« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/08/13

بسم الله الرحمن الرحيم

/المسؤولية العامة القلبية وقواعد أخرى/باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (39)

الموضوع: باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (39) /المسؤولية العامة القلبية وقواعد أخرى/

 

كان الكلام في الدفاع او القوة ومر بنا انه يوازيها ويعاضدها جملة من القواعد ولا ينحصر الامر بقاعدة اعداد القوة وتلك القواعد كما مر غير مقيدة بالقدرة يعني وجوبها ليس مقيد بالقدرة انما هو مطلق بل المكلف يجب عليه ان يحصل القدرة ولو بواسطة وباسباب ، فتلك القواعد لازمة بقول مطلق فهناك جملة من القواعد وان لم يعقد لها الاعلام بابا مستقلا الا ان حقيقة الامر ان تلك القواعد مهيمنة على ابواب الجهاد والدفاع والمرابطة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتقية يعني هي ابواب المسؤوليات العامة وعدم التسليط الضوء في المدونات الفقهية على هذه القواعد بشكل بارز جلي يسبب التفريط في قيام الامة بهذه المسؤوليات التي هي غير مقيدة وانما مطلقة ومشدد عليها ومؤكدة .

فلا تقل اهمية ان لم تزد اهمية عن باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر نقول من باب تعالي الاسلام وانه يعلو ولا يعلو عليه كذلك قاعدة واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة يعني فعل الاخرين انت ايها الصالح مسؤول عنه فلا تقول لا يعنيني فانت ان لم تقم بهذه الرعاية سوف تسطلمك النقمة الدنيوية كما تسطلم الظالم ، هذه القاعدة سواء انطبقت على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر او لم تنطبق هي باب مستقل هذه الاية الكريمة وغيرها من القواعد والايات صريحة في حقيقة الحكم الكفائي انه تكافل وليس تواكل .هذا نظير مسؤولية اعضاء الاسرة تجاه بعضهم البعض انهم كلهم في سفينة باسم الاسرة او العشيرة فاذا اصاب خلل احدهم ينجر على الباقين قوا انفسكم واهليكم نارا .

اذن فعل الاخرين انت مسؤول عنهم فهنا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة قوا انفسكم يعني اجعلوا لها وقاء وتحصين ، وقاية يعني فعل اعضاء الاسرة انت مسؤول عنها رغم انه فعلهم وصلاح الاسرة لكن انت المؤمن مسئول عنه لانك لا تسأل فقط عن فعلك وانما تسأل عن فعلهم كذلك في عموم المؤمنين والمسلمين المؤمنون بعضهم اولياء بعض فاذا سجلت مخالفة او عقوبة على شخص يكون وليه معنيا بهذا الامر ، فقوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة تكليف بمسؤولية فعل الاسرة واستصلاحه وليس فقط رب الاسرة وانما كل عضو من اعضاء الاسرة مسؤول عن البقية مع اختلاف المراتب فكل فرد مسؤول تجاه المجموع .

لذلك قوا انفسكم وقوا اهليكم كذلك في واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة فهذه المسؤوليات انت مسؤول عنها عن ظلم الظالمين في المجتمع لماذا لم تمانع عن وقوعه? ولماذا لا تتصدى للظالمين او لاصحاب فعل المنكرات او اصحاب ترك المعروف? فتتحمل المسئولية ولعل كثيرا من الخطابات القرآنية لبني اسرائيل الذين موجودين في زمن الرسول وما بعدهم يعاتبهم القرآن انكم فعلتم كذا كذا ولو في القرون السابقة وان فسر في بيانات اهل البيت باعتبار رضاهم بافعالهم هذا الرضا يشاركهم في المسؤولية طبعا البيان الوارد عن اهل البيت من رضي بفعل قوم اشرك معهم ان كان منكر وشر او ان كان خير او عملية الامر بالمعروف على مستوى القلب والروح وعملية النهي عن المنكر على مستوى القلب والروح لا على مستوى اللسان والبدن .

فهنا صرح الفقهاء اجمعون على ان الرضا القلبي لا تقية فيه ولا تقييد فيه فهذا منكر لا بد ان تنكره بقلبك كما ان الامر بالمعروف بمعنى الرضا وحب المعروف ايضا لا يقيد بقيد فما الفائدة في هذا الامر على صعيد الخفاء وما حقيقة هذه المرتبة من ابواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا سيما اذا التفتنا ان الامر بهذه المرتبة دائرته الزمانية لا تحدد بزمن المكلف وعصره يعني قتل قابيل لهابيل او اصحاب الاخدود او واقعة عاشوراء مع انها ليست في زماننا وغيرها من الاحداث الظالمة على اهل البيت .

اذن مرتبة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر القلبي لا تقيد بقيود وانما مطلقة ولا تقيد حتى بالزمان يجب على الانسان يستنكر فعل قابيل في قتله لاخيه اذن هذه المرتبة من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عابرة للقرون وللزمان والمكان ولا تختص بالدائرة المحدودة قد يقول قائل ما الفائدة في ذلك? اما الدليل على ذلك فنفس استعراض القرآن لقائمة المظلوم وظلماتهم فواضح ان القرآن يحرض القلوب لانكار الظالمين واهل المنكرات فهذه الكراهية من القرآن لقلوبنا تجاههم كما في واقعة عاشوراء ايضا كذلك لماذا نطالب بموقف قلبي لا اقل ان لم نستطع الموقف اللساني وهذا غير محدود بقيد من قيود القدرة والعجز ولا تقية ، هذا احد معايير لا اكراه في الدين هو القلب هذا فضلا عما اذا رأى المعروف منكرا والنكر معروفا ورأى الظلم شرعيا او رأى المعروف منكرا او رأى الصالحين اعداء ورأى الطالحين اولياء .

فالامر بالمعروف والنهي عن المنكر نستطيع ان نقول هو نوع من الولاية القلبية والموالاة القلبية امرنا رسول الله في احد زيارات سيد الشهداء انه نتحسر على اننا لم نشارك بالابدان ولكن المشاركة القلبية موجود فكيف القلب بيجيب? فبدننا لم يكن حاضرا لكي ينصر ولكن قلوبنا هي ناصرة لسيد الشهداء فان لم ندفع عنكم الظالمين لكن انكارنا في قلوبنا للمعتدين الظالمين يا اهل البيت موجود وهذا الانكار هو نوع من التصدي والدفاع فنحن مسؤولون عن موقف قابيل وهابيل وكذلك موقف ابليس من التمرد على الله لاحظ هذه المسألة كم نطاقها وسيع? مسؤولية ترك الاولى من الملائكة تجاه الله نحن مسؤولين ان لا نقر بذلك فلماذا يستعرض لنا القرآن? الم اقل لكم اني اعلم ما لا تعلمون فهذه المسؤولية هي عن كل اجيال البشرية حتى سكان السماوات والارض موقفنا تجاه الملائكة المقربين في السماء السابعة امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله يعني ماذا? يعني الايمان بالملائكة يعني مسؤوليته امام الملائكة يعني اصطفاء وموالاة لهم .

لماذا الانسان من مسؤوليته الموالاة لجبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل بل اكثر من ذلك من مسؤوليتنا الاصطفاف مع اهل الجنة وابتعاد قلوبنا عن اصحاب الجحيم وموالاة اهل الجنة والقطيعة مع اهل النار لاحظ المسؤولية القلبية تتوسع الى كل عوالم الخلقة وليس فقط على الارض فاذم نحن مسئولين عن عمل الملائكة وعمل ابليس وعمل قابيل ، وقفوهم انهم مسئولون ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا او ولا تقف ما ليس لك به علم فكيف الفؤاد مسؤول? يعني مسؤولية الفؤاد عابرة لعالم الارض وعالم الدنيا والبرزخ وعالم السماوات وعوالم ما بعد بعد السماوات

اذا هذه مسؤولية مبدئية قيمية شمولية مهيمنة على عوالم كثيرة وتجاه مخلوقات عجيبة وغريبة وليسوا بشر فقط او تستطيع ان تقول ان القلب مسؤول عن كل مواطني الدولة الالهية وهذا ينبه على ان القلب مسؤول ولا يحدد بجغرافية زمانية ولا مكانية ولا نمط طبيعة اخلاق المخلوقين فمسئولية القلب عجيبة وعظيمة وبلحاظ هذه المسؤولية هناك نوع من المشاركة والاسهام لاحظ ما مر بنا الحكم الكفائي مسؤولية عامة لاحظ نمط وظائف القلب مرتبط بالمسؤوليات العامة بالحكم الكفائي .

اذن الواجب الكفائي ليس فقط قوا انفسكم واهليكم او اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وانما المؤمنون بعضهم اولياء بعض يعني مؤمن في اول الدنيا ومؤمن في اخر الدنيا فيه تواصي فيه تولي .

مر بنا في سورة البقرة وسور اخرى ان الله يهدد بالعقوبة لمن يعادي جبرائيل مع انه لايعيش في عالم الدنيا ولا البرزخ فانا مسؤول عن الموالاة والاصطفاف مع جبرائيل وميكائيل وعزرائيل واسرافيل وانا مسؤول عن ابليس وفعله انا اتبرأ منه وادانيه بقلبي وانا كمكلف مؤمن مسئول عن نار جهنم وانا مسؤول عن حب الجنة وبالطمع فيها

انا اقرر بهذه القاعدة لاجل ان اقول بان معنى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو التكافل وليس التواكل وليس الانقطاع وبالتالي الحكم الكفائي وقاعدة التعاون على البر والتقوى عبارة عن موالاة ومناصرة سياسية ومناصرة جمعية فكل يناصر الاخر في التعاون على البر والتقوى ويجب ان تكون ادانة على التعاون على الاثم والعدوان فاذا المسئولية التي تقع على كاهلنا قلبا وروحا ونفسا ثم بدنا فليس هناك انفكاك او بينونة وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ولاحظوا هذا هو السر ان الملائكة تنفعل ايجابيا مع المؤمنين كما اننا مسؤولين عن فعلهم هم ايضا مسؤولون عن فعلنا .

مر بنا ان اصول الدين واركان الفروع هذه ليست من الشريعة وانما من اركان الدين كلف بها الملائكة كما يكلف بها البشر كتوحيد الله والاعتقاد بنبوة سيد الانبياء وبالمعاد كذلك الملائكة لهم صلاة لان اصل الصلاة ليست من الفروع نعم تشريعات الشريعة بعث اخر اما اصل الصلاة من اركان الدين فالملائكة ايضا عندهم هذه التكاليف فبيننا وبين الملائكة لا سيما المقربين اصطفافات وموالاة من ثم الله ينزل الملائكة على المؤمنين لنصرتهم .

اذن قضية الواجب الكفاءي والمسؤولية العامة شاملة حتى لهذه المخلوقات نحن تجاههم وهم تجاهنا في الدولة الالهية منذ ان البشرية على نطاق كوكب الارض نظير عتاب الله وذمه لليهود من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال يعني معاداة الملائكة على حذو معاداة الانبياء والرسل البشريين وموالاتهم ومحبتهم على حذو محبة الله اذن نحن والملائكة في مجتمع واجتماع اعظم فالملائكة ليسوا بشر وانما هناك مؤمنون من الملائكة والجن ومن مخلوقات اخرى .

فهذه الاية من الاركان وليست من الفروع المؤمنون بعضهم اولياء بعض فبهذا اللحاظ العالم القلبي او النفساني او الروحي يتخطى الزمان والمكان والنوع فاذا كان في البشر يقال لا عنصرية ولا عصبية والان ليس هناك تعصب للعنصر البشري وانما يشمل الملائكة والجن من المؤمنين وبقية المخلوقات .

لاحظوا في الصلاة الفقهاء يقولون السلام على النبي وعلى ال النبي وعلى الانبياء والرسل وعلى ملائكة المقربين هذا يعتبر جزء من الصلاة الخروج منها ففي الصلاة تحية للنبي ولال النبي وللانبياء وللملائكة المقربين وانت في التوجه والاستقبال لله بعد ذلك تتوجه الى النبي والى اوصياء النبي والى الانبياء والرسل والملائكة المقربين تتوجه بهم الى الله لا ان تتوجه اليهم ، لاحظ التلاحم الموجود في قمة العبادة وكبدها فتنفتح على الملائكة المقربين .

المقصود ان المسؤولية العامة على القلب عجيبة فنحن مسئولين عن فعلنا وعن فعل كافة المخلوقات اصطفافا ان كان خير وهداية وادانة وانقطاعا ان كانت شر فالمسؤولية العامة بهذا الحجم ليس فقط واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ايها البشر .

اكثر من هذا العرش يتأذى من معاصي العباد فعرش الرحمن ليس جماد يعني عنده شعور كما انه يهتز في الخيرات فحسب بيان الرواية قدرة استشعار العرش لا يضاهيها حتى جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل استشعار للمعروف بالانجذاب واستشعار للمنكر بالنفرة والكراهة ، العرش مخلوق ملكوتي هائل فنحن في الحقيقة في الدولة الالهية هي دولة عوالم كلنا مسؤولين عن الخير والمعروف نتضامن معه قلبا وقالبا والمنكر نتبرأ منه وندينه ونقاطعه قلبا وقالبا وفي المسئولية العامة بهذا الحجم .

لاحظ ملائكة دائما تتشفع لبني ادم ليغفر الله لها لهم ذنوبهم فلماذا هذا الاهتمام؟ لانه كتلة المواطنين في الدولة الالهية واحدة، لذلك الملائكة تشارك في الحروب وفي راية الحق ضد راية الباطل والشياطين والمخلوقات الشريرة تشارك اهل الشر حتى في الحروب حتى الشيطان قال لقريش يوم بدر لا غالب لكم اليوم من الناس فانت يجب ان تحدد اولا في قلبك الموقف تجاه اي شيء واي فعل من افعال الاخرين .

فاذن هناك شبكة تنظيم بين المخلوقات بانواعها اما عن الخير او على الشر لاحظوا ان ادخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك فلماذا يسر وان ادخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك فبالتالي اذن هذه المسؤوليات العامة ان لا نتلكأ في تصويرها على نطاق البشرية القرآن والشريعة يوسع ركعتها لكل مخلوقات والعوالم فضلا عن ان نتلكأ فيها في دائرة جموع البشر .

اذن المسئولية عامة مسؤولية التقوى فاتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ومسؤولية التعاون وهناك تعاون من الملائكة مع البشر وان لم يشعروا بذلك البشر ، ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة هذي نوع من التفاعل والتضامن والتناصر اذن المسؤولية عامة والاصل فيها هكذا انت ايها القلب بدءا وانتهاء واستمرارا موقفك يجب ان يكون مع اهل الصلاح ومع حزب الله لا حزب الشيطان فاذن هذه قواعد كبيرة وهناك قاعدة اخرى وهي العزة اعزاز الدين والنبي واوصياء النبي من اهل البيت والمؤمنين هذا الاعزاز ما مقيد ومهيمن على الابواب قل ان العزة لله والرسول والمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون فنفس قاعدة تحقيق العزة والتعزز والاعزاز هذه قاعدة فوقية مطلقة غير مقيدة وهنا قواعد اخرى مضاهية وسنقرأ ان شاء الله الايات في ذلك تفصيلا .

 

logo