« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/07/13

بسم الله الرحمن الرحيم

/ البصيرة والصبر قوتان أركان للنصر/باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (22)

الموضوع: باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (22) / البصيرة والصبر قوتان أركان للنصر/

 

كنا في الجهاد الدفاعي او الجهاد عموما او بحث المرابطة والرباط تعريف الرباط والمرابطة يعني الحفظ احد اوصاف الامام الثاني عشر عنج الله تعالى فرجه الشريف ورد في روايات عديدة وفي زيارات عديدة انه المرابط لا انه ساكن متوقف وانما مرابط يعني حارس وراعي والحافظ الاول للدين ولاهل الدين فهو عجل الله تعالى فرجه الشريف طيلة اكثر من الف سنة مرابط

طبعا الرباط باب يختلف عن الدفاع نعم هو دفاع بالمعنى العام لكن يختلف عن صورة الدفاع ويختلف عن الجهاد الابتدائي ، المرابطة في الثغور ليس من الضروري ان تكون ثغور جغرافية فقط الثغور يعني المواطن التي ينفذ ويتسلل فيها العدو على المسلمين والمؤمنين وعلى راية الاسلام عندنا في الروايات العلماء مرابطون في الثغور التي يلي ابليس منها وهذا التسلل من ابليس ليس فقط جغرافي وانما فكري عقل قلبي ميول النفس هذه كلها نوافذ ينفذ منها ابليس قوله تعالى ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما .

فاذن الرباط ليس يقتصر على الرباط الجغرافي وهذا شبيه البيان العظيم الاعجازي العلمي لدى اهل البيت انهم يقولون الهجرة باب لم يغلق نعم عند المذاهب الاسلامية الهجرة غلقت اما في مذهب البيت الهجرة باب لا يغلق، ومن البحوث التي تبحث في منطق اهل البيت هو الهجرة يعني هو باب مفتوح ومستمر مثلا من اوصاف امير المؤمنين هاجر الهجرتين فهو ع هو اول من تابع سيد الرسل فما معنى هاجر الهجرتين ؟ الرسول هاجر من مكة الى المدينة ، نقرأ في زيارات سيد الشهداء ان ندعو الله على دوام الهجرة الى سيد الشهداء ، ماذا يعني الهجرة؟ ليست الهجرة الجغرافية فقط ،

هناك زيارة معروفة عظيمة : السلام عليك يا حجة الله وابن حجته ثار الله ابن ثأره وتر الله وابن وتره بكتك اظلة العرش ومن في الجنة ومن في النار في هذه الزيارة الشريفة العظيمة جدا ورد انه ارادة الرب في مقادير اموره تنزل اليكم وتصدر من بيوتكم وهذه رواية عظيمة وفيها معارف عظيمة يعني هي خلاصة زيارة الجامعة موجودة في هذه الزيارة للحسين ع ويقول ذلك الكبار ان لباب الزيارة الجامعة واسرار ومعارف الزيارة الجامعة موجودة في هذه الزيارة لسيد الشهداء السلام عليك يا حجة الله وابن حجته الى قتيل الله ابن قتيله، فورد فيها هكذا : ان الله يرزقني دوام الهجرة في السبيل اليك ، الالفاظ قريب منها موجود يعني السبيل والسير الى الامام كما نقول والراحل اليك قريب المسافة ولكن ما ينتهي كما يقول امير الميومين اه من قلة الزاد وطول السفر ويقول الامام الحسن العسكري إن الوصول إلى الله عز وجل سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون فتجعل الليل كانها مثل الدابة تمتطيها .

فالوصول الى الله لايقف عند حد لان الوصول الله يعني التكامل والتكامل لاحد له ، فالائمة عليهم السلام لانهم صنايع الله ومظهر وجه الله وجنب الله عين الله السير اليهم لا ينتهي ومن ظن انه ينتهي اذن هو لم يعرف النبي ولم يعرف الائمة لان كمالاتهم بالنسبة الينا لا تنتهي لابالنسبة الى الله ، ان تعدوا نعمة الله لا تحصوها لا تنفذ كلمات الله بالنسبة لنا ، فكم نحن بحاجة الى نهاجر الى الائمة؟ من ثم ورد في زيارات كادبيات معرفية وعبادية انه انا اهجر الرذائل الاخلاقية الى فضائل اخلاقية يعني اقتداء بصفات الائمة ، فكما ان القرب الى الله لا منتهى له القرب الى النبي والقرب الى امير المؤمنين والى فاطمة ايضا طريق لا ينتهي وطويل ، لان صفاتهم لايمكن الانسان ان يدركها فهو وان كان يحاول ان يهتدي يقتدي درجة واحدة ثانية ثالثة مليون مليارد ولكن لا تنتهي.

فالهجرة بابها مفتوح سواء الهجرة في الاخلاق اي من الرذائل الى الفضائل والهجرة في العقل من الجهل الى العلم ، فالهجرة جغرافية وروحية وقلبية فكما عندنا الصلاة القلبية والصلاة الروحية والنفسية والصلاة البدنية هكذا هجرة جغرافية وهجرة كذا ووو .

فالرباط الكلام الكلام الرباط حراسة للدين وهناك حراسة جغرافية ومادية وهناك حراسة في الاقتصاد كي لا ينقض العدو على اقتصاد المسلمين وكذا في الاخلاق لا ينقض العدو ويوجب هدم المبادئ والقيم الاخلاقية لدى المؤمنين ، واللطيف انه يوم امس اللي قرأنا زيارة للعسكريين هكذا انهما اللذان استنقذا المؤمنين من مخالطة الفاسقين وحقنا لدماء المؤمنين بمداراة المبغضين ومر بنا حقنا يعني التبري والتبرئة هو تطهير ، فهما جعلا المؤمنين لا يتلوثون باخلاق الفاسقين واخلاق الطواغيت ، الناس على ديني يعني القوي اي واحد قوي هو على ديني يعني على هواهم و احكامهم.

الائمة كما هو ورد في وصف الامام الهادي والامام الحسن العسكري لم يجعلوا المؤمنين منطقهم وفكرهم على هوى وتقنينات وشعارات الدول العظمى او الطواغيت، فالانهزام الفكري امام فكر باطل والانبطاح الفكري امام فكر باطل هذا مخالف لضرورات الدين فالامام الهادي والامام العسكري وقيا شيعتهم المؤمنين من ان يخالطوا المبادئ والقيم المنحرفة؟

ورد في روايات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر انه تارة انت لا تنكر المنكر فهذا درجة من التقصير ، وتارة تأمر بالمنكر وهذا درجة اشد واشد انحرافا وتارة وهو الاشد انك ترى المنكر معروفا وترى المعروف منكرا ، فهو فكري يعني هذا المنكر الذي خلاف الدين و خلاف الاحكام الضرورية في الدين ترى هذا المعروف الديني منكرا ولو بسبب الدول العظمى والامم المتحدة ، السلطان الان في زماننا هي الدول العظمى او الامم المتحدة وعاظ السلطان هم الصحفيون الذين يمشون على هوى الدول العظمى ان فيها قوما جبارين ، العمالقة باصطلاح الوحي يعني الدول العظمى اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون فواعظ السلاطين في زماننا هذا والطاغوت في زماننا هذا الذي يحكم بما لم ينزل الله وليس عليه من الانجيل ولا التوراة ولا القرآن يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت يعني القيم التي هي ليست من الله وقد امروا ان يكفروا به سياسيا قضائيا قانونيا تشريعيا.

فاشد انواع المنكر ان ترى المعروف منكرا فانت تنظر للمعروف انه منكر او تنظر للمنكر انه معروف وهذا اشد انواع التفريط في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهذا فلسفة ان المنكر معروفا او ان المعروف منكرا هذا ليس فقط على صعيد العالم حتى على صعيد البيئة الاسلامية المنكر في مذهب اهل البيت لا يجوز ان تعرفنه تحت ذريعة المداراة نعم المداراة تبقى على حالها من دون ان تعرفن المنكر ومن دون ان تنكر المعروف وهذا لا اقل في الضروريات فلا نتكلم عن النظريات وسيما اذا كان عقائدي او انه منكرا عند مذهب اهل البيت انا اعرفنه مداراة .

فهذا التعبير ان الائمة من السجاد والباقر والصادق صحيح لم يقوموا بالسيف الظاهر لكن كما ورد في شأن الامامين الهادي والعسكري اللذين استنقذا المؤمنين من مخالطة الفاسقين وهذا شيء ليس بالهين فهم حافظوا على عدم الانهزام والانبطاح والمسخ وذلك بدون تشنج وبدون توتر فهذا التوازن صعب وليس بالهين ، فلا المحافظة على المبادئ تجرك الى التوتر والفتنة حيث الفتنة اشد من القتل ولا التعايش السلمي يجرك الى رفع اليد عن الثوابت والقيم بحيث الانسان يتملص منها .

هنا العظمة في الادارة السياسية الدينية لائمة اهل البيت يعني هو كانما مناقض لكن المدير المحنك المدبر يدير الامور فمن جهة هو تعايش سلمي وعدم فتنة وهي ضرورة كبيرة ومن جهة بشكل ناعم يحافظ على الثوابت ولا يطمسها ولا ان المؤمنين منسلخين منها فالجمع بين الامرين تظهر الجدارة وطبعا هذا بشكل كامل لا يستطيعه الا المعصوم ولكن ما لا يدرك كل كله لا يترك جله .

فكما مر ان الرباط يعني حراسة القيم والمبادئ على صعيد فكري اعتقادي تنظيري وهو اكبر ثغور الدين ان العلماء يرابطون على الثغور التي يلي منها ابليس وجنوده .

عندما ولد النبي ابليس اطلع على جانب من الملكوت وهو عنده قدرات لا زالت موجودة وما سلبها الله عنه نعم سلب منه قسما عظيما وبقي عنده قسم معين ، و ولادة النبي محطة مهمة جدا بحيث الكليني في الكافي بوب بابا اسماه مولد النبي وحشد فيه معارف عظيمة فمولد النبي فيه معارف عظيمة ومحطة مهمة ومجيء سيد الانبياء حصلت فيه ارهاصات تكوينية وملكوتية عجيبة غريبة حتى ورود في القران انا وجدنا السماء ملئت حرسا وكنا سابقا نسترق السمع كذا يعني مضمون الايات حتى القرآن يبين انه اراد ربك باهل الارض كذا مضمون الايات والسور .

فبالتالي هناك ارهاصات ملكوتية بمولد النبي كما ان رحيل سيد الانبياء كما تصف الصديقة فاطمة في خطبتها انه حصل في الكون ارهاصات كونية عجيبة ، فمجيء النبي اتى بارهاصات مبشرة ورحيله اصبح في الملكوت ظلمة عجيبة ونفس الامر شيئا مع امير المؤمنين في مجيئه ورحيله تهدمت والله اركان الهدى فهم شهدوا ارهاصات عجيبة وملكوتية وملكية .

فابليس بعد مولد النبي وجد ان الحرم المكي حرس من الملائكة يعني هناك حالة ملكوتية جلل الله بها امنة بنت وهب فكل ما حاول ان يدخل صدوه فتمثل ابليس على هيئة عصفور فاستطاع ان يلبس الامر على الملائكة العظام واخترق الصف فمسكه جبرائيل لان الاخير قوته اكثر فقال له ما الحدث؟

فشاهد هذا المقطع في الرواية ان ابليس يستطيع ان يخترق جدارا من الملائكة العظام وليسوا متوسطين وصغار ولم يمسكه الا جبرائيل فالمقصود ان العلماء يرابطون في الثغر الذي يلي منه ابليس وجنوده وورد في بيانات القرآن فضلا عن الروايات ان ابليس لديه تنظيم سياسي امني من الانس والجن ، ولاية الشيطان هي تنظيم مجند واختراق ابليس لصفوف المؤمنين بل للصفوف الحواريين اختراق امني لا تستطيع ان تقوم به الدول العظمى ن فبامكان ابليس تنظيم امني وسياسي ان يجند قائدا من قادات جيش الايمان بشكل سري وخفي ويخفى حتى على المجند فيرمي له بحبل وهذا الحبل يمتلك ذاك الشخص سواء كانت شهوة او هوى فيستطيع ان يضغط عليه عبر تلك النقطة التي فيها ضعف ذلك القائد .

فتجنيد ابليس والابالسة لا نظن انها قضية فردية وانما دولة ابليس دولة قائمة منذ ادم والى يومنا هذا والى يوم الوقت المعلوم ، هي دولة اعظم من دول الانس ، سرية تجند وتنظم امنيا سياسيا ولا يقاس به المسحور والمسروع لان هذه الامور فتات من حثالة الجن اما تجنيد ابليس يعني دولة والقرآن يثبت ذلك والذين كفروا اوليائهم الطاغوت والطاغوت لم يطلقه القرآن الا على الحكام الظلمة والذين كفروا اوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات .

فكما يقول الوحي قرآنا ورواية ابليس لديه دولة وتجنيده واختراقه لصفوف الايمان ومعسكر الايمان نشبهه كما ان الانترنت يخترق البيوت والاشخاص فابليس عنده انترنت اعظم من هذا ، فمن الذي يحرص المؤمنين عن اختراقات ابليس وقدرته الملكوتية ؟ فابليس يحرك زرا معينا تتحرك فيك الشهوة او يثار فيك الغضب او العصبية فان لدى الانسان حبات تثار منها غرائزه وهذا هو الامتحان الاصعب لذلك النبي يقول هذه الساحة هي الجهاد الاخطر الاعظم الاكبر بل القرآن يقول ان ابليس يدخل على خط الانبياء فيوسوس لهم ، فوسوس لهما الشيطان واخرجهما مما كانا فيه وناداهما الله الم اقل لكم انه لكم عدو مبين حيث في البداية قال لهم اني لكم من الناصحين .

الصعوبة في اختراقات ابليس انه يكون من حيث لا تشعر ولا تتنبه كما يكون هناك اختراقات للموبايل ويكشف ملفاتك فهي مصيدات امنية شهوية سياسية فكرية فاذا كان الشيطان يستطيع ذلك للانبياء بدون ما ينافي عصمتهم لكن الله يقول ان ان ابليس يحارب الانبياء في مقام النفس فهذا اختراق ملكوتي .

مثلا ايوب مع صبره العظيم موجود في رواية الفريقين ان الشيطان حاول ان يصارعه فوجدناه نعم العبد صابرا والصبر هي احد الجبهات التي تناضل اختراق العدو والقرآن يقول الصبر قوة وهي جبهة نفسية ومن اقوى الاسلحة لمواجهة العدو سواء البعد العسكري والمادي والملكوتي .

كان ابوالفضل العباس صلب الايمان نافذ البصيرة صلب يعني صبر ومصابرة وهما اقوى الاسلحة في مواجهة العدو ولكن الجزع والهلع والتململ هو اقوى سبب ضعف يستثمره العدو ، فكما يؤكد الوحي على البصيرة يؤكد على الصبر فهما سلاحان ، نافذ البصيرة يعني لا يخدع لاحظ القرآن الكريم يقول فدلاهما بغرور وخدعة .

اكبر سلاحين مقاوم للاعداء على الصعيد العسكري والاخلاقي والاقتصادي والامني يصفه القرآن هو سلاح البصيرة اي يقظ كيس فطن ذو دهاء والسلاح الاخر هو الصبر لانه قد ينال العدو من الانسان لكن هو يصبر ، فاذا كانت القيادات العسكرية والسياسية والدينية في اي مجال من المجالات تتزلزل فكريا وبصيرة ويتزلزل صبرها هذا اخطر شيء وورد ذلك في ايات كثيرة .

لاحظ ابا الفضل العباس طيلة اربعة عشر قرن جعل منه الائمة مدرسة لعلماء الامامية وللمناضلين من الامامية ولكل فئات المؤمنين وذكروا الائمة في مدرسة ابي الفضل العباس خصلتين نافذ البصيرة وصلب الايمان وانه هذه الصفتين هما سبب رقي ابي الفضل الى ما رقى اليه منزلة يغبطه به الشهداء .

فكلما كان الجندي الديني العسكري والسياسي كلما كان دهاؤه وكياسته انفذ يعلي الله مقامه والمؤمن يزداد ايمانا ودرجة ومقاما كما قال سيد الانبياء بزيادة الكياسة اما الساذج الابله لا يحبه الله ولا يرفع مقامه فكل ما يزداد كياسة يزداد ايمانا بالله ، المؤمن الكيس كل ما تزداد فطنة يزيد الله ايمانه لنفس المنطق انه نافذ البصيرة ونفس المنطق فدلاهما بالغرور او غرتهم الدنيا يعني خدعتهم .

احد صفات امير المؤمنين انه لم يخدع في هوى يعني حتى الميول النفسية هي خداعات كما ورد في دعاء كميل وغرتني الدنيا بغرورها ، اول شيء هو الخداع فالميول النفسية والروحية خداع متاع قليل مقابل متاع عظيم فانت تقنع بالقليل مقابل الكثير وهذا اول خدعة ، والغرور يعني اكبر عامل للمعصية على صعيد السياسي والعقائدي والاسري فاول سبب في المعصية هو الخداع وثاني سبب هو عدم الصبر ، والجزع هو في مقابل الصبر .

القرآن الكريم يقول في سورة الاحزاب ﴿هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا﴾ فلماذا قال زلزالا شديدا؟ فكان يكفي ان يقول ابتلي المؤمنون ولكنه اضاف وزلزلوا وهذا ليس كافيا ثم قال زلزالا وهذا ليس بكافي فقال شديدا ففي الخندق عرض الله المبارزة لعمرو بن عبد ود امام الانصار والمهاجرين وامام الحواريين فلم يقم الا امير المؤمنين ، ﴿ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا﴾ ففي ذاك الموقف الانسان يفقد اعصابه وفكره وتوازنه فالخوف يقطع الجوف كانما روحك تتقطع وتفكيرك يتبدل فتظن ان المظلوم هو الغلط والظالم هو الصحيح وتظن ان مسيرك من الاول خطأ فلماذا نحن لا نتعايش مع الظالم ومع القوي ؟ فتتبدل قناعات الانسان وافكاره انه لماذا تكون مقاوما؟ وانما يجب ان تكون مسالما ومهادنا

فهنا يؤكد الوحي ان القوة النفسية والقوى البصيرية هي عامل النصر وليست القوة المادية فالقوة المادية اقل شيء ولكن من يمتلك هذه القوة النفسية والفكرية ؟ واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ثم قال ومن رباط الخيل ، ايها القرآن ما هو القوة عندك؟ قال ان يكن منكم مئة صابرون او انه اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون وليس عمياويون .

لاحظ دور البصيرة والصبر جناحان يزداد المؤمن بهما ، فتارة تراه قائدا ولكنه نفسيا ضعيف جبان فيورط الامة سواء قائد عسكري قائد سياسي فهو جبان فيخاف من المخاطر ، فكيف انت تجعل جبانا خليفة للمسلمين بعد رسول الله؟ اذا امتحنه الله في طول الطريق وهو دائما يجبن ويرجع ويجبن الناس والناس يجبنونه كيف تقدمه على امير المؤمنين؟ الصبر لابد منه وقوة الشخصية لابد منها وان لا ينهزمون .

من ثم هم ذكروا في مصادرهم ان فتح فارس وفتح العراق في القادسية وفتح اليرموك كلها بادارة امير المؤمنين وهم ذكروها في مصادرهم التي عنونوها باسم الفتوحات لاحظ فتوح ابن المزاحم وغيرها كلها تذكر ان القادسية والنهاوند واليرموك وقنسرين وجلولاء فيها اصابع علي ع وهي التي سببت الفتح والفوز للمسلمين ومن الغريب ان بني امية يكيدون بالاسلام فهل انت تكون اولاد لبني امية او اولاد لعلي ابن ابي طالب؟ هذه مصادر المسلمين ومصادر الطرف الاخر باسم الفتوحات وذكرناها في كتاب عدالة الصحابة كانت الفتوحات طيلة عشرة قرون مغمورة على علمائنا الامامية ولم ينبشوا هذا المطلب و احد الاخوة زودني بمعلومة جديدة ممتازة في نهج البلاغة ينسب فيها امير المؤمنين الفتوحات لنفسه واللفظ فيها مراجعة الامور لنفسه ولكن لم احفظ موضعها .

في اليرموك ذكروا بان المستولى الثاني كاد ان يصعق وسمعنا عطيط اسنانه وهو على المنبر وقام له عثمان بن عفان يهدئ روعه وقام له عبدالرحمن بن عوف وابو عبيدة وغيرهم فاقعدهم فقال يا ابا الحسن قم فانه دين ابن عمك فامير المؤمنين اعطاه الطريق والمنهاج كامل لنصر المسلمين في اليرموك فهو فطلب من امير المؤمنين ان ينفذه فشرط عليه امير المؤمنين ان يصعد المنبر معه فصعد فكشف له عن اليرموك وهم يروون يا سارية الجبل الجبل فقال عمر لامير المؤمنين انت قلها ، قال كلا باعتبار انت يسمع اليك فناد وساوصل صوتك لهم وهذه كرامة من امير المؤمنين هم يعتبرونها من كرامات عمر يذكروها قال يا سارية الجبل الجبل من المدينة المنورة ،فكيف يصل صوته ؟ هذه كرامات لامير المؤمنين.

فشجاعة القائد السياسي والعسكري مهم ولما نقول شجاعة لامير المؤمنين لم نقصد عضلاته الشريفة وانما شجاعة النفس والفكر اما اذا صار انهزاميا فكره وقيمه ومبادئه تنقلب ويخطئ التفكير اما لما يكون عنده قوة نفسية فيحافظ على المبادئ والقيم والله لو قاتلتني العرب اجمع لما وليت يعني قيامي لا ابدلها وثوابته هذه .

لذلك وصف امير المؤمنين بانه لم تفلل حجتك فاذا كان الانسان ضعيف البصيرة وضعيف النفس تفلل عزيمته ويقول هذا الذي اقتنعت به خطأ ، فليس الظالم خطأ وليس الطاغوت خطأ انا الخطأ فتلقائيا تتبدل الافكار فقوله تعالى ﴿هنالك ابتلي المؤمنون﴾ هذا قيد اول وزلزلوا قيد ثان و زلزالا قيد ثالث و شديدا قيد رابع قالوا ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا ، فيقولون هذه خدعة من سيد الانبياء فهو ورطنا بهذه الحرب فذهبت بيوتنا واعراضنا واموالنا ومقدراتنا ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا فهؤلاء خدعونا وبرنامجهم خاطئ من الاول كيف نريد ان نقاوم كل قبائل العرب؟

عندما عرض رسول الله على ابي طالب الامر لانه كان شجاعا وذلك في يوم الدار والايام الاولى للاسلام وعرضه على جعفر وعلى حمزة اسد الله واسد رسوله لاجل شجاعته وعرضها على اربعين من بني هاشم ولم يقم الا امير المؤمنين قالوا هل نريد ان ننازل العرب؟ فقام علي ع وهو ذو احدى عشر سنة فقال له رسول الله اقعد يا علي فرد عليهم الامتحان فقام امير المؤمنين فامره بالجلوس .

اذ يقول لصاحبه لا تحزن حيث الاول قال في قلبه تردد الخوف وانه غرر بنا فهو زلزال وخوف .

امير المؤمنين في كبد سيوف القوم وادمي جسده ادماء شديدا وذلك ليس في الحرب وانما في ليلة المبيت في الفراش ثم القي في السجن وجعلت عليه حراسة شديدة فلما نقول شجاعة علي ليست هي شجاعة بدن فقط وليس شجاعة عسكرية وانما شجاعة القرار وشجاعة الارادة وشجاعة الفكر والقيم والمبادئ ولا يمتلكها الا امير المؤمنين واما البقية فينهزمون ويقولون ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا وحتى قال قائلهم انها لقريش يا رسول الله ما هزمت منذ كذا لاحظ ضعف الادارة .

فليست قصة شجاعة وبسالة وانما شجاعة في الادارة وفي النظم وفي التدبير الامني السياسي الاقتصادي فلا يصيبه هلع اقتصادي ولا هلع امني ولا هلع اداري ، شجاع يعني مدبر محنك في كل المجالات فشجاعة امير المؤمنين ليست شجاعة فروسية بدنية فقط نعم هي احد ابعادها ولكن الاعظم هي شجاعة قيادة وادارة مصير الامة ، فلما ارادوا ان يستفزوه في الهجوم على بيت فاطمة لم يستفز .

انظر هذه القيادة لا تستفز ولا تنثني وهذه هي الجمع بين الحالات المتضادة جمعت في صفاتك الاضداد لاحظ هذه العظمة في يوم الهجوم على الدار وهذه العظمة اكثر من عظمته لما قاتل عمرو بن عبد ود وهذا موقف اعظم وتوازن شديد فهو رجل ادارة الازمات ، اعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، اي قوة الكياسة فالمؤمن كيس فطن حذر ، فهو في الجانب الامني المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فكلما تتصاعد عنده الحس الامني يزداد ايمانا وكلما يصير ابله امنيا ويخدع امنيا سياسيا اداريا فهذا نقص في ايمانه ويبغضه الله ان الله يبغض المؤمن الضعيف ويحب المؤمن القوي .

﴿اعدوا لهم ما استطعتم من قوة﴾ والا يأتيه ابليس ويوسوسه انك مشتبه وكلما اتخذته من قرارات هي خطأ لاحظ كم مورد الصحابة قالوا ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا قالوها في بدر وفي الخندق وفي عدة موارد يعني نحن خدعنا وهذا قرار اشتباه والمقاومة خاطئة فكيف انت تقاوم كل العرب؟ وتقول الصديقة في خطبتها انه يكافح الامم .

 

logo