متكلمي الامامية لا يصور لاهل البيت انهم لديهم وحي ملكوتي غير نبوي يقول ليست لديهم قناة روحانية وحيانية وانما هم علماء ابرار والقضاء والقدر الالهي يسددهم من حيث لا يشعرون هم علماء مجتهدين .
ففي هذه المسألة ان هناك قناة وحيانية غير نبوية لاهل البيت الصوفية هم الصح والمتكلمين هم الخطأ فالامور نسبية نعم الانحرافات الاخرى في الصوفية مثل الدروشة هذا غير التنظير فكثير من الحنفية او الشافعية او الحنبلية او المالكية في القرون الماضية هم زعماء الحنفية ومتقيدين باحكام الظاهر لكنه مع ذلك هم من زعماء الصوفية فهو جمع بين الزعامتين كالقندوزي الحنفي او ابن الحسكاني او الشبلنجي طبعا ليس كل الصوفية درويشيين وغير متقيدين بالاحكام فيجب ان نفصل بين الصوفية في التنظير والصوفية في الدروشة ونحن ليس كلامنا في الصوفية وانما كلامنا في منهج الصوفية حتى التنظيريين في الفروع انفلاتيين فهم بالفروع بفقه العامة وغير مدرسة ال البيت لكن لايقتصر اهل البيت في الفروع؟ فاذا شخص امامي في المنهج الكلامي يرفض اللغة العقلية وهي لغة عظيمة في المعارف القرآنية والروائية فيصير ماديا حسيا او انه يرفض اللغة القلبية فالكلام ليس في ان التصوف ليس فيه انحرافات ، نعم الى ما شاء الله انحرافات خطيرة وصدر اللعن من الائمة بلحاظ انحرافاتهم ولكن هناك جانب اخر ايجابي فيهم فلا يجرمنكم شنآن قوم الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى فوجود اللغة القلبية واللغة العقلية في الوحي لا يمكن انكارها والا ابدلنا الوحي بمدرسة حسية مادية قحة .
كما ان هناك جانب اخر في معرفة مساحة الانحراف في الصوفية مع مساحة عدم الانحراف كما الان نقول هناك قدر جامع بين المذاهب الاسلامية فالاعتقاد بسيد الانبياء وبتوحيد الله اجمالا والاعتقاد بالقرآن وبالكعبة هذه مشتركات لكن هذا ليس معناه تصحيح المذاهب الاسلامية في كل مساحاتها هذا لا معنى له وحتى عندما تخطئ الاخر فليس معناه ان لا تميز بين المساحات المشتركة الصحيحة هذا ايضا غير مقبول فلا افراط ولا تفريط فاقامة الميزان في النسبية وفي تقييم الفرق والمذاهب امر ضروري .
مثال اخر انه لماذا القرآن ميز اهل الكتاب عن بقية الكفار؟ مع انه يصف اهل الكتاب بانهم كفروا لكن يميز بين الكفار وبين اتباع الانجيل واتباع التوراة ، لان هؤلاء عندهم مساحات مشتركة صحيحة مع دين الاسلام لذلك القرآن يقول وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله فكيف يأمر القرآن بالباطل؟ اذن القرآن يميز مساحة الصحة عن مساحة الخطأ فلا تقول بان هذا التصحيح من القرآن بانه يدعو الى حكم اهل الانجيل بما انزل انه فيه تغرير فالقرآن ليس في صدد تصحيح اهل التوراة مطلقا ولا في صدد تصحيح اهل الانجيل مطلقا كما ان القرآن ليس في صدد تخطئة ومن لم يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه في حين يقول وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله وهذا ليس تناقضا في القرآن فالمساحة الموجودة غير المنسوخة في التوراة مطابقة لدين الاسلام مصدقا لما بين يديه اما التحريفات الموجود في التوراة والانجيل او المنسوخ منهما تلك لا يقبل بها القرآن اما غير المنسوخ وغير المنحط لا ينفيه القرآن .
اذن لا تناقض في البين فالقرآن يدعو اهل الكتاب الى القرآن والى سيد الانبياء فاذن عندما القرآن يصحح هو لا يصحح بقول مطلق وعندما يخطئ لا يخطئ بقول مطلق وهذا لا يعني ان الفرقة الناجية هم اهل الاسلام الظاهري ولكن المشتركات لا ينفيها القرآن فلا يمكن ان نقول ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه اذن كل ما في الانجيل باطل او كل ما في التوراة باطل او كل ما في المجوسية باطل هذا خلاف سنة النبي القطعية انه قبل الجزية من المجوس ولم يقبلها من القريشيين لانهم عباد وثن حتى ان قريشا اعترضت على سيد الانبياء لم تفضل علينا المجوس؟ قال لانهم اهل كتاب وعندهم كتاب وقد قتل نبيهم فمنطق الاعراب البدوان ليس منطق القرآن ولا منطق النبي بان المجوسية باطلة كلها بقول مطلق ، كلا المجوسية واهل كتاب في مساحة منها صحيحة وفي مساحة باطلة وكذلك النصارى لا ان هناك باطل او صح بقول مطلق ولا ذلك الطرف انه نقول ان النصارى وكل الملل والفرق اهل نجاة بذريعة التسامح والمحبة هذا ايضا غير صحيح لكن عدم كونهم اهل النجاة ليس معناه ان كل ما عندهم باطل فلا التصحيح المطلق ولا التخطئة المطلقة .
هذه الاية فسرناها العام الماضي قالت النصارى ليست اليهود على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب فهنا القرآن يخطئ حكم النصارى تجاه اليهود ويخطئ حكم اليهود تجاه النصارى لان اليهود خطأوا النصارى بقول مطلق والنصارى خطأوا اليهود بقول مطلق ، الصحيح ان كلا الطرفين يصحح ما هو صحيح ويخطئ ما هو خطأ فالاطلاق في التخطئة او الاطلاق في التصحيح هذا خطأ وانما النسبية التي مرت بنا لذلك من حيث علم الفرق والمذاهب الملل والنحل التصوف رغم انحرافاته والكيسانية ورغم انحرافاتهم وكذلك الاسماعيلية والناموسية والكرخية لا نصححهم بقول مطلق ولا نخطئهم بقول مطلق نقول في مساحة اقرارهم بالنص الالهي في امير المؤمنين وفي فاطمة وفي الحسن والحسين والسجاد صحيح وبقدر ما انكروا وجحدوا فهو خطأ .
كثير من الاخوان يسألون ما الموقف تجاه الاسماعيلية؟ اقول هل الاسماعيلية صاروا اسوأ من الوهابية؟ او اسوأ من الاخوان المسلمين ؟ اي منطق هذا؟ انت لا توسوس في الوهابية مع انهم مسلمين ظاهرا وكذلك في اخوان المسلمين فهل بدأت توسوس في الاسماعيلية انهم مسلمين او لا؟ فالمقدار الصحيح في الاسماعيلية صح والخطأ خطأ فليس عندنا تصحيح مطلق ولا خطأ مطلق .
طبعا في دين الله هناك صح مطلق فالقرآن صحيح مطلق والعترة صحيحة مطلقة والوحي الهي صحيح مطلق فنحن لسنا كالسفسطية والحداثوية نشكك في كل شيء ونقول كل شيء نسبي فعندنا شيء مطلق وهو الله ورسله وانبياؤه والعترة لكن غيرهم ليسوا حقا مطلقا لاحظ حتى علماء مذهب اهل البيت يقولون مذهب ائمة اهل البيت حق مطلق اما فهم علماء الامامية فيها مساحة خطأ وفيها مساحة صح، فثوابت مذهب اهل البيت اليقينية الوحيانية من القران والعترة تلك حق مطلق فيجب ان نميز بين الاسلام وسيرة المسلمين فالاخيرة ناقصة وفيها تمرد على احكام الاسلام ومذهب اهل البيت نعم مذهب العترة كثوابت وحيانية حق مطلق ولكن مذهب علماء الامامية تبعا لائمة اهل البيت مخطئة وليسوا مصوبة وهذا ليس معناه انهم يخطئون مذهب اهل البيت لان مذاهبهم كان نظرية يقينية وحيانية وحق مطلق وانما بمقدار اتباع علماء الامامية لهذا الحق المطلق هم مصيبون مسددون وبمقدار يخطئوا في الوصول اليه مخطئون ولكن هذا لا يزعزع اليقينيات البديهية في مذهب واحد .
البعض يقول ما دام الاجتهاد لديكم مفتوحا اذن لا ثوابت عندكم كلا هذا هو الهرج والمرج فحتى لدى الوسط الداخلي الامور في غير المعصوم نسبية نعم الله وانبياؤه واوصيائه حق مطلق اما في غيرهم دوما الامور نسبية ، وهذا لا يعني السفسطة والتشكيك في مذهب اهل البيت حيث اليقينيات والبديهات فيه حق مطلق لكن اتباع القرآن بحث اخر فلنميز بين الاسلام والمسلمين وبين التشيع واتباع التشيع ، فحتى لو كانوا علماء نحن لا نقول بعصمتهم ولكن لا نكفرهم ومر بنا انه يوجد مسار التخطئة ويوجد مسار التصويب ويوجد مسار التكفير كالخوارج ومسار المفسقة فنحن لا مصوبة في غير الوحي بقول مطلق نعم التصويب النسبي في غير الوحي موجود والتخطئة بقول مطلق غير موجود وكذلك تكفير ما عندنا الا ما ثبت باليقين وعلى الميزان وكذلك التفسيق .
فالمقصود ان النسبية نظرية عظيمة في العلوم الدينية ، فاين الحقيقة المطلقة في الوحي؟ اما الحقيقة والخطأ النسبي موجود في غير الوحي السيد الخوئي في باب الاجتهاد والتقليد يقول لو ادعي الاعلمية لشخص مدى الدهر هذا تبدل من مجتهد فقيه يخطئ ويصيب الى معصوم وهذا غير معقول فلا نقول هو اعلم والاخرين فهذه غلو في العلماء نعم كل عالم محترم لكن لا نعتقد بعصمته قد يخطئ في مساحة وقد يصيب فيمكن النقد الهادئ البناء العلمي سواء على صعيد التنظير العلمي او على صعيد الادارة والتدبير فلا تكفير مطلق ولا تصويب مطلق والامر نسبي .
كذلك الحال في الصوفية التنظيرية فهم من جهة العقائد ليسوا من فرق السقيفة وانما هم من فرق الشيعة انت لاحظ الزيدية الجانب الفقهي فيهم قريب للحنفية او الشافعية لكن هذا لا يدعوك ان تجعلهم من جهة العقيدة في فرق السقيفة بل يجعلون في فرق الشيعة بالمعنى العام وهذا ليس تصحيحا لهم بقول مطلق ولا تخطئة لهم بقول مطلق وانما الامر نسبي وعدم الوعي بهذه الحقيقة في علم الملل والمذاهب يسبب ما يسبب فعشرة قرون هناك غفلة في الوسط العلمي عن هذه الحقيقة ولعل القاضي نور الله الدستوري لم يكن هذا مذاقه وكذا السيد ابن طاووس والشيخ البهائي والمجلسي الاول عندهم مثل هذه النظرة انه فرق التصوف اجمع من جهة العقيدة تؤمن بقناة وحيانية لاهل البيت وهذا وفاق مهم مع مدرسة اهل البيت بالمعنى الاعم ويجب ان نلتفت اليه في كيفية التعامل السياسي او الاجتماعي ولا سيما ان التصوف عند السنة هم اكثرية وليس الاكثرية وهابية ولا سلفية ولا اخوان مسلمين ولا امويين ولا النواصب وانما الاكثرية الساحقة في العالم السني هم الصوفية وهم من فرق التشيع في العقائد وهذه حقيقة لو استثمرتها الحوزات العلمية سياسيا اجتماعيا في الترابط مع فرق المسلمين الاخرى لوصلنا الى نتائج مذهلة .