46/03/07
اعتبار كتب المقاتل المتاخرة
الموضوع: اعتبار كتب المقاتل المتاخرة
كنا في هذه السلسلة من اعتبار كتب المقاتل لواقعة الطف وعاشوراء وهذا اليوم مباحث جديدة نطرحها ، نقلنا امس هذه القاعدة المهمة ان النفي مؤنته العلمية اشد عناء من الاثبات بعكس ما يتخيل يعني المنهج اللا علمي التشكيكي الجحودي الانكاري يظن بانه النفي سهل المؤونة وحتى ربما جملة من الكبار يقعون في هذه الغفلة وهذا الذي ذكرناه بعد ذلك اطلعني جملة من الاخوة على كلمات في كتاب شعائر الحسينية هذا الكتاب لاربعين مجتهد او مرجع من مراجع النجف وانها بمثابة كتاب العروة الوثقى او كتاب الجواهر وجملة من مجلدات هذه الموسوعة موجودة في الانترنت وفيها رسائل عظيمة جدا في الفقه الاستدلالي في الشعائر الحسينية فالاعلام الكبار اكدوا على نفس المطلب ان النفي مونته اعظم من الاثبات وهذا شيء مغفول عنه للاسف وهؤلاء الاعلام نبهوا على هذا الشيء مع اننا نقحناه قبل ان نطلع على كلماتهم لماذا النفي اكبر مؤونة ؟ ولماذا النفي اصعب واشد وعورة من الاثبات وهذا على خلاف ما يظن ؟
سبب ذلك ان في الاثبات انت يكفيك ان تقول مثلا الوسائل الباب الفلاني المجلد الفلاني الصفحة الفلانية الحديث الفلاني فتذكر مصدر او مصدرين فهي محدودة وقد تكون متكاثرة لكن بالتالي محدودة اما النافي عكس الاثبات فهو اما نفي مطلق وهذا جدا صعب يعني كأنما عندك مسح كامل لكل صفحات الكتب المطبوعة وغير المطبوعة والمخطوطة وهذا ممتنع فالنفي المطلق من يدعيه فهو كاذب مخالف للواقع تنبه الى ذلك ام لم يتنبه؟ فالنفي المطلق يجب ان يستند لكافة الكتب المطبوعة والمخطوطات وصفحة صفحة وسطر سطر هذا لا يمكن .
انظر فرق النافي مؤنته عن الاثبات ففي النافي انت تدعي خلو المكتبات الاسلامية بالمخطوطات والمطبوعات في كل المكتبات هذا لا يمكن طبعا كلامنا في التراث الموجود لا غير الواصل الان المكتب الإسلامية التي تعتني بالمخطوطات لو نريد نجرد البلدان الإسلامية مثلا العتبة الرضوية الشريفة في خراسان مكتبة المخطوطات في المجلس القومي الوطني في طهران ومكتبة مدينة الكتاب اللي الان استحدثت منذ ستة عشر سنة وهي عبارة عن مدينة فيها احياء وكل حي مختص بمخطوطات خاصة او مكتبة السيد المرعشي او مكتبات النجف اشرف المخطوطة ومكتبات بغداد ومكتبات اسطنبول ومكتبات اليمن ومكتبات الهند مدينة لكنو والمدن الاسلامية الاخرى مثلا في لكنهو احد المكتبات المخطوطة لصاحب العبقات الى الان العتبة بكادرها لم تستطع ان تستقصي كل المخطوطات منذ سنين وايضا في مكتبة الاسكندرية فيها مخطوطات وموجودة على النت فالبلدان الاسلامية تعج بالمخطوطات والكتب المخطوطة المعروفة المشهورة واما المكتبات غير المعروفة للمخطوطات هذا من يستطيع ان يستقصيها ؟ وادعاء الاستقصاء كذب محض .
دع عنك المخطوطة تعال الى المطبوع لا احد يستطيع ان يستقصيه هل لدينا موسوعة تشغيلية الكترونية جامعة للكتب المطبوعة؟ كلا لا عند العامة ولا عندنا والذي يدعي هذا الشيء متخيل بل الموسوعات الالكترونية التشغيلية اذا تجمعها مع بعضها البعض ليست تحتوي الا على القليل من الكتب المطبوعة فكثير من الكتب المطبوعة لم تدرج بشكل ملف ورد او بي دي اف لم تدرج في الموسوعات التشغيلية والبعض يرجع الى موسوعة تشغيلية واحدة مثلا مكتبة اهل البيت مثلا مكتبة مدرسة الفقهاء مكتبة اي شيعة او المكتبة الشاملة .
بل اكثر من ذلك في الموسوعة التشغيلية الواحدة انت اكتب الكلمة بطريقة ما تطلع لك النتائج كذا وبطريقة اخرى تطلع النتائج شيء اخر مرة مرتين ثلاث بعدين تلتفت انه حرف واحد تقدم او تأخر فتطلع النتيجة بعد عشرات المحاولات وهذه التجارب حصلت الى ما شاء الله فالبعض ببحث واحد او اثنين يقول غير موجود نظن ان هذه الموسوعة التشغيلية بهذه الطريقة استقصى كل كتب الاولين والاخرين ثم نفى ، ومن هذا القبيل الاشتباهات الى ما شاء الله فدعوى النفي المطلق هذا كذب .
نعم النفي المقيد تقول انا راجعت الموسوعة الفلانية فيها كتاب الطبري كم مرة طالعته ما موجود؟ وكم من مورد يراجع الانسان الموسوعة الالكترونية في كتاب واحد مطبوع؟ يراجع بفحص مرة مرتين ولا يوجد ولكن شخص اخر يراجعه يجد نفس الكلمة اما بدون ال التعريف او مع الواو او بدون الواو فتجد المصدر موجود .
في ابحاث ورشة عمل منذ بداية تدريس البحث الخارج سنة الف واربعمئة وعشرة بامر من الاعلام في الفقه والوصول كانت لدي ورشة عمل والى الان مستمرة ورشة عمل فقهية والاخوة بعد ما جاء الكمبيوترات يشتغلون عليها ويفحصون ولم نجده لكن بعد فترة شخص اخر يفحص مرة اخرى فيجده في مصدر واحد وفي موسوعة تشغيلية واحدة فكيف تجزم بالنفي؟ حتى النفي المقيد في كتاب واحد بفحص الكتروني نظن ان هذه النتيجة مائة بالمائة كلا حتى خمسين بالمية ما موجود كثير يصير اشتباهات .
البعض لا يعتمد على الموسوعات التشغيلية وانما على التورق فانت كم ورقة تورقت؟ من الامثلة اعترض ابو حنيفة على استاذه الامام الصادق في مطلب عقائدي انه كيف انت تشكر النعمة لله وللرسول؟ جعلت لله شريكا ، فقرأ الامام الصادق وما نقموا الا اغناهم الله ورسوله قال يا ابن رسول الله كأني لم اقرأ هذه الاية ولم اسمعها من عربي ولا اعجمي قال بلى قرأتها ولم تعقلها قراءة السمع غير قراءة الفكر .
فالتتبع هكذا انت تمر امام عينك لكن فكرك لا يرصدها تظن انت تتبعت يعني كم شيء تراه العين وتسمعه الاذن لكن لا يركز الفكر ولا يصطاده وما اكثر هذا الشيء؟ نحن لسنا انبياء ولا اوصياء وانما نغفل ننسى يشرد الذهن الى ما شاء الله هذا يظن انه اذا فحص يعني عنده التركيز الذهني المسلح نحن ليس عندنا تركيز ذهني مسلح .
فاذن مدعي النفي سواء المقيد او المطلق كاذب اما المطلق فكاذب جزما بل هو يدلس ووضاع لانه ادعى ان كل الكتب خلو من هذه الرواية فهذه الظاهرة يخبر عنها الاخرين فهو كذب ودلس ولم يستقص ويمسح كل الكتب فاخبر عن ظاهرة في الكتب هو وضعها وصاغها وزيفها ودلسها فهو وضاع مدلس من حيث لا يشعر .
البعض يشكلون علينا انه لماذا تستعمل العبارات القاسية الشديدة ؟ اقول لهم البحث العلمي لا يوجد فيه قسوة هذه كلمات الرجاليين هؤلاء النفاة يطعنون على الخطباء وعلى الكتاب فيكذبون ويدلسون وبغير حق يطعنون بينما هنا هم ينفون بلا حق ولا نحاسبهم ؟ فهذه محاسبة علمية فاي شخص يخبر عن شيء من دون مستند علمي هذه الظاهرة اذا لم تكن حقيقية مستندة الى موازين علمية فهي تدليس ووضع وتزييف وتضليل للعقول وللمسيرة العلمية بل اشد مؤونة لانه انت تنقل تزييف علمي لكل المصادر وتغلق الباب على الباحثين والفاحصين ، مع ان الفحص اعظم منهج علمي وانت تغلق هذا الباب بدعواك النفي وبتدليسك وبتزييفك وهذا ليس يختص بتراث عاشوراء كذلك في تراث الحديث وفي تراث سيرة بقية المعصومين وفي تراث الدين عموما النفي دعوى كبيرة جدا سواء نفي مطلق او نفي مساحات مجموعات من كتب المصادر بل حتى لو كان نفيا مقيدا محدودا لكتاب واحد الكلام الكلام .
لذلك نقلنا كثير عن صاحب الجواهر او السيد محسن حكيم في المستمسك او كاشف اللثام يقول راجعت كتاب المنتهى في الباب الفلاني لم اجد ما نقلوه عن العلامة ولعلهم نقلوه عن موضع اخر انا لم اقف عليه فيحدد لك النفي اين ويقول انتم راجعوا هذه الكتب وستجدون كثيرا ما يقيدون النفي فانظر الى التقوى والورع الى اين؟ مثلا يقولون راجعت كتاب الوسائل في ذلك الباب لم اجد الرواية ولعلهم نقلوها من غير مظانها فهذا ورع وتقوى لا انه يشكك وينفي ويعكر الجو العلمي من دون مستندات علمية .
فالتشكيك ليس منهج علمي قل اني لا احبذ الفحص فنبه الاخرين على هذا المسلك وفرق بين الفحص والتساؤل والتنقيب وبين الفحص والتساؤل للتشكيك والنفي يعني ينفي بلغة التشكيك فكيف انت تنفي ولو التشكيك من دون مستند يقول غير معلوم هو يريد يقول لا ولكن يحتال ويتحايل بالنفي كي لا يؤخذ عليه بلغة غير معلوم ولم يثبت ولم اقف ووو ، هل المصادر غير موجودة وانت لم تقف؟ انت ما فحصت الا فحص هزيل جدا لماذا تلبس على الجو العلمي بابهامات؟ وتعبير الاعلام في هذه الرسائل يقولون هل نزل عليه جبرائيل كي يقول لم يثبت عندنا ؟
ثم الثبوت عندك باي معنى هل انت متصل بالجبرائيل؟ يعني التحايل واحتيال النفي المدلس بكلمة لم يثبت عندنا ولم اقف وحتى لو كان كبار هذا كلام الاعلام المجتهدين في نقاش بعضهم البعض بان هذا تدليس لم يثبت ولم اقف يعني ماذا؟ انت اذكر المستند فراجعت اي كتاب ؟ فافصح لا تدلس وتبهم اذكر اي مصدر راجعت كم ساعة استغرقت؟ لا هذه العبارات اللي فيها تخليط وتدليس وايهام قل راجعت الباب الفلاني ولم اجده والعجيب انه حتى الاعلام لما يقولون راجعت الباب الفلاني فلم اجد ياتي علم اخر يقول في نسختي وجدت ذلك .
مثلا مصباح المتهجد نسخة منه موجود فيها الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة في موثقة ابي بصير فانت عندما تقول لم يثبت ولم اقف ما مقصودك؟ الست انت تداين علميا المثبتون المدعون الاثبات تطالبهم بالصفحة والمجلد وبالمصدر وبالتفاصيل وما بالك لا تحاسب ؟ فكيف تداين الناس بما لا تداين به نفسك؟ لماذا الباء هناك تجر وهنا لا تجر؟ الميزان العلمي واحد ايضا انت لما تنفي او تقول لم يثبت ولم اقف افصح كم مصدر راجعت؟ كم ساعة استغرقت؟ ربما دقائق يتصفح ويقول لم اقف وحتى ولو كانت صدرت هذه العبارة من عين من الاعلام ولكن هذا لا يدل على شيء وليس مبرئ للذمة ان يعبر لم يثبت لم اقف .
السيد محسن الحكيم في كثير من المستمسك يقول في هذه العجالة لم اقف وليس لدي وقت متسنى فانظر العبارات كي لا يدلس على الاخرين وكذلك صاحب مفتاح الكرامة يقول راجعت شيئا ما كتاب التهذيب في عجالة وضيق الوقت فلم اقف واذا تيسر لي وقت اكثر سوف افحص كي لا يدلس ولا يوهم ويقول لم يثبت قل وقتي مزدحم وقتي ضيق عندك ، فحتى ولو كنت عينا من الاعلام احترامك محفوظ ولكن في اعطاء المعلومة للوسط العلمي حذاري ان نوهم او يدلس علينا ، فاذا تنفي نفي مطلق وان كنت كبير من الكبار وعلما من الاعلام احترامك محفوظ ولكن كميزان علمي هذا نفسه تخليط وايهام وتدليس للمعلومة العلمية وللجو العلمي يجب ان يحترز من ذلك .
فكما لا يثبت الا بمستندات كذلك لا ينفي الان بمستندات الان حملة على الخطباء والكتاب العاشوريين او اصحاب التراث انهم يذكرون بدون مستند فالاشكال وارد عليكم انتم في النفي ما عندكم مستند ولم تذكروه يعني لا تعطوا صورة نفيا او اثباتا الا وفق مستند تفصيلي فاذا تبهم في المستندات انت تخلط تدلس وتزيف صورة غير واقعية فتعطي حكاية عن صورة لا وجود لها وهذا المطلب محل اتفاق جملة كثيرة كبيرة من الاعلام .
هذا المقدار من التلخيص نكتفي به نبدأ الان حيث انتهينا اليه من قبل وهذه حلقة جديدة مهمة طبعا نحن وصلنا الى مبحث الصدق والكذب يعني النفي في الكذب وفي الدجل وفي التدليس وليس الاثبات فالنافي وضاع كذاب مدلس موهم ان لم يذكر المستندات تفصيلا فاياكم ان تصغوا الى ناف سواء بلغة لم نجده لم يثبت لم اقف عليه هذه العبارات كلها عبارات نافية لم نجده في المصادر اي مصادر فحصتها ولم تجدها ثم لم تجدها بالفاظها او بالفاظ اخرى او المعنى غير موجود ؟ فما بال التواتر المعنوي او الاستفاضة المعنوية؟ يعني الفاظ اخرى لكن المعنى هو واحد هل انت فحصت حسيا روائيا الفاظيا ؟ او فحصت فكريا ؟ الفحص الفكري يحتاج الى اجتهاد وعلم وملكة .
هل بامكان الكمبيوتر والحاسوب ان يقف على التواتر المعنوي؟ كلا ليس بامكانه ولو هناك موسوعات الان تقول هل تريد الحديث نفسه او المشابه له سبعين بالمئة ستين بالمئة خمسين بالمئة اربعين بالمئة يعني الذكاء الصناعي لكن مع ذلك يبقى ذهن الانسان يختلف عن الذكاء الصناعي مهما كان قدرته ابتكار ذهن الانسان تفوق الذكاء الصناعي هذا فضلا عن اذا حصرنا التتبع والفحص بالالفاظ جمودا حرفيا فعندما نقول هذا غير موجود في المصادر بلفظه او بمرادفه او بمعناها غير موجود ؟ بعبارة اخرى التواتر او الاستفاضة المعنوية او الوثوق المعنوي ؟
وقد يكون المعنى قريب المعنى وقريب المأخذ وقريب الاستنتاج وقد يكون المعنى نظري غامض لا ينتبه الى استنتاجه الا العمالقة من العلماء في هذا التخصص فنفي الحديث او الواقعة لفظا او معنى كل ما ذكرناه الى الان هو النفي اللفظي وليس نفي المرادف اللفظي فضلا عن ان يكون نفي المعنى فضلا عن ان المعنى تارة هو واضح سهل المأخذ وسهل الوصول وهناك معنى غامض مثلا موقعية حجية الزهراء في الاربعة عشر معصوم محل كلام بين علماء الامامية فهي قطعا معصومة ومن اصحاب الكساء اما انها رتبتها تأتي بعد امير المؤمنين وتتقدم الحسن والحسين فضلا من ولد الحسين في والهيمنة والولاية هل هذا متسالم عليه بين علماء الامامية؟ كلا مختلف فيه اذن ما هو المستند لهذا القول؟
طبعا هناك من ذهب الى ان فاطمة موقعيتها تهيمن على حجية الحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين منهم الصدوق والطوسي والكليني حيث عندنا ثلاث طوائف من الروايات ولكن هذه هي بعض الادلة وانا اتي به كنموذج لخفاء التواتر او الاستفاضة المعنوية فليست كل استفاضة معنوية هي بديهية هناك كثير من الاستفاضة المعنوية تحتاج الى اجتهاد واستنتاج لانه غامض على كثير من العلماء فضلا عن الفضلاء انما ينتبه له الرواد من الاعلام .
مثلا العلامة الحلي هو اول من التفت الى ان البئر ينجس بالملاقاة وليس هو كالماء القليل قبل العلامة الحلي من المحقق الحلي والطوسي والمرتضى والمفيد والكليني وابن ادريس كانوا يقولون بانفعال ماء البئر وان لم يتغير لونه ولا ريحه ولا طعمه ولا رائحته ولكن تنبه اليه العلامة الحلي واقام على ذلك ادلة متضافرة فهي استفاضة معنوية وان لم يتنبه لها الاعلام ولكنها اجتهادية ولا يمكن الوصول اليها الا بالاجتهاد ولم يتنبه لها لاالشيخ الطوسي ولاالمفيد ولكن لم يتلكأ العلامة الحلي وانما الدليل شق له الطريق الى الامام لمن بعده ، بل العلامة الحلي في جملة من المواطن خالف كل من تقدمه طبعا لم يكن بشكل ضرورة يعني جملة من الاحاديث المستفيضة استفاضتها معنوية وليست لفظية وليست بديهية وانما معنوية اجتهادية ما ينتبه لها الا بملكة الاجتهاد هذا فرق الفقيه والراوي مع تراث الحديث .
حديث تدريه خير من الف حديث ترويه لان الفقيه يبصر مساحات في المعاني لايبصرها الراوي لان الراوي محبوس عقله وذهنه على الالفاظ اما الفقيه بعدسة عين العقل والفهم يبصر ما لا يبصره الراوي بعينه الحسية المتقاصرة امام العين العقلية للفقيه التي هي مسلحة وتبصر ما لا يراه الراوي وهذا فرق الفقيه والدرائي وبين الراوي حديث تدريه خير من الف حديث ترويه وفي معاني الاخبار هذا الحديث موجود ، وفي لفظة حديث تدريه خير من عشرة احاديث ترويه وفي رواية اخرى حديث تدريه خير من ثلاثة احاديث ترويه فلماذا هذا التعداد ؟ انه بحسب العين العقلية التي لديك اذا هي مسلحة ترى مساحة الف حديث واذا غير مسلحة عشرة احاديث واذا ضئيلة فثلاثة احاديث .
فالمقصود هذا المطلب ان مساحة التواتر المعنوي النظري لا يدرك الا بالنظر والفكر والعقل والاجتهاد كذلك الاستفاضة المعنوية موجودة ولكن ليس يدركها الكل وذكرت لكم الصدوق في عدة من المصادر يذهب الى ان الصديقة ولايتها موجودة واللي هي جملة من الطوائف لان ولاية الخمس اعظم من الخمس وانما ورث الحسن والحسين من علي وفاطمة وليس من امير المؤمنين فقط والبحث طويل وفيها روايات اعتمدها الكليني والطوسي والصدوق في كتاب الخمس والفيء .
ايضا روايات اخرى في الاذان ان حي على خير العمل ولاية فاطمة وولدها ومن ثم حذف هذا حي على خير العمل في رواية مسندة ومرسلة معا ان حي على خير العمل شهادة بالولاية لا بالشهادة الاولى ولا بالثانية ولا نداء للصلاة وانما نداء بالولاية وذلك في ثلاث او اربع كتب يتبناه الصدوق كتاب العلل والتوحيد والمعاني وهذا معناه ولاية فاطمة وولدها ، بر يعني طاعة و ولاية ، فالبر هنا عنوان للطاعة يعني ولاية فيقول وولدها يعني ولدها انما نالوا ولاية الامامة منها وان النداء بالشهادة لفاطمة وولدها موجود بالاذان بلفظ حي على خير العمل ، اي خير من اي عمل اخر وهي الولاية نص عن الصادق والباقر والكاظم فمن اين هذه الروايات؟ ونص القرآن واضح في ذلك .
انت لما تتأمل في هذا المبحث ليست هي مفاد رواية مرسلة ما معلومة انه نحن حجج الله وفاطمة حجة الله علينا انا ليس عندي فحص عن خصوص هذه الرواية لا نفيا ولا اثباتا ولكنها موجودة بشكل غير معروفة المصدر واحد المفسرين المعاصرين ذكره في كتابه في التفسير باللغة الفارسية، انا بغض النظر عن هذا المصدر لكن هل المعنى موجود في طوائف اخرى؟ نعم بشكل نظري موجود ربما وجدنا عشرين او ثلاثين طائفة من طوائف الروايات في الجزء الثالث من كتاب مقام فاطمة متحدة مع هذا المعنى ان رتبة فاطمة في الحجية متقدمة على الحسن والحسين وولد الحسين فهذه الرواية المجهولة النسب فائدتها انها تنبه الباحث الى هذا المعنى الغامض وجوده في طوائف عديدة من الروايات المستفيضة فتنبهه بفهم اجتهادي وبجهد جهيد وليس تكلف ولا تمحل .
هل العلامة الحلي توصل الى هذا الشي بنظرة خاطفة ام انه كما يقال في ترجمته بحث البئر شهور فتوصل لهذه النتيجة المستفيضة في الروايات التي خفيت على من قبله يعني استفاضة الروايات معنى ومستندة وليست خلاف الضرورة فبالتالي الموازين على حالها وهذا معنى قول سيد الانبياء رب حامل فقه وليس بفقيه اي هو لا يفهم وراوي فقط يعني مسجل الالفاظ والصوت وموجودة هذه في خطبة الوداع ويقول سيد الانبياء رب حامل الفقه الى من هو افقه منه يعني هو فقيه لكن العين الفكرية والقلبية التي يبصر بها محدودة اما الجيل الذي ياتي بعده عينه الفكرية اكمل وتتسع وهذا حديث متفق عليه بين الفريقين .
فليس نركز على شخصية العلامة الحلي ولكن العلامة الحلي عبارة عن شخصية تراكمت فيها جهود من قبله من لهم اسهام بنوا شخصيته فادرك ما لم يدركوه ولا مانع في ذلك وليس بممتنع وكم له من نظير في مسيرة علماء الامامية وفي العلوم الدينية المختلفة وذكرت هذا المطلب كي نقول ان النافين في تراث عاشوراء او في تراث الحديث او في التراث الديني هل ينفي الجانب اللفظي او ينفي الجانب المعنوي؟ فانى له ذلك؟
ربما شخص يقول هذا المقدار من موازين النفي انت تطالب به هذا لا تدع لشخص يفتي بفتوى ؟
نقول الفتوى الظاهرية شيء فقهي امر ظاهري معذر منجز وبين ان تخبر انت عن الواقع بنمط عين اليقين وعلم اليقين هذه الدعوى في غير محلها انت تريد ان تخبر وان تضخ للوسط العلمي والمسيرة العلمية معلومة تدعي انها الواقع هذه مسؤولية كبيرة وهذه فوق الفتوى ، الفتوى كما مر بنا قبل جلستين الميزان في فقه الفروع اسهل من علم التاريخ الديني فعلم التاريخ الديني انت تريد ان تخبر عن الواقعية بما هي هي اما في الفتوى انت تفتي بمقدار ما تسنى لك من الفحص ومن ثم قلنا ان الفتوى في فقه الفروع اسهل من الفتوى العلمية في التاريخ الديني لان الفتوى الفقهية يكفيك الظن والفحص الميسور اما في الفتوى العلمية في التاريخ الديني انت مطالب باستقصاء المصادر ومسح المصادر كلها ، انى لك ذلك ؟ سيما انت الالفاظ لا تتسنى لك ذلك فضلا عن المرادفات فضلا عن التواتر المعنوي والذي هو ذو اقسام .
فهذا النافي شخص عجيب وغريب اذا كان في صدد الفتوى العلمية بالاخبار عن الواقع بنحو علم اليقين وعين اليقين فحص ظاهري ظني محدود لماذا تجعله اخبار علمي؟ اجعله فتوى ظاهرية فقهية هذا ليس فتوى علمية فانظر كيف حقيقة الفرق بين الاخبار والفتوى العلمية عن واقع المصادر والحقائق في التاريخ الديني كواقعة عاشوراء او تراث الحديث .
انت تقول هذا لا يوجد في مصدر ، هذه ليست فتوى فقهية حتى لو كانت في البحث الفقهي انت بالنسبة الى المستندات العلمية والمصادر العلمية في الحديث ولو بحث الفروع تريد تضخ في الجو العلمي لفقه المعلومة تدعي انها عين الواقع هذه فتوى علمية وليست فتوى فقهية ظاهرية لعامة المكلفين فالفقيه حتى في فقه الفروع في كتابه العلمي اشد من محاسبته في الرسائل العلمية لان في الرسائل العلمية يكفيه الفحص الميسور اما الفقيه في كتابه العلمي الفقهي هو في صدد اخبار العلماء وليس المقلدين وفي صدد البناء العلمي فاذا هذا الجو العلمي اذا دلس فيه او اوهم فمسؤوليته اعظم من فتواه في الرسالة العملية وهذه نكتة صناعية مهمة ، فهذا البعد من الفقه يساوي التاريخ الديني في صعوبة المنهج .
اذن الفرق بين التدوين الفقهي العلمي اصعب من التدوين الفقهي الفتوائي للرسائل العملية فعكس ما يظن ان هذه مسؤولية وحساب نعم مسؤولية لكن التدوين العلمي والبناء العلمي اخطر من ذلك .
سئل الشيخ محمد التقي الاملي لماذا ما الفت رسالة عملية؟ قال انا الفت كتاب علمي للفقهاء في فتاواهم وهو شرح العروة يعني كتابة الجواهر من صاحب الجواهر او كتاب الوسائل من صاحب الوسائل اعظم من الرسائل العملية التي كتبها صاحب الجواهر لان كتاب الجواهر يضخ فيه معلومات للفقهاء والمجتهدين وليس للعوام بينما الرسائل العملية صاحب الجواهر في الغالب يضخ فيها معلومات لعامة المكلفين فهذا الكتاب خلوده اكثر ولا يشترط فيه الحياة والموت ، الان لماذا نحن نراجع كتب الفقهاء من الاولين والاخرين؟ لانها كتب علمية لا ربط لها بالتقليد والفتوى بينما كتاب الفتوى يكون محصور بحياة المجتهد واما بعد الحياة يتبدل كتاب الفتوى الى كتاب علمي فيبقى ، فانظر الفرق بين المسير العلمي والمسير الفتوائي .
ان شاء الله في الجلسة القادمة نثير نقطة جديدة في مباحث الصدق والكذب لكن غامضة جدا .