46/08/23
/ البراغماتية والمبدئية الأصولية/باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (45)
الموضوع: باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (45)/ البراغماتية والمبدئية الأصولية/
النقطة التي وصلنا اليها في سلسلة بحث الدفع والدفاع واعداد القوة محطة حساسة جدا مرتبطة باعداد القوة وبكيفية دفع العدو ومرتبطة بابواب التقية والجهاد وهناك تجاذب قوي بين مدرستين سواء عند المؤمنين او المسلمين او عموم البشر هذه الجدلية والتحدي يقولون عنها مدرسة البروغماتية او الواقعية ومدرسة المبادئ والمبدئية فمنهجان هذي هي باللغة العصرية وانا ذكرته باللغة الفقهية وساذكره باللغة التقليدية وهو الدوران بين اعداد القوة من جانب او التقية او المداراة من جانب اخر فتعنون بعناوين عديدة فهناك تجاذب كبير جدا بين هتين مدرستين ولكل مدرسة ضوابط وموازين طبعا ليس كلامنا في العلوم السياسية وان كان هذا البحث في جنبة منه سياسي ولكن اذكره من الزاوية المسئولية العامة هي نوع من الادارة للقوانين والتنظيم لها على ضوء اي مدرسة تكون ؟ يعني في القوانين المرتبطة بالفقه السياسي او فقه المسئولية العامة .
فاحد المدارس هي البراغماتية الواقعية في قبال مدرسة المبدئية نحن نذكر اطلالة كي نخوض في التفاصيل فيقول المبدئيون الذين يلتزمون ويتشددون ويتزمتون في المبادئ ولا يعيشون الواقع طرا فهؤلاء يقولون عنهم مبدئيون يعني مثل اصحاب الحكم الاولي للغايات الاولية والاهداف الاولية للشرع ، فالبرغماتي يقول انت عش الواقع فيه عدة اضطراريات وحرجيات وعدة قوى مناوئة لك فلا يمكن تلتزم بالاحكام الاولية كما هي في ظل هذه الظروف الممانعة .
اذن المبدئيون يقولون لاصحاب الاحكام الاولية هذه كلها شعارات فانتم تعيشون الخيال لا الواقع من ثم صاحب العصر والزمان في حالة خفاء يعني لو ان الامام الثاني عشر يكون له بيئة حامية يدرء عنه المخاطر لما كان نشاطه سريا فالغيبة تعني السرية والخفاء ، والى الان كل هذه الانظمة الموالية لاهل البيت لم تستطع ان تحقق له بيئة حامية واذا استمر السبب يستمر المسبب وبتعبير الخاجة نصير الدين الطوسي يقول وجوده لطف وتصرفه لطف اخر وعدمه منا ، بسبب ان الموالي ضعيف وعدوه قوي والامام هو اخر السلسلة ولا يمكن ان يفرط فيه والائمة السابقون قتل من قتل واقصي من اقصي وجرى القضاء لهم بما يرجى له حسن المثوبة فهو اخر السلسلة ولا يمكن ان يفرط به .
فاصحاب النظرية البروغماتية والواقعية يقولون ان الوضع وضع تقية ومن ثم الامام في سرية وخفاء وغيبة ، اذا القدرة ما موجودة فلا بد ان نراعي احكام التقية ونكون واقعيين برغماتيين انه بالتالي راية الايمان لم يشتد قوتها فاذن لا نقفز على الواقع ، قول هذه المدرسة يعطيك خارطة طريق في ابواب الفقه وقواعدها على صعيد الفقه السياسي والعسكري والامني وعلى كل الاصعدة وربما يستدلون بروايات عديدة انه كل راية قامت قبل خروج القائم هي راية ضلال او وكان خروجه وبالا على شيعتنا فيتمسكون بهذه الادلة انها تشتد التقية وهذه البيانات لا يمكن انكارها لكن معناها ماذا؟ هذا بحث اخر وهذا ليس خبرا واحدا او الثنتين والثلاث .
فاذن هذه نظرة اصحاب القول بالتقية او البرجماتيين او بمعنى انه دار ولا تستفز الطرف الاخر ولا تعانده في الظاهر وتماهى معه وتمايل لاننا الان نحن في زمن الهدنة والصلح ولسنا في زمن المواجهة وقد ورد حتى في رواية حرمة بيع السلاح على الاعداء نصوص عديدة وردت انها غييت تلك النصوص وجعلت غايتها حتى تكون مباينة او تنتهي الهدنة يعني هل يجوز بيع السلاح على المخالفين؟ قال نعم في عهد الهدنة فبعضهم مقيد وبعضه معلل ، اصحاب المبادئ يقولون نستسلم للواقع الفاسد في التهاون والتكاسل ، فهذا الطرف المبدئي او الثوري او الالحادي او المندفع لا يراعي الموازنات ويفرط في القدرات يعني كلا الطرفين يسجلان مؤاخذات على الطرف الاخر فذاك الطرف المبدئي يقول هذا تماهيكم سيؤدي الى التماهي في اصل الهوية والماهية ولن يقف عند حد فبالتالي يصير مسخ للمسيرة فكل يسجل على الاخر مؤاخذات .
فانت القائل بالبرغماتية او معايشة الواقع كما هو من دون خيالات تجريدية كما تزعم انت البروغماتي فاصحاب هذه النظرية التي هي غربية يقولون اصحاب المسلك الديني يعيشون دائما اهداف خيالية والواقع المادي لا يساعد عليه ولو هي صالحة ولكن كلمتنا المدينة الفاضلة فكل يتراشق مع الطرف الاخر ويسجل عليه مؤاخذات .
ذكرت سابقا هناك ربما اربعة واربعين موقف مصيري من امير المؤمنين لم يتنازل عن مبدأية ومسلك الاحكام الاولية لاجل المصلحة فلم يقدم المصلحة اصحاب البروغماتية عندهم عدة اسماء لمنهجهم الواقعية المصلحية المصلحة بينما اصحاب هذا المنهج تستطيع ان تقول عنهم مسلك المبدئية والمبادئ والقيم والاحكام الاولية .
فانت كحاكم سياسي او قائد لفئة ولو على صعيد ناعم تراعي هذه المدرسة وعندك تزاحمات في ادارة من يتبع او من يصغي اليك في بيئة نفوذك فانت كمدير او زعيم او قائد او مسؤول او كموجه هل تراعي المسلك الاول والمنهج الاول او الثاني؟ او هناك خيار ثالث رابع خامس وبالتالي هذه جدلية وتحدي موجود هناك مدارس تؤكد على المنهج الاول وقواعد حتى في الفقه تؤكد على المنهج الثاني .
مثلا حتى في مواقف الباري تعالى فضلا عن سيد الانبياء وسيد الاوصياء فضلا الامام الحسن المجتبى او بقية الائمة بعض المواقف تراها تصب كأنما في المدرسة الاولى وبعضهم في الثانية مثلا الله عز وجل في سورة المزمل التي هي مكية يقول للنبي ويكيدون كيدا واكيد كيدا فمهل الكافرين امهلهم رويدا او مثلا في سورة الاحقاف فاصبر كما صبر اولي العزم من الرسل ولا تستعجل لهم فهنا امهلهم رويدا ان لدينا انكالا جحيما وطعاما ذا غصة وعذابا اليما فبعض الوسائل في الجانب الاول وبعضها في الثاني والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس فبعض المواقف من المعصومين تصب في المنهج الاول وبعضها في المنهج الثاني .
مر بنا مرارا ان السيرة العملية للامام الحسن كأنما يصب في المنهج الاول اما السيرة وسنة الامام الحسن في المنهج الثاني مبدئي وعلى خلاف ما يتوهم الامام الحسن في خطابه هو كان مكشوفا مع الطرف الاخر وهو ابرز الائمة الاثني عشر في ذلك يعني خطاب الامام الحسن ليس فيه صلح ابدا وانا شخصيا لم اجد موردا الامام الحسن خطابه فيه صلح مع الطرف الاخر حتى مع السقيفة فيتكلم الامام على المكشوف بينما المواقف السياسية والعملية شيء اخر وذكرت لكم الامام الحسين عكس ذلك في خطابه في الجملة فيه صلح او هدنة لكن في عمله السياسي ليس فيه الصلح يعني الامام الحسين في خطبه قليلا ما يتكلم بالمكشوف حول قضية السقيفة حسب تتبعي القاصر بينما الامام الحسن سواء مع السقيفة او مع بني امية يتكلم على المكشوف تماما وكما مر التعبير في السنين السابقة الامام الحسن في الخطاب وفي المواقف السياسية العملية حسني والامام الحسين في خطابه حسني وفي سيرته العسكرية والسياسي حسيني يعني الحسينية والحسينية تبعضت شطرين عند الامامين وليس فقط مع اخيه الامام الحسين .
فاذا اردنا ان نقارن خطاب الامام الحسن مع كل الائمة المعصومين من الاربعة عشر كل يتكلم على المكشوف نستطيع ان نقول لا مواقفها فيها مداراة ولا خطابها فيها مداراة فهي كأنما لم يسغ لها ان تنحو المنحى الاول وبقيت على المنحى الثاني المبدئية فقط فهي لم تلحظ قضية المصلحة او البيئة وانما المبدئية بشكل مطلق واللطيف انه ورد في الامام الثاني عشر انه يتأسى بجدته الزهراء يعني موقفا وخطابا واحد اسباب سرية نشاط عمل وادارة وقيادة وتدبير الامام الثاني عشر انه لا يسوغ له العمل على وفق المصلحة بل لابد ان ينتهي في المبدئية ولذلك احد اوصاف الامام الثاني عشر السلام على السيف الشاهر يعني خرج عن غمده فالمواجهة الفعلية وان كانت سرية فهو سيف شاهر وليس انه سيشهر سيف يعني قوة واذا تتدبر فكل امام عنده كل المنهج ولكن مع ذلك في صورة الظاهر يختلف .
لذلك ورد التعبير عنه عج بالشريد الطريد يعني ليس فقط شريد وانما طريق مطارد فبالتالي ما هي الصورة الواقعية؟ هل هذا المنهج ذلك المنهج خيار ثالث مزج بين الامرين؟ رابع خامس ؟
نذكر بعض الشيء بادلة القائلين عن ميزان المصلحة والميزان على واقعية الظروف عش محاسباتك حسب الواقع الموجود ولا تبني برامجك ومشروعك على وفق الغايات المبدئية فكن واقعي ، فلاحظ كل منهج له مبرراته وادلته فكيف نجمع بين هذين المنهجين ؟
نقول هذا المنهج الاول على اطلاقه ليس بصحيح لانك تستسلم للواقع الموجود ولو كان فاسدا وتتكيف معه فاصحاب المنهج البرغماتي او المصلحة او القوة او التقية يقول انت تكيف لا تكن عاصيا فتنكسر او تحترق او تضاد بل لازم ان تتكيف فابدي المرونة وربما انت تضيع فرص كثيرة وقوة كثيرة فقضية التكيف مع الواقع الفاسد لا اقل يحفظ لك ما تتمكن من القدرات اما اذا تضيع هذه المبدئية سوف يستدعي ذلك ابادة كل القدرات ويكون تفريط في كل القدرات والامكانيات ولكي تحافظ انت على الامكانيات المفروض تكون مرنا وليس صلبا المرونة قد تكون هي النجاح شبيه قوله تعالى ولا تكن للخائنين خصيما .
اصحاب النظرية الاولى يقولون لكي تحافظ انت على المقدرات يجب ان تكون معهم وتتعايش معهم اما انتم اصحاب المسلك المبدئي او الثوري او الالحادي او الاندفاعي لن تصلوا للغاية فكل ما هو موجود من مقدرات وامكانيات ستفرط فيه وتبيده باندفاعك لا اقل حافظ على بعض المقدرات خير من ان تفرط في كلها تحت شعار المحافظة على كل المقدرات فلا حافظت عليها ولا حافظت على البعض .
فاذن الحيطة والمحافظة بابداء المرونة والتكيف بالانسجام حتى مع الواقع الفاسد ضروري طبعا نقلنا وجهة نظر المبدئية وما شابه ذلك بانه هذا التكيف والتلون مع العدو له حد شبيه اذا بلغت التقية الدم فلا تقية فحيث اذا بلغت التقية الدم فلا تقية فكيف اذا بلغت العقيدة؟ فاصحاب القول المبدئية عند مبرراتهم فما هو الضابط والميزان؟ طبعا ينشأ من هذه الجدلية وهذه التجاذبات والتحديات المعقدة حالات اخرى مثلا ما الفرق بين صلح النبي في الحديبية وعدم صلح الامام الحسين؟ فهل اسلوب الصلح مطلقا صحيح؟ او اسلوب الاباء والرفض والمجابهة والمواجهة مطلقا صحيح ؟ كما في مدرسة عاشوراء وهل هناك تقارب بين صلح الامام الحسن مع صلح رسول الله ؟
هذه المحطات تقرأ بالمنهج الاول والثاني والثالث فاذا كان تشخيص مصلحة هذا معيار لا يقف عند حد فيجب ان نكتشف موازين المعصوم لكي نقتدي به ، اذا الموازين كانت واحدة لماذا اقترفت النتائج صورة؟ ولماذا قال الامام الحسين هيهات منا ذلة؟ يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وهيهات منا الذلة او قد ركزني بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يعني المواجهة الساخنة بل حتى انه ماهية درجة السخونة ودرجة المرونة فدائما التزاحم بين الاغراض والمبادئ فما هو المعيار المحكم؟
مثلا المبدئيون او الثوريون دوما يستشهدون بالامام الحسين والطرف الاخر دوما يستشهد بالامام الحسن او سائر ائمة اهل البيت من زين العابدين الى الامام العسكري او غيبة صاحب العصر والزمان اما قوله كن في الفتنة كابن اللابون يعني انئى بنفسك عن المداخلة هل هذا معناه ام معنى اخر؟ او معناه لا تكن طرفا من الطرفين لذلك هذه المباحث حساسة جدا نستطيع ان نقول مبحث التزاحم في الاحكام الكفائية او المسؤوليات العامة كيف ضابطة الاهم والمهم؟ لماذا النبي في صلح الحديبية صالح ولكن في اخر ليس بالصح مثلا في فتح مكة لم رفض الصلح فدخل وكذلك في بدر ففي هذه الموارد ما هو المعيار؟ فهل نرفع اليد عن الاحكام الاولية؟ او ما هي الضابطة باستعمال الاحكام الثانوية ؟ حتى نفس ائمة اهل البيت والامام الكاظم في جملة من الموارد ما يكون متماهي مع الدولة العباسية مثلا موقف صفوان الجمال او عندما استلم هارون السلطة واتى الى مسجد النبي وسلم على النبي واراد كأنما يأخذ الشرعية من النبي فالامام الكاظم دخل على الخط وبين له انه ما يمكن ان تأخذ الشرعية لسلطانك .
بالتالي اذن هناك ضوابط يجب ان تكتشف انه ما هي المعايير؟ مثلا هناك صلح قد يدرج انه من قبيل صلح النبي في الحديبية وهناك صلح قد يدرج بانه تفريط يعني بالمقدرات وبيع لها وللمبادئ فهل هناك ضابطة وميزان ام لا ؟
شبيه هذا المطلب في الروايات الواردة في اختراق النظام الجائر بان يشغل الانسان وزارة او مدير عام او حتى موظف بعض الروايات تنهي بشكل مطلق وتصر على المبدئية وبعض الروايات وهي طوائف بالعكس تفسح المجال ومن ثم الاعلام وقعوا في حيص بيص في كيفية جمع هذه الروايات فهل الانسان ويتلون بلونهم او يظل خارج النظام ويكون مبدئي لان الدخول في هذا النظام تداعياته هو نوع من التلون بلونه ؟
لاحظوا ابو طالب عليه السلام كتم ايمانه ولكن ناصر رسول الله الى اخر عمره بينما حمزة لم يكتم ايمانه حتى ورد في القرآن قال رجل من ال فرعون يكتم ايمانه فهو كتم ايمانه لكن لم يكتم الاعتراض فكيف نجمع بينهما؟