46/08/17
:باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (41) قواعد النظام الداخلي لأهل الايمان
الموضوع: : باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (41) قواعد النظام الداخلي لأهل الايمان
مر بنا ان ابواب اعداد القوة او قواعد فوقية فقهية اخرى هي مهيمنة على ابواب الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتقية وابواب المرابطة والحراسة والدفاع فابواب المرابطة كالوزارة داخلية للبلاد ، مثلا لاحظ هذه الوزارات المتعددة في الدول العصرية كلها تنضوي تحت النظام والكيان والدولة فاذن هناك طبقات في البناء وليست طبقة واحدة ، هكذا الحال في هذه الابواب لا مفر من ان ننظر اليها انها شعب لادارة فوقية والادارة هي اقامة القوة ، كقاعدة الاسلام يعلو ولا يعلى عليه وقاعدة العزة لله ولرسوله وللمؤمنين يعني يجب ان يتحلى المؤمنون بالدرجة الاولى من العزة وبكيان العزة .
هناك جملة من القواعد قد يعبر عنها في فقه الجمهور والعامة بانها فقه المقاصد ولكن بلغة علم الاصول نستطيع ان نعبر عنها ان هذه اصول تشريعية دستورية لما دونها من الابواب فاذا قرأت الابواب التي دونها انها انشعابات ومتواردات منها اذن المحكم هو تلك الاصول الفوقية يعني ما يمكن ان نجعلها قيد وجوب انه ان حصلت القدرة فيجب وان لم تحصل فلا يجب كلا انما يجب تحصيل القدرة .
من ضمن تلك الواجبات هو اقامة الكيان السياسي ونظام الدولة او الكيان الاجتماعي للايمان يعني يبدأ الايمان بالزرع في النسيج الاجتماعي ، الفضيل بن يسار النهدي الكوفي البصري هو من اصحاب ومن فقهاء تلاميذ الامام الباقر والصادق وتوفي قبل الامام الصادق وورد فيه انه الفضيل منا اهل البيت وكان الذي يغسله اخبر الامام ان الفضيل كان يحرك بدنه مساعدة للذي يقوم بالتغسيل او يضع يده على مواضع ، وفي رواية انه شارك في ثورة زيد الشهيد واوعز اليه الامام صادق ان يؤسس ويأخذ الاموال ليؤسس مؤسس لرعاية عوائل الشهداء لثورة زيد وهذه من الانشطة السياسية الناعمة او الكفاءات الاجتماعية الناعمة التي يقوم بها الامام الصادق ، فالفضيل ابن يسار استأذن الامام الصادق ان يهاجر الى البصرة وهذه المدينة ضواحيها كانت في عهد الامام الصادق بل منذ زمن امير المؤمن فيها اتباع لاهل البيت لكن مركز البصرة كانت قاطبة عثمانية الهواء ، فالفضيل ابن يسار يستأذن ان يهاجر الكوفة وهو فقيه ومرجع وليس شخصا عاديا فهو فضل المغامرة والمخاطرة بنفسه مع الجانب الامني والتقية ان يهاجر الى البصرة وبذر بذور الايمان بمدرسة اهل البيت في البصرة انذاك .
وهذا شبيه احد الفقهاء والمراجع الذي يسمى بالقزويني وظاهرا قبره مجاور لصاحب الجواهر ويقال ببركة هذا الشخص تشيع كثير من عشائر الجنوب يعني بدل ان يقبع في الحوزة او يتصدى للمرجعية اثر ان يذهب الى الجنوب وله دور عجيب ويقال تشرف عدة مرات بالصاحب عليه السلام وهذا بالتالي نوع من الفداء ونكران الذات والانانية وبذل النفس الى راية اهل البيت وبلا شك تؤتي اكلها كل حين ، فالمهم تبدأ من قضية الفضيل ابن يسار او هذا الفقيه القزويني الى ان تتكون نسيج اجتماعي .
وهذا مثل ابو ذر حيث شيع اهل الشام فهم من بذرته ولكن تتصاعد من ظاهرة اجتماعية ديموغرافية الى يتكون كيان سياسي عسكري امني قضائي فهناك تدرج في نشر الايمان او بناء الايمان ، هذه كلها اصول غير مقيدة بالقدرة ، فاذا كان التكليف الفعلي قد يناط بالقدرة ولكن على المدى البعيد يجب السعي اليه وهذا ما يدل عليه قوله تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وليس ليتقوقع وليحبس يعني ينشر ويتعالى على بقية الاديان وهاتان ايتان في القرآن الكريم في الغاية البعيدة للدين ليظهره على الدين كله ولو نحن في عقيدتنا ان هذا يجريه الله على يد الامام المهدي والامام المهدي هو حي والذي يجري الان لا يجريه الله على يد الامام المهدي بتوسط اعوانه وكثير من الادعية والزيارات للصاحب عليه السلام تأكيد فيها على النصرة الان وليس عند الظهور وانا قناعتي بان نصرته قبل الفتح اعظم من نصرته بعد الفتح وان كانت تلك عظيمة وخطيرة وذلك لان الان انت تؤسس قاعدة انطلاق شبيه انه ليس من امن من قبل الفتح او من بعده وليس من انفق قبل الفتح كمن انفق بعد الفتح لكن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم وكم كابد النبي ص.
احد الرواة يسال الامام الصادق هل النبي اعظم ام الصاحب؟ قال له الامام ان النبي اعظم من الامام الثاني عشر حيث كسرت ثناياه وجبهته وكل حياته هي اغتيالات وكما يقول الامام الصادق في كمال الدين للصدوق بالمكابدة قتل حمزة وقتل جعفر واغمي على رسول الله لما وصل خبر قتل حمزة وكذا شعب ابي طالب حصر رسول الله وبنو هاشم ثلاث سنين وهن عام مجاعة ، فليس حصل النصر لرسول الله بالرخاء وانما بمجاعة ومع انه يوصف الرسول بانه المنصور المؤيد ولكن سنة الله ليس على النصر بالسهولة وطبق من ذهب وانما بالمكابدة وكدح .
نحن نظن ان صاحب العصر والزمان في زمن الغيبة في امان كلا هو في حالة مطاردة مع الاعداء ولكن نحن في نوم ونيام اما الاعداء فيشمون ويعرفون كم هي تداعيات امواج دوره الان فيعرفون تداعيات دوره عليه السلام فمن يكون في منصة المسؤولية والعبء العام يعلم ما هو دوره عجل الله فرجه الشريف وكيف دور الاعداء في المناطحة والمناوئة؟ وكما يقول الامام الصادق حتى مسح الدم من على الجبهة يعني سيكون هكذا .
وكذا عبء المسؤولية الثقيلة والشاقة لامير المؤمنين حصل له ما حصل من هذا الاصطفاء او المقامات ليس مجاني كما تقول الزهراء قذف اخاه في لهواته يعني يقذفه في عز الموت يعني مع ان امير المؤمنين هو اعز الخلق الى الرسول فيقذف امير المؤمنين في اخطر الاهوال والصحابة فاكهون يتوكفون ببني هاشم فالزهراء تخاطب الفريق القرشي بهذا البيان فهذه ليست بنحو الجبر ولا المجانية ولا بنحو السهولة والبساطة وانما مكابدة شديدة اتفاقا اشد الناس مغامرة في المخاطر هم الانبياء فالانبياء يزجهم الله في مغامرات ومخاطرات واهوال وشدائد اشد من غيرهم وكذلك الاوصياء فالمشكلة هنا والازمة والمكابدة والمسؤولية .
فالان يجب ان نعرف كيف تكون نصرة صاحب العصر والزمان وليست بعد ذلك ليظهره على الدين كله فهي بلا شك بادارته وقيادته الخفية ولكن باذرع المؤمنين في شرق الارض وغربها وبالتالي هذا نشر وانتشار في البذر ثم الزرع ثم الثمار الى ان تتصل الى الكيان والدولة وهذا هو اظهار ليظهره يعني استعلاء وعلو فهذه الاية الكريمة تبين لنا الاستراتيجية للدين وهذه الايات ليس فوقها محكم من ثم نتعرض لهذا المطلب في ايات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
سبق ان نقلنا كلام وفتوى السيد محسن الحكيم في مجلة اضواء ان شرائط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر المدونة في ابواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ما تنطبق على ميثم وابي ذر وحجر وغيرهم من الذين ناضلوا وكافحوا وكذا سلسلة العلماء الشهداء والصالحين الاتقياء فهذا ليس اشكال في شهادتهم وصمودهم وكفاحهم فمع انهم يعلمون بالمخاطر وفدوا انفسهم وهذه الشروط التي ذكرت هو في المنكر الفردي البسيط والمعروف الفردي البسيط اما فيما يرتبط بيضة الدين والاستراتيجية الاصلية للدين فهي غير مقيدة بهذه الشروط فيبذل بالغالي والرخيص والا لماذا امير المؤمنين قلب سافلها على عاليها بعد خمسة وعشرين سنة؟ هو نفسه عثمان يقول ما حركها الا طمعا في قيادة علي بن ابي طالب والكلام موجود في نهج البلاغة فما الذي تألق في نفوس الجماهير حيث امير المؤمنين كان وحيدا في السقيفة لا عاضد ولا نصير فهل هو قعد عن السعي الى اقامة هذا الحق؟ كلا وحاشا ، فخمسة وعشرين سنة هو في سعي حثيث فقلب المعادلة من ان تكون اكثرية متخاذلة مع امير المؤمنين ويستغلها الفريق الاخر الاموي في السقيفة لكنه بعد خمسة وعشرين سنة تحركت الجماهير من العراق ومصر ومن ساحة الخليج الى قلب المدينة ، فخمسة وعشرين سنة توعية وتثقيف من ثم هتفت الجماهير باسم امير المؤمنين ولم تهتف بشيء لا في خلافة الاول ولا الثاني ولا الثالث فانها فلتة قام بها عمر ولا الثاني والذي قام بها ابو بكر ولا الثالث والذي قام بها عمر يعني كلها تعيين شخصي ومصادرة لاراء الاخرين بينما بيعة امير المؤمنين هي الوحيدة وهل هذه نتجت من جلوس امير المؤمنين وتقاعسه؟ كلا وحاشا بل من حضوره وتوعيته .
ومن ثم عثمان اسند الثورة ضده من جهة التوعية ومن جهة الادارة وما شابه من التوعية وطمع الناس في امامة امير المؤمنين وهو الذي اثار الناس ضد عثمان فقالوا اين عثمان من علي؟ ولذلك كان عثمان يحبس امير المؤمنين في المدينة تارة واخرى يبعده الى ينبع لعزله عن الناس .
فبعض الامور ما يمكن ان ننجزها دفعة وهذي ليست مغالطة في اذهاننا وانما انجازها بشهور وبسنين وحتى بقرون فلا تستبعدون الفائدة في الخطوة الالف فانت تبدأ بها الان وان لم تبدأ حتى تلك الخطوة بعد الف سنة تكون جزع ويأس واحباط فالبناء لالف سنة يبدأ خطوة خطوة ، ففي الوضع الحالي هذه الخطوة ضرورية بدون احباط ولكن اعلم بان المسيرة والخارطة بعيدة المدى فلا تتقاعس ولا تفرط حتى في هذه الخطوة ولا الثانية ، انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ، فهل الاية معناها القرب والبعد الزماني والمكاني ام ماذا؟ هم يرونه بعيدا لاجل طول الزمن ونحن نراه قريبا لاننا نحن نؤسس الان ونبني فلا معنى للتخاذل والتقاعد والوقوف فوق التل والنأي بالنفس عن المسؤولية هذا من اكبر المحرمات .
فاذن المسئولية طويلة المدى كما يقول الله عز وجل ان كنتم تالمون فانهم يالمون كما تالمون وترجون من الله ما لا يرجون ، او لما اصابتكم مصيبة اصبتم مثليها قلتم انى هذا؟ حتى الله عز وجل يقول ان هذا بسببكم انتم والا لو كنتم تمشون على المسئولية والادارة والتدبير وعدم التفريط بالتوصيات الالهية ما يصيبكم حتى في وسط الطريق اي اخفاق .
اذن لاحظ هذه القاعدة ايضا ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون والاية الثالثة يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون فاربع ايات في هذا المعنى فاذن نور الله ينتشر او يتم او اظهار الدين هذا موجود فسواء بالسعي الناعم او الساخن او المتوسط ببناء القوة الفكرية الديموغرافية او القوة المادية او القوة العلمية الفكرية فساحات متعددة لبناء القوة ولكيان الايمان ودار الايمان فساحات عديدة لا تعد ولا تحصى .
من ثم اختلفت ادوار علماء الامامية فقسم يأخذ ذاك الجانب كالشيخ البهائي وهو جانب السياسة والحر العاملي يأخذ الجانب العلمي فالمهم انه اختلفت انشطة الامامية بهذا السبب فهي ساحات متعددة وكلها تصب في بناء هذا الكيان وان كان علماء الامامة ليسوا معصومين ولكن بالتالي هذه الجهود تتظافر وتتراكم وتتسع وتنتشر فتكون الكيان فالذكاء في التنسيق بين هذه الجهود لا في المصارعة والتنازع فهذا خطا فالتنازع من اكبر المحرمات وهذه قاعدة اخرى في بناء القوة لان الله عز وجل قال ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم والحال ان القوة يجب ان نحتفظ بها لتزداد وتتنامى بمعنى الصراع هذا من اكبر المحرمات لانه يفت في بيضة الدين وقوته وقوة اهل الايمان نعم اختلاف وجهات النظر والنقد هذا جانب مفتوح لان الباري فطر البشر على اختلاف الادراكات وخلاف وجهات النظر ولو شاء لجمعهم والا اختلافات وجهات النظر بالعكس قد يكون امر حيوي ونشط ولكن الصراع والعداوات لا تجوز بين المؤمنين اذا كان عندهم ورع .
طبعا الحذر امر اخر فقد انا احذر من فئة من المؤمنين ان تخطئ او تعمم خطايا الاخرين فالحذر مطلوب ولكن الحذر غير العداوة وغير الصراع وغير النزاع لاحظوا الاية الكريمة محمد رسول الله صلى الله عليه واله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم هذه قاعدة من القواعد التي لا تقيد بقيد لا في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا التقية ولا في باب الجهاد هذه قواعد فوقية مهيمنة حاكمة وكذلك ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم يعني خططكم في النصر والقوة ستفشل بسبب الصراع الداخلي لا تجوز ان تترجم اختلاف وجهات النظر بصراع ونزاع ومناكفة ، نعم الاختلاف في التدبير جائز وضروري والمسابقة في كسب الرأي العام للمؤمنين هذا جائز ومفتوح المجال اما ان تترجم الى عداوات وتراشقات فكلا ،ـ فالنقد غير التراشق النقد الفكري غير نقد الاشخاص وحوكمة الافكار غير حوكمة الاشخاص ، فان حوكمة الاشخاص هذه بيد المعصوم اما الصراع والقذف بين الاشخاص والنزاع البارد والحار والساخن كلها من اكبر المحرمات لان المتضرر الاول فيه هو صاحب العصر والزمان فقبل ان نتضرر نحن هو المتضرر لان هذه بيئته وهذا معسكره وكل عضو وكل فئة من المؤمنين يد له واصبع له وليست كل الاعضاء سواسيا .
لذلك قاعدة واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا عن رأية اهل البيت وصاحب الزمان فهذا هو الجانب الذي يوجب وحدة الصف فالمدار على الله ورسوله يعني يجب الانسان ان يتنكر ذاته والفئات تتنكر ذاتها ، فالتعصب للذوات والفئات هذا التعصب بغير ما انزل الله وانما التعصب الديني ولله وللرسول ولاهل البيت كما يقول الامام زين العابدين لو ان عبدا حبشيا تعصب لنا وليس لنفسه ولفئته ولجماعته لوجب على الناس نصرته .
اذن كل عصبية لا تمت لله ولرسوله ولاهل البيت تلك عصبية نتنة جاهلية صنمية وهذي قاعدة من القواعد التي تنظم المجتمع الديني والكيان الديني الايماني حتى لو انت ضد اشخاص مقصرين في المسؤولية العامة وليكن ولكن تتعصب انت لنفسك اكثر ما تتعصب من اجل الايمان هذه عصبية جاهلية يعني لا ننزه انفسنا لاحظ امير المؤمنين بامر من الله ورسوله ذهب لمبارزة عمرو بن عبدود فبارزه ولما اطاح به الى الارض قام عمرو وبصق في وجه امير المؤمنين والعياذ بالله ، فغضبت نفس امير المؤمنين وغضبه يمثل غضب الله لكن هنا لم يستجب لنفسه فهو هدأ نفسه يعني حتى زلفى المعصوم درجات واللي يتوخاه المعصوم هو الاخلاص الاكثر اذا كان امير المؤمنين هكذا ينأى بنفسه عن ان يتعصب لنفسه وانما لله فماذا نحن نقول؟ فهل القدرة في كظم الغيظ موجودة لدينا؟ لو كانت موجودة لما حصلت نزاعات ومصارعات بين المؤمنين لان الكل ستكون ايدي عاملة خادمة مخلصة ناصحة لراية اهل البيت لا لانفسها ، فالغضب لانفسنا جاهلية لا يمت بصلة لله ولرسوله ولاهل البيت مهما كان وان كان الانسان مظلوم وليكن بخلاف ما تغضب لله ولرسوله فهذه قاعدة الا يكون تعصبنا لانفسنا هذه القواعد مهيمنة حتى على ابواب الامر بالمعروف والجهاد والدفاع والسياسة والقضاء كلها قواعد فوقية الا يغضب الانسان لنفسه ولا يكون سروره لنفسه وانما غضبه لله .
قد هو مثلا يرى انه سحقت استحقاقاته فهو مظلوم لكنه هو في سرور لانه يرى راية اهل البيت خفاقة هذا عنده اخلاص يعني تخلص من انانية ذاته واذابها فدائية لراية اهل البيت فالقضية ليست مستوى اخلاقي فقط وانما على مستوى برنامج عملي ينعكس الخالص بخلاف غير الخالصة فالبرنامج العملي يسوق في بناء القدرة وبناء المملكة لذلك نستطيع ان نقول هناك قواعد تنظم نسيج المؤمنين فتارة القواعد بينه وبين من خالفهم واخرى قواعد تنظم البناء الداخلي كما في الاية الاخرى محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم ، اشد على الكفار هو التبري ، فمن يكفر بالطاغوت ثم يؤمن بالله ، اما اذا كان بالعكس رحماء على الطرف الاخر واشداء على انفسنا اذن لسنا على منهج الايمان وانما هذا منهج اللا ايمان وطاعة وصنمية الهوى .
لذلك كما قيل ونعم ما قيل انه انت لاحظ في الصحابة من هو سليط اللسان داخليا؟ على المسلمين والمؤمنين ولكنه رؤوف رحيم مع الطرف الاخر واذا جاءهم الخوف ترى اعينهم تدور فاذا ذهب الخوف سلقوكم بالسنة حداد في سورة الاحزاب بل تراه سليط اللسان مع رسول الله فكيف بانصار رسول الله؟ بينما على الطرف الاخر ودود رحيم فهذه قيدت الاية والذين معه وهناك قيد اخر وعد الله الذين امنوا منهم وليس كلهم .
احد المستبصرين من ذوي الفكر يقول استبصرت بهذه الاية الكريمة اولا قيدها باشداء وما اطلق وهذه غير موجودة حول كل من كان مع رسول الله ولكن ترى فلان بالعكس هو سليط اللسان حتى مع رسول الله وقسوة في الداخل اما في احد وفي بدر وفي حنين تراه اول شارد من المعركة ورحماء مع الطرف الاخر يقول انا اكتشفت انه ليس كل من هو مع رسول له هكذا وليس كل هو من قريب رسول الله جغرافيا هكذا فالاية رغم ذلك الاية تضيق اكثر وعد الله الذين امنوا منهم حتى مع انهم اشداء على الكفار رحماء بينهم لم يعدهم كلهم وانما يضيق الدائرة اكثر فاكثر اذن ليس كل من كان مع رسول الله تنطبق عليه هذه الاية
ونحن كل الايات في كتاب عدالة الصحابة استقرانها كل واحد مضيقة وبعضها منحصرة حصرا بعلي ابن ابي طالب والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار هذه اصلا لا تنطبق الا على علي ابن ابي طالب وهم يوسعوها كانما تشمل كل من كان يدور مع رسول الله وهذه مغالطة وذكرنا مرارا في اصطلاح الوحي الصحابة هم الانصار يعني جلهم وان تخاذلوا والنادر من قريش او المهاجرين لذلك الصديقة في خطابها عزلت عموم المسلمين عن الانصار يعني الانصار خصتهم يعني هم الصحابة هم المخصوصين وان خذلوا اهل البيت بسبب قلة البصيرة فهذه اصطلاحات لعب بها ، ما هو معنى الصحابة اصلا في منطق الوحي؟ .
فلاحظ اذن القانون الداخلي اذا كان الانسان باوامر الله يجب ان يكونوا رحماء بينهم ويكونوا شديدي مع الاعداء والشديد ليس بمعنى انه لا يكون مداراة مع الطرف الاخر لكن يكون تدبيره غليظ على الطرف العدو فالنعومة ظاهرية لكن باطنه خشن ولا يفسح المجال للعدو ، اشداء شديد لا يتنازل ولا يتهاون مهما كان لذلك سبيل .
فالنبي في الثلاثة عشر سنة في مكة كان اسلوبه ليس ساخنا لكن مع ذلك كان غليظا على الكفار يعني ما ينهزم ، ودوا لو تدهن فيدهنون لا يدهن وانما صلب مستقيم في المشروع الالهي فليس المراد من الشدة ان تكون لغتك شديدة؟ لان الله يقول لموسى وهارون اذهبا الى فرعون انه طغى فقولا له قولا لينا ، مع هذا القول اللين لم ينهزم النبي موسى وهارون قيد خطوة فثبتا وتصلبا في المشروع الالهي ولم يجعلا لفرعون سبيلا لان يستقوي ، فهما احكما خناق التدبير عليه والا الرسول يأمر بالخدعة في الحرب فالخدعة حرب ناعمة وليست اسلوب ساخن فهذه غلظة في التدبير والصلابة واستقامة فلا ترعب من العدو بقيد شعرة ارعبه ولا ترتعد به .
فاذن في القانون الداخلي التنازع حرام نعم اختلاف وجهات النظر والانتقاد البناء كما يقال الان في الثقافة العصرية هذه ضرورية والا تكون موت لحيوية النشاط وبتعبيره سلام الله عليه يقول حياة العلم بالبحث والنقد وليس بالتملق بين بعضكم البعض ، فالمداراء شيء اخر والنقد شيء اخر فلا منافاة بين النقد والمداراة فالنقد ليس مكاشرة وليس معاداة فمن لا يتحمل النقد هذا خطأ ومن يوجه النقد يجب ان يكون النقد بناء وليس هدام وليس مثير التوتر والتشنج من كلا الطرفين فهو مع الطرف الاخر الخارجي يجب ان لا يكون متشنج .
لاحظوا كاظم الغيظ هي صفة لامير المؤمنين وصفة لكل الائمة وقبلهم صفة لسيد الرسل لكن كظم الغيظ لا يعني انك لست متصلب في انجاز المشروع الالهي فنقد بين نقد ولاالتشنج والتوتر والنزاع والمصارعة فيجب الا نخلط الملفات بين بعضها البعض كذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس عن تشنج بالعكس انت لو كان بامكانك ان تربي الطرف الاخر على المعروف من دون ان يتشنج بل بشكل طوعاني ينجذب وهذا امثل في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فباللا شعور هو تلقائيا يرتدع عن المنكر بسبب الاسلوب اللين ، نعم اخر الدواء الكي والتشنج موجود انا لا انفيه ولكنه انزل المراتب حتى الحرب العسكرية هذه من القواعد وهناك ما شاء الله من القواعد المتروكة .
فمنطق القرآن الكريم يعتبرها حرب ناعمة كلما اوقدوا للحرب نارا اطفاها الله القرآن لما يقول قاتلوا ليس بمعنى عدم التزود بالقوى العسكرية لكن ليس الهدف من القوة العسكرية الكبرياء والغطرسة وانما رعب و ردع العدو يعني حرب نفسية وليست دموية ، قاتلوا يعني استخدموا ضغط القوة العسكرية نعم اذا اضطررتم بعد ذلك الى المنازلة الساخنة هذا امر اخر ، اخر الدواء الكي فليس هو اول وامثل الدواء .
كما صنع رسول الله في فتح مكة فهذه قواعد مهمة في النظام الداخلي وضروري الالتزام به فابعاض المؤمنين ليسوا ملكا لانفسهم وانما ملك لغيرهم فكلهم ملك رسول الله واهل البيت في الولاية والتدبير اذن يجب ان نتعامل بحذر يعني لا نفرط في كيفية النصيحة وفي كيفية الاصلاح وما شابه ذلك وليس معنا حرمة النزاع يعني تقرير الفساد وانما اعالج الفساد ولا ارضى بها به ولكن فرق بين ان اوتر واشنج وانازع وبين اعالج بطريقة ناعمة ، المطلوب في داخل المؤمنين بل مع الطرف الاخر وفي المؤمنين اشد واشد استعمال الاسلوب الناعم والقوة الناعمة مهما كان لئلا يؤدي هذا المصير الى التشنج والتوتر .
لاحظ هذه قواعد نحن نفرط فيها فنفرط في الممارسة السياسية والفئوية وكأنما ليس هي من المحرمات وكأنما الحرام فقط شرب الخمر والحال ان هذا الحرام اعظم نجاسة من شرب الخمر ومن الزنا ومن اللواط والله تالله بالله هي اعظم نجاسة من اللواط ومن الفجور لان هذه في الحقيقة تصب في الولاية وفي الامامة وذاك بعد فردي ونجس ولكن هذا اكثر نجاسة والله توعد على التمرد والعصيان في الولاية يعني في نظام المشروع الالهي اشد من تلك الامور لان هذه عناد وعتو وفرعونية بينما ذلك هوى فالهوى انجس.