46/06/27
/ علامات الظهور و السفياني (2)/باب الدفع و الدفاع عن الدين (١٠)
الموضوع: باب الدفع و الدفاع عن الدين (١٠)/ علامات الظهور و السفياني (2)/
كان الكلام في العلاقة بين باب الجهاد والدفاع والرباط والتقية والامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهي امور خمسة وهذا بحث خطير ويؤثر في مصير الامة والمؤمنين على الصعيد التنظيري والعلمي وعلى صعيد تدشين الوعي الفقهي في اذهان الامة لكن كما مر هذا البحث سنخوض فيه مفصلا بدقة صناعية والغفلة عنه له تداعيات سلبية عظيمة قاصمة للظهر .
لكن هناك قضية راهنة مثارة في الاوساط الثقافية وهي قضية السفياني ، فالقرآن الكريم تكفل عن نبوءات تحدث في اخر الزمان قوله تعالى ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون و قوله تعالى والعاقبة للمتقين ، وليست للظالمين وللفراعنة ،
هذي برهان لامامة اهل البيت ان الوارث هو من كان مستضعفا على طول الطريق ومظلوم اذن طريق الخلافة من بدء نزول القرآن الى نهاية المطاف هو هذا الطريق الباطل الا ما استثناه الدليل كخلافة امير المؤمنين والا فحسب منطق القرآن ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون او قوله تعالى ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين يعني ادلة المهدوية كما يقول جملة من اهل العلم هي ادلة على حقانية مذهب وامامة اهل البيت ، فالذين استضعفوا في الارض هم الذين ازويت عنهم الخلافة واغتصبت منهم فالمضطهدين على طول المسار المرير هم على الحق وهم الذين سيرثون الارض وستكون الدولة لهم وهذا برهان على امامة اهل البيت .
كذلك ايات اخرى والعاقبة للمتقين وليست للفاسقين فهذا برهان قرآني تاريخي حضاري على ان اهل البيت المظلومين المضطهدين هم سيرثون الارض لذلك لاحظ اول شعار يرفعه الامام المهدي هو انه نحن المظلومون ونحن المستضعفون ونحن المسلوبة حقوقهم فهذا منطق وبصمة قرآنية وحيانية ان هؤلاء الائمة على حق وانهم على طول المسار مستضعفون منذ رحيل سيد الانبياء وحتى الذين بايعوا عليا لم يبايعوه على انه امام وانما لان البيعة تشرعن الخلافة من ثم يتمردون على البيعة وينكثونها فلم يتمكن امير المؤمنين حتى في هذه الخمس سنين الذي تقلد فيها المسؤولية ان يصحح البدع فحين نهى عن صلاة التراويح صاحوا وا سنة فلاناه .
هكذا الامر في قضية الامام الحسن فالامام الحسن لم يكن يمتلك تقليد الامور وتنازل عنها لمعاوية وانما في الحقيقة هم ارادوا ان يكون يجعلوه واجهة ثم الخوارج يحكمون فلم يكن للامام الحسن بحسب طبيعة الامور ملكا كي يعطيها لمعاوية وانما هم من الاساس لم يكونوا خاضعين له ويريدون ان يكون الة بيدهم وهو رفض ان يكون الة بيد غيره فنأى بنفسه وشيعته واتباعه عن الملك وهذه احد نقاط فلسفة صلح وهدنة الامام الحسن .
فاذن ايات الموعود والمصلح من ذرية فاطمة في القرآن هي بمفردها احد الادلة القطعية القرآنية على امامة اهل البيت الاثني عشر كما ان جميع الادلة الواردة في امامة امير المؤمنين هي ادلة على امامة ذريته وكذلك ما ورد في فاطمة والحسنين ثم ان المعارف المهدوية بنفسها ادلة مستقلة تدل على ان الحق هو مع هؤلاء الائمة الذين فضلهم القرآن وزكاهم ولكنهم اضطهدوا وطردوا وشردوا وقتلوا وكانوا نازحين عن الاوطان فهؤلاء ستكون لهم العاقبة وهؤلاء هم المنظور لهم في القرآن وهم الائمة ، ولكن غيرهم يصفهم القرآن بالفراعنة والطواغيت من امثال هامان وفرعون ووو ، فهذه العناوين وردت في القرآن لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب ما كان حديثا يفترى .
قراءة علامات الظهور للاسف لم تركز على فلسفة بيان اهل البيت والقرآن لعلامات الظهور وهذا جدا بحث مهم
ثانيا ما هو المنهج لقراءة هذه العلامات؟ فليس هو منهج تفسيري محض ولا كلامي محض بل هو مزيج من العلوم الدينية المنهجية فقراءة العلامات هل هي بمعايير تحليلية عسكرية امنية سياسية اجتماعية حضارية انسانية؟ ام الكل في الكل؟ فهذا شيء جدا مهم ومؤثرة فيه علم الرجال وعلم الملل والنحل وتاريخ المذاهب اذن المنهجية شيء مهم فالنقطة الاولى هي الغايات من قراءة علامات الظهور وهذا مبحث ليس فقط عقائدي وليس فقط فقهي محض وانما هو بحث فقهي وعقائدي ومرتبط بالمسؤوليات الفقهية ، والثاني هي المنهجية .
الثالث : هو العلامات المحتومة وطبعا هي ليست خمس وان تصفح الروايات الواردة في غيبة النعماني وغيبة الطوسي وكمال الدين وغيرها من الكتب المعتبرة الاصيلة تذكر ربما عشرة من المحتومات فقضية السفياني هو كمثال بارز لها .
وذكرنا امس ست نقاط يجب ان تعالج فيه ونبدأ من الاخير ان اخبار الوحي في القرآن او في الروايات المستفيضة او المتواترة منه ما هو محتوم ومنه غير محتوم ويمكن ان نقسمه الى ثلاث تقسيمات :
الاول هو الاخبار عن المحتوم
والثاني الاخبار عن غير المحتوم
الثالث الاخبار عن الميعاد والوعد الالهي .
ففي بيان الوحي البشارة هو وعد واما النذارة فليست بوعد فالنذارة لله فيها المشيئة اما البشارة لا تخلف فيها اذن اخبارات الوحي على ثلاثة اقسام على اقل تقدير :
1. اخبار بوعد
2. اخبار بميعاد
3. ان الله لا يخلف وعده او لا يخلف رسله .
فاذن هناك ثلاث اخبارات في البين فهناك ما هو وعد وما هو محتوم وقرأنا امس رواية الامام الباقر ان المحتوم فيه المشيئة وهذه قاعدة عقائدية عقلية وحيانية وكذلك كلام الامام الجواد ان المحتوم فيه البداء لاحظ ائمة اهل البيت اعطونا بشائر وضمانات وهذه لا يمكن ان تتخلف لانها ميعاد و وعد وهو لا يتخلف وليس فيه بداء .
ذكرت لكم ان احد النقاط في قضية السفياني هو عدم تقاعس المؤمنين روحيا نفسيا اعلاميا ولو خدعوا كما هي العادة للاسف وخذل بعضهم بعضها وهجن بعضهم بعضا وايس بعضهم بعضا فالامر مشكل .
واللطيف في خيبر ارسل رسول الله الاول فرجع يجبن الناس والناس يجبنونه ثم ارسل الثاني ورجع يجبن الناس والناس يجبنونه ارسل عمرو ابن العاص ايضا رجع يجبن الناس والناس يجبنونه وكما قال رسول الله وهو اصدق الصادقين ان الحرب عمدته ليست باليات عسكرية وانما السلاح النفسي اعظم من السلاح العسكري والنووي واللوجيستي ، فاحد الاسلحة العظيمة الفتاكة الحاسمة للنصر والتي تجعل من الضعيف قويا ومن القوي ضعيفا هو الحرب النفسية والحرب الاعلامية وقد قالها سيد الانبياء وهو اصدق القائلين بان الحرب خدعة .
اذن شجاعة الامة والنخب والقيادات لها دور مصيري في النصر بغض النظر عن العتاد والعدة فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله يؤيد بنصره من يشاء فاذا ليس القلة في العدة والعدد والعتاد وانما هي في النفس ولكن المشكلة في الذي يفت في العضد من الداخل فيخذل بعضهم بعضا ويجبن بعضهم بعضا ويهزم بعضهم بعضا وللاسف يسمون هذا تدبيرا وحنكة ودهاء فتقلب الافكار بينما رباط النفس وقوتها وثباتها في الامة او في النخب والقيادات عنصر جدا مهم في النصر وهذا للاسف لا يتعرض له والحال يجب التعرض له حتى في باب الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع والرباط .
مثلا قوله تعالى الان علم فيكم ضعفاء القرآن يذكر العامل النفسي انه صابر ام لا؟ لماذا دائما يؤكد القرآن على العامل النفسي ؟؟ لانه هو غالبا متروك وهو السلاح الفتاك العظيم ، فحتى لو كانت قراءتك صحيحة فيما ورد في بيانات اهل البيت حول السفياني لكن قضية الزوبعة وارعاب المؤمنين هو الامر الخاطئ جدا ، فضلا عن قرائتك حول السفياني قراءة غير صحيحة وفي رواية اهل البيت في علامات الظهور دائما بشارة لكن البعض يجعلها تشاؤم ويأس .
نعم هناك تحذير في بيانات اهل البيت عليهم السلام وانا لا انفي ذلك ولكن التحذير في سياق النصر وليس في سياق الهزيمة والهجينة يعني لا تقرأ علامات الظهور كالمهججين والمهجنات والخاذلين والخاذلات والمتخاذلين والمتخاذلات واليائسين واليائسات والميئسين والميسات والمرجفين والمرجفات هذا نوع من العداء لله ولرسوله ولاهل البيت من حيث يشعر ام لا يشعر .
انتم اقرأوا علامات الظهور في غيبة النعماني وغيبة الطوسي وكمال الدين تجدون الجو عند اهل البيت جو تفاعل و امل ومسؤولية ونشاط وبشارة ، نعم ورد الحذر ولكنه في سياق النصر وليس في سياق التهجين ولكن للاسف تقرأ الامور معكوسة مثلا يوم عاشوراء اذل عزيزنا؟ هل هم اذلاء؟؟ كلا حاشاهم وانما الطرف الاخر يستضعفهم انت لست ضعيف وانما انت بما تحمل من ايمان ومعرفة وصفات نفسية لو علم الناس ما في بطون النحل لكان كذا.
بعبارة اخرى اي قراءة لباب الدفاع والجهاد والرباط والامر بالمعروف والنهي عن المنكر اذا كان بمعنى الاضعاف هذا بضرورة الدين هو قراءة خاطئة لان بث الوهن واللي هو الفرار من المسؤولية هذه قراءات خاطئة عاطلة ومناقضة لامر الله ورسوله والائمة عليهم السلام بمعنى بث الوهن وبث الزوبعة والرعب والضعف النفسي هذه من الكبائر المحرمة في القرآن الكريم فالجانب الروحي اعظم من العامل المادي .
هذه نظرية القرآن في كل الابواب ان الله يبغض المؤمن الضعيف المستضعف وهذا النص ورد في الوسائل في ابواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما ان هناك رواية في طرق العامة ولعلها موجودة في طرقنا ان المؤمن القوي احب الى الله من المؤمن الضعيف لان المؤمن القوي عمل بامر الله واعدوا لهم ما استطعتم من قوة .
اذن في بحث السفياني البشائر التي ذكرها اهل البيت هناك عدة بشائر منها ان المؤمنين لو لم يتقاعسوا ولم يجبن بعضهم بعضا ولم يهجن بعضهم بعضا ولم يضعف بعضهم بعضا فلن يكون للسفياني سلطة مبسوطة كاملة على العراق وانما سيكون له جيوب عسكرية من هنا وهناك ويقابلها جيوب عسكرية اخرى ومناوشات يعني يكون حاله حالة البلاد التي تعيش فيها قوى عسكرية ومجموعات متعارضة ولن يستبب لها الامن .
هناك بشارة اخرى ذكرها اهل البيت وليس فيها بداء انه كفى بالسفياني لكم نقمة من عدوكم يعني قبل ان السفياني يتفرق في العراق والحجاز سينشغل بتصفيات داخلية كبيرة جدا وبشارة اخرى من ال البيت حول السفياني ان طول مدة اماراته لا تتجاوز الستة اشهر .
اما البداء الذي مر بنا امس فالمحتوم هو اصل السفياني وليس التفاصيل وذكرنا امس ان ظهور صاحب الزمان امر محتوم وزيادة عليه انه من الميعاد اما هذه التفاصيل انه يظهر من مكة المكرمة الى المدينة ثم الى الكوفة هذه لم توصف بانها من المحتوم ابدا فضلا عن انه يقع فيه البداء ام لا فيمكن ان يقع فيها البداء يعني نفس برنامج الظهور قد تراه يختلف فالسفياني ليس كل التفاصيل التي ذكرت في شؤونه توصف بالمحتوم وانما اصل السفياني محتوم والا هذه التفاصيل فيها البداء والبداء يحصل لامر غير محتوم ولكنه منوط بهمة ونهضة المؤمنين كيف يستطيعون افشال نشاطاته وهذي نكتة مهمة يجب ان نعرفها .
هنا قاعدة عقائدية انه كيف الوحي يخبرنا عن المحتوم مع انه ليس مئة بالمئة اذا لماذا اخبرنا عنه؟ المحتوم درجات تارة تسعة وتسعين بالمئة وتارة اقل فلماذا يخبرنا الوحي عنه؟
اولا :
لان السفياني ليس كله محتوم وانما فقط اصل خروجه وقيامه محتوم اما تفاصيله فليست بمحتومة يعني فيها طبقات البداء ومنوطة دائما بهمة المؤمنين فيمكن ان يكون بداء حتى في اصل السفياني ولا فرق بين المحتوم وغير المحتوم فكله فيه البداء ، نقول غير المحتوم فيه طبقات من البداء اما المحتوم فقط يحتمل فيه البداء الاكبر او ما يقرب من الكبير وليس البداء المتوسط او الصغير وهذه في الحقيقة من معارف اهل البيت التي اختصوا بها وكما ورد عنهم ما عبد الله بشيء كما عبد بالبداء .
لماذا اعظم عبادة لله هو الايمان بالبداء ؟ يجب ان يكون ايماننا بالبداء اعظم من ايماننا بالامر المحتوم مع ان المحتوم وحي اخبر الله عنه في قرآنه او بيانات خلفائه مع ذلك اذا صار امامنا بداء اعظم وامنا بالمحتوم حينئذ نكون مؤمنين .
دعونا نستعرض ما ذكره القرآن واهل البيت من امثلة في هذا المجال جدا مهمة وهذا مبحث كلامي وعقائدي وفقهي وتفسيري مثلا قصة النبي يونس ابن متى فهو اوعد قومه الوعد يعني النذارة اما ان الله لا يخلف الميعاد هو ليس وعد ، فالوعد هو حق الموعود اما الوعيد حق لله وليس للبشر فله ان يستوفيه او لا يستوفيه .
النموذج العظيم في البداء المحتوم هو قوم يونس ابن متى حيث هو اوعد قومه بانه سياتيهم العذاب لانه بعدما دعى على قومه استجاب الله دعاءه ووعده قال سيأتيهم العذاب ، ما الفرق بين ان نقول يأتيهم العذاب وبين ان نقول قومك معذبون؟ الفرق هو انه قد يخبر الله عن شيء لكن ليس من باب المحتوم وانما من باب ان هذا حق وان ذلك لحق تخاصم اهل النار ، هذا ليس بوعيد وليس وعد وليس خبر محتوم وانما هذا قسم رابع وهو اخبار عن وقوع وليس عما سيقع هذا ايضا لا تخلف فيه ان ذلك لحق تخاصم اهل النار هذا ليس من الاخبار المحتوم ولا من الاخبار الوعد والميعاد ولا بالاخبار غير المحتوم وانما هذا اخبار عن الوقوع نفسه .
ما الفرق بين الاخبار عن الوقوع وبين اخبار عن المحتوم؟ اذا دققنا اخبارات الوحي عن المحتوم هي ليست اخبارات عن الوقوع بالمائة وانما اخبار عن اسباب الوقوع المشارفة او اخبار عن الاسباب البعيدة الوقوع ، مثلا قوله عليه السلام اقسمت ان تخلد فيها المعاندين هل يمكن ان يبدو لله فيها ؟ كلا ، لولاما حكمت به من تعذيب جاحديك واخلاد معانديك لجعلت النار كلها بردا وسلاما ، هل يمكن ان يقال كما تقول الصوفية والعرفاء ان النار تجعل بردا وسلاما ؟ كلا هذا ليس من باب ان الوعيد يلزم الله به ولا من باب انه وعد ولا من باب انه اخبار غير محتوم وانما قسم رابع وانما هناك اخبار عن الوقوع ان ذلك لحق تخاصم اهل النار هذا الاخبار عن الوقوع لا يمكن ان يتخلف البداء .
ففي قصة النبي يونس اخبره الله ان العذاب سياتي قومه ولم يخبر الله ان قومك معذبون فاتاهم العذاب كما اخبرهم الله الا ان هناك كما في بيانات اهل البيت في قوم يونس عالما من اولاد الانبياء وهو ليس بنبي وليس مصطفى وانما هو ورث علوم الانبياء وتعلمها من ابائه واحاطته بعلوم الانبياء في تلك الزاوية كانت اكثر من يونس وهذا امر ممكن كما في قوله ص علماء امتي افضل من انبياء بني اسرائيل لا ان العلماء بما هم اشخاص افضل وانما بما هم حملة علم سيد الانبياء فالمفاضلة بين سيد الانبياء وبين انبياء بني اسرائيل لان علماء امتي حملوا هذا العلم وهذا العلم اعظم من علم انبياء بني اسرائيل فلا تقل كيف يصير غير المعصوم اعظم من النبي يونس المعصوم ؟ في الحقيقة بالدقة مفارقة بين معصوم ومعصوم اخر .
لو افترضنا ان النبي عيسى او موسى ارادا ان يحكما بالتوراة انت سوف تجد عالما من امة محمد السائر على نهج الثقلين فيما يحمله من علوم القرآن مقدما على توراة موسى وانجيل عيسى بلا شك لان العالم هذا مقدم والقرآن مقدم على التوراة فاذا لم يراع النبي موسى ما في القرآن سيكون العالم من امة محمد مقدما على موسى وهذا ليس من باب ان الشخص هو مقدم وانما العلم الموجود في القرآن مقدم على النبي موسى وعلى التوراة وعلى النبي عيسى وانجيله لان القرآن هو مهيمن .
فانظر مدى عظمة سيد الانبياء فمن يتبعه يكون اعظم ، نظير ما ورد في اصول الكافي وهذه الرواية ليست فيها غلو ان الهشام ابن الحكم حاجج احد علماء المعتزلة او الاشاعرة وافحمه بادلة وهو شاب لا نبات بعارضيه فالامام امره بان يقص ما جرى بينه وبين ذاك العالم فقص فقال له من اين لك هذا؟ قال يا ابن رسول الله هذا من قواعد واصول انت علمتني اياها فاستنتجت منها وفرعت عليها فالامام قال له ما استنتجته هو عين ما ورد على النبي ابراهيم في صحفه فهنا لا يريد الامام ان يقول هشام بن الحكم افضل من ابراهيم انما يقول علم سيد الانبياء الذي علمه الصادق لهشام ابن الحكم اعظم من الصحف الوحيانية لابراهيم .
كذلك سيد الانبياء العلوم التي بثها اعظم شأنا من العلوم التي لدى بقية اولي العزم فضلا عن غيرهم ان انحبس اولي العزم فيما اوحي اليهم وعلماء امة النبي اذا انفتحوا على ما اوحي على النبي سيكونوا اعظم شأنا بهذا اللحاظ .
فالوحي طبقات ولاحظ بيانات ال البيت كلها مطابقة لموازين اصلية في محكمات القرآن والسنة فهذا العالم رغم انه ليس مصطفى ولا معصوم لكن الذي يحمله من المعصومين الذين يفوقون عصمة يونس بن متى فقال لهم لا تيأسوا من روح الله قالوا وعدنا بالعذاب قال ولو وعدكم ولكن فروا الى الله والجأوا اليه فلجأوا الى الله فصد عنهم العذاب .
فهنا لم يخادع الله النبي يونس باخباره المحتوم له ، وانما بعد ذلك اتى النبي يونس و راى الوضع خاصا فذهب مغاضبا وهذه المغاضبة ليست في محلها يعني هو ترك اولى فهو في اخباره الوحياني المحتوم لم يخبر بوقوع العذاب .
احد اشكالات المذاهب الاسلامية على عقيدة البداء عند الشيعة ان هذا كذب والوحي لم يكذب ، وهذا اشتباه ، فالوحي لا يكذب في الاخبار الوحياني المحتوم او غير المحتوم انما الاخبار الوحياني لله في المحتوم او غيره بقدر وقوع الاسباب لا بقدر المسبب يعني اسباب القضاء والقدر والمشارفة على وقوع الشيء الوحي يخبر عن اسبابه ولا يخبر عن وقوع الشيء مئة بالمئة والانبياء يتفاوتون في المعرفة في البداية يعني يدرسون مراحل القضاء والقدر لذلك لم ينبه الله عز وجل النبي يوسف بانهم يعذبون وانما قال تعالى بانه سيأتيهم العذاب وهذا لا يعني وقوع العذاب .
نظير ما جرى مع النبي نوح ومع انه من اولي العزم ويذكر الله ذلك وحاله حال يونس ابن متى فالنبي نوح اخبره الله عن محتوم ولكن فيه البداء بعد ذلك النبي نوح ابدى تساؤلا اعتراضيا كاعتراض الملائكة فالله عز وجل وعظ نوحا في التدقيق في المعلومات الوحيانية وقال اني اعظك ان تكون من الجاهلين لان الوعد الالهي ما تخلف ولا بدرجة المحتوم في الوقوع وانما المحتوم عبارة عن اخبار وعن اسباب المشارفة في الوقوع لا لنفس الوقوع وغدا نشرح بالدقة المحتوم ومعناه وكيف الوحي يقرب المحتوم ؟ فهل يريد ان يخادع؟ اذن ما هي فلسفة الاخبارات الوحيانية بالمحتوم لا بالوقوع ؟ فعندنا اخبار بالوقوع واخبار بالوعد وعندنا اخبار بالوعيد وعندنا اخبار بالمحتوم وغير المحتوم هي اربعة اقسام لا نخلط بينها والا يسبب قراءة خاطئة عاطلة لعلامات الظهور.