47/03/16
/ كتاب الخيارات (24)/المعاملات
الموضوع: المعاملات / كتاب الخيارات (24)/
ومنها: ما ذكره بعض الأعلام، منهم الميرزا النَّائينيّ (رحمه الله).
وحاصله: أنَّ المناط في جواز دخول الخيار في شيءٍ قابليَّته للإقالة والاستقالة، فكلُّ أمرٍ قابلٍ للإقالة يدخل فيه الخيار؛ لأنَّها تكشف عن أنَّ اللُّزوم فيه حقِّيٌّ، وليس حُكميّاً، ولذا جاز سقوطه بالإقالة، وأمَّا ما لا يقبل الإقالة فذلك كاشف عن أنَّ لُزومه حكميٌّ.
ومن هنا، لم يسقط بالإقالة.
وفيه: أنَّ المناط في جريان الخيار، وقبوله الفسخ والإسقاط، هو الدَّليل، ولا فرق بين الحقِّ والحكم من هذه الجهة.
وبالجملة، فليس المناط في الجواز وعدمه كون الشَّيء حقّاً أو حُكماً؛ بدليل أنَّ النِّكاح مع كونه من العقود، فإنَّ الشَّارع المقدَّس حكم بجواز فسخه فيما لو كان هناك أحد العيوب المجوِّزة للفسخ، ولم يرخِّص في فسخه بشيءٍ آخر غيرها.
وبالجملة، فإنَّ النِّكاح ممَّا لا تدخل فيه الإقالة مع جريان الفسخ فيه والخيار فيما لو كان هناك أحد العيوب المجوِّزة للفسخ.
والخلاصة: أنَّه ليس المناط في جواز دخول الخيار في شيءٍ قابليَّته للإقالة والاستقالة.
والنَّتيجة في نهاية المطاف: أنَّه لا مانع من دخول الشَّرط في الإيقاعات، إلَّا الأمور الثَّلاثة المتقدِّمة: الطَّلاق والعِتْق والإبراء، فإنَّه لا يدخل فيها خيار الشَّرط؛ للتَّسالم، والله العالم.
وأمَّا الوقف الَّذي هو من الإيقاع؛ إذ لا يشترط فيه القبول: فالمشهور بين الأعلام عدم دخول خيار الشَّرط فيه.
وعن المسالك: أنَّه لا يجري فيه بالإجماع.
ويظهر من المصنِّف وابن إدريس (رحمهما الله) وجود الخلاف فيه، وهو كذلك؛ إذ يظهر من المحكيّ عن المشايخ الثَّلاثة تجويز اشتراط الخيار في الوقف.
ولعلَّه المخالف الَّذي أشار إليه المصنِّف (رحمه الله) هنا، وابن إدريس (رحمه الله).
أقول: قدِ استُدلّ على عدم جريان الخيار فيه بجملة من الأدلَّة:
منها: الإجماع المدّعى.
وفيه: أنَّك قد عرفت حال الإجماع المنقول بخبر الواحد.
مضافاً إلى أنَّه إجماع مدركيّ أو محتمل المدركيَّة، فلا يكون إجماعاً تعبُّديّاً كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السلام).
ومنها: أنَّه يشترط فيه قصد القربة، ويكون لله تعالى، وهو منافٍ لاشتراط الخيار؛ لأنَّ كلّ ما يكون لله لا يرجع فيه.
وفيه أوَّلاً: أنَّ الصُّغرى ممنوعة؛ إذ لا يشترط فيه قصد القربة؛ لإطلاق الأدلَّة، ولصحَّة وقف الكافر.
وثانياً: أنَّ الكبرى ممنوعة أيضاً؛ إذ لا دليل على أنَّ كلّ ما قُصد به القربة فهو لا يرجع فيه.
ومنها: أنَّه فكّ ملكٍ بلا عوض، وشرط الخيار إنَّما يصحّ في العقود المعاوضة.
وفيه أوَّلاً: أنَّ الوقف إنَّما يكون فكُّ ملكٍ بلا عوض فيما لو وقف الأرض مسجداً، فإنَّه تحرير ملكٍ، ولا يصحُّ اشتراط الخيار فيه.
وأمَّا الوقف في غير المساجد، فليس فكُّ ملكٍ وتحريرٍ، بل هو تمليك للجهة الموقوف عليها، أو تمليك للموقوف عليهم، وهذا لا مانع فيه من جعل الخيار، مثله مثل باقي الإيقاعات الَّتي يصحُّ جعل الخيار فيها، كما عرفت.