« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

47/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (89)

الموضوع: اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (89)

 

كان الكلام في ان نقل التاريخ كنصوص وكلمات جامدة هذا ليس انعكاسا لحقيقة التاريخ فلو يقتصر الانسان في النقل على الكلمات والحروف في المصادر التاريخية كتسجيل صوتي فقط هذا يغيب حقيقة الاحداث والتاريخ ، الان مثلا الدراما والسيناريو او ما يقا باللغة العربية كتابة القصة الروائية و روائية الحدث وهو علم وفن ومهارة فدوره انه ليس فقط تقتصر على الكلمات الجامدة في كتب التاريخ بل تحاول ان تعيد رسم تشكيلة الاحداث او تتحرى تشكيلة الاحداث يعني كانه انت تتعايش مع سلسلة مقاطع الحدث وكانما انت في كبد الحدث فالدور هو لملمة القصاصات واستكشاف مساحات وراء النص التاريخي ورسم صورة متحركة حية كي يعيش حرارة الحدث والمشهد بكل ما له من انفعالات .

لاحظ القرآن الكريم بالنسبة الى سورة الاحزاب التي تتحدث عن معركة الاحزاب والخندق يراعي فيه فن التصوير وفن رسم الحدث وتشكيلة الحدث اذ جاءوكم من فوقكم ومن اسفل منكم وزاغت الابصار يعني حتى القرآن يحاول ان يرسم المشاعر وبلغت قلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلوا وزلزلوا زلزالا شديدا فتصوير الحدث شيء مهم فاذن ما يمارسه الشاعر والخطيب من فن الخطابة والرادود وغيرهم من اصحاب الفنون هم يغطون مساحات لا يغطيها النص التاريخي اللفظي الكلامي فاذن ليس عبط ان يعطينا امير المؤمنين قاعدة حاكمة في نظرية المعرفة ان لسان الحال ابلغ من لسان المقال يعني اصدق وابلغ يعني المساحة الذي يغطيها الحال لا يغطيها المقال .

فيا عجبا من الهجوم على هذا منهج الفنون بانه غير علمي حتى من الوسط العلمي والاكتفاء بالجمود على الالفاظ انه اذا كانت الصورة جامدة غير متحركة هذه هي حقيقة المشاهد التاريخية فهو ابعد عن الحقيقة اصلا وهو نوع من الاماتة والتجميد لروح وحيوية الحدث فمن ثم صار الفن والفنون المختلف دخيلة جدا في انعكاس الحقائق واحداث التاريخ اما النقل المجرد لمقاطع تاريخية هذا لا يشكل حقيقة ابدا وانما هذه رؤوس خيوط فالحقيقة لها مساحات ومجالات بما وراء الستار وشبكة من ارتباطا الاحداث يتشكل الحدث سيما الاحداث الخطيرة وما شابه ذلك الذي لها طابع عام سياسي اجتماعي حضاري ديني فلانتوقع انه يختزل في مقطوعات ورؤوس كلمات .

من ثم كان سيد الموقف هو التتبع والتقصي والبحث والتجميع وعدم التفريط بالقصاصات مهما تضاءلت احتمالها ربما يأتي لها من حلقات تبين ان هذه القصاص الاحتمالية الضئيلة هي مفتاح تشكيلة الصورة الكاملة للحقيقة فلا يفرط فيه فجانب علم الفنون ضروري جدا مراعاتها ولنذكر جانبا من علم الفنون يوضح الامر بشكل صناعي اكثر ويتبين ان علم التاريخ كنصوص ومقطوعات من دون الفن لا يعكس الحقيقة تماما بل لا بد من ضم الفن والتحليل والاستنتاج ينطلق المحلل التاريخي من هذه القصاصات ورؤوس الخيوط الى واقع الامر .

جانب اخر نذكره من الفنون هو فنون الكلام وقد استعمله الوحي سواء في القرآن او الروايات بشكل كثير جدا وهو قضية مراحل الدلالات في الكلام كالدلالة التصورية والدلالة الاستعمالية والدلالة التفهيمية والدلالة الجدية والاخيرة لها مراتب : جدية اولى جدية ثانية ووو ثم الدلالة الاستعمالية بامكانها ان تتعدد وكذلك التصورية من باب الاستعمال في اكثر من معنى او لغة الاشارة والتنبيه في مراحله المتعددة او تعتمد الخفاء والظهور فباب الظهور في الكلام واسع وكبير جدا وقد ذكر هذا في علم البلاغة والمعاني والبيان سيما الاخير .

قلنا اننا لسنا في صدد القول ان الخطباء معصومون او بالضرورة يكونوا علماء وانما فيهم ذوي فضيلة ومراتب كلامنا في منهج الخطابة الذي ساد في الوسط علمي انه منهج لا صلة له بالعلم والحقيقة وهذا اشتباه كثير خلاف الموازين العلمية في نظرية المعرفة وعلوم المعرفة كالمنطق وغيرها وسنبين ان هذه الاعتراضات على منهج الخطابة او الشعر او امثالهما من الفنون المختلفة كالدراما والسيناريو والافلام والتشبيه بان هذه الفنون ليست لها صلة بالحقيقة ولا بالنظام العلمي غير تام بل ما تقدم يبين ان الجمود على هذا المنهج هو مجانبة وابتعاد عن مساحة الحقائق يعني لا يغطي الحقائق بتاتا عكس ما يتوهم ويرمى به منهج الفنون من انه فيه تزييف واخطاء فحتى المنهج العلمي قد تكون فيه اخطاء فنحن لا نقول الفنون معصومة اما ان نقول ان منهج الفنون قائم على عدم الموازين العلمية وان الميزان العلمي هو الجمود على الالفاظ والمقطوعات التاريخية هذا الرأي مزيف تماما وسنبينه بحسب علم البلاغة .

انت لاحظ في علم البلاغة والمعاني احد ابواب علم المعاني باب الاخبار والصدق فثمان ابواب تبحث في علم المعاني العلوم الثلاثة في علم البلاغة هو علم المعاني علم البيان علم البديع ففي علم المعاني احد الابواب هو باب الاخبار والانشاء وهو باب حساس انه ما هو الاخبار والانشاء ؟ فهناك معركة اراء عند البلاغيين او الاصوليين ويترتب عليه نتائج كثيرة جدا بنية الظهور وحجية الظهور والعلوم الدينية كلها قائمة على بنية ومراتب ونظام الظهور فقد بحث في علم القانون وعلم القضاء انه ما هي بنية الظهور؟ باب الاقرار والوصايا والمادة القانونية مثلا حتى في مجلس الامن الدولي كيف تفسر المواد القانونية الموجودة؟ وكيف يحتكم القانون والميثاق الدولي والميثاق القانوني في جانب الاقتصاد ومؤسسة النقد الدولي والبنك الدولي ومنظومة القوانين في الدول والمحاكم الدستورية؟ كذلك القوانين البرلمانية الوزارية .

اذن باب الظهور وباب الاثبات لكل ذي عقل حساس جدا وليس خاصا بالبشر الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان هناك نعم يستعرضها القرآن الكريم في سورة الرحمن التي هي عروس القرآن كما ورد في الروايات يعني الجمال فيها عجيب الهي اول شيء يستعرضه القرآن هو منة البيان منة عظيمة جدا وهذا قبل الجنة وسائر العوالم اصل خلق الانسان بتعليم القرآن الرحمن علم القرآن يعني اعظم العوالم التي ستذكر في السورة هو علم القرآن خلق الانسان فالاصل هو خلقة الانسان والعوالم فرع هذه الخلقة علمه البيان فيه شيء عظيم واعجاز القرآن بلحاظ البلاغة وجهات عديدة فعلم البلاغة عظيم جدا وكتاب المطول مهم جدا او مختصر المعاني في البلاغة والمختصر عليه شروح كثيرة ونوع تلخيص للمطول وليس بديلا عنه .

السيد المرعشي النجفي انا شخصيا سمعت منه مباشرة في كلام طويل يسال السيد عبدالحسين شرف الدين انه انت لك صدى كبير في نشر دلائل امامة اهل البيت وولايتهم قرآنيا وكذلك الحديث المتواتر النبوي فصار لك صدى طيب في الطرف الاخر جذاب ما سر هذا التوفيق؟ وحتى بتعبير السيد المرعشي ان العالم الوحيد الذي اذن له ان يصلي امام جماعة في المسجد الحرام هو السيد عبدالحسين شرف الدين ولم يسمح مجال لاحد غيره ودعي مرتين للازهر وغيره فالسيد شرف الدين قال درست المطول مرة ودرسته ثمانية عشر مرة فكررته تسعة عشر مرة فهذا التكرار جعل علم البلاغة كالطين في يدي فاستثمرته لبيان دلائل حقائق امامة اهل البيت في القرآن وفي الحديث النبوي ومن النماذج ان السيد شرف الدين التقط درة من تحليل الزمخشري لاية المودة بحيث كلا الفريقين لم يلتفتا اليه درة عظيمة وحتى اذا تراجع كتاب الكشاف وانا عدة مرات راجعته تعجبت انه كيف استخلصها السيد شرف الدين فانتباهة السيد شرف الدين جدا ذكية انه كيف اكتشف هذه الجوهرة من كشاف الزمخشري؟ هو حنفي معتزلي صوفي يعني يؤمن بالامام الملكوتية للاثني عشر والصوفية غالبا هكذا وعنده كتاب ربيع الابرار اربع مجلدات كله في فضائل اهل البيت ومن طرق العامة كما ان نفس الكشاف فيه اشارات ولائية لاهل البيت عظيمة جدا .

فلاحظ الزمخشري بالتحديد البلاغي التفت ان اية المودة تشير الى الولاية لاهل البيت بدرجة القمة فلاحظ كيف تعرف حقائق الوحي ، احد الاساتذة من علماء كاشان كان المدرس الاول لكتاب المطول في النجف والسيد محمود الشاهرودي الكبير كان درسه بعد درس هذا الشيخ فكان يأتي متعمدا ربع ساعة قبل درسه فكان يتوتر هذا الشيخ ويقول سيدنا انت مرجع كبير اخجل كذا؟ قال والله انا استفيد في هذه الربع ساعة من هذه النكات البلاغية حتى في الاستنباط فهذا الشيخ عقد دورات عديدة في كاشان وخرج تلاميذ عدة منهم الشيخ قرائتي والشيخ حسن زادة وعدد من المفسرين لاحظ ربط البلاغة بعلم التفسير ففي علم البلاغة وعلم البيان والمعاني في باب الاخبار والانشاء انه ما هو مدار الكذب والصدق؟ ذكروا ان مدار الكذب والصدق ليس المعنى التصوري انه مطابق للواقع او لا ، ولا المعنى الاستعمالي انه مطابق للواقع ام لا؟ ولاالمعنى التفهيمي ، لذلك عندنا باب المجاز اللغوي والمجاز العقلي والاستعارة والكناية واقسام من فنون تحويرات الكلام مع انه ليس مطابقا للواقع زيد اسد اذا اردنا ان نجمد على المعنى في المدلول التصوري والاستعمالي والتفهيمي .

فاذا الذي يطلق الكلام لا يفهم الكذب والصدق وانه مداره المعنى الجدي وليس التفهيمي ولا المعنى الاستعمالي ولا التصوري بل وذكروا ليس حتى المعنى الجدي الاول وانما هو الجدي النهائي لانه الجدي يكون طبقات ، اكثر هذه الاعتراضات على منهج الخطابة والشعر والفنون ان هذا غير مطابق للواقع لان هذا اصلا لم يلتفت ولم يدر انه غير داري فعنده جهل مركب هذه المراحل في الدلالة اصلا ليست هي المدار في الصدق والكذب وذكرنا ان الانسان اذا يتتبع العلمية للوحي في القرآن وفي بيان اهل البيت يجد ان الصدق والكذب له انواع عجيبة وغريبة لا يلتفت اليها حتى كثير من النخب .

لاحظ القرآن الكريم يقول فان لم يأتوا باربعة شهداء هم الكاذبون الذين يرمون المحصنات فكيف يعتبر القرآن الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء كاذبين ، فال البيت لم يجعلوا المدار حتى على المطابقة فهناك انواع من الصدق والكذب ، الكذب ليس له ربط بالمعنى الاستعمالي مثلا هذا المعنى التفهيمي الذي اراد ان يفهمه الجمهور هذا كذب ، فالكذب والصدق ليس مداره التفهيم .

اذن حقائقية الشعر او الخطابة ليس بالمعنى الاستعمالي والتصوري والتفهيمي بل ولا حتى الجدي الاول كثير من البحوث البلاغية تؤكد على الجدي النهائي انه هو المدار فلاحظ هذا البحث اين ؟ واين الجموديين القشريين الحشويين السطحيين؟ فهذا التصوير ليس بكاذب لان هناك انواع من الاستعارات والمجاز فاذن ما دور هذه الفنون والدلالات؟ دورها عبارة عن الحفيظة والمشاعر لملامسة المشهد بحيوية فلما يقول زيد اسد يعني يلتفت انه ليس فقط شجاعة ومعنى جامد وانما تداعياتها كمواجهة وهيبة ووو .

لاحظ القرآن يعبر عن البيان انه علمه البيان ومر بنا الفنون علوم ولكن من نمط اخر واذا لم يمتلك الانسان تنظيرا وتضلعا باعا في علم البلاغة والفن لا يستطيع ان يغطي الحقيقة ويحيط بها فاذن هذه الفنون ليس فيها كذب وتزييف بل فيها نوع من تدشين الحقيقة اكثر فاكثر لاحظ لماذا سميت البلاغة بالبلاغة؟ لانه ابلغ في انعاش وتصوير كبد الحقيقة والا الكلمات المجردة التصريحية لا تغطي الحقيقة هناك بيان اعجازي علمي في نظرية المعرفة لامير المؤمنين في كتاب الاحتجاج في حديث الزنديق وهو تفسير النعماني رواية طويلة وايضا ذكرها علي ابن ابراهيم القمي في تفسيره وغالب الروايات اذا تتبع المتتبع الفطن النبيل اليقظ يجد لها مصادر عديدة وان كانت هذه الرواية مثلا سبعين بالمئة في مكان وستين بالمئة في مكان وثلاثين بالمئة في مكان ولكن مجموعها رواية واحدة باختصار او ببسط وهذه نكتة مهمة يغفلها القشريون والحشويون سواء سموا انفسهم باصوليين ام لا؟ هم بعيدون عن هذه الموازين وهذا من اسرار علم الحديث لمن تمر

فبالدقة اذا تلاحظ نادرا هي اخبار احاد وانما على الاقل فيها استفاضة وهذا سر علمي في علم الحديث وانما ينفتح لها من يتتبع ويكون فطن في كيفية التتبع في الكتب الاصلية والمصادر الاولية ففي حديث الزنديق ذكر امير المؤمنين العلوم الدينية وموازينها حتى علم الرجال وموازينه وعلم التفسير وقواعده وعلوم كثيرة من العلوم الدينية ذكر امير المؤمنين ضوابطها وقواعدها علي ابن ابراهيم في بداية مقدمته في تفسير القمي تجده اورد الرواية لكن ليس باسم حديث الزنديق وانما باسم اخر .

من باب الفائدة زيارة الناحية المقدسة الى الان وجدت لها ستة مصادر مع اختلاف في الكم ولكن بينهم عموم وخصوص من وجه منها مقدمة كتاب اللهوف لابن طاووس طبعا السيد ذكره بانشاء من نفسه ولكن واضح انه ليس منه وانما موجود في زيارة الناحية مما يؤكد على متن زيارة الناحية وكذلك السيد المرتضي وكرره المجلسي ومزار المشهدي .

نرجع الى هذا المطلب انه ما هو مدار الصدق والكذب وان الانسان لا يكون جموديا بان يقول اريد الرواية من الفها الى ياءها كلا حتى لو من الجيم الى الهاء لكن بالتالي موجودة فمقاطع منها موجودة فلا تقل هي طريق واحد فان الحديث يعضد بعضه بعضا فهذا الاعتراض على منهج الفنون من الشعر او الخطابة اصلا في غير محله لان مدار الصدق والكذب ليس على الالفاظ والتصور والا على هذا فعلم البيان لم يكن علما وانما ترهات فلماذا يدرس كعلم؟ ولماذا استعمله الوحي بشكل اعجازي فوق الحقيقة المادية فكيف هذه الفنون لا تمت بصلة الى العلم والحقيقة؟ كلا انها لها تمام الصلة وبدونها اصلا لا يمكن ان تغطي الحقيقة عكس ما يتخيل طبعا هذه لها موازين فالاستعارة والكناية والايماء والتنبيه كلها لها موازين ففنون البيان فنون عظيمة .

علم الاشتقاق الان متروك منسي وهو غير علم الصرف ومن علوم اللغة يحتج به الوحي واهل البيت وله موازين وليس هلوسة فالذي لا يدرس علم الاشتقاق يقول هذه الاستدلالات في علم الاشتقاق هلوسة واستذواق الخليفة الثاني يريد ان يحاجج فاطمة على قضية فدك وولايتها في فدك فقال لها ع : الم يقل الله لليتامى والمساكين وابن السبيل ؟ قالت نعم اليتيم من ائتم بنا والمسكين من سكن الى مودتنا وابن السبيل من اتخذنا سبيلا الى الله وهذا بحسب علم الاشتقاق صحيح فعلم الاشتقاق متروك وسابقا كان يثار في علوم التفسير شبيه علم فقه اللغة ونحت اللغة ولكن قليل من يلتفت اليه فهناك عشرين علما من علوم اللغة .

لاحظ التعبير في القرآن عن الصراط وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولم يقل فاسلكوه ما الفرق بين السلوك والاتباع؟ هذه الطرائف العظيمة في بيانات الوحي ، واذا لم يتضلع في علم البلاغة والبيان والمعاني وعلم الاشتقاق ستذهب كثير منها وتندثر فيكون المستوى في العلوم اللغوية ضحلا وتسبب الى الضحالة في الاستدلال وحينئذ يستغرب ويستبشع من الاستدلالات الصحيحة وهذا انكى فلا هو يقدر والانكى انه يقول هذا كله استحسان وهلوسة الشهيد الثاني بعد ما صار مجتهدا وفقيها اعاد دراسة كل اللغة العربية من النحو والصرف لان هذه مهمة في العلوم النقلية واذا لا تراعيها تفوتك دلالات كثيرة .

مثلا لاحظ قضية الدراما وفن التمثيل والسينما والقصص والافلام ارتكاز البشر لا يقول عنه كذب فهذه التفاصيل ما هي دورها؟ هذا مثل المعنى الاستعمالي والتفهيمي والتصوري ليس مدار الصدق والكذب عليها وانما مدار الصدق والكذب على المعنى الجدي والحر تكفيه الاشارة فالكلام ليس في الاشارة وانما في المشار اليه الكلام ليس في الة الايماء وانما في المومي اليه والكلام ليس في الارشاد وانما في المرشد اليه والكلام ليس في اداة الاقتضاء وانما في الملازم للاقتضاء كثيرا ما بفنون البيان المعنى المطابقي ليس مرادا ولا الاستعمالي ولا التفهيمي وانما الاصل الجدي هو المدلول الالتزامي .

اليوم كنت اسمع في القرآن الكريم في احدى السور الله يخاطب النبي موسى ان يذهب الى فرعون وفي موارد اخرى يخاطب موسى وهارون معا فهذا ليس كذبا وانما في جانب ينقل الحدث في صورة كذا وفي سورة اخرى كذا هذا ليس بكذب ، قولا له قولا لينا وفي لفظ قال اذهبا الى فرعون انه طغى انت لاحظ نفس الرسالة التي تكلم الله بها مع موسى لارساله الى فرعون لاحظ يستعرض القرآن بخمس ست سبع الفاظ مختلفة هذا شبيه الحواريات اللي بين الشيعة والسنة اذا قيل لهم الحديث موجود في البخاري رقم كذا قالوا لا هذا كذب ليس بهذا الرقم وانما رقم اخر فهل الحجية بالرقم؟ او بالرواية الموجودة؟ ما هذه السطحية والخوائية والقشرية؟ مشكلتنا في القشور والجمودية .

احد الاساتذة في الجامعة قال عنده خمسة وخمسين ملاحظة على كتابي في قواعد التفسير قلت له تفضل بمؤاخذاتك فاتى بالصفحة والطبعة قلت له نحن عندنا منهج اخر نحن نقول في الباب الفلاني الحديث كذا رقم كذا هذا المنهج في الفهرسة اعظم من الطبعة والصفحة لان الطبعات والصفحات تختلف وهذا ليس تزييفا وانما ذاك منهج وهذا منهج .

المراد الجدي في الاخبار بان يخبر بان هذا المصاب كيف وقع زلزال على اهل البيت وكيف تسابقوا في ايذاء اهل البيت بالوحشية والسبعية والدموية فبلقطة واحدة ينهار منها الانسان فكيف بتراكمها؟ يعني احد معاجز الحوراء العقيلة وبنات الامام الحسين ونساؤه وذويه ان النساء لمدة شهور مع استفزاز عاطفي شديد كيف لا ينهارن ويبقين احياء؟ وهذا غير قابل للتصور ابدا وللاسف الكثير لا يلتفت الى هذه القضايا فما ذكره علماء البيان والبلاغة يصب في اهمية وخطورة الفنون وان الصدق والكذب ليس هذه مدارها وانما المدار في المغزى وفي الغاية .

لاحظ في بيانات القرآن ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة هذا ليس صدقا مثلا الصلح بين ذات البين اذا كذبت انت لم تكذب حتى لو كان ظاهر الالفاظ الاستعمالية لكن بلحاظ الغاية انهم اخوة يجب وان تكون محبة بينهم هذا صادق وليس بكاذب بينما من يفتن هو كاذب لان الكلام ليس على المدلول الاستعمالي فالنمام كاذب لانه بلحاظ الغاية كاذب يريد يقطع الرحم فهذا خطر فاذا غفلنا عن المدار والمركز صرنا تافهين بالقشور ونترك اللب .

سنواصل هذا البحث في دور الفنون اكثر وندخل في تعريفات تخصصية لهذه المطالب تدعم ان فن الخطابة وفن الشعر هو اعلى وقناة ضرورية للوصول الى مساحة الحقائق .

 

الاسئلة والاجوبة .

البحث في الانشاء والصدق والكذب يدخل في ابواب علم المعاني ففي علم البيان ايضا يتطرقون الى قضية الاستعمال والحقيقة والمجاز واقسام المجاز واقسام الكنايات واقسام فنون البيان لاحظ يعبرون مجاز السكاكي فعندنا مجاز عقلي ومجاز لفظي ومجاز لغوي فهناك فنون في التصوير او اقسام الاستعارة تخيلية تصويرية تشبيهية او الكنايات اقسامها ما هو ، لاحظ هذه كلها فنون البيان .

ان نظام الكلام الذي هو الجسر بين المتكلم والسامع هذا النظام يحتوي على هذه القواعد والهيكلية مثلا في علم اصول الفقه علم الالفاظ تطوير عميق غوري لعلم البلاغة وعلم المعاني والبيان ولكن غور اعمق كما ان مبحث الحجج بالدقة تطوير دقيق في المنهجية في علم الكلام والحجج لذلك هناك صلة وطيدة بين علم البلاغة ومباحث الالفاظ ، وهناك صلة بين علم الكلام وبحث الحجج في الاصول دور تأثير وطيد جدا .

سؤال :

ماذا عن علم اشتقاق؟

الجواب :

علم الاشتقاق له موازين وقواعد وهذه القواعد استنبطها اللغويون من نفس علم اللغة لكن الان اصبحت نسيا منسيا مع انه يشغل مساحة كبيرة عظيمة من التفسير سيما التفسير بالتأويل فهو على الموازين وتفسير الاشارة والتنبيهات والايماءات هناك دورات تفسيرية كاملة او ناقصة يعبرون عنها بالمنهج التفسير الاشاري وهذا ليس مختصا بالصوفية كثير من ائمة النحو عندهم هذا المجال الاشارات ودلالات الايماء والتنبيه في السور القرآنية يعني بلغة ادبية . الزمخشري تفسيره من اوله لاخره يعتمد نكات الاشارة والتنبيه والايماء وفنون البيان والاستعارة فلاحظ هناك حقائق مستورة تحت هذا النظم .

سؤال :

هل تأثر الزمخشري بالمرتضى ؟

الجواب :

نعم متأثر يقول السيد المرعشي النجفي ان السيد المرتضى اديب فحل ولكن فقهه غطى على ادبه والعكس في السيد الرضي فقيه ولكن ادبه غطى على فقه فالشيخ المفيد والسيد المرتضى كثيرا ما يعتنون في اجوبة الشبهات العقائدية على النكات البلاغية .

سؤال :

النكات البلاغية هل في التفسير او التأويل؟

الجواب :

قد تكون في التفسير قد تكون في التاويل المهم ان تكون على الموازين والقواعد لا ان تكون هلوسة واستذواق اذا كان الانسان متمرس يتضلع فيها اما اذا كان بعيدا عن انواع الاشتقاق لا يدري بها مثلا ما الفرق بين علم الاشتقاق وعلم الصرف؟ شرح النظام تلخيص لجهود نجم الائمة وهو من علماء العامة فبالتالي هي نفس الظهور وانما قد يسمى تأويل لانه خفي لمن لم يمارس الان انت لاحظ كل شيء لك طاهر حتى تعلم انه نجس كل شيء لك حلال حتى انه حرام هذه الجملة النراقي استفاد منها خمس قواعد الاستصحاب الحلية الواقعية الحلية الظاهرية وعدم العمل بالظنون في باب كذا بنكات بلاغية في لفظة الحديث ووافق عليه الشيخ الانصاري ولذلك استشكلوا عليه فقط في بعض الاستظهارات لا في قضية اعمال المنهج البلاغي وانما صغرويا يستشكلون عليه لا كبرويا .

الشيخ رضا المدني كان زميلا للسيد محمد رضا الكلبيكاني في درس الشيخ عبدالكريم الحائري وعضو جلسة الاستفتاء انا التقيت به عدة مرات في كاشان وعنده دورة في الحج ودورة في الحدود وابواب كثيرة كتبها لطيفة فيها وابتكارات وتحقيقات جديدة فهو يقول قبل ان ابدأ هذه الدورات عاهدت على نفسي ان ادرس مغني البيب بثمانية ابوابه فدرسته مرة اخرى يقول فوقفت على نكات في الاستظهار ما كنت لاقف عليها لولا اني التفت الى هذه النكتة .

الشهيد الثاني نفس الحال فمتاركة علوم اللغة يسبب قصور ونقص في الالتفات والتنبه لاحظ لماذا الفقهاء يختلفون في الاستظهار؟ اختلافهم لاجل هذا الامر ان هذا يلتفت لهذه الزاوية وذلك لتلك الزاوية اما ايهما صحيح وايهما اصح؟ هذا بحث اخر فبنية الظهور بنية عظيمة .

عدة قرون لم يلتفت الى كلمة لا تنقض اليقين بالشك تدل على الاستصحاب لكن اتى والد الشيخ البهائي وهو تلميذ الشهيد الثاني وهو الشيخ حسين عبدالصمد التفت الى هذه النكتة والان يكتب في الاستصحاب خمس مئة صفحة من جملة واحدة هذا ليس اغراق وافراط وانما محورها القطاعات التركيبية الموجودة فيه لا تنقض اليقين بالشك ولكن انقضه بيقين اخر فاذن يمكن الجملة الواحدة ان تكون لها شبكة من المعاني لكن خطوة خطوة وليس هلوسة .

هناك نظرية انا اتبناها ان التأويل بالدقة هو من بنية الظهور ولكن الظهور درجات لانها على القواعد والموازين واذا لم يكن على القواعد ليس بحجة حتى في الدرجات الابتدائية يقول الامام الباقر وهذا برهان على اعجاز الامام يقول لو شئت لاستخرجت الشرائع ومناهج الدين من لفظة الصمد ولكن من يستطيع ان يفهم هذه المطالب؟ المتابعة العلمية واستمرار مسيرة العلم لها نتائج مبهرة علم النانو وعلم النووي وعلم الشرائع فاستمرار مسيرة العلم يسبب كنوز تتفجر في الحقيقة شبكة مرتبطة مع بعضها البعض نظام شبكي في المعاني والالفاظ وهو مبنى القدماء فلا تنظر للخبر والاية بشكل مبتور منفرد .

تجد يعبر الشيخ المفيد والسيد المرتضى وابن ادريس وكل القدماء يقولون الخبر الواحد لا تنظر له مقطوعا احاديا هذا ليس بحجة حتى ظهوره ليس بحجة وانما اذا نظرت اليه بشكل مترابط منظومي تصل للمعنى الحقيقي سواء على صعيد الظهور او الصدور وكلامه جدا دقيق وعلوم اللغة استنبطها علماء اللغة من قواعد ان الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب فالصحيح ان اي علم اذا دخل فيه الانسان يكون هو في تلك الزاوية اقوى من غيره ولكن هذا لا يعطي نباهة فمن هذه الزاوية يكون المعي بخلاف من يكون عنده يقظة وتنبه يلتفت الى جهة اخرى

انت لاحظ الشيخ الطوسي في التهذيب لا يسلم بالتناقض والتساقط مهما امكن وانما عنده فنون الدلالة وفنون البيان وفنون القرائن والقواعد واصلا تأليف كتاب التهذيب لاجل هذا الشيء حيث احد العلماء استعصى عليه بحث التعارض والتدافع في الدلالة فصار مذهبه مذهبا اخر وهذا موجود حتى في الايات القرآنية اصلا في مبحث علوم القرآن انه كيف القصص القرآنية منقولة بالفاظ؟ مثلا حادثة موسى تنقل بالفاظ وزوايا متعددة هذا ليس كذبا ولا تناقضا ولا تدافعا وانما زوايا متعددة وهذا المبحث كان حيا عند طبقات سابقة من القدماء ولكن شيئا فشيئا صار ضحلا .

انت لاحظ لماذا هناك معارك علمية بين علماء البيان والبديع والبلاغة وعلماء النحو والصرف ؟ لانه يتبعون شيئا منهجيا منضبطا بموازين وليس بهلوسة لاحظ مثلا البسملة ذكروا لها وجوها من الاعراب كلها صحيحة وكلها حجة مثلا بداية سورة البقرة الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين هناك اعاريب كثيرة في هذه الايات وكلها صحيحة وكلها على الموازين مثلا استعمال اللفظ في اكثر من معنى السيد الخوئي يقول ممكنة بل واقعة ولكن قليلة والكثير يقول صحيحة وواقعة بل كثيرة الوقوع ولذلك كثير من العرفاء والصوفية تفوت عليهم حقائق لانهم قليلي البضاعة في علوم اللغة اما الذي كثير البضاعة في علم اللغة يصير اكثر تمرسا سواء مفسر فقيه او غيره .

 

logo