« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/08/19

بسم الله الرحمن الرحيم

باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (٤3)

الموضوع: باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (٤3)

 

بالامس مر بنا ان ابواب كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وكما مر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا ينحصر بالمعروف في الامر بالمعروف بل يشمل اقامة المعروف مثل كونوا دعاة لنا بغير السنتكم فالمقصود هذا الحديث الذي تداوله الاعلام لكن لم تبلور واقعية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر صناعيا وتفسيرا وفتوائيا وتبيينا للاليات فالهدف من الفتوى هو عامل تربوي في المجتمع يعني بعث وتحريك المجتمع نحو امتثال الفرائض فاذا كانت فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تقتصر على اللسان بل بحسب بيانات اهل البيت اعلى مستويات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس باللسان وانما بصنع جو جاذب للطرف الاخر نحو المعروف ، فدعاة يعني جذابية .

بعبارة اخرى الامر بالمعروف يعني صنع جاذبية معينة ومحركية معينة نحو المعروف لا انه خصوص الامر الانشائي واللساني والكلام القولي ، احد رجال الدين مثلا يريد يعظ جماعة فاذا كان بشكل زنجرة وتقريع فهذه ليست الية جذابة ولكنها اخر الدواء وليس اول الدواء اخر الدواء الكي بل بحسب بيان اهل البيت كونوا دعاة لنا بغير السنتكم الدعوة الجذابة المغناطيسية المؤثرة غالبا ما تكون بالبيان اللطيف لا بالمكاشرة فحتى لو هو كان مقيما على المنكر او مقيم على ترك المعروف ولا حرمة له مع ذلك الغرض من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الهداية فاذا كان اسلوب الهداية اكثر تأثيرا وجذابية فالعقل يقول ان تحقيق الغرض من الفريضة اهم من الجمود على قالب معين .

مثلا اذا كان المجتمع يتأثر بالافلام سواء في مقاطع التواصل الاجتماعي او في الفضائيات او حتى في الافلام القصيرة ام خمسة دقائق او عشرة دقائق او المسلسلات وليس يتأثر فقط بل يستجيب وينقاد لا شعوريا لها فكيف تترك هذه الالية? مع ان من اعظم اليات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو عامل الفن وانواع الفنون وللاسف نحن نركز على الاليات البسيطة القليلة التأثير ونجمد عليها .

انا لا اقول الامور التقليدية تترك كلا وانما تبقى لها مساحة لكن الاقتصار والانحباس على ما هو اليات تقليدية لاتقف قبال الاقتحام الى بيئات جديدة في الاليات? فهو اوفق للغرض واوفى بتحصيل الغرض وانجح واوثق بتحقيق الغرض وبكيفية ذلك فكيف تترك؟ الجانب الفنون كالاناشيد والدعاء ايضا هو نوع من الفنون والتواشيح فالفنون بافقها العريض الجمعي او الفردي تدخل فيه ملفات عديدة ونحن نغفل ضرورة واهمية هذا البعد ، فبشكل لا ارادي يتأثر به المجتمع لانها تتصرف مع عقل الباطن للمجتمع يعني هذه الفنون تدخل في العقل الاجتماعي الجمعي او الفردي فتدخل فيه ملفات شاء الطرف الاخر ام ابى فالفكر والتنظير جيد ولا نخفي ضرورته ولكن التأثير في المجتمع عن طريق الفنون والمشاعر ابلغ .

احد ابعاد واقعة عاشوراء انها ملحمة تؤثر في الروح والعاطفة والوجدان يعني خطب امير المؤمنين في مسجد الكوفة جانب عظيم والقرآن العظيم نزل على سيد الانبياء ولكن ملحمة عاشوراء شيء اخر عبارة عن زلزال روحي عاطفي وتأثيره يختلف وكذلك ظلامة الزهراء لها تأثير خاص وليست قصة تنظير ربما الكثير عندما تتناقش معه فكريا ليس بالضرورة ان يقتنع لكن لما يستعرض حقيقة الاحداث التي جرت على الزهراء ينبض ضميره فورا اذا قدرت له الهداية .

فالفنون عادة لها جذابية خاصة وتأثيرها في الجانب العاطفي او الروحي في النفس عجيب جدا ، فتأثير الجانب الروحي والنفسي في الانسان على الجانب الفكري مؤثر كما ان الفكر يؤثر على الروح فالروح والعاطفة تؤثران على العقل والفكر يعني تأثير متبادل بينهما فليس التأثير من طرف دون طرف اخر فنحن اذا تركنا هذا السلاح العظيم وهو جانب الفن وهو سلاح ناعم و وردي لكن جذاب ومؤثر وتأثيره ثمانين او سبعين بالمئة كما وكيفا فكيف تتركه? فاذن في الحقيقة باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس الامر يعني اللساني ولو ذكر في الروايات او الايات اللسان فليس المقصود منه هذا العضو وانما الاليات المؤثرة المحرضة الباعثة التي تدفع وتبعث نحو التأثير .

اذن اليات التأثير هي مؤثرة للدفع وللتحريك وكذلك باب النهي عن المنكر ليس الغرض منه الزجر والزمجرة وانما عملية الوقاية او قطع الطريق على المنكر وحتى لو كان بطريق ناعم وردي وليس فقط بالزمجرة . هناك مسيحي استبصر على يد الامام الصادق فقال كيف اتعامل مع والدي قال تعامل معهما باخلاق اعظم واشد حسنا من السابق وهذا الاسلوب كان سببا لانجذابهما الى الاستبصار وعلى هدي نور اهل البيت اكثر مما لو دخل معهم في جدال فكري فربما هذا الجدال الفكري يزيدهما عنادا وجحودا وعداوة فالهدف ليس خلق العداوة في الطرف الاخر والجحود وانما الهدف جذبه فالقصة ليست قصة جدال ونقاشات فكرية وابكات وتبكيت وتشنج وتوتر .

لذلك في بيانات اهل البيت ورد كثيرا انه لماذا تلحون الحاحا شهيد على ان يهتدي الاخرون? نعم الحرص عليه شيء جيد ولكن هذا الاسلوب اللي هو نوع من التشنج او التوتر فلا ، مثلا كان الامام الصادق في موارد يسجل مؤاخذات على مؤمن الطاق لانه كان يحول النقاش العلمي الى تبكيت وابكات ليس هذا الهدف نعم قد يكون في بعض الموارد هو مطلوب ولكنه ليس دائما فعلى الدوام ليس مطلوبا المطلوب هو الجذب .

يقال ان اخت زرارة وهي ام الاسود هي التي جذبت زرارة وكل اخوتها كحمران الى الاسلام وما ادراك ما حمران فهو مقرب جدا عند الباقر الصادق والعلماء العامة يجلونه ويعظمونه اكثر من زرارة هذه ايضا قيل انها اهتدت على يد ابي خالد الكابولي وهو من حواري الامام السجاد فليس الهدف هو شعللة الجدال والتجند والتوتر والمصارعة لذلك احد فلسفات صفة كظم الغيظ هو هذا وهذه بحوث موجودة في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي ليست ندبية اخلاقية وانما هذه بحوث اساسية بنيوية في تحقيق الغرض من هذه الفريضة العظيمة انه كيف يبسط الحديث عنها وعن ضوابطها وقواعدها بحيث انت ايها المؤمن لا يسوغ لك استخدام الاسلوب الناقض للغرض وانما المحقق للغرض وليس فقط مع الطرف الاخر حتى مع الطرف الداخلي ومع الاسرة ومع المؤمنين .

لاحظ كلام القرآن رحماء بينهم يعني الرحمة لا توجد جدار فاصل بين المؤمنين واستعمال التوتر والتشنج ليس مطلوب هذا نظام سياسي واجتماعي وليست اخلاق ندبية انتم ايتها الفئة المؤمنة لا يسوغ لكم زرع وبناء جدار عدواني تبايني مع فئة مؤمنة اخرى وهذا ليس معناه ان تذوب الفئة الاولى في اخطاء الفئة الثانية وانما امر بين امرين فحينئذ عدم تمييز هذه القواعد والملفات عن بعضها البعض يوجب اخفاق في مشروع الايمان .

الان عشرة قرون تأخر الظهور وقد يستفاد من بعض المواد ان الظهور كثير ما قرب ولكن يتأخر والسبب هو عدم توفر شرائط النصر من قبل المؤمنين لمشروع الظهور لا تقل ان الظهور امر بيد الله نعم كل شيء بيد الله ولكن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم لان الظهور هو اكبر تغيير منذ ادم الى يومنا هذا وهو خاضع لمعادلة الهية ان تنصروا الله ينصركم وما النصر الا من عند الله فالنصر قد جعل الله له شرائط مع ان هذا الشرط ليس لعجز الله تنزه الباري عن ذلك وانما شرط استحقاقكم للرحمة الالهية وبدونه لا يمكن .

احد اسباب تأخر الظهور هو العداوات والنزاعات بين الفئات المؤمنة وقد ذكرت هذا الامر الروايات ومر بنا ان النقد والاختلاف في وجهات النظر هذا امر حيوي وصحي اما تمدده الى عداوات ونزاعات وتوترات فهذا امر محرم من المحرمات الكبيرة يعني الان قضية هارون النبي هي سنة عظيمة حيث جماعة من بني اسرائيل عبدوا العجل من بعد موسى مع ذلك هارون لم يقم بمواجهة شديدة معهم وانما قام بالمواجهة الفكرية قال لهم يا قوم قد فتنتم انفسكم فواجههم فكريا ولكن لم يواجههم بشدة والسبب لانه ليس لديه قوة والسبب اخر انه يقول خشيت ان تقول فرطت بين بني اسرائيل فالان هل التفرقة محذورة وهم يعبدون العجل? نعم محذورة لانه فيه ضعف لهذه القومية فيريد ان يعالج الموقف بنحو لا يسبب التفرقة والضعف فالفرقة والتفرقة ضعف فنحن لا نميز بين اختلاف وجهات النظر وبين الفرقة حيث الفرقة من الكبائر .

ستختلف امتي على ثلاثة وسبعين فرقة فالافتراق ليس شيء كمال وانما انحدار ولا تنازعوا فتفشلو وتذهب ريحكم فالنزاع غير اختلاف وجهات النظر ، اذن هذه البحوث هي من الفرائض والواجبات الكبرى وهذه للاسف لا يتم خوض تفصيلي فيها في المدونات الفقهية يعني هي من الكبائر وتصد عن مصير راية الايمان ورغم ذلك لا يتم الخوض فيها وبالتالي على المؤمنين ونخبهم تتلبد الصورة بين النقد والتواصي بالحق وبين البغضاء والعداء .

لاحظ هنا هنا مورد تواصوا بالحق ونصيحة وترشيد لكن لا بنحو العداوة والفرقة والنزاع فكيف نفرق بين ملف الفرقة والتفرقة وملف النزاع وملف العداوة وبين ملف تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر؟ فلاحظ هذه منظومة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحقيقة فيها قواعد ربما في كلمات المشهور انطبع انها استحبابية ندبية هي ليست اخلاقية ندبية هي اليات وضوابط صميمة في تحقق اقامة هذه الفريضة فكيف تكون ندبية? وانما ادارة ذكية لتحقيق الغرض وقواعد ادارية تدبيرية ناجحة صميمية ارشد اليها الشارع فكيف تكون ندبية? اذن واقع اقامة المعروف وازالة المنكر كنظام واليات نحن مبتعدين عنه تنظيرا فضلا عن ابتعادنا عنه تطبيقا وتنفيذا .

مثلا الاب يريد ان يؤثر على اولاده فليس بالضرورة ان يكون ذلك بالتشنج والتوتر لا سيما الاسلوب الذي لا يشعر به الطرف الاخر يجذبه من دون ان يشعر هذا من انجح الاساليب يعني يغيره ويجذبه من دون ان يشعر به الطرف الاخر وهذا من انجح اساليب سيد الرسل .

في صلح الحديبية احد الصحابة تمرد على صلح النبي وقام بنشاط سياسي ضد النبي فهذا الشخص حرض الاخرين على التمرد على ان لا يستجيبوا لله ولرسوله في الصلح وان لا يرجعهم النبي الى المدينة المنورة بسبب الصلح وانما الاتجاه الى مكة فهو اصر على مواجهة قريش لدخول مكة يعني تمرد وعصيان واضح على النبي ونشاط سلبي داخلي وهو ما شاء الله ذو مهارة عالية في هذا ، فالنبي دخل لخيمته وكانت معه ام سلمة وكان منزعجا من هذا الامر فاقترحت عليه ام سلمة اقتراحا ناعما مؤثرا قالت يا رسول الله انت اخرج من الخيمة واذهب واحلق رأسك واذبح الهدي ستراهم يستجيبون لك وفعلا استنصح النبي رأيها وذهب حلق رأسه وذبح الهدي فقام البقية الصحابة بحلق الرأس والا كان بامكان النبي ان ينصب لنفسه منبرا ويخاطبهم لماذا تتمردون? ولماذا لا تنقادون? طبعا بعد ذلك النبي اخذ عليهم البيعة سميت ببيعة الشجرة ضد هذا التمرد، لانهم تمردوا ونكثوا عهود الطاعة من النبي بسبب ذلك الرجل .

ان ذلك الرجل كان مصدر تحريض على النبي في موارد منها صلح الحديبية ومنها لما كان النبي في فراش الموت وطلب منهم انهم يأتونه بكتاب ودوات يكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده ابدا واللطيف احد المحققين عنده التفات الجيدة في هذا الحديث المتواتر يقول بمجرد ان كان المسلمون يطلعون على كتاب النبي كانوا سيقطعون الطريق على هذا الرجل عن ان يضل الامة لان النبي في حديث الثقلين يؤكد على التمسك باهل البيت وانه اذا لم يتمسكوا يضلون الطريق فبمجرد المصحف دون معية العترة ما يعصم المسلمون الا ان يتمسكوا بهما معا فكانت هذه الكتابة تسد الطريق على هذا الشخص ولذلك هو شعر بالخطر فقطع الطريق امام المخطط النبوي عن الكتابة فهو ايضا شعلل التمرد على النبي ووصف النبي باوصاف قريش انه ساحر مجنون والطعن عليه بطعون قريش .

ففي مواطن عديدة كان من هذا الشخص تمرد مذكورة في سجلات التاريخ لكن مع ذلك لاحظ معالجة ام سلمة للموقف بشكل ناعم وحيوي قالت احلق يا رسول الله وسيحلقون معك لاحظ اذن ما هو الغرض من الائتمار والطاعة والانقياد ؟ فمع وجود اساليب مؤثرة في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كيف الانسان يتخلى او يبتعد? ولا يستعمل هذه الاليات التي فيها تأثير الى ما شاء الله ويستقطب الاليات التي قد تكون نقضا للغرض فيها اكثر من ضمان تحقيق الغرض .

يعني نلاحظ بلورة قواعد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اشرنا الى قواعد صميمية بنيوية في هذا الباب لم تبلور في الفتوى وفي الفقه مع ان ارتكاز الاعلام اجمالا موجود فاذا لم تبوب سوف لم ينطبع لدى المكلفين الاليات الايجابية ويقوم باليات ناقضة للغرض فينحبس بها? فالغرض من الفتوى والتدوين الفقهي الحفاظ على اغراض الشارع فلماذا القواعد لا تذكر ولا تبلور? هذه قواعد وليست اخلاقيات .

فاذن هذا امر ضروري يجب الخوض فيه مثلا بث الطريق الجذاب من خلال المحاضرات او عبر شبكات التواصل الاجتماعي هذا قد يأخذ لك مساحة عشرات الاضعاف على الحضور الفيزيائي الجغرافي انا لا اقول ان هذه الادوات التقليدية نفرط فيها كلا هذه تبقى اسس مصادر وعيون رافدة الى اغراض الدين لكن الاقتصار والانحباس عليها من دون التصدي والقيام باليات عصرية اكثر تأثيرا كما وكيفا لا عذر لنا في ذلك ولو باستعانة مع نخب مهنية يقومون بهذه الامور الفنية التخصصية لكن لابد من سعي المؤسسة الدينية الى ذلك وجلب الكفاءات في الفنون .

انت اذا سيطرت على جانب الفن والاعلام في المجتمع سيكون كلمة الفصل لك ولمن يسيطر في هذا جانب الفن وجانب الاعلام فيجب ان نغسل افكارنا غسل ايجابي وليس غسل سلبي فلماذا نترك هاتين الاليتين المهمتين? مر بنا ان هذا من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني باب وزارة التربية والتعليم العالي وباب الاعلام يعني يضاهي ويقابل ويوازن ذلك من هنا انقطع يعني استخدام الاليات التي قد تكون نقض الغرض فيها اكثر من ضمان تحقيق الغرض وقبل اسبوع اشرنا الى قواعد صميمة بنيوية في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تبلور لا في الفتوى ولا في الفقه وان كان الاعلام التفت اليها ارتكازا واجمالا فلاجل هذا يكون لدى المكلف انطباع بهذه الاليات فيتقوقع وينحبس بالاليات التي فيها افشال لغرض هذا الباب وليس هذا هو الغرض من الفتوى والتدوين الفقهي وانما الغرض منه الحفاظ على اغراض الشارع فكيف القواعد ما تذكر وما تبلور? هي قواعد وليست اخلاقيات .

اذن هذا الباب وهذه القواعد من الضروري الخوض فيها الان مثلا بث الطرق الجذابة في المحاضرات او شبكات التواصل الاجتماعي قد ياخذ مساحة اضعاف اضعاف الحضور الفيزيائي الجغرافي انا لا اقول هذه الالية الاخيرة نتركها كلا هي تبقى اسس ومصادر وعيون رافدة الى اغراض الدين وما شابه ذلك لكن الاختصار والانحباس عليها التلكؤ عن التصدي والقيام بالاليات العصرية كما وكيفا لا عذر لنا فيه ولو باستعمال نخب مهنية يقومون بهذه الامور الفنية التخصصية لكن لابد من سعي المؤسسات الدينية الى جلب الكفاءات في الفنون فانت اذا سيطرت على جانب الفن والاعلام في المجتمع سيكون بالتالي كلمة الفصل لك ولمن يسيطر في هذين الجانبين جانب الفنون وجانب الاعلام فهو غسيل روحي اما سلبي او ايجابي فلماذا نترك هاتين الاليتين المهمتين ؟

مر بنا انه باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو باب وزارة التربية والتعليم العالي وباب الاعلام ويضاهي ويقابل ويوازي عدة وزارات وعدة ادوار للنظام الحاكم فهذه امور وقواعد لا يمكن التغاضي عنها ولا يمكن حملها على الندب والاخلاق والارشاد هذه قواعد يجب ان تؤسس بشكل منتظم فهناك الى ما شاء الله من القواعد التي بينتها الايات والروايات في هذا الباب ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة الجميلة طبعا القرآن ليس فيه جميلة ولكن بالنسبة لاوصاف النبي في زياراته ورد انه ذو موعظة حسنة وجميلة ، جميلة يعني جذابة واما حسنة يعني ليس فيها سوء في الامور الجذابة ، فاصفح الصفح الجميل .

لاحظ كم قاعدة مرت علينا في الايات والروايات المرتبطة بالنظام التربوي للامر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني انت تربي الطرف الاخر وهو يربيك فتكافل اجتماعي في التربية ، المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يعني كلهم مسؤول عن الاخر هذا هو الواجب الكفائي او المؤمنون بعضهم اولياء بعض يعني من كلا الطرفين فانت لست مسئولا عن نفسك فقط وانما مسؤول عن المؤمنين والمسلمين وهم مسئولون عنك .

وقفت على هذه الاية البديعة الجميلة وائتمروا بينكم بمعروف فكل يأمر الاخر يعني ولي الاخر ومسؤول ولكن بمعروف وليس بشزر وزمجرة وتوتر وتشنج وانما بجذابية وائتمروا بينكم بمعروف والتعاشر بالمعروف صاحب الوسائل في كتاب الحج في ابواب العشرة لعله سبعين بابا او اكثر او اقل عقد في ذلك وفيها مئات الروايات والمستدرك يزيد على ذلك ويزيد عليه البحار في ابواب العشرة يعني ابواب نظام قواعد ادارية في التعامل مع الاخرين والتأثير على الاخرين والتأثير اوجب في انضباطه بقواعد ادارية تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .

لاحظ بضرورة مذهب كل المسلمين باب الامر بالمعروف والنهي المنكر لا يغلق ومر بنا اعظم المعروف اقامة دولة اهل البيت وهو اعظم البر ، واعظم المنكر اقامة دولة الجور ودولة الزيغ والبغي ، فاذا كان باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ما يعطل لان هذا الباب فيه اولويات بينما الان لاحظ الطرف الاخر والعدو الاجنبي يستخدم عملية غسيل فكري وروحي على انه اقامة نظام اهل بيت من اكبر الموبقات واقامة نظامه من اعظم المعروف والتحاكم اليه شيء نموذجي اما التحاكم الى المبادئ والقيم الدينية القرآنية والثقلين فان هذا من انكس الانتكاسات فلاحظ هذا التواصي والتكافل غير موجود ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة الحكمة هو استخدام الالية المؤثرة واستخدام الالية الناقضة للغرض هي من السفاهة .

فانت تتكافل لكن تتجنب الفرقة والعداوة وكثير من المؤمنين وكلنا مبتلون بهذا الشيء اننا نصر على عداوات وكانما هو امر بالمعروف ونهي عن المنكر لا سيما في حومة المؤمنين هذا لم يعد نهيا للمنكر وانما هذا اقامة للمنكر وعلاج الخطأ بخطأ اشد منه .

ان ملحمة النبي هارون ملحمة عجيبة ان التفرقة اخطأ واخطر من عبادة العجل لانه اذا اصل البنية الاجتماعية تبددت انت سوف تفقد النسيج الاجتماعي فيجب ان تحافظ عليه لاحظ القرآن يقول فليعبدوا رب هذا البيت يعني الدين الذي هيأ له من الحياة المادية فالرباط الاجتماعي والدنيوي امر مهم بعد ذلك يتمكنون من قضية الدين طبعا لابد من التوازن انا لا اقول نفرط في هذا وانما نوازن بين البعد الديني والمادي كالموازنة بين الغيب والشهادة وبين الدين والدنيا .

بالتالي اذن قضية الفرقة وابادة الهوية الواحدة الانتمائية هذا خطر كبير تحت ذريعة الاصلاح انا اريد ان اصلح ولا اريد ان اذوب في اخطاء الفعل في الاخرى لكن ابني جدار من العداوات فبالتالي العداوات توجب فرقة وتقسيم فلانضعف ولنكن يدا واحدة ضاربة وهذه ليست مجرد اخلاقيات وانما هذه من صميم الاغراض الضرورية الالزامية في الشرع ، فاصلاح ذات البين اعظم من عامة الصلاة يعني مجموعة الصلاة كلها فاصل البنية الاجتماعي اليومية لا تفكر انها هينة نعم ليس بمعنى انه يذوب بعضهم في اخطاء بعض لكن لا تزرع العداوات والفرقة يعني لانخلط بين الملفات وهذا الخلط بين الملفات تنظيرا وتطبيقا الى ما شاء الله والعدو يلعب على هذا الخط والخبط فهذا ليس بحث اخلاقي وانما من الزم الملزمات واعظم من خلل الصلاة والزكاة والحج هذا خلل في اصل حومة الايمان وتصدع اصل بنية الايمان قالها الوحي اصلاح ذات البين خير من عامة الصلاة وعامة البر .

فكما نحن نحافظ على الصلاة واحكامها ووقتها كذلك في مقامنا هذا فيجب ان لا نخلط فتواصوا بالحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولكن ليس بنحو الفرقة والعداوة والتنازع والصراع وليس باسلوب المداهنة ونتملق لبعضنا البعض لا هذا ولا هذا هناك طرق خيرات ومسارات صحيحة كثيرة ولكن زرع العداوة والفتن بين المؤمنين من اكبر الكبائر والاصلاح ضروري ولكن زرع العداوة البغضاء حرام لماذا نخلط بين هذا وهذا? في حين يقول القرآن رحماء بينهم ايضا يقول تواصوا يعني اكشفوا الخطأ لانه كشف الخطأ اسلوب ناعم غير متوتر لاصلاح الخطأ .

الان الشفافية في علم الحديث يقولون الية علاجية ناعمة ولكن ليس بشكل متوتر يعني تعدمه وتسقطه معنويا هذا غير صحيح وانما خفيف شيئا فشيء تدريجي ضاغط عندنا في باب الحدود ذكر الاعلام انه لا يجوز اقامة الحدود على مستحقي الحد اذا كان ذلك يؤدي الى فراره الى بلاد الكفر واعتناقه الكفر انت تريد تؤدبه على معصية معينة فتزج به الى معصية اكبر فهذه اساليب في النظام الاجتماعي وفي ابواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اعظم واخطر من ابواب اخرى فهذه ليست اخلاقيات مستحبة ومندوبات وانما هذه من قواعد ومن اوجب الواجبات يجب ان تبحث اداب العشرة صميما في ابواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لانها لصيقة بتحقيق الغرض الخطير وتحول بين انشاء ما هو افسد يعني نريد ان نصلح باسم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فنكرس اكبر المنكر من العداوات والانشقاق والنزاع وندفع الفاسد بالافسد وليس دفع الافسد مثلا بالفاسد فهذا ليس جائز .

القضية ليست قضية شخص وانما الهوية العامة العظيمة لا نفرط فيها اذكر كلمة ونختم افترض هذا القطر من المؤمنين له الاولويات وذاك القطر ايضا كذلك لكن توزيع وتنظيم ادوار المسؤوليات لابناء القطر وذاك القطر لا نفرط فيه الى درجة العداوات والتبري والشحناء بحيث الاجنبي العدو نعادي الولي تحت ذريعة انه مثلا ابناء هذا القطر او ذاك القطر الافراط وزرع العداوات لا مبرر لها وسيما اذا كان الخطاب الديني يحمل في زرع العداوات وهذا امر عجيب فهل هذا خطاب ديني او لا ديني? والخطاب الديني يحمل في طياته الموالاة فهذه هي هوية مشتركة يجب ان لا نتبرأ منها الهوية الدينية هي الاصل في حين ان الهوية الوطنية والقطرية والتنظيمية المعيشية لا ننكرها هو نمو منظم ولكن ليس على حساب اعدام الهوية الاصلية والايمانية هذه ليست مبرر .

نعم ننصح بعضنا البعض وننظم بعضنا البعض ونوازن بعضنا البعض ونعادل ونناصف هذا ضروري لكن لا بنحو يستلزم ان نزرع العداوة والبينونة بيننا ونزرع الموالاة مع العدو هذا نوع من دمار لبيضة الايمان في بنيان ائمة اهل البيت لماذا نخلط الملفات مع بعضها البعض? لماذا نفرط في ملف على حساب ملفات اخرى? لماذا لا ننازل الملفات والقواعد مع بعضها? هذه مسئولية وسنحاسب عليها في القبر وانا اقسم على ذلك وسنعذب العذاب ازيد من الزنا والفجور لان هذا فت في اصل بنية الدين تحت عنوان الخطاب الديني او الخطابات السياسي .

مثلا انت ايها المراسل الصحفي انتبه لئلا تكون واعظ للسلاطين ولحكام الجور ، فالمراسلين والصحفيين والاعلاميين مسؤوليتهم اخطر من اي شخص اخر اكثر من الخطباء ومن المنابر لان هؤلاء اما وعاظ الجور والظلم والانحراف والاستعمار او وعاظ الخير وكلمة النور ، فالاعلامي له مسؤولية عظيمة جدا فلماذا لا نبحثها وهي من صميم باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والمسؤوليات العامة متروكة وكأنما اذا متروكة يعني ان القضية فلتان ونحن للاسف لم نكتب ولا نفهم فقه الاعلام ولا مسؤولية الاعلام وهي سلطة رابعة وخامسة وسادسة واعظم من السلطة التنفيذية .

 

logo