46/06/15
باب الدفع والدفاع والتفريط فيه
الموضوع: باب الدفع والدفاع والتفريط فيه
كنا في مبحث الجهاد الدفاعي ومنظومة الامن التي يبينها القرآن من خلال عنوان المكر ومر بنا ان المكر يختلف عن الكيد فالكيد هي الالية للتدبير بينما المكر هو مخطط كامل ، فالمكر مخطط كامل والكيد الية تفصيلية.
فهناك تفاصيل في التطبيق كمهندس مدني ومهندس معماري لاحظ الادوات والتفاصيل تارة انه قائد جيش يذكر نظرية عسكرية لكن من يطبقها في الميدان لابد ان تكون عنده ادوات التطبيق واليات وبدائل .
القرآن الكريم وعلم الادارة العصري ينبهنا على انه مهما كانت الخطة الكلية التنظيرية قوية لكن بدون ان تكون هناك اليات وادوات ذكية مهمة من حيث والمكان والنوعية والجودة لن يكتب النجاح سواء في مقام الحرب الامنية او الحرب النفسية والاعلامية او الاقتصادية والتنموية والصناعية .
المعروف في علم الادارة حديثا تقسيم الامور الادارية الى استراتيجيات وخطط استراتيجية وهناك نزاع بين الخطة الاستراتيجية والادارة الاستراتيجية في العلوم الاكاديمية العصرية ثم بعد ذلك تأتي الخطط المتوسطة ويسموها بالتكتيك وبعد ذلك تأتي الخطط التفصيلية التطبيقية الالية ويسموها بالتكنيك ولعل معادلها العربي التقنية .
ما الفرق بين التقنية والمهارة? لعل المهارات هي التكنيك والتقنيات هي التكتيك فالتقنيات تعتبر الخطة المتوسطة والمهارات والفنون تعتبر هي الاليات شبيه الحال في المعمار ، المهم ان الخطط على خمسة اقسام اهداف استراتيجية والتخطيط والادارة الاستراتيجية وبعد ذلك تأتي التقنيات يعني التكتيك وبعدها يأتي التكنيك يعني الاليات .
كثيرا ما نلاحظ ان شخصا في الجانب النظري جدا قوي ولكن في الجانب العملي ضعيف والعكس بالعكس قد يكون الانسان في الجانب العملي قوي دون الجانب النظري كما هو الحال في الفقيه او المجتهد فهناك فقيه او مجتهد في الجانب التنظيري الكلي قوي دون التفاصيل مثلا يقال الاعلام الثلاثة المحقق النائيني والعراقي والاصفهاني في تنظير القواعد الكلية الاصولية او الصناعة الفقهية الكلية اقوى من تلاميذهم لذلك مدارسهم بقت ولكن في تفاصيل التفاصيل ترى تلاميذهم مثل السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي والسيد البوجنوردي والسيد محمود الشاهرودي والسيد هادي الميلاني في التفاصيل وفي تطبيق استثمار هذه النظريات والادوات امتازوا على اساتذتهم .
الان من هو الاعلم? نقول الاعلم حيثي حيث هؤلاء الثلاثة اعلم في الكليات لذلك تلاميذهم تقريبا متابعون لهم وفهموا النظريات ولم يجددوا شيئا فيما اسسه الاعلام الثلاثة في الكليات ، نعم في التطبيقات دور التلاميذ اكثر مهارة ، ونحن لم ننصب انفسنا قضاة ولكن نقول ان الادارة في موارد الدفع والدفاع تحتاج الى التعددية وهي ضرورية جدا يعني غالبا يكون كل شخص هو جديرا في جهة فيجب ان تجتمع الجدارات والكفاءات .
المحقق النائيني في الحكومة الاسلامية وكتاب تنزيه الملة وتنبيه الامة يقول لا بديل للعصمة لكن لو صح التعبير ان يكون للعصمة بديلا او الميسور من العصمة مع انه لا يمكن ذلك اصلا ولكن بسبب الظالمين صاحب العصر والزمان لم يظهر لنا تصديه في الظاهر فهو متصدي للظاهر والباطن ولكن بشكل خفي ، فمقدار المسؤولية التي هي على عاتقنا ومسؤوليتنا لا بد من تعدد الانفار والافراد ، والا الانفراد خطأ ويؤدي الى الاستبداد والديكتاتورية .
هذه التعدد ليس هي نظرية الشورى بالمعنى الذي عند اهل الخلاف وانما الشورى بالمعنى الشيعي يعني تبادل المعلومات والتشاور والعقد الجمعي مثل الفيدرالية والكونفدرالية وصيغ كثيرة من التعددية موجودة فليس بمعنى الشورى عند العامة فيقول التعددية لابد منها لان الكفاءات تختلف .
السيد ابو الحسن الاصفهاني ما الفرق بينه وبين المحقق النائيني? او حتى مع المرحوم الاصفهاني ؟ ان السيد ابو الحسن الاصفهاني كانت عارضته الفقهية قوية جدا وكذا تتبعه الفقهي ولكن بحوثه الاصولية متوسطة وبحوثه الصناعية الفقهية الغامضة متوسطة ، فالسيد ابو الحسن في الابعاد الفقهية المحضة له الصدارة والعارضة الفقهية والذوق والفراسة الفقهية والادارة الاجتماعية والذي يشخص فيها الفتاوى يكون للسيد ابي الحسن البروز لكن في البحث الصناعي الاصولي او الفقهي الاعلام الثلاثة كانوا مقدمين عليه ، من ثم السيد ابو الحسن الاصفهاني في جنبة عامة الناس له الصدارة اما في الوسط الحوزوي والحضور الكيفي كان الحضور عند المحقق النائيني والكومباني والعراقي فكانوا عشرين او ثلاثين نفرا يحضرون عند هؤلاء الثلاثة لكن كيفا كلهم كانوا اوتاد .
هذا كله يدل على انه جهات العلمية غالبا ما تتعدد وقد يجتمع في واحد ، المحقق النائيني توفي سنة خمسة وخمسين هجري قمري يعني عشر سنوات قبل السيد ابو الحسن الاصفهاني والعراقي والكومباني ماتوا سنة واحد وستين اي خمس سنوات بعد المحقق النائيني والسيد ابو الحسن الاصفهاني توفي سنة خمسة وستين يعني عشر سنوات بعد النائيني .
مثلا المحقق النائيني عندما حصل من بعض المؤمنين الاستفتاءات عن الشعائر الحسينية لم يتصدى السيد ابو الحسن الاصفهاني لحكمة ما وهذه الاستفتاءات وقع فيها فتن كبيرة في البصرة وبغداد والنجف وكربلاء والذي تصدى لها بنحو الصدارة هو الميرزا النائيني لان الشعائر الحسينية هي طوال السنة وتلاميذ المحقق النائيني اجمعون منهم السيد الخوئي والسيد الحكيم والسيد البجنوردي والسيد الحمامي والسيد الشاهرودي والسيد هادي الميلاني والسيد عبدالله الشيرازي كلهم وافقوا المحقق النائيني في فتاواه في الشعائر الحسينية فهناك عشرين او اثنين وعشرين من الاعلام ايدوا ذلك ومنها التطبير وبقية الطقوس فافتى المحقق النائيني بالجواز وكل تلاميذه قالوا ان تقارن بعض الشعائر ببعض الممارسات المنهي منهية عنها لا يزعزع اصل الشعيرة الحسينية وانما يجب ان تجنب هذه الممارسات عن الشعيرة الحسينية بتدريج وبهدوء وبشكل ناعم .
الشيخ محمد جواد البلاغي استاذ السيد الخوئي صاحب الاء الرحمن والشيخ عبد النبي الجزائري هذان ايضا من علماء النجف في زمن السيد ابو الحسن الاصفهاني و وقعت فتنة في الشعائر الحسينية وايضا السيد ابو الحسن لم يتصدى لسبب او لاخر فتصدى الشيخ محمد جواد البلاغي والشيخ عبدالنبي الجزائري وفتحا الطريق امام مواكب العزاء الحسيني والشعائر الحسينية واخمدوا تلك الفتنة التي تكون عقبة امامها . فهناك تبادل ادوار بين المراجع والمرجعيات حسب كلام الميرزا النائيني .
اذن ما الفرق بين المكر والكيد? قد يكون الانسان اعلم في المكر ولكن ليس كذلك في الكيد وقد قائد عسكري قوي في المكر والتخطيط لكن في التطبيق يجب ان لا يتصدى وانما يوكله الى من هو اعلم منه كما ان القائد الماهر في التطبيق لا يغتر بعلميته في التطبيق وانما يجب ان يستند في الكبريات الى من هو اعلم منه ولا سيما الان بحسب العلوم العصرية هناك مراحل ثلاث او اربع : مرحلة التخطيط الكلي وهي الاستراتيجيات ومرحلة تخطيط التقنينات او التكتيك وهذا في كل العلوم موجود كما في الطب وفي القانون وفي الهندسة وفي التكنولوجيا وفي الفيزياء ووو ... مثلا تجد فيزياوي جدا قوي في اصل النظرية مثل اينشتاين ولكن يأتي من هو اعلم منه في استثمار نظريته في ابتكار واكتشاف الجاذبية ولكن ليست لديه قدرة او ذكاء في استثمار هذه النظرية .
اذن عندنا خطط متوسطة وعندنا ممارسة تطبيقية فليس من العبط القرآن الكريم يفرق بين عنوان المكر والكيد ، الان انا ما عندي استقراء كامل في الايات ربما هناك عناوين اكثر موجودة .
اذكر مثال اخر مرتبط ببحثنا وتمثيل ثنائي بين المكر والكيد مثلا الان في العلم القانوني الوضعي وفي الاكاديميات عندهم الفقيه القانوني طبقات وتخصصات فهناك قانوني متخصص في الفقه الدستوري وهو اصعب التخصصات في القانون ومنه يكون الفقيه القانوني عضوا في المحكمة الدستورية يعني المحكمة الدستورية هي اعلى قضائيا في كل انظمة البشر بعد ذلك يأتي الفقه القانوني النيابي او البرلماني وهذا يعتبر متوسط وبعد ذلك يأتي الفقه الوزاري وهذه ايضا مرتبة تختلف خصوصيات وقواعد وضوابط القوانين الوزارية عن القوانين البرلمانية وهذا بحث عظيم عجيب في علم اصول القانون ونبهنا عليه مرارا في علم اصول الفقه او حتى في علم الفقه ان هناك طبقات موجودة في اصول القانون ثم تأتي الطبقة الرابعة وهي القانون البلدي .
ربما هناك طبقة خامسة عبارة عن اهداف الدستور او ديباجة الدستور وانه ما هو النظام الذي يعين لنا ديباجة الدستور? يعني ديباجة في القوانين الدستورية او اغراض وغايات واهداف القوانين الدستورية وهي تكون ربما صفحة وصفحتين ثلاث اما القوانين الدستورية قد ثلاثين صفحة فما الفرق بين سبك وقولبة ديباجة الدستور مع نفس الدستور? وعادة ديباجة الدستور تكون نصف صفحة ويذكر فيها المحاور الرئيسية .
مثلا تقول الاسلام الوطن الشعب او الجمهورية والاستقلال والدين يعني هذه الثلاث محاور يدور عليها قوانين الدستور ايضا تحديد اهداف وغايات الدستور هو علم قانوني مرتبط بالفلسفة الاجتماعية والفلسفة القانونية وهو علم له ضوابطه مع ان هذه العلوم متقاربة لكنه علم خاص وتخصص خاص في القانون ثم بعد ذلك يأتي علم فقه القانون الدستوري .
فهناك طبقية في القوانين من حيث الهرمية والصعود والنزول كما ان في تقسيم القوانين هناك قانون عرضي مثلا تقول القانون الدولي والقانون المدني المحلي والقانون الجنائي وقانون الاحوال الشخصية هذه تقسيمات عرضية .
في بحث الدفاع والمكر والكيد هذه العلوم والتقسيمات كلها موجودة وفيها طبقات طولية وتبويب عرضي وبتعبير السيد الخوئي الفقهاء يستمدون عونا من الخبراء والنخب في كل هذه المجالات فالجيش ليس فقط منحصرا في الطائرات والمدرعات وانما فيه اجزاء عرضية واجزاء طولية .
اذن باب الجهاد هو باب لعلوم متعددة فتأسيس وزارة الدفاع رسمية وغير رسمية من اشد الضرورات وتأسيس وزارة داخلية او وزارة امن من اشد الضرورات لذلك يعبرون عن هذه الوزارات في العلم العقلائي العصري البشري انها سيادية وفيها سؤدد وسيطرة وهيمنة وقوة ... اعدوا لهم ما استطعتم من قوة .
اذن عناصر وقنوات القوة والياتها لا بد منها ومنها وزارة الدفاع والداخلية والامن وكذلك وزارة الخارجية فهذه الوزارات سيادية ومما يدل على ان القوة لا تنحصر بالساخنة فهناك قوى ناعمة كالوزارة الخارجية قائمة على المفاوضات وعقلية المفاوضات ودهاء المفاوضات فوزارة الخارجية وزارة سيادية ضرورية .
هذه الهيكلية يتعرض لها قوله تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ... مثلا في مفاوضات صفين الطرف الاخر لم يرضوا ان يكون المفاوض مع عمرو بن العاص الامام الحسن او الامام الحسين ولا عبدالله بن عباس وانما اصروا على ابي موسى الاشعري والاخير ليس لديه دهاء فخدع من قبل عمرو بن العاص ، فانتشر ان قضية المفاوضات التي يجريها عمرو بن العاص هو قد مارسها بدون تفويض بدون صلاحية فالعمل هو باطل اصلا .
فعناصر القوة لدى المؤمنين يجب ان يكون بعقل وتدبير ودهاء ولو بالقوة الناعمة وطبعا هذا حتى في شخصية الانسان فيجب ان يمتلك الانسان ذلك فيكون عنده قوة ساخنة وقوة ناعمة وقوة مدبرة فتكامل الانسان ان يكون توازن بين هذه الجهات وليس جانب يطغى على جانب وهذه من العظمة الموجودة في شخصية امير المؤمنين ففي حين انه بطل في القوى الساخنة وبطل الابطال ولكن في القوى الناعمة لم يستفزه الهجوم على بيته والاعتداء على بيت النبي مع انه بطل البشرية ولا يثنيه شيء ولكن عنده هذا التوازن فتدبير أمير المؤمنين يفوت الفرصة على استفزاز الاخر له .
لذلك في الحروب يقولون ليس معنى الحرب الاستخدام الدائم المنفلت للقوة فان هذه ليست ادارة ذكية للحرب وانما التوازن بين القوى الناعمة والقوى الساخنة ، وبين القوى الدبلوماسية والقوى الامنية ، فيكون توازن بين اذرع عديدة من القوة فالتوازن يكون بين هذه القوى قوة ناعمة قوة ساخنة قوة متوسطة قوة اعلامية قوة امنية قوة اقتصادية ووو ... فلربما القوة الاقتصادية انت تستثمرها وتتفادى حروب عسكرية بالقوة الاقتصادية .
القوى الناعمة متعددة واحدها الوزارة الخارجية والمفاوضات والدهاء في الحوار وفي فن التعامل ، لاحظ ما الفرق بين المهارة في الوزارة الداخلية والمهارة في الامن ؟ لاحظ مثلا انت عندك الامن العسكري وعندك الامن الداخلي وعندك الامن الخارجي والامن الاقتصادي ما الفرق بين البيئات والاصعدة? فنفس العسكر فيه قوة ناعمة وفيه قوة ساخنة حتى الوزارة الخارجية فيها قوة ساخنة وقوة ناعمة ، اذا قضية النعومة نسبية وكذلك السخونة .
هناك درجات في التوازن متعددة ضرورية فاذن اذرع القوى عديدة جدا ولا تغني وزارة عن وزارة ولا وزير عن وزير ولا جهاز عن مجموع الاجهزة وانما بهذا المجموع تقام المسؤولية فانك قد تجد شخصا ماهرا في الوزارة الخارجية ولكن ليس ماهرا في وزارة الدفاع .
ما الفرق بين القائد العسكري ووزير الدفاع? وزير الدفاع عليه ادارة الدفاع والقيادة وهذا غير تنفيذ الدفاع الان ما الفرق بين وزير القضاء وبين القاضي او قاضي القضاة? ربما هناك وزير في القضاء او وزير في العدل عنده ادارة ناجحة في القضاء لكن هو لا يعلم بتفاصيل القضاء ولربما قاضي هو اعلم في تفاصيل القضاء لكن ليس عنده ادارة لجهاز القضاء ففي نفس القضاء هناك تخصصات ومهارات فاذا هي قضية التعددية التي يؤكد عليها القرآن الكريم .
نرجع لصلب البحث فالمكر شيء والكيد شيء اخر مثلا لاحظ يقال الدولة وزارات بالدقة هذه الوزارات عبارة عن قوى الانسان الواحد المنتشرة ، اتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر هذه الوزارات في الدولة هي عبارة عن قوى الانسان بشكل مفكك ولكن مرتبط وكل هذه الاليات هي اليات قوة في الانسان لكنها منتشرة في الوزارات .
مثلا لاحظ القوة الالكترونية هذه من قوى الانسان وكذلك قوة الامن وكذلك المفاوضات والتعليم والدفاع هذه الوزارات عبارة عن قوى في الانسان تمددت واصبحت هياكل كانها مستقلة ، لذلك عندما يقال حول الدولة الرسمية انها ما هي بالتالي هي الانسان الكبير والانسان الصغير هو انسان واحد اما الانسان الكبير هي الدولة مثل الاسرة الكبيرة والصغيرة فهذا التصوير في محله في الفرق بين المكر والكيد ومراتب المكر .
نقطة اخرى يذكرها القرآن انه ليست الخطورة فقط في المكر وانما الكيد ايضا فيه خطورة ولا تقل خطورته من المكر مثلا يذكر القرآن الكريم قصة داوود وطالوت والاخير هو امام معصوم .. الم تر الى الملأ من بني اسرائيل اذا قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل معه ، فهو امام معصوم وكان بالفعل ناطق ـ اما داود حينما كان طالوت اماما بالفعل لم يكن اماما كذلك نعم هو مصطفى مطهر منذ ولادته فالانبياء حالهم هكذا في معتقد الامامية لكنه لم يكن اماما بالفعل .
هذا شبيه النبي ابراهيم حيث امتحنه الله اولا ثم اعطاه الامامة واذا ابتلى ابراهيم ربه بكلمات بينما في الحسن والحسين ينص سيد الانبياء والقرآن على انهما منذ نعومة اظفارهما امامان قاما او قعدا وهذي مفارقة عظيمة بين مقام اهل البيت في الامامة ومقام النبي ابراهيم فابراهيم ليس اول ما ولد اعطي مقام الامامة ولو الامامة الصامتة وهذا يبين لنا نكتة لطيفة ان الامامة الاصطفائية قد تعطى بعد ذلك وقد تكون امامة صامتة او ناطقة امامان قاما او قعدا فلا يكون امامان ناطقان لابد ان يكون احدهما صامت والاخر ناطق هذه من القواعد المتواترة في بيانات اهل البيت .
فعندنا امام ناطق وامام صامت فعندنا نبي ورسول ولكن ليسا بامام لكن بعد ذلك يصطفي ويصير اماما ، النبي داود لم يكن اصطفي اماما فقدم امتحانات عظيمة الى ان وصل الى مقام الامامة فقتل داود جالوت فاعطاه الله الملك فاذن الامامة درجات .
كما ان ابراهيم كذلك واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن فقال اني جاعلك للناس اماما يعني الان جعلتك وليس قبل ذلك فقبل ذلك لم يكن ابراهيم امام الارض وانما شخصا اخر مع ان ابراهيم كان نبيا مرسلا ومن اولي العزم لكن لم يكن اماما وربما الامام كان شخص اخر خفي لم يذكر مغمور فالامامة اصطفي لها ابراهيم بعد امتحانات سواء امام ناطق او امام صامت .
فالاصطفاء درجات فهنا القرآن ذكر عبرة مهمة في قصة داود وجالوت وطالوت انه داود مع انه لم يكن اماما بالفعل ولم يكن مرسلا وانما كانت عنده ارهاصات النبوة فرغم ذلك كانت الية داود في القتال هي حصيات في مقابل القوة الجبارة لجالوت فحسب الروايات التاريخية طالوت كان دولة عظمى في عصره ولم يستطع النبي موسى ان يزعزعها لخذلان بني اسرائيل له وهذه الدولة العظمى استمرت من عهد موسى وبقيت الى زمن طالوت وداوود مع ان النبي موسى استطاع ان يواجه الدولة العظمى لفرعون وهد اركانها الا ان الدولة العظمى الاخرى في الشام لم يستطع ان يواجهها فانتصر على دولة ولم ينتصر على اخرى والنبي ابراهيم واجه دولة نمرود وهي من الدول العظمى يعني انبيا اولي العزم دائما في حالة نشاط وكان إبراهيم ينطلق لقتال العمالقة والدول العظمى من مسجد السهلة مما يدل على ان مسجد السهلة لها خصوصية .
قرأت البارحة رواية في كتاب الاصول الستة عشر ان النبي عيسى قام بقتال عسكري وهذا خلافا لما يدعيه النصارى وهذه رواية ثانية حيث كانت هناك رواية قرأتها سابقا غابت عن بالي وهذه الرواية الجديدة التي وقفت عليها البارحة فيها ان النبي عيسى قام بالقتال وكذلك موسى يعني النبي موسى قام بقتال عسكري ضد بني اسرائيل وكذلك النبي عيسى في منطقة تكريت فثار عليه اهل التكريت من بني اسرائيل فقاما بقتالهم النبي عيسى والنبي موسى .
فعدة من الانبياء قاموا بالحرب وبالقتال ولدينا في الروايات ان صاحب العصر والزمان يقول قولا وينشر معارف لا يحتملها المؤمنون فيثور عليه قسم منهم فيقاتلهم وتكون هذه اخر خارجة تخرج عليه من المجتمع الداخلي فتثور عليه فثورات متعددة كالخوارج ووو... بعد الظهور لكن اخرها هي هذه الفئة التي تخرج عليه بسبب انه ينشر معارف لا يحتملها اولئك المؤمنون فيخرجون عليه فيصفيهم مما يدل على ان بعد الظهور هناك عدة تمردات تصل الى مواجهة العسكرية من داخل المجتمع الذي يسيطر عليه صاحب العصر والزمان او مجتمع المسلمين .
واللطيف ان النبي موسى ايضا نشر معارف ولم يتحملها جماعة من بني اسرائيل فثاروا عليه الى حد القتال العسكري وكذلك النبي عيسى نشر قسما من المعارف وثاروا عليه مما يدل على ان هناك معارف من الضروري نشرها وهذا خلافا لما يدعيه النصارى ان باب الجهاد منسوخ عند النبي عيسى يعني افتراءا عليه .
فبعض القتال يصير بسبب العقيدة وعدم تحمل الطرف الاخر وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا? قال اتبعك على ان تعلمني مما علمت رشدا قال انك لن تستطيع معي صبرا فما هو ربط الصبر بالتعلم? اذا كان التعلم برهاني فالبرهان النظري ما ربطه بالقوة العملية في الانسان ؟؟ مما يدلل على انه لدى الانسان قوى مترابطة وليس فقط قوى نظرية فالقوى العملية تؤثر في النظرية والنظرية تؤثر في العملية .
ثم كان عاقبة الذين اساؤوا السواى ان كذبوا بايات الله يعني طبيعة الانسان هي منظومة قوى مترابطة مع بعضها البعض فالشاهد ان النبي داوود رغم الالية المستصغرة عند جيش طالوت هذه الالية كانت هي مفتاح النصر والتغيير الاستراتيجي في المنطقة واول دولة اسست لبني اسرائيل هي على يد داود وليس على يد النبي موسى فالنبي موسى عانى من بني اسرائيل شجون وشؤون كثيرة وما استطاع يؤسس معهم دولة نعم هو اسس حركة اجتماعية دينية ومجتمع اقلية اما كدولة مبسوطة اليد كلا وانما النبي داوود هو الذي اسس ذلك لقد كان في قصصهم عبرة ... فهناك عبر عجيبة في علوم عديدة .