« قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

45/11/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الرياضات القلبية الملكوتية وميزان النجاة

الموضوع: الرياضات القلبية الملكوتية وميزان النجاة

 

كما مر بنا الامام الصادق في هذا الحديث الشريف المودع في كتاب الخزاز الاشعري هذا الكتاب في مقدمته ذكر عين ما ذكره كامل الزيارات وكيف اعتمده ابن قولويه هذا صديق ابن قولويه استاذ المفيد وصديق الصدوق وعالم مشهور معروف من علماء قم من قبيلة الاشعرية ففي هذا الحديث المبارك للامام الصادق الامام ليس في صدد بيان حال الفقهاء او الانبياء او الرسل او الائمة وانما في صدد بيان حال اولي الالباب يعني الكمل ويبلغون بدرجة من درجات الكمال فقال ان اولي الالباب ولم يقل ان الانبياء والائمة والمصطفين فهو بصدد بيان مسيرة تهذيب ورياضات بشرية و كسير تكويني في الرياضات القلبية الروحية .

ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة وهذا حتى تكويني وليس جزاء تشريعي فهو في صدد الارشاد الى الرياضات القلبية والروحية عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله فهي معادلة يرشد اليها عليه السلام مدرسة قلبية وفكرية وروحية وهذا البيان منه ورد في لسان جده النبي في موارد عديدة من اكثر ذكر شيء احبه ، فالاكثار سواء في اللسان او في الفكر والعقل وهو العمدة يعني الاكثار في ذكر اللسان لكي يصطاد الفكر ويحبسه ويوجه ويركز الفكر، عملوا يعني ادمنوا العمل يعني سيرهم العملي بالفكرة وسيرهم العملي الروحي الفكري حتى ورثوا وهذه وراثة تكوينية ومواهب لدنية ونجعلهم الوارثين ولو هي في الاصل للمصطفين ولكن يمكن تعميمها لمطلق المواهب اللدنية .

اورثهم الله يعني وراثة تكوينية لدنية غيبية ملكوتية حتى ورثوا منه حب الله فحب الله شيء عظيم تكويني موهبة قلبية روحية فهذه اربع معادلات بينها الامام في باب الرياضات القلبية والروحية ثم يبدأ بمعادلة اخرى فان حب الله اذا ورثه القلب ... فاذن يرثه القلب وهل الدين الا الحب والبغض? فاتبعوني يحببكم الله ، كثير من منطق القرآن الكريم ان الله لا يحب الظالمين ولا يحب المعتدين ويحب الصابرين ويحب المحسنين يعني يبين القرآن والوحي الشرع واللا شرع والحرام والحلال والكمال والنقص يحب الله ولا يحب الله انظر كم مورد في الايات القرآنية لا يحب ؟ وكم مورد ان الله يحب؟ وجعل الله ذلك ناموسا والصراط الى الجنة او الى النار .

اذا باب الحب وحب الله في الجانب القلبي والروحي ناموس عظيم في الهداية مثلا حسب كلام الاخ ستة عشر مورد في القران يذكر عدم حب الله ، ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين والله لا يحب الفساد والله لا يحب كل كفار اثيم والله لا يحب الكافرين والله لا يحب الظالمين والله لا يحب من كان مختالا فخورا والله لا يحب من كان خوانا اثيما والله لا يحب المفسدين لا يحب الفرحين فهذه فرحين يعني فرحين بالدنيا ، فهذه لسان من السنة الكمال فهو ميزان حب ولا حب وميزان الكمال والرذائل وميزان الصراط المستقيم او صراط الجحيم .

اما ما يحب الله فهي ستة عشر مورد كما يذكره الاخ الحاضر : يحب المحسنين يحب التوابين يحب المتقين يحب المحسنين يحب المتطهرين الصابرين المتوكلين هذي كمالات عديدة يحبها الله ، فالكمال يحبه الله اما النقائص والرذائل لا يحبها الله ان الله يحب المقسطين .

فالمقصود اذن هنا يبين القرآن الكريم المحبة فان حب الله اذا ورثه القلب ولم يرثه العقل الامام يقول يرثه القلب احد دعائم الايمان بالله والايمان بالرسول وبال الرسول هو الحب وهل الدين الا الحب كما يقول الامام الصادق حب اولياء الله وبغض اعداء الله كذب من يزعم انه يحب اولياء الله ولا يبغض اعداء الله وسيأتي بحثه مفصل .

فان حب الله اذا اورثه القلب استضاء به ... اذن القلب له ضوء وله ظلمة وهو ليس فكر وانما حالات القلب يستعرضها الامام الصادق فان حب الله اذا ورثه القلب استضاء به فاذن الفكر في شؤون الله يورث محبة الله ومحبة الله اذا اورثه في القلب حصل للقلب ضوء ونور فهو منزل منزل يبينه الامام الصادق منزل الفكر ثم منزل القلب ثم منزل الحب ثم منزل النور ثم يقول واسرع اليه اللطف فالطاف الهية كثيرة تنزل على القلب الذ واشهى من كل الشهوات صفاء لا كدر فيه وهذه المناجاة الخمسة عشر كلها معادلات برهانية فان حب الله اذا ورثه القلب استضاء به واسرع اليه اللطف فاذا نزل منزلا يعني القلب ينزل منازل فهذه منازل السائرين للخاجة وعبد الله الانصاري او للصوفية مسروقة ومقتبسة من الامام الصادق ومن الائمة يذكر للقلب وللروح منازل يعني في حالة سفر والسير والمسيرة .

فاذا نزل منزلا صار من اهل الفوائد فاذن هي كم منزل? منزل الحب ومنزل القلب ومنزل النور ومنزل اللطف الى ان يصل الى منزل الفوائد والفوائد اعلى من اللطائف فهذه منازل القلب والروح منازل السائرين مأخوذة من الوحي فهو الامام ليس في صدد بيان بحوث اعتبارية شرعية وانما في صدد مسار تكويني روحي ملكوتي غيبي ارشادي فاذا صار من اهل الفوائد تكلم بالحكمة ، الان صار عدة منازل : فكرة وحب الله والقلب والاستضاءة واللطف ثم الفوائد ثم الحكمة اذن الحكمة انما يصل اليها الانسان بعد هذه المراحل ولا هي خاصة بالانبياء والاوصياء نعم درجات العليا خاصة بهم ولكن عمومها شاملة لكل البشر .

فصار يتكلم بالحكمة فاذا تكلم بالحكمة صار صاحب الفطنة فالان لنحسب المنازل :

اولا عمل بالفكرة اولي الالباب وثم حب الله اثنين ورث الله القلب واستضاء اربعة اللطف خمسة فإذا صار من اهل فؤاد تكلم بالحكمة فاذن هي اربع خمس منازل فكرة حب الله القلب استضاءة القلب اللطف ثم الحكمة اذن الحكمة لا تختص بالانبياء والاوصياء ، فاذا تكلم بالحكمة يعني ما بعد الحكمة صار صاحب الفطنة فلماذا الامام يقول منزل ولم يقل مقام? في موارد نخاطب الائمة السلام عليك يا باب المقام ما الفرق بين المقام والمنزل? مثلا مقام ابراهيم .

المنزل يتحرك منه الانسان ويمر عليه سيرا واما المقام فيقيم فيه فربما تقول انت السر والمنزل افضل من المقام كلا ليس معنى المقام انه لا يتكامل لكن المقام يعني يمتلكه ولا يسلب عنه بخلاف اذا عبرت يعني يصير منزل قد تمر عليه وتهوي، فالمنازل شيء اخر كما بين الامام فاذا نزل منزلا فاي سفر يقصد الامام الصادق? هو سفر الروح والقلب .

ثم يكرر فاذا نزل منزلة الفطنة ... فهناك مقام ومنزلة يتمكن يعني يصير مكين ورد في القرآن انه لقول رسول كريم طاع ثم امين ومطاع عند ذي العرش مكين مكين يعني ما يسلب منه فهذه تعبير مكين للقضايا الغيبية في سورة التكوير انه لقول رسول كريم مطاع ثم امين ذي قوة عند ذي العرش مكين ، من اوصاف النبي انه هو المطاع في ملكوت الله فاذن هناك مكين ومتمكن وهناك منزلة ومنزل وهذا المنزل يؤدي به الى منزل اخر ولكن هل تمكن منه? هل اصبحت مقاما له ؟

من مقامات جعفر ابن ابي طالب مقام الطيار يعني مقام متمكن وكذلك من مقامات ابي الفضل العباس عليه السلام ، هذه اصطلحات في الوحي يجب ان نلتفت اليه في عالم الروح والقلب هذه اصطلاحات وحيانية وليست صوفية والصوفية اخذوها من الوحي .

فاذا نزل منزلة الفطنة عمل بالقدرة يعني القدرة التكوينية والولاية التكوينية شيء فشيء .

فالمنزلة التاسعة يعمل في القدرة تصير عنده كأنما شيء من قدرة عالم الاسماء عمل في القدرة يعني قدرة تكوينية انظر كيف الامام الصادق يتتبع معادلة معادلة وحلقات قانونية تكوينية قلبية روحية تتبع بعضها البعض ولا يصير قفز فلابد من حلقة حلقة ويبين الامام الصادق ان هناك مدارس اخرى سنبينها او رياضات اخرى وهذا سر يحترمه الائمة والوحي وان كان من الوثنيين ، يعني بهذا المقدار انه واما من نهى النفس عن الهوى هو وان لم يكن يوصله الى الجنة ولكنه بهذا المقدار محترم ونهى النفس عن الهوى يعني خاف مقام ربه وهذا كلام الوحي فالمقام شيء والمنزلة شيء اخر ولغة يختلف .

فاذا عمل في القدرة يعني القدرة التكوينية ودرجاتها تختلف من شخص لاخر فضلا عن الفرق بين غير المعصومين والمعصومين ولكن مر بنا انه قد يعطي الله غير المعصوم قدرة ما يعطي لغيرهم ما عدا سيد الانبياء والال ، هم شيء مميز ولكن مثلا النبي يحيى ان الله اعطى ابليس قدرة لم يعطها النبي يحيى لكن هذه القدرة لم تعصم ابليس ولم تحسن عاقبته .

مثلا في سورة الاعراف الاية مائة وخمسة وسبعين يتعرض لقضية بلعم بن باعورة : واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فقبل ان ينسلخ منها كان متلبسا بها في علم التقويم اذا خرج من شهر الى شهر يقول سلخ ، اخر يوم من الشهر القديم يسموه في علم التنجيم وعلم الفلك سلخ ، مثل يسلخ الليل من النهار مثل التعبير في سورة ياسين واية لهم الليل نسلخ منه النهار ، من المسلوخ? وكيف يسلخ الليل? مثل جلد الشاة عندما تسلخها ، فهذا كان مثل اللباس له وانسلخ منها وهذا بيان لحالات روحية ومقامات روحية .

فهنا القرآن الكريم ينادي المرتاضين بالرياضات القلبية والروحية واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا يعني جانب القلب والروح فانسلخ منها فاتبعه الشيطان وهذا المقطع من الاية الذي سيأتي له صلة عجيب ببحثنا فهو اوتي الايات يعني كان لديه ومتلبس بها او هو فيها فانسلخ منها الى ان يقول الله ولو شئنا لرفعناه بها وهذا معنى عجيب ولكنه اخلد الى الارض يعني ابليس لما اتاه الله شئون عالم اهل السماء السابعة التي هي شؤون جبرائيل وميكائيل واسرافيل والكروبيين هل هذا ارتفاع لابليس? كلا ، نعم صورة وملكوتيا كأنما هو هكذا ولكن حقيقته ليس ارتفاع وهذا مشهد عظيم في القرآن يبين ان الانسان قد يؤتى ايات ملكوتية رهيبة مهولة لكن هو بدل ان يكون في حالة صعود يكون في حالة هوي ونزول فلا تقل لي صلاة وصيام وجهاد وقتل في سبيل الله وانما ما هو اعظم منه وهو ايات فهو ينبغي ان يكون في حالة صعود فهو صورة صعود ولكن حقيقة هبوط وهوي ، فملكوت الملكوت هو فيه هوي وليس فيه صعود ولو شئنا لرفعناه بها .

فهو ما ارتفع واوتي الايات وبلغ السماء السابعة وبلغ قدرات جبرائيل ولكن ليس صعود ، ورد في بيانات اهل البيت وهم عظيمين فيما يعلمونه من ملكوت كل المخلوقات يقولون عليهم السلام في ذلك الحين ابليس كان يخبث ، الملكات التي اعطي اياه والقدرات التي اعطاه الله كجبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل ولكن كان يخبث خفاء ويظن انه لا احد يطلع عليه والله مطلع عليه ، فالنفس الامارة والنفس الخبيثة تستخدم طاقات عالم السماء السابعة في خبث وهو ملكوت الملكوت .

صدق زين العابدين او الامام العسكري عندما يقول لا يغرنك طول السجود انما الطهور الاعظم للصلاة خضوعهم لولاية الله وولاية الرسول و ولاية ال وليس هو الوضوء لا يغرنك طول سجودهم وركوعهم لا يغرنك جهادهم في الحروب انظر الى ما انطوت عليه نياتهم .

عندنا في بيانات اهل البيت قد يقتل كذا وتنغر به الحور العين والملائكة تباشر به وتصاعده الى السماء السادسة ولكن يقف ، فيقال لهم ارفعوه يقولون لا طاقة لنا برفعه حينئذ يكشف الله لهم ملكون هذا المقتول اللي هي افعى جهنمية لان قتاله يصب في اولياء ائمة الجور وليس ائمة العدل فيصب جهاده وصلاته وهو حافظ للقرآن لكنه مجند لائمة الجور تكبكب اعماله في قعر جهنم فحقيقة اعماله هوي وليست صعود وهذه ملحمة عظيمة عجيبة يبينها ال البيت في القرآن ، فليس هو صلاته ولا عبادة ولكن حروف اسم الاعظم بدل ان يرتفع بها يهوي واهل الملكوت ينغرون به وليس انت وانا نراه سبوح قدوس وانما حور العين تنغربه وملائكة السماوات ينغرون به ولكن الله لا يخفى عليه شيء واذا كشف عن عمله تراه نتين نتن مغطى بنور وهذا امر عجيب في عالم الملكوت عمل يشع نورا باطنه جهنم ولذلك هذا تخفى حتى على العرفاء وعلى الصوفية ولكن لا تخفى على اهل البيت .

هناك عارف ويرى وربما مؤمن ولكن تلبسه الجاهلية بالباسها لكن باطن المؤمن عطر نير لانه يصب عمله في صالح ائمة العدل وليس في ائمة الجور حب علي حسنة لا يضر معها سيئة وبغض علي سيئة لا تنفع معها حسنة بل ايات الاسم الاعظم لا يفيده فلا تقل لي صلاة وصوم وجهاد لان باطن الباطن نتن ان الله ينظر الى صوركم الملكوتية وليس صوركم البدنية ولا ينظر الى صوركم السمواتية ينظر الى نياتكم التي هي وراء السماوات كبكبوا عمله في جهنم .

لذلك لاحظ الرياء الرياء في اخر منازل النية هناك ائمة الجور والشرك اطهر طهور لكل شيء هو ولاية الله ورسوله وال الرسول وانجس نجاسة انما المشركون نجس انجس نجاسة ولاية ائمة الجور ، ربما عارف يرى صور الاعمال في السماء الاولى والثانية هذا احمق مغفل لانه لا يرى باطل الباطن ذاك يراه الله ورسوله وقل اعملوا فسيرى الله والعارف لا يرى باطن البواطن يرى باطن الثاني والثالث والرابع لا يرى نهاية الباطن وانما يراه الله وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وليس الملائكة وعجيبة هذه الاية الكريمة وانت الشاهد لما خفي عنهم .

كثير من العرفاء يرون الاعمال في السماء الاولى والثانية ويغرهم هذا الشيء هذه ليست الحقيقة ونهاية النهاية هي الحقيقة حب علي حسنة لا يضر معها سيئة حتى الالبسة الجسمانية السماوية الملكوتية لا يضرها اخرته نور وبغض علي سيئة لا ينفع معها جهاد وصوم صلى ما صلى وصام ما صام بل حتى لو اوتي الاسم الاعظم وبعض حروف الاسم الاعظم لا ينفع معه شيء هذه الاية قنبلة انفجارية في الملكوت من البداية الاية تقول اتيناه اياتنا ومع ذلك يقول هذا ليس رقي وكمال هذا كله خواء ولو شئنا لرفعناه هو اصلا ما ارتفع نال حروف الاسم الاعظم ولكنه لم يرتفع زاد هويا وغواية وهذا مبحث عظيم في بيانات اهل البيت وبيانات القرآن .

انظر الى ادم وحواء وهما معصومان لكن فلما ذاقا الشجرة هذه شجرة في ملكوت الارض بدت لهم فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وليست حسناتهما صحيح انت في الملكوت ولكنه اذا لم تكن عندك ولاية ولي الله لكن هذا بدا الملكوت ولو شئنا لرفعناه بها هذا يصير اخلد الى الارض وهوى بها يريد ان يسخر الملكوت وملكوت الملكوت ولكن يسخر للهوي .

وبغض علي سيئة لا ينفعها الملكوت الاعلى وحب علي حسنة لا يضر معها حتى ظلمات السماوات والارض هو بالتالي يصير نور يبدل الله سيئاتهم حسنات هذا ليس معناه الاقرار بالسيئات ولكن اعلم بان اعظم الحسنات حب علي واعظم السيئات بغض علي وليس يرقى فوق ذلك شيء لانه باب الله الاعظم وسبيله الاعظم السلام على سبيل الله الاعظم والصراط الاقوم فهذا الملكوت يجب ان يكون عندك بصيرة وحيانية من اهل البيت والا يغوى ، فيسمى ابليس غوي وليس غاوي غوي صيغة مبالغة من الغاوية.

logo