46/07/14
/بين إعداد القوة وتقييد المسؤولية العامة بها/باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (23)
الموضوع: باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (23) /بين إعداد القوة وتقييد المسؤولية العامة بها/
كان الكلام في وجوب الجهاد الابتدائي او الجهاد الدفاعي او الرباط او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهناك سؤال وجه للسيد الحكيم ونقله الشيخ عبدالهادي الفضلي في كتابه انتظار الامام ويبدو ان هناك سابقا كانت مجلة باسم الاضواء في النجف الاشرف وهي وجهت الاستفتاء للسيد محسن الحكيم ومضمون الاستفتاء ان الفقهاء في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قيدوا هذه الفريضة بان لا يستلزم ضرر وان يعلم بالتأثير والا يوقع نفسه في التهلكة وغيرها من القيود بينما نرى رجالات عظيمة في تاريخ الامامية كميثم التمار وكابي ذر قاموا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع وجود الخطر و ادى ذلك الى استشهادهم .
فهذا السؤال مطروح انه ضوابط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ذكرها الفقهاء لا يمكن بها تفسير نهضة سيد الشهداء لانها معلومة الضرر ومعلومة الخطر ومع ذلك الامام خاض المعركة ، فعلى هذه الموازين الموجودة في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر او التقية المفروض ان تكون تقية من الامام الحسين كموقف عبدالله بن عباس مثلا او عبدالله بن جعفر او محمد ابن الحنفية بينما نرى الحسين فعل شيئا اخر .
اذا اردنا ان نتوسع اكثر نقول الجهاد الذي قام به ابطال كربلاء لا ينطبق حتى على الموازين الموجودة في الجهاد او الدفاع حيث في باب الجهاد او الدفاع يقول ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين عشرة اضعاف اما لو كان عشرين او ثلاثين ضعف هذا خارج عن الموازين ، ثم الجهاد انك تحتمل النصر ولكن في مشاهد كربلاء بالنسبة لابي الفضل العباس والى بقية نجوم كربلاء احتمال النصر ما موجود .
فعلى منطق القيود الموجودة في باب التقية او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر او الجهاد لا يمكن ذلك حيث هذه القيود غير منطبقة على نهضة سيد الشهداء فنهضة سيد الشهداء على اي موازين ؟
لا ريب ان الامام المعصوم نأخذ منه الموازين لا انه نستنبط الموازين منحازا عن المعصوم فبالتالي نريد ان نفهم ما هي الموازين التي سلكها سيد الشهداء ونجوم كربلاء ؟
طبعا السؤال بما ذكرته غير موجود في الاستفتاء وانما ذكر فقط القسم الاول لكن هذا التساؤل مطروح في الكتب قديما وحديثا ان التخريج الفقهي لنهضة عاشوراء بهذه الضوابط المذكورة في ابواب التقية والامر بالمعروف والنهي عن المنكر او ابواب الجهاد وحتى الدفاع بهذه الموازين الموجودة لا يمكنك ان تفسر مواقف سيد الشهداء ، اذن لابد من موازين اخرى نستنبطها وكذلك بالنسبة الى نجوم الشهداء من العلماء والصالحين من ابي ذر وميثم الى حجر بن عدي وغيرهم.
فيجيب السيد محسن الحكيم في هذا الاستفتاء بجواب جدا مهم يقول ان القيود والشروط التي ذكرها الفقهاء في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه بالاضافة الى وظيفة الفرد يعني بلحاظ البعد الفردي دمه ماله عرضه اما بلحاط بيضة الدين هذه القيود لا محل لها او مثلا دماء المؤمنين او اعراضهم فاذا وصلت النوبة الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهما لا يقيدان بعدم الضرر ولا باحتمال التأثير وانما يجبا بقول مطلق .
هذا شبيه حرمة الادبار في القتال يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار ومن يولهم يومئذ دبره فقد باء بغضب من الله ، فمغادرة المعركة سبب في الاهتزاز النفسي لدى العامة فلا يجوز ذلك حتى لو استشهد .
فجواب السيد الحكيم الذي سنقرأه ليس فقط ينسحب على ابواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وانما ينسحب ايضا على التقية حيث التقية انما شرعت لحقن الدماء فاذا بلغت الدم فلا تقية كذلك اذا وصلت الى بيضة الدين وبعبارة اخرى هذه القيود الموجودة في باب الجهاد او الدفاع اوالتقية او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ذكرها الفقهاء انما هي بلحاظ الوظيفة الفردية تجاه البعد الفردي لا تجاه البعد العام او الدين .
لماذا تعرضنا لهذا المطلب? لاننا في صدد بيان انه ما العلاقة الصناعية بين باب الرباط او باب اعداد القوة وهذه الابواب الاخرى ؟ اذا كانت هذه الابواب الاخرى مقيدة بالقدرة وبعدم الضرر فما ربطها باعداد القوى? فلندخل شيئا فشيء في هذا البحث لانه البيت القصيد وعادة الغفلة والاخفاق تقع هنا .
المعروف لدى الفقهاء ونستفيده من جواب السيد محسن الحكيم ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتقية والدفاع انما قيدوه بقيود ما دام الملاك متوسط او يسير اما اذا بلغ الملاك والغرض لبيضة الدين او عموم الدماء حينئذ هذه القيود ليست في محلها فهي ما تقيد بالقدرة فيقيد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع بالقدرة وعدم الضرر اذا كان الامر يسيرا يعني اموال او دماء قليلة او بعد فردي اما اذا كانت عموم الدماء او عموم بيضة الدين فحينئذ الامر لا يقيد بالقدرة .
المعروف لديهم في علم الاصول ان الوجوب او اي حكم اخر لا يتعرض الى ايجاد موضوع نفسه مثلا وجوب حجة الاسلام اخذ في موضوعها قيد الاستطاعة فوجوب الحج لا يدفع نحو تحصيل الاستطاعة وانما يكون بعد تحقق الاستطاعة اما قبله فلا ، اذن الحكم لا يتكفل لايجاد موضوع نفسه فوجوب صلاة الظهر لا يتكفل لايجاد الزوال وانما يتكفل لايجاد الوضوء واستعلام القبلة والقيود التي ترتبط بالواجب ، فالقيود التي ترتبط بالواجب الوجوب يتعرض لها اما القيود التي ترتبط بالوجوب فلا يتعرض لها .
هذه ضابطة ناموسية في علم الاصول اما القدرة في المقام ان كانت هي قيد وجوب في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذه الفريضة لا تتعرض الى تحصيل القدرة اما اذا كانت القدرة ليست قيد وجوب وليست قيد الدفاع وليست قيد الجهاد وليست قيد التقية يعني الضرر وعدم الضرر حينئذ الامر والنهي عن المنكر يدفعها نحو تحصيل القدرة .
بعبارة اخرى السيد محسن الحكيم نسب الى الفقهاء ان القدرة قيد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجانب الفردي والامر العادي ، اما اذا كان المنكر اجتماعي عام او ديني خطير هنا لا يقيد بالقدرة فلا تكون القدرة قيد وجوب وانما تكون قيد الواجب يعني انت لكي تحقق الغرض من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يلزمك تحصيل القدرة فالقدرة على الماء قيد واجب وليس وجوب فيجب تحصيل قدرة على الماء اما القدرة في الحج اخذت قيد وجوب فلا يجب تحصيلها .
فعلى كلام السيد المحسن الحكيم القدرة في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر او باب التقية او باب الدفاع او باب الجهاد اذا كان على صعيد فردي ومستوى محدود فتشترط اما اذا كان على مستوى عموم المؤمنين وبيضة الايمان فالقدرة ليست قيد وجوب وانما قيد واجب يعني يجب تحصيلها .
هذا التفصيل الذي نسبه السيد الحكيم للفقهاء يعني بها انه انت ايها البحث لا تغتر بما يدون في الفقه حيث هو له وجوه ومحامل عديدة ان باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي دونه الفقهاء هو في الفقه الفردي لا في الفقه الديني والمنكر الديني او المعروف الديني كذلك التقية ، اذن باب التقية وباب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وباب الجهاد وباب الدفاع لا يتنافى مع نهضة الامام الحسين لانه كما يقول سيد الشهداء وعلى الاسلام السلام اذ قد بليت الامة براع مثل يزيد .
فهنا ليست قيود الامر بالمعروف والنهي عن المنكر او قيود التقية او قيود الدفاع او قيود الجهاد فانت لو فتحت باب الجهاد سواء ابتدائي او دفاعي الاعلام قالوا ان الذي به زمانة ومقعد لا يجب عليه الجهاد وكذا لا يجب على الاعمى ولا على الاعرج وهذا نص الاية .
فعلى تفسير السيد محسن الحكيم هذا اذا لم يصل الامر الى بيضة الدين والاسلام اما اذا وصلت القضية الى بقاء اصل بيضة الدين فهذه الشروط ليست قيد وجوب وانما قيد واجب يجب تحصيلها .
فنخرج بهذه النتيجة :
ان باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر السياسي الاجتماعي العقائدي ما مقيد بهذه القيود هذا الباب اللازم كفائيا على عموم المؤمنين تحصيل القوة له لانه قيد واجب لا قيد وجوب فاذن اعدوا لهم ما استطعتم من قوة هل هو مقيد بشيء ام لا?
اذن الوجوب لا يتعرض لقيود الوجوب ولتحصيلها ولكن الوجوب يتعرض لتحصيل قيود الواجب دعني اذكر لكم هذه النكتة الاصولية انه اذا اتانا دليلان احدهما يتعرض لموضوع الاخر والاخر لا يتعرض لموضوع نفسه ولا لموضوع الدليل الاخر فهما دليلان وفي الظاهر متنافيان لكن احدهما يتعرض للموضوع الاخر والثاني لا يتعرض لا لموضوع نفسه ولا لموضوع الحكم الاخر فمن المقدم هنا? انه هو دليل الحكم الاول لانه يتعرض لموضوع الاخر من دون ان يتعرض الثاني للموضوع الاول ولا لموضوع نفسه ، فنحن يجب ان نستعرض ادلة وجوب تحصيل القدرة هل هي مقيدة بالقدرة? ام لا ؟
نقول كلا لانه يتعرض لتحصيل القدرة فكيف هو يكون مقيدا بالقدرة? وهذه هي الورطة التي غفل عنها في الجو العلمي وحتى لدى الاجيال فلا يمكن لادلة التقية ان تكون حاكمة على اعدوا لهم ما استطعتم من قوة حتى لو افترضنا ان ادلة التقية مقيدة وحتى دليل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لو كان مقيد بالقدرة فهل يمكن لادلة التقية ان تتدافع مع دليل اعداد القوة? كلا لان دليل اعداد القوة هو في صدد التعرض لتحصيل القدرة ولكن ذاك يقول ان لم تكن قدرة فليس هناك امر بمعروف ونهي عن المنكر وان كانت قدرة فبها وان لم تكن قدرة فالتقية لازمة .
فالتقية مشروعيتها مرهونة بالعجز عن القدرة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر كذلك والدفاع والجهاد كذلك اما اذا كان الدليل يقول يلزمك ايها المكلف تحصيل القدرة فلا معنى لان تقول دليل اعدوا لهم ما استطعتم من قوة يكون حاكما على دليل : التقية ديني ودين ابائي ، لان هذا في صدد ان التقية لاجل العجز وعدم القدرة فاذا قال لك الدليل حصل القدرة فلا معنى لان تكون ادلة التقية حاكمة عليه او ادلة شروط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حاكمة عليه بل هذا يكون حاكم .
فهذا المحور الثاني منطبق مع المحور الاول ، المحور الاول هو الذي نقلناه عن السيد محسن الحكيم ان القدرة ليست قيد وجوب في هذه الابواب بقول مطلق وانما قيد وجوب في هذا الابواب بالبعد الفردي او المتوسط اما البعد الخطير فالقدرة ليست قيد وجوب فهذا المحور بالدقة ينطبق على المحور الثاني ان اعدوا لهم ما استطعتم من قوة دليل حاكم في نفسه في ترهبون به عدو الله وعدوكم يعني في الشأن العام والشأن الديني فهناك تطابق بين المحور الاول والثاني وهذه غفلة ، ففي باب البعد السياسي او الاجتماعي او الديني ليس للمكلفين ان يتعذروا بقيود القدرة والعجز لانه ليس قيد وجوب وانما هو قيد الواجب ويجب ان يحصلوه مطابقة لادلة اعداد القوة التي سنستعرضها وهي كثيرة .
المحور الثالث :
وهو مهم ويوافق بين المحور الاول والثاني وللاسف الغفلة عنه تسبب اخفاقات عجيبة ، ان فيها قوم جبارين فاذهب انت وربك فقاتلا ، جبارين يعني قوتهم ازيد منا فهم تعذروا بالعجز فالعجز متى عذر ومتى ليس بعذر ؟ فهذا المحور الثالث مهم جدا ويفسر المحور الاول والثاني بتفسير اعمق ان طبيعة الافعال المأمور بها مختلفة فبعض الافعال بدفعة يوجدها المكلف او بتدريج يسير لكن بعض الافعال المأمور بها لا يمكن ان تنوجد دفعة اوبتدريج يسير وانما تحتاج الى مقدمات بعيدة يسلكها المكلف كي يتمكن من اداء المامور به وذلك مثل الحج ولو ارادوا الخروج لاعدوا له .
فالذهاب الى مكة يحتاج الى مقدمات لانه ليس المسجد بجنب المكلف ، فهناك جماعة من الاعلام ومنهم الشيخ الانصاري او السيد الكلبيكاني قالوا ان الصفات النفسانية الرذيلة ليست محل تكليف لان هذه الصفات ليس بالامكان ان تقلعها يقولون فالتكليف ليس في الصفات والملكات السيئة وانما في الفعل الصادر من هذه الملكات السيئة هو تحت قدرة واختيار الانسان فيخاطب المكلف انه لا تحسد ، فصفة الحسد عنده ولكن اعمال صفة الحسد وهو الحسد الفعلي هذا محل اختياره وقدرته او يخاطب لا توسوس فالحاصل ان الملكات السيئة ليست محل تكليف عند الشيخ الانصاري وجماعة في بحث التجري والانقياد لذلك الشيخ الانصاري يقول هذه الصفات ليست محل مسؤولية نعم الفعل الذي يصدر منها محل مسؤولية لانه صدرت باختيار الانسان .
لكن الصحيح ما بنى عليه جماعة اخرين ان الملكات السيئة وان كانت خارجة عن محل اختيار الانسان ولكن على المدى البعيد يمكن ازالتها وكذلك الملكات الحسنة دفعة لا يمكن ان يكلف بها لكن على المدى البعيد يمكن فالقدرة على الافعال المأمور بها في صورة واحدة ، فقسم من الافعال لكي يمتثلها المكلف يحتاج الى تحصيل القدرة يعني اذا انت لا تبدأ تهيأ للسفر المعقد للحج كرخصة وتأشيرة وفحص طبي وكتابة تسجيل سوف لا ينفتح لك الطريق اما اذا تبدأ خطوة خطوة ينفتح الطريق فطبيعة الذهاب للحج هي طبيعة تدريجية ذات امد طويل .
هذا المحور الثالث جدا خطير ومهم في بحثنا فانت يا من تتعذر بالتقية او بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبمعاذير اخرى انت الان عاجز لكن يمكنك بالتدريج تحصيل القدرة فلو فرضنا انك في الوقت الراهن معذور ولكن على المدى البعيد لماذا لا تهيأ الارضية سواء قدرة عسكرية امنية اقتصادية ? وطبيعة الافعال في القدرة على نمطين وليس على نمط واحد فلو لم نقل بالتفصيل الذي ذكره السيد محسن الحكيم في المحور الاول جدلا مع ان هذا التفصيل صحيح .
فالعناوين متى تكون عذرية? انها مع عجز الانسان ، فليس على المريض حرج في الامر بالمعروف او النهي عن المنكر او عدم الضرر فهي قواعد عذرية ، هذه القواعد العجز فيها هل هو في الوقت الراهن او على المدى البعيد ؟ كلا هو في الوقت الراهن لا على المدى البعيد فعلى الفرض الثاني القدرة ليست منتفية ، فاذا توانيت و فرطت بها فانك فرطت في القدرة فهذا التفريط ليس للعجز وانما انا اعجز نفسي بنفسي فعلى المدى البعيد القدرة موجودة فحتى لو لم نقل بالمحور الاول فهذا المحور الثاني يقول انت تتقي بلحاظ الوضع الراهن لانك عاجز ولكن على المدى البعيد انت قادر فكيف تتشبث بالتقية وبالعناوين العذرية وبقاعدة لا ضرر ؟ لان القدرة متوفرة على المدى البعيد.
فلو سلمنا جدلا ان التقية مقيدة بالقدرة بقول مطلق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر مقيد بعدم الضرر بقول مطلق مع ان المحور الاول ليس هكذا ولكن انا على المدى البعيد ليس عندي موضوع التقية والعجز والاضطرار لان ادلة التقية والضرر كما نبه عليه اهل البيت هي مع الاضطرار ، فعلى المدى البعيد انا لست مضطرا فبامكاني تحصيل القدرة والقوة ، هب ان القدرة قيد الوجوب ولكن القدرة على المدى البعيد متوفرة كيف انا اعذر نفسي? فانا ان لم اسع لترتيب ما هو متوفر من القدرة ولو بالتدريج هذا تفريط واعدام لموضوع الوجوب مع وجوده .
مثلا لو حصلت الاستطاعة ولم يحافظ على المال وما حافظ على المقدمات فهنا فرط في القدرة وفي الاستطاعة ففي هذه الابواب جعل قدرة والعجز قيد ولكن بلحاظ المقطع الفعلي الراهن لا بلحاظ الامد ، لانه بهذا اللحاظ القدرة موجودة كيف تفرط فيها?
لاحظوا الاية الكريمة اعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، فالان القوة غير موجودة وانما بلحاظ الامد البعيد تحصل القدرة فالاعداد للقوة مقدور وان كانت نفس القدرة غير موجودة .
فتحصل من هذه المحاور الثلاث ان باب التقية والامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تعذر المؤمنين على المدى البعيد لعدم تحصيل القدرة .
هناك محور رابع يصب في نفس المطلب حيث ذهب المشهور عدا النائيني والسيد الخوئي ان القواعد العذرية كلا ضرر ولا حرج هي مرخصة ومعذرة لكن الشارع عندما يجعلها معذرة او مرخصة لا يريد من هذا العنوان ان تكون دائمية والا لانقلب الحكم الثانوي الى الحكم الاولي يعني العنوان العذري الثانوي مؤقت ما دمت الان لست قادرا ولكن على المدى البعيد تكون قادرا ،
هذه القواعد العذرية ليست بابا للتفريط بالقدرة الاعدادية على المدى البعيد والشارع لا يريد ان يجعل الحكم الثانوي اوليا فالثانوي يعني شيء مؤقت وبعبارة اخرى في هذا المحور الرابع الحكم الثانوي هو من باب التزاحم والتزاحم هو ترجيح احد الطرفين على الاخر وليس علاج دائم وانما علاج مؤقت يعني ما دام التزاحم موجود والا لازم عدم التفريط في كلا المتزاحمين لو امكن للمكلف ذلك ، فاذن على الامد البعيد يمكن ان لا يفرط في احد المتزاحمين
فتحصل ان التفريط في الاعداد التدريجي للقوة في كل المجالات لا عذر للمؤمنين سواء في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهذه ليست اعذار بلحاظ الاعداد على المستوى البعيد لان هذا الامر باعداد القوة يعدم موضوع التقية والعجز فمع وجود القدرة لا معنى لان تتمسك بالتقية .
انقل عن السيد احمد الخوانساري والسيد محمد الروحاني مع ان هذان العلمان غير معروفين بالثورة السياسية وحتى جملة من مراجع قم كبيت الصدر والد السيد موسى الصدر والسيد محمد تقي الخوانساري كانوا على خلاف مع السيد البروجردي في هذا المطلب وهي التقية المداراتية وعندهم نظرة معترضة على السيد البروجيردي ان التقية في دار الايمان كايران او جنوب العراق او وسطها التقية الخوفية لا معنى لها اصلا ولا موضوع لها بل حتى التقية المداراتية وسيأتينا ان شاء الله انواع التقية وان الخلط بينها هي احد اسباب الاخفاقات في مسيرة المؤمنين فهؤلاء الاعلام عندهم ان الموضوع الموجود في زمن الائمة لا معنى له في يومنا هذا في دار الايمان حيث تشكل لدى المؤمنين نظام سياسي لان ذاك كان مع العجز لا مع القدرة .
لذلك كان هناك خلاف بين المحقق الكركي والشيخ ابراهيم القطيفي حيث الاخير كانت المؤاخذة عليه انه ما كان يميز بين التقية الفردية والتقية في البعد الاجتماعي او العقائدي او ما كان يميز بين دار الايمان وغير الايمان ولو كانت القضايا نسبية وغير مطلقة ولكن بحاجة الى التمييز .