« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/09/26

بسم الله الرحمن الرحيم

باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (65) خارطة القواعد في المسؤولية العامة

الموضوع: باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (65) خارطة القواعد في المسؤولية العامة

 

مر بنا امس ان كلمات القدماء والمتأخرين متفقة على ضرورة تشييد اقامة حكم الله في كل مجالات الارض اما انه من هو الحاكم في الغيبة الكبرى فهذا شأن اخر فسواء من يذهب الى نيابة الفقيه او من لا يذهب لكن الكل متفقون على ضرورة تشييد واقامة احكام الله في الارض بغض النظر عن مبحث الحاكم فلا يرتاب فقيه من الفقهاء في ضرورة اقامة حدود الله بمعنى احكامه تعالى في كل المجالات .

تتمة كلام السيد البروجردي اللي قرأناه البارحة قال:

لا يخفى ان سياسة المدن وتأمين الجهات الاجتماعية في دين الاسلام لم تكن منحازة عن الجهات الروحية والشؤون المرتبطة بتبليغ الاحكام وارشاد المسلمين بل كانت السياسة فيها من الصدر الاول مختلطة بالديانة وكان رسول الله بنفسه يدبر امور المسلمين ويسوسهم وهذا ليس فقط في العهد المدني حتى في عهد مكة يعني كيان المسلمين وحتى كيان بنحو دولة الظل ازمة الامور بيد النبي ومر بنا امس ان العهد المكي وان كان عهد تقية للنبي ولكن هذا العهد كان يكرسه النبي لمزيد من استقواء كيان الاسلام والدين وقوة المسلمين .

من ثم وصل الامر الى استشعار قريش بخطورة قوة ونفوذ النبي فلم يبق لهم بد الا تصفية النبي مما يدلل على ان وجود النبي لم يكن وجودا روحيا كهنوتيا بل كان ذا بعد اجتماعي سياسي لاقامة احكام الدين في المجتمع وسحب بساط القدرة من عتاة وفراعنة قريش وهكذا الحال في كل ائمة اهل البيت .

في احد الزيارات لعلها رواها المزار الكبير ورواها الشيخ عباس القمي في باقيات الصالحات وهناك زيارات لم يروها عديدة في هذا المضمون ان ائمة اهل البيت كلما تالق وسطع نجم لهم اخذ طاغي ذلك الزمان على عاتقه ان يغتال ذلك الامام لان رئيس سلطة الجور يستشعر انه من الذي يسحب القوة والبساط من تحت رجله ومن ثم نحن الان نلاحظ في ائمة الاربعة او غيرهم من فقهاء الجمهور او حتى علمائهم في الكلام انهم ملاحقون او مجابهون من السلطات الاموية او العباسية بخلاف ائمة اهل البيت مع ان ائمة ال البيت في الظاهر يمارسون سياسة القوة الناعمة لكن سلطة ائمة الجور بحكم موقعيتهم ورئاستهم - وربما دولتهم كانت تعادل خمسين دولة - هم يستشعرون بان ائمة اهل البيت لديهم تمدد ونفوذ اجتماعي وسياسي ولديهم قوة ترهبهم وتقلقهم من ثم لا يجدون انفسهم الا ان يصفون ائمة اهل البيت لاجل بقاء كرسي ظلمهم وعتوهم لان اكبر خطر يدق ناقوسه على وجودهم هو نفوذ اهل البيت فمما يدل على ان ائمة اهل البيت بممارسة التقية يكرسون تنامي اعداد القوة والطرف الاخر يستشعر بهذا الشيء وهذه السيرة قطعية بديهية واضحة في معنى كيان التقية التي كان يمارسها ائمة اهل البيت .

لذلك قضية الانتقال السلمي للسلطة كنظرية عصرية موجودة لكن هذه النظرية لا يستطيع ان يطبقها احد الا ائمة اهل البيت وعلى كلا الوجهين يمتاز اهل البيت اي انهم لما يستلمون السلطة فالطرف الاخر لا يمكنه ان يسلب منهم السلطة بنحو سلمي الا ان يلجأ الى الحروب كحرب الجمل والنهروان وصفين او حرب معاوية مع الامام الحسن او قضية عاشوراء والا اذا كان بالطريق السلمي فلا، هذه خاصية في ائمة اهل البيت بمعنى ان منطق اعدائهم مدحوض في قبال ائمة اهل البيت مهما كانت المعارضة ولذلك امير المؤمنين على خلاف سيرة ابي بكر وعمر وعثمان الذي لو كانت هناك صيحات يقمعونها بالنار والحديد تجد امير المؤمنين يفسح المجال للخوارج بالاحترام من دون ان يقمعهم بالنار والحديد لقوة الحجة والبيان الموجود لديه ويقول لهم انه علينا ان نفتح مساجدنا لكم ولكم عطاياكم من بيت المال ما لم تشهروا علينا السيف اما ما هو المعروف عن الاول والثاني والثالث انهم ما كانوا يتحملون الاعتراض ابدا ويقمعونه بالترهيب .

فنظرية الانتقال السلمي في الحقيقة لا يستطيع ايجادها الا النبي وال بيته ولكن الامتياز الذي سيكون في دولة ظهور الامام المهدي انه لن يستطيع احد سلب ملك القدرة والدولة عن اهل البيت الى يوم القيامة حتى بالقوة الساخنة فالدولة المهدوية تفترق عن دولة ابائه .

فنظرية الانتقال السلمي للقدرة والقيادة ابرز نموذج لها هو النبي وامير المؤمنين والائمة فهذا يبين لنا ان اسلوبهم في التقية او القوة الناعمة ليس هو لتكريس الضعف وانما لتكريس القوة وتمديدها لكن بالطريقة الناعمة وبقوة الحجة والبيان بحيث لا يستطيع الطرف الاخر من ائمة الجور ان ينقلب عليه .

الشيخ المظفر رحمة الله عليه في كتاب عقائد الامامية له هذه العبارة :

انه مما يجدر ان نعرفه في هذا الصدد انه ليس هذا المصلح المنقذ المهدي ان يقف المسلمون مكتوفي الايدي فيما يعود الى من دينهم وما يجب عليهم من نصرته والجهاد ونعمت العبارة منه يعني هو يريد ان يقود مسؤولية مشتركة كما دلت على ذلك الادلة التي مرت بنا كثيرة ولم نستعرضها كاملا وما يجب عليهم من نصرته والجهاد في سبيله والاخذ باحكامه والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بل المسلم ابدا مكلف بالعمل بما انزل الله من الاحكام الشرعية بغض النظر عن بحث الحاكم والحكومة يعني حكم الله يجب ان يعمل به لا ان يجمد او يطمس وهذا لا يرتاب احد ذو مسكة بحسب ضرورة الوحي وكما يعبر الفيض الكاشاني القطب الاعظم للدين هي الولاية والا سنفسر ولاية الائمة بالمنطق الصوفي يعني ارتباط روحي فردي بيننا وبين المعصوم فقط ولا يأخذ صورة اجتماعية وطابع اجتماعي فهذا ليس معنى الدين ولا معنى الولاية وهذا هو النقاش الموجود بين علماء الامامية والطرف الاخر ان الامامة لها مقام الغيب والملكوت ولكن بالتالي هذا الجدل الشديد الذي دار بين الفريقين منذ رحيل النبي و فتنة السقيفة هي بلحاظ البعد السياسي والاجتماعي للولاية ، فهذا بعد عظيم في الامامة لا يمكن تغافله .

اذن هذا البعد يجب ان يراعى موال لكم يعني بعد الولاية التي لديهم والبعد الاجتماعي والسياسي لا انه فقط عبارة عن مشاعر ومحبة قلبية شبيه قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم يعني الايمان بالله والطابع الاجتماعي والسياسي والقضائي وهذه الاية الكريمة في سياق الاية ويريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به يعني كيف انت تمد ائمة الجور فيجب ان يكون على وفق ما انزل الله ومن لم يحكم بما انزل الله ثلاث مرات كررت هذه الاية سواء خطاب لليهود او النصارى .

من ثم يقول الشيخ المظفر المسلم ابدا مكلف بالعمل بما انزل من الاحكام الشرعية وارسلنا رسلنا بالبيانات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط والقسط لا يوجد في غير احكام الله فيقول الشيخ المظفر بل المسلم مكلف بما بالعمل بما انزل من الاحكام الشرعية وواجب عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح بالطرق الموصلة اليه حقيقة وهناك اية اخرى ولقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، الميزان يعني نظام العدالة والقضاء العادل الذي يتجسد في النبي وامير المؤمنين كما مر بنا في بعض الليالي الفرق بين العالم باحكام الله والعالم بامر الله .

ثم يقول المظفر بل المسلم ابدا مكلف بالعمل بما انزل من الاحكام الشرعية وواجب عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح بالطرق الموصلة اليه فواجب عليه ان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ما تمكن من ذلك يعني يقصد ما تمكن من الظرف طبعا هذه النظرة المقطعية يجب ان لا نحبس وتحتبس نظراتنا فيها فهذه من افات البحث في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي باب الدفاع والاعداد والمرابطة وفي باب الجهاد فمن المجحف بحقيقة المسؤولية هو النظرة المقطعية من دون ان تكون نظرة مستقبلية شاملة وهذا الذي مر بنا ان النظرة الواقعية او المدرسة الواقعية تكرس وتحبس النظر على الوضع المقطعي من دون النظرة المستقبلية حيث المبادئ لها دور وهذا اكبر خطأ في المدرسة البروغوماتية نعم في المدرسة المبدئية يجب ان يلاحظ الجانب المقطعي ولكن لا يقتصر على هذه النظرة وهذا الفرق بين الاحكام الاولية والثانوية فالاحكام الاولية اذن منظومة مستقبلية وراهنة فعلية ان امكن وان لم يمكن فالحكم الثانوي انما ظرف مقطعي لا غير وليس ظرف مؤبد مستدام .

فالتقية هي بالتالي عبارة عن نظام ثانوي وليس نظام اولي فلا يمكن تكريس كل خارطة الطريق على ضوء ها والتقية هنا بالمعنى الثاني وهو الاضطرار لمجاراة الظالمين والجائرين واهل الضلال والباطل سواء في العبادات او السياسات نعم الاخفاء والسرية في التقية هذا امر عظيم الشأن وحتى معنى الكتمان يظل ثانوي او المعنى الثالث وهي المداراة واللين والرفق هذه سياسة عظيمة لكن هي تختلف عن الموالاة .

ثم يقول المظفر :

وواجب عليه ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ما تمكن من ذلك - يعني يقصد نظرة مقطعية واما كنظرة مستقبلية يجب ان يسعى الى اعداد وبناء القوة الشاملة والصاعدة فتكون اعداد القوة الى درجة يكون كيان الايمان هو القوة العظمى في الارض فهذا اقل ما يمكن ان يكون من حد لوظيفة واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، فيكونوا اقوى دولة عظمى في الارض مع هذه الفلسفة التشريعية في فقه المقاصد والفلسفة الروحية والتشريعية انه لردع العدوان لا للعدوان وانما لاقامة العدل ولاغاثة المحرومين لا لنكبة البشرية وانما لنعيم البشرية وسعادتها .

فيقول المظفر :

ما تمكن المكلف من ذلك وبلغت اليه قدرته كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالمسؤولية اذن مشتركة جماعية شبكية ولا يجوز له التأخير عن واجباته بمجرد الانتظار ، معنى الانتظار الصحيح هو تحمل المسؤولية لا الانتظار بالمعنى الخاطئ وهو التفرج فان هذا لا يسقط تكليفه ولا يؤجل عملا ولايجعل الناس سوائم .

الشيخ لطف الله الصافي في منتخب الاثر ايضا في تفسير المسؤولية لدولة الظهور يركز على هذا المعنى ومر بنا ان البحث الفقهي ليس في مشروعية اقامة دولة او لزومها وانما هو يترقى الى مراتب متقدمة اكثر وهو لزوم اقامة دول لاعداد دولة الظهور اي اعداد دولة عظمى والا اصل الدولة مفروغ منها وانما ان تكون دولة عظمى .

فالشيخ لطف الله الصافي يقول :

وليعلم ان معنى الانتظار ليس تخلية سبيل الكفار والاشرار وتسليم الامور اليهم والمداهنة معهم او المراهنة معهم وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك الاقدامات الاصلاحية فانه كيف يجوز اكراء الامور الى الاشرار مع التمكن من دفعهم عن ذلك ودفع المراهنة او المداهنة معهم وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من المعاصي التي دل عليها العقل والنقل واجماع المسلمين ؟ فلم يقل احد من العلماء وغيرهم باسقاط التكاليف قبل الظهور ولا يرى منه عين ولا اثر في الاخبار حتى التكاليف الاجتماعية والسياسية والقضائية .

كما يقول الفيض الكاشاني هذه هي القطب الاعظم وليس القطب هو التكاليف الفردية فليس مذهبنا مذهب الصوفية لان هذا المذهب ينعزل عن المسؤوليات الاجتماعية ويجعل الدين وظيفة فردية وطقوس بين المؤمن وبين الله فهذا ليس منطق مذهب اهل البيت ، فاذا انت لديك تحسس من الصوفية يجب ان تقر بهذا المنحرف ربما الان جهات دولية كثيرة تعزز الصوفية في منطقها المنحرف ، فهذا المنطق المنحرف في الصوفية لا ينفر منه اولئك الذين يدعون انهم لديهم تحسس من الصوفية فهذا الانحراف لا يتحسسون منه اما اذا قالت الصوفية بفضائل البيت فيتحسسون وهذا عجيب منهم يعني الجانب الايجابي يتحسسون منه والجانب الانحرافي لا يتحسسون منه بل يتطابقون معهم في ذلك .

فدين الاسلام دين اجتماعي وليس دين فردي وصومعات روحية فالاقتصار على هذا الجانب هو الانحراف بعينه ونحن ضد الصوفية وهذا الانحراف تجدوه موجود عند الصوفية فلماذا يروج له؟ فجعلوا الدين وظائف فردية متقوقعة وليس هذا مذهب ال البيت اما القول بفضائل اهل البيت وان لها قراءة عقلية وقلبية هذا جانب ايجابي ليس سلبي فهم جعلوا السلبي ايجابي والايجابي سلبي ولا نستنكر عليهم ذلك .

الشيخ لطف الله الصافي كان رئيس المحكمة الدستورية طوال عشرين سنة في الجمهورية الاسلامية يعني عشر سنين في ظل قيادة السيد الخميني وعشر سنين في ظل قيادة السيد الخامنيئ فيقول الشيخ : ولم يقل احد من العلماء وغيرهم باسقاط التكاليف قبل الظهور ولا يرى عين ولا اثر منه في الاخبار بل تدل الايات والاحاديث على خلاف ذلك اي على تأكد الواجبات والتكاليف والترغيب الى مزيد من الاهتمام في العمل بالوظائف الدينية في عصر الغيبة فهذا توهم لا يتوهمه الا من لم يكن له قليل من البصيرة والعلم بالاحاديث والروايات .

فاذن هذه كلمات جل الاعلام من القدماء ركزنا عليها وهي قضية تشييد الحكم الديني بغض النظر عن الحاكم حتى ان الفقهاء كما صرح به الشيخ الانصاري في كتاب البيع في بحث الحسبة والولايات قال : حتى مسؤولية اقامة الحكم لاجل تحكيم احكام الله ليست تقع على الفقهاء فحسب وانما ان لم يقم الفقهاء بها بسبب او باخر بمانع تصل الى النوبة الى الفضلاء لاحظوا كلام الشيخ الانصاري وصاحب الجواهر وكاشف اللثام وغيرهم يعني حتى مسؤولية ادارة النظام والحكم ان لم يقم بها الفقهاء والعلماء بسبب او باخر فتصل الى الفضلاء وان لم يقم به الفضلاء تصل النوبة الى عدول المؤمنين وصلحائهم وان لم يقم به هؤلاء تصل الى الفساق يعني حتى فساق المؤمنين مسئولون عن ادارة نظام حكم يطبق فيه حكم الله .

مثلا الكوفة ايام عبيد الله ابن زياد سجن فيها من سجن من تلاميذ اهل البيت والصالحين فح تصل النوبة للفساق من المؤمنين ، فعليهم ان يقوموا بالمسؤولية ربما فاسق المؤمنين يستطيع ان يتغلغل في نظام الجور اكثر من الصالح لخدمة المذهب ولخدمة راية الايمان هذا الذي ذكره الفقهاء ليس فقط في باب البيع وانما تسالمهم طيلة عشرة قرون في وجوب التغلغل والاختراق والنفوذ حتى في الانظمة الاخرى الغير شرعية لا ان تترك الامور .

افترض الان مؤمن مسلم فاجر في اي مكان يعلم بانه في نافذة معينة وجناح معين في النظام السياسي الاجتماعي لا يمكن ان يتصدى الا هو فتصل المسؤولية اليه كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته هذه هي خارطة الطريق في الغيبة الكبرى الى ان نصل الى دولة الظهور لا ان تترك الامور على غاربها بذريعة خوف التلوث فالمؤمن لا يدخل في المسؤولية ويقصر ولا يتركها خوفا من التقصير فهذا افحش وهذا هو تعبير الشيخ لطف الله الصافي انه من يتوهم انه تودع المسؤولية بيد الاشرار سواء فكرا عقيدة ونهجا منهاجا لو لم يستطع الانسان ان يصلح الا اثنين بالمئة واجب عليه ان يخترق ويصلح ولو بمقدار اثنين بالمئة .

لذلك قال الفقهاء ان لم يستطع ان يجلب نفعا للمؤمنين فقد يدفع الشر عنهم وان لم يستطع ان يصلح قد يدفع الفساد ، والفاسق مسئوليته ان لا يفسد ولا يفسق بمقدار ما يستطيع ان يقوم به هذه هي المسؤولية بغض النظر عن قضية الحاكم .

لاحظ النظام الاموي او العباسي او السقيفي لكن سلمان كان في المدائن وفي عهد الثاني وحذيفة نفس الكلام وهؤلاء من حواري امير المؤمنين والذي امر بجمع القرآن وجعله موحد هو امير المؤمنين فامر السلطة الثالث بذلك ، لذلك امير المؤمنين في حين انه لا يرى نهج السقيفة صالحا قويما مستقيما بل نهجا محدثا لم يكن في عهد رسول الله لذلك هو رفض سيرة الشيخين رفضا باتا لانه يكرس الفساد رغم ذلك يشير عليهم ان هنا خطأ وهنا صحيح لا لاجل تشييد بنيانهم وسلطتهم وانما لاجل ابقاء احكام رسول الله لا تغير .

كذلك الحال في الامام الحسن والحسين وزين العابدين والباقر والصادق كانوا يتدخلون في اجراءات السلطة القضائية بما فسح لهم المجال لا لدعم انظمة الجور وانما لدفع الفساد عن بيضة الدين وكيانه ولم يتركوا الامور على غاربها هذا فضلا عن تلاميذهم الكبار الذين زجوا بهم الائمة في السلطة الاموية والعباسية كعلي ابن يقطين وعبدالله ابن سنان واسماعيل ابن بزيع ومحمد بن سنان .

انا اتعجب من عبد الله ابن سنان مع انه فقيه ومرجع كان والي في الدولة العباسية فكيف جمع بينها؟ وكيف كان يحتفظ باعتباره في قلوب المؤمنين؟ ومن الحري ان ندرس شخصيته دراسة كبيرة وكذلك علي ابن يقطين وكان صاحب اصل من الاصول الاربعمائة يعني كان فقيها ومحمد ابن اسماعيل ابن بزيع هو من الفقهاء والمراجع ومع ذلك كان وزيرا وكان صاحب قصر .

لاحظ خارطة الطريق المسئولية خارطة واحدة وطريق واحد يجتاز الظروف والبيئات المختلفة لاحظ حتى الائمة يمثلون بمؤمن ال فرعون فهو اخترق النظام الفرعوني وكان له ادوار مهمة في انجاح مشروع النبي موسى الى ان اكتشفوه وقتلوه وهو المسمى بحبيب النجار كما ورد في الرواية السباق او الصديقون ثلاثة .

فاذن خارطة الطريق هو اقامة دعوة الحق واحكام الله .

هناك شاهد اخر يؤكد عليه امام الرضا في القرآن ان ملك مصر كان كافرا مع ذلك كان النبي يوسف يزج بنفسه في هذا النظام لكي يصلح ما امكنه واتفاقا الامام الرضا يجيب على من يعترض عليه لقبول ولاية العهد قال ذاك وصي نبي وانا وصي نبي وذلك طلب ان يدخل في الحكم حيث قال اجعلني على خزائن الارض ولكن انا اكرهت على ذلك وهذا الحاكم على الاقل لديه اسلام ظاهري ولكن ذلك كفر ظاهر ولكن الامام بين ان الخارطة واحدة بين يوسف وبينه فيجب على الانبياء والاوصياء ان يعدوا القوة حتى في مؤمن ال فرعون مع عهد النبي موسى .

وقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فكان له دور توحيدي وعقائدي وسياسي واقتصادي حتى لا يعم الفساد في الارض والا لو لم يكن النبي يوسف ينقذ الشرق الاوسط بهذه الخطة الاقتصادية الزراعية لزاد الفساد في الارض اكثر وهو اجرام ان الله لا يحب الفساد في الارض ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها هذه نفسها من الامور الحسبية الضرورية التي لا يرضى الله ان تجمد بحال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ امين فهو متخصص في كيفية الادارة الاقتصادية والادارة الزراعية والامن الغذائي والامن الاقتصادي يعني هناك مجموع سياسات مارسها النبي يوسف وهي عجيبة يعني ليست زراعية فقط وليست السياسة اقتصادية بل حتى في النظام السياسي انه كيف يصير في المجتمع تبادل الملكيات الفردية وملكية الدولة؟ يعني هو نظام معقد عجيب وغريب قام به النبي يوسف .

فيقول امام الرضا انا والنبي يوسف على خط واحد وفي ضمن قاعدة واحدة وهي اعداد القوة لاقامة حكم الله في الارض سواء نظام كافر كفرعون مع النبي موسى او نظام كافر اخر وهو عزيز مصر او نظام ظاهره الاسلام وليس باطنه ، فاستشهاد الامام الرضا بموقف يوسف او مؤمن ال فرعون او غيره من الائمة الذين استشهدوا بعده يدل على انه خارطة الطريق في هذه الابواب واحدة .

ان قلت هذا الباب في المكاسب المحرمة ليس له ربط بابواب القضاء وابواب الجهاد وابواب الولاية العامة التي ذكرها الفقهاء في باب البيعة

قلنا هذه كلها باجمعها هي منظومة خارطة واحدة وفي مسيرة يتكيف للاصلاح واعداد القوة تكون بالتداريج ولكن لا تقصر نظرتك على النظرة المقطعية ولكن كما يقول امير المؤمنين ارم ببصرك اقصي القوم لا انه تقتصر في النظر الى تحت رجليك وانما انظر اقصى القوم وليس معذور ان تفرط في الامكانيات المستقبلية كما يقول الباري تعالى الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قال فيم كنتم قال الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ ومن يهاجر في سبيل الله يجد مراغما كثيرا .

فانت لا تتقوقع في البقعة الجغرافية التي جعلك الظالم فيها وانما هاجر الى بقعة اخرى ثم انقض عليه ولا تحبس نفسك هذه كلها تصب في خارطة واحدة وهي قواعد مهيمنة على كل الابواب وهذا امر ضروري للالتفات اليه وهم بينوا ان هذا كله من باب واحد فلا تقل ان هذه الولاية في باب النظام المسلم اما في نظام الكفر كلا ، نقول حتى في نظام الكفر وحتى في اعتى انظمة الفراعنة يكون ذلك .

فاذن كلام الشيخ لطف الله الصافي متين وهو له موقعية كبيرة فاولا هو مهدوي الفكرة ومن الفقهاء التقليديين وكان رئيس المحكمة الدستورية في نظام الجمهورية الاسلامية عشرين عاما ، فيجب ان نفرق بين حكومة حكم وانه الحاكم من يكون فهذا بحث اخر فلا يمكن ان نفرط بها تحت ذريعة من يكون الحاكم في حكم الله في حلاله وحرامه فلا يمكن ان تترك احكام الله مجمدة فنصرة الامام هي مسئولية مشتركة مع صاحب الزمان واعداد لدولة الظهور واخذ المسؤولية على عاتق الامة والنخب .

السيد الخوئي في كتاب منهاج الصالحين في مبحث الجهاد الابتدائي يقول بتشكيل دولة عظمى في الارض ويراها من مسئوليات الغيبة الكبرى على كل المؤمنين فالجهاد الابتدائي هو تشكيل دولة عظمى ونظام عالمي كامل كبير فهذه المسؤولية يجب ان نشارك فيها كل النخب من مختلف التخصصات راجعوا كلام السيد الخوئي في منهاج الصالحين وهو حري بالتدبر ويمكن ان يترجم بشكل لا يخالف كلام المشهور يعني مسؤولية دولة الظهور وهو نظام عالمي واحد واكبر واعظم مسؤولية مشتركة تقع على الطرفين وسنتعرض له ان شاء الله .

 

logo