« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/10/09

بسم الله الرحمن الرحيم

حكومة احكام الدين وحدوده/ باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (68) /العقائد

الموضوع: العقائد/ باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (68) /حكومة احكام الدين وحدوده

 

كنا قد استعرضنا اجمالا فهرسة المبحث ان هناك قواعد فقهية مهيمنة على ابواب فقهية مرتبطة بالمسؤولية العامة كباب بالمعروف والنهي عن المنكر وباب الحدود وباب القضاء والجهاد وباب الدفاع والمرابطة وابواب عديدة مرتبطة بالمسؤولية العامة الاجتماعية والسياسية ان هذه القواعد مشتركة بمثابة اصول دستورية لهذه الابواب وفي علم القانون وعلم الفقه الاصول الدستورية محكمة على طبقات القوانين التي هي انزل منها .

من باب النموذج لاحظ القوانين البرلمانية او الوزارية او البلدية فمن ثم هناك حساسية خاصة لهذه القواعد والتي هي اصول دستورية ومن ثم تكون المنهجية هنا مهمة وهذا لا نجده في ابواب المسؤولية العامة لكن سنجده في ابواب فقهية اخرى وانه لو يتم التركيز على القواعد الفوقية التي هي بمثابة اصول دستورية سيكون هيكلة البحث وانضباط بحوث القواعد والتطبيقات اكثر متانة .

ثم انه قد استعرضنا جملة من القواعد التي صرح بها الاعلام في الابواب التقليدية ان تلك القواعد مهيمنة مثل قاعدة اعداد القوة وحفظ العزة للدين وللمؤمنين قل ان العزة لله ولرسوله وللمؤمنين هذا اصل فوقي دستوري وهو علو الدين واهل الدين وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين فهناك قواعد عديدة تبين انه التشريعات الموجودة في الابواب تصب في هذه الغايات التي قد تسمى بفقه المقاصد او بالاصول الدستورية او الاصول القانونية او بروح الشريعة او مذاق الشريعة وهناك مدارس ثلاث في معالجة هذه الابحاث ابحاث ونحن نفضل مدرسة اصول القانون او الاصول الدستورية لانها منضبطة صناعيا حسب صناعة علم القانون .

هناك ايات كثيرة مرتبطة بالمسؤوليات العامة كما ان هناك فتاوى لجملة من المعاصرين والقدماء تصب في سياق ان هذه القواعد الفوقية هي الواجبات الاصلية الاساسية مثلا في الاستفتاء اللي قرأناه قبل التعطيل وفي شهر رمضان استفتاءات استفتي السيد محسن الحكيم والسيد عبدالهادي الشيرازي والسيد مهدي الشيرازي وجملة من الاعلام استفتاهم الشيخ عبدالهادي الفضلي ومجلة الاضواء القديمة في النجف وكثير من الاعلام استفتوا هذا وكما هو قال في احد المواقع اجروا له لقاء قبل ان يتوفى قال اوعز لي بالاستفتاءات السيد محمد باقر الصدر .

ففي فتاوى هؤلاء الاعلام ورد هكذا انه : للاسلام نظام شمولي يعني شامل سواء في الاقتصاد والتجارة والقضاء والسياسة والعقوبات الجنائية ولكل البيئات والمجالات ويجب الدعوة الى اقامة نظام اسلامي فالكلام الان في حاكمية قوانين الدين وسبق ان ركزنا على هذا البحث ان من يناقش من هو الحاكم فان هذا امر اخر هل هو اهل البيت او السقيفة او الفقيه بالنيابة عن اهل البدع وغير الفقيه هذا امر فشخصنة الحاكم امر اما ان الحكم الديني الهي هذا لا نزاع فيه لمن له فطنة بالدين فيجب الا نخلط بين الامرين كما مر بنا ان امير المؤمنين في حين لا يرى شرعية السقيفة بكل وضوح لكنه يلزم الاول والثاني والثالث باحكام الدين ويقف امامهم بان احكام الدين هكذا لان تحكيم الدين شيء اما من هو الحاكم ومتربع على رقاب المسلمين هذا امر اخر ويجب التمييز بين الامرين فحكومة الدين وحكومة احكام الدين شيء وحكومة البشر هذا امر اخر .

من ثم امير المؤمنين يقول فرق بين شعار الخوارج وشعار الامويين القاسطين ، فامر امير المؤمنين ان يحاربوا الامويين وهم القاسطين فان كلمة القسط في اللغة تستخدم بمعنى متضاد تارة بمعنى الحق وتارة بمعنى الزيغ والباطل فيقال قاسط فامير المؤمنين يقول على صعيد النظرية لا تقايسوا الخوارج رغم ما يؤاخذ عليهم من مغالطات وانحرافات لكنهم يختلفون عن الامويين القاسطين لان الاخير لا يعترف بحكم او حاكمية الدين فامير المؤمنين يقول لا تساووا بين الخوارج والامويين فالخوارج شعارهم ان الحكم الا لله كلمة حق في نفسها ارادوا منها معنى باطل يعني الحكم هو لله يعني تحكيم احكام الدين لابد منها وان الحاكم الاصلي هو الله بلا شك وهذا صحيح وهي كلمة حق وليست كلمة باطل .

ففرق بين الامويين الذين يرفعون من الاول شعار باطل والخوارج يقال هند وابو سفيان اشتركوا في ذيل جيش المسلمين في اليرموك وحرب الروم اشتركوا في ذيل الجيش لاجل الغنائم ففي الجولة الاولى ابو عبيدة الجراح خسر المعركة وفي الجولة الثانية خالد بن الوليد ايضا فشل فقالوا هل هناك من حواري لعلي ابن ابي طالب? وهذه موجودة في مصادر الفتوحات واليرموك كانت اعظم معركة بين المسلمين والروم ، وفتحت منها الشام فالمهم ندب مالك الاشتر وقالوا له ماذا يقول صاحبك يعني امير المؤمنين ؟ فمالك قال اعطوني قيادة الجيش احقق لكم النصر لان جيش الروم كان اربعمائة الف فارس وجيش المسلمين اربعين الف يعني الفارق عشرة اضعاف وفي الجولة الاولى ابو عبيدة فشل وكذلك ابن الوليد فشل فمالك قال اعطوني قيادة الجيش احقق لكم النصر لكن ابو عبيدة قال اعطنا الخطة نحن نقود الجيش فرفض مالك فخالد بن الوليد قال لابي عبيدة دعه يقود الجيش الا ترى المسلمين انهزموا فدع ايادي علي بن ابي طالب هي تفتح الروم فقام مالك الاشتر بخطة ذكية جدا بحيث فمالك لا يشترك في خطته العسكرية قال لجيش الروم ليبرز قائدكم وقائد الجيش كان رئيس وزراء الروم سياسي وهو محنك داهية عسكري فاتك فبرز فالخطة التي اودعها امير المؤمنين لمالك قال لا تقتله بل اضربه ضربة لا هو حي ولا ميت فهروبه سيهزم جيش الروم وفعلا مالك فعل هذه الفعلة وضربه على عاتقه ضربة شديدة وهو فر وفراره هدم نفسية جيش الروم حينها مالك الاشتر اشار لجيش المسلمين ان كبروا واهجموا .

والتكبير له سر من جعفر الطيار لانه في المعركة يستنزل الملائكة فهزم جيش الروم على يدي حواري امير المؤمنين فكان في الجيش هند وابو سفيان في الجولة الاولى التي هزم فيها ابو عبيدة ابن الجراح والجولة الثانية هزم فيها خالد بن الوليد كان شعار هند خلف جيش المسلمين نحن بنات طارق ان تقبلوا نعانق يعني نفس شعارها في احد هذا الشعار معناه ساقط اخلاقيا وفي الحقيقة ابو سفيان والامويون كانوا على ارتباط وعلاقة بالروم من قديم الايام .

ففرق بين شعار الامويين وشعار الخوارج فلذلك الشعار شيء مهم فاصل البحث ان هناك قواعد فقهية بالتالي مهيمنة وهي اصول تشريعية في المسؤوليات العامة نحن في هذا الصدد فهناك فرق بين ان نقول حكومة احكام الدين وشخص الحاكم ، لذلك اذا كان امير المؤمنين يشير على حكام السقيفة بكذا وكذا لا انه يرى شرعيتهم وانما هو يرى الشرعية احكام الدين لا الحاكم المتربع على السلطة ، مثلا عندما يدخل علي ابن يقطين في النظام العباسي لا يشرع للنظام وانما يشرع لاحكام الدين وهذي اتفق عليها الفقهاء كلهم سواء الثوريين او السياسيين منهم او غير الثوريين ان اختراق الانظمة السياسية غير الشرعية واجب لدفع الضرر عن المؤمنين او لجلب المنفعة لهم او الاصلاح وتقليل الفساد وهذا ليس شرعنة للحاكم الجائر انما شرعنة لحكم الدين .

مؤمن ال فرعون كان في جهاز نظام فرعون لكن لم يكن يدعم ويشرعن لفرعون نفسه انما يؤيد الاصلاح بقدر ما استطاع في النظام الفرعوني لذلك كما مر بنا هذا بحث حساس فقهي سياسي ان نفرق بين حكومة احكام الدين وبين الحاكم غير الشرعي او الشرعي مثل فرعون او مثل عزيز مصر او النظام العباسي الاموي وبين نفس احكام الدين فبين الامرين بون ويجب ان لا نخلط بينها في ما اذا كان الحاكم غير شرعي لا يعني ان الاحكام الدينية او الفطرية معطلة .

النبي يوسف لما رأى الحاكم عابد وثن لكن قال له اجعلني على خزائن وليكن لكن قال واجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم بالتالي هذا مال الله والعباد عباد الله ولا ربط له بعزيز مصر وعباد الوثن فيجب ان يكون الاصلاح ما استطعت وكذلك مؤمن ال فرعون وكذلك النبي موسى الى ان تصل الى الامام والرضا وهذا ليس خاص بالانظمة السياسية مثلا هناك حزب معين سياسي في المؤمنين لكن فيه فساد كتلة معينة الكلام الكلام فان اختراق هذا التنظيم او هذا الحزب يكون لاجل الاصلاح لا لاجل الفساد هذا الاختراق الاصلاحي واجب اذن بامكان الانسان ان يصلح لا ان يفسد لان هذا ليس خاص بالنظام السياسي ، قد مؤسسة معينة خيرية اجتماعية فيها فساد كثير لكن بامكان هذا المؤمن او هذا المسلم ان يخترقها ويصلح ويقلل الفساد ويدرء الفساد ويزيد في الاصلاح والصلاح فان هذا واجب .

ففتاوى الفقهاء ليست مخصوصة بالانظمة السياسية وانما تشمل الكتل السياسية والاحزاب وتشمل التنظيمات المختلفة والروايات الواردة في هذا المجال عامة معللة بقواعد فوقية ما تخص بعض الموارد لذلك مر بنا حتى النظام الفرعوني على نفس الوتيرة كما يقول امام الرضا حتى النظام الوثني اذن هذا ليس مخصوص بالنظام العباسي او الاموي او نظام مسلم جائر او كذا وانما هذا تعميم في نفس مورد البحث وهذه نكتة مهمة وان لم يشر اليها الفقهاء في باب المكاسب المحرمة لكن الصحيح هي عامة فهذا مبحث حساس لان كثير ممن يناقش اطروحة المشروع السياسي الاسلامي يخلط بين المقام بين تحكيم احكام الدين وبين تحكيم حاكم بشري عليه انتقادات ومؤاخذات .

فالمقصود ان التمييز بين الحكمين امر مهم وقرأنا كلمات العلماء منها الشيخ لطف الله الصافي فهو قال من يتوهم ان يعطى الحكم للاشرار تحت ذريعة انه لا نستطيع ان نؤسلم كل نظام الحكم او نصلح كل نظام الحكم هذا توهم فاسد وهذا الكلام منه قبل سبعين سنة في كتاب منتخب الاثر وكلمات بقية العلماء هكذا اذن الطريق في الفقه لاقامة احكام الدين لا تعتمد على كون النظام شرعي او غير شرعي فاسد او صالح كون الحاكم صالح ام لا? خارطة الطريق في اقامة الدين انه ما امكن من اقامة احكام الدين واحكام الله فيجب وفي كلمات الفقهاء قد اشرنا اليه في بحوث سابقة ولو حتى على يد المؤمنين ففاسق المؤمنين عليه مسؤولية مع انه يرى نفسه فاسقا ولكن بقية شرائح العلماء او الفضلاء او المراجع او الصلحاء لديهم مانع بسبب او باخر لكن هذا الفاسق بامكانه ان يقيم حكما من احكام الدين والفرصة مؤاتية له فيجب عليه ذلك سواء بصيغة الوزارة او الاختراق لان اقامة احكام الدين واجبة على كل الشرائح بحسب الطبقات .

لا نقول هذا الفاسق الله لم يعطه الصلاحية نعم لم يعطه ذلك ابتداء لكن في فرض ان يكون ذو الصلاحيات لديهم مانع شبيه المختار الثقفي لما رأى الامام زين العابدين ممنوع ان يتصدى لثورة مضادة للامويين فالظروف لا تؤاتي الامام ليطهر العراق من براثن النهج الاموي فقام المختار بالواجب وقام محمد ابن الحنفية بدعمه واسناده وهذه من الادوار العظيمة جدا التي قام بها محمد بن الحنفية كما ان التوابين هم قاموا بدور وان لم يكن بذكاء وحنكة المختار لكنه اول من قام بنشاط ومسؤولية عسكرية من دون تصدي الامام المعصوم في الظاهر ولم يكن هناك اذن في الظاهر لكنهم قاموا بذلك .

فيجب ان نفرق بين حاكمية احكام الدين وحاكمية حاكم معين بدءا من المعصوم و انت نازل فيجب ان نفرق بين الامرين فاستعرضنا كلمات الاعلام كلهم يقولون للاسلام نظام في كل المجالات يجب اقامته فهذا التعبير الذي صدر من مراجع العصر كالسيد محسن الحكيم والميرزا عبد الهادي هكذا هنا عندما يقولون يجب هذا اي وجوب? هل وجوب باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر? او من باب الدفاع او القضاء او هو وجوب فوقي شمولي ، فهنا ليس المراد حكومة حاكم وانما حكومة احكام الدين وليس في شخص الحاكم من هو?

هنا قاعدة موجودة جيدة وقد ذكرها الفقهاء تصب في مبحثنا وذلك في باب الحدود وهذه القاعدة مستفيضة في الروايات ان لم تكن متواترة ولها عدة الفاظ والسن وهو : يحرم تأخير حد من حدود الله او يجب اقامة حدود الله ولسان اخر اقامة حد من حدود الله ابرك على الارض من مطر اربعين يوما ولسان رابع تأخير حد من حدود الله اضر على الارض من كذا وكذا فما ربط الارض وارزاق الارض والبيئة بحدود الله ؟

وهذا شبيه الارتباط الذي اشار اليه النبي نوح فاستغفروا ربكم يرسل عليكم السماء مدرارا ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا او قوله تعالى ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا كذا كذا او لاسقيناهم ماء غدقا وايات عديدة تربط بين احكام الدين وازدهار عمارة الارض في كل بيئات الارض فالله ربط بين منظومة احكام الدين وازدهار البيئة الزراعية والهوائية فالدين لا يصدك عن اقامة مشاريع في الاعمار والازهار ولكن الدين يقول لك ان اقامة حكم من احكام الله اشد ازدهارا وعمارة واحياء لكل بيئة الارض من المشاريع الصناعية والتدبيرية من دون ان يفرط الدين بالتدبير المادي فهو على حاله لكن اعلم بان هذا الجانب اعظم تأثيرا ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا .

هذا مما يدل على انه ليس فقط على صعيد البلدان بل حتى على صعيد المجتمع بل حتى على صعيد الفرد وهذا ليس معناه التواكل وعدم التدبير لكن ليعلم ان الجانب الديني تأثيره اعظم والايات التي تصب في هذا المعنى كثيرة انه قوموا بالاسباب المادية ولكن لا تظنوها اسباب حصرية لبركات الارض وازدهارها هذا خطأ كبير ترتكبوه هناك سبب اخر اعظم اجعلوه ضميمة وهو تحكيم احكام الدين على صعيد الفرد او الاسرة مثلا عندنا هذا المنطق في الدين ان صلة الرحم والارحام تزيد في اعمار اي مجموعة بشرية ارحام عشيرة اسرة ولو كانوا كفارا وتزيد في رزقهم وفي اولادهم وتزيد وتزيد فصلة الرحم هي حكم من احكام الله واتقوا الله الذين تساءلون به والارحام فصلة الرحم سبب للرزق والاسباب المادية على حالها ولكن صلة الرحم سبب اذا اردت طول العمر فصل رحمك واذا اردت كثرة الاولاد صل رحمك وقطع الرحم يؤدي الى بوار الرزق ولو كانوا مؤمنين والى قصر الاعمار وزوال المؤمنين .

فلاحظ حكما من الاحكام هكذا تداعياته اذن الدين له تداعيات على الحياة المعيشية للبشر وهذا ليس دعوة الى اغفال السبب المادي ولكن لا تحصر الاهتمام به هذه قاعدة على صعيد الفرد والاسرة والعشيرة والشعوب والقبائل فامير المؤمنين في نهج البلاغة يقول ان الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم يعني هذه خاصية في الظلم والعدل فالعدل يؤثر في ديمومة الملك والنظام الحاكم سواء كان كافرا او مسلما ، فرب الاسرة كلما كان رؤوفا رحيما باسرته يطيل الله في عمره كمدبر كحاكم في اسرته اما اذا كان شديدا حادا يقصر الله من عمره لاحظ هذا الحاكم على صعيد الاسرة هكذا فكيف بك في المجتمع فهذه معادلة كبيرة من تحكيم احكام الدين وتأثيرها المادي فضلا عن الدنيوي فضلا عن الاخروي وهذه القاعدة لها ايات وروايات عديدة .

كما مر بناء الان روايات متواترة بلفظ حتى الحدود وان تخيل ان القاعدة مرتبطة بابواب الحدود في مقابل القصاص والديات هذا خطأ هذه القاعدة في الحقيقة مرتبطة بكل ابواب الفقه ان المراد من الحدود ليس خصوصا عقوبات جنائية وانما مطلق احكام الله في الدين بشهادة ان نفس هذه الروايات جملة منها استعملت في ابواب فقهية اخرى غير باب العقوبات الجنائية سواء في العلاقة بين الزوجين او غير لاحظ سورة البقرة يبين هذا الشيء ان حدود الله ليس لها ربط بخصوص باب العقوبات الجنائية وانما هي عامة فاحكام الله ترسم الحدود لكل فرد ولكل مجموعة لا تعتدوها فان تعديهم طغيان وطاغوتية من الانسان تقيدهم بتلك الحدود المرسومة من الله هي عبودية والتوحيد لله فان خفتم الا يقيما حدود الله يعني احكام الله المرسومة كما يقول امير المؤمنين ان لكل حد حدا فمن تجاوز الحد فعليه كذا فالحدود والاحكام لا تطوق الانسان سواء انسان الفرد او انسان الاسرة او انسان المجتمع او انسان النظام السياسي او انسان الحاكم والقاضي فالاحكام هي تحدد واذا انفلت يصبح طاغوت .

كما يقول القرآن الكريم حول فرعون وعاد وثمود انهم افسدوا في الارض فصب عليهم ربك سوط عذاب ان ربك لبالمرصاد فهذه الحكومة الخفية الالهية يعني صحيح ربما تفسح المجال الى امد معين ولكن ثم تقلع الانظمة الطاغية اذن في الروايات الحدود المراد بها احكام الله لا خصوص باب العقوبات الجنائية بل مطلق احكام الله لابد من اقامتها ومن ثم العبارة التي ذكرها الشيخ المفيد والطوسي وابن براج وسلار وكل القدماء انه اذا استطاع الفقيه او الحاكم الشرعي اقامة حد من حدود الله يجب على المؤمنين معونته الا ان يتجاوز الحد فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ومر بنا عبائر المتقدمين انه ليس خصوص العقوبات الجنائية وانما كل احكام الدين اقامتها على وجه الارض فاذن هذه القاعدة مهمة وهي نفس الحدود التي انطلق الحديث منها في البداية تحكيم احكام الدين يجب ان نميز بينها وبين حكومة البشر سواء كان البشر هم الانبياء والرسل او غيرهم فالمهم هو اقامة احكام الله او حدود الله يعني نفس الاحكام التي تتجاوزها يصير طغيان وطاغوتية .

من ثم لاحظ كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت هو عدم التقيد بالحدود وهذا هو الفيصل الفاصل لذلك مر بنا امير المؤمنين والامام الحسن والحسين وزين العابدين والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والامام العصر كل هؤلاء الائمة شاركوا في تصحيح الاعوجاج في الدول التي عاصروها وذلك ليس دعما للحكام بل دعما لتحكيم احكام الله ، الامام الجواد في بدء امامته الحنابلة او غيرهم افتوا بغير ما انزل الله فالخليفة العباسي قال له يا ابن رسول الله ما حكم القطع من الكوع والذراع? فقال عليه السلام القطع من الاصابع فلماذا يشارك الامام الجواب? الاحرى به ان يقاطع ، كلا انما شارك النظام العباسي دعما لتحكيم احكام الدين وكذلك الامام الصادق في موارد عديدة يقوم اعوجاج قضاء بني العباس او بني امية ليس دعما لهم وانما دعما لتحكيم احكام الدين المقصود ملاحظة سيرة كل الائمة انه كانوا يقومون اعوجاج الدول الجائرة لا لدعم الحكام وانما ميزا بين تحكيم احكام الدين و الحكم الجائر ففرق بين المطلبين .

logo