46/07/14
المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف
الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف
قول الماتن: ولو شرط كونه من دين له عليه (دينه عليه) فالوجه الفساد، وفاقاً للشَّيخ
لو شرط كونه من دينه عليه، بمعنى أن يجعل الثَّمن ما في الذِّمّة، بأن يقرنه بالباء، فالمعروف بين الأعلام -أي المشهور بينهم- بطلان العقد؛ لأنَّه بيع دين بدين.
أمَّا كون المسلم فيه ديناً، فواضح.
وأمَّا الثَّمن الَّذي في الذِّمّة، فلأنَّه دين في ذمَّة المسلم إليه، فإذا جعل عوضاً للمسلم فيه الَّذي هو دين صدق بيع الدَّين بالدَّين، فيكون مشمولاً للرِّوايات النَّاهية عن بيع الدَّين بالدَّين.
كما في رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله): لا يُباع الدَّين بالدَّين).
ولكنَّها ضعيفة بعدم وثاقة طلحة بن زيد.
وكما في النَّبويّ (أنَّه (صلى الله عليه وآله) نهى عن بيع الكالئ بالكالئ).
وهي ضعيفة، كما لا يخفى؛ إذ لم ترد من طرقنا.
وكذا غيرها من الرِّوايات.
ولكن، ذهب جماعة من الأعلام، منهم المحقِّق (رحمه الله)، والفاضل الآبي (رحمه الله)، والعلَّامة (رحمه الله) في التَّحرير، والمقداد (رحمه الله) في التنقيح الرَّائع، إلى الجواز على كراهة.
والإنصاف: أنَّ مقتضى القاعدة هو الجواز؛ لأنَّ الباطل هو بيع الدَّين بالدَّين، أي ما كان ديناً قبل العقد، كما لو باع ماله في ذمَّة زيد بمال آخر في ذمَّة عمرو، ونحوه، ممَّا كان ديناً قبل العقد.
وأمَّا لو صار ديناً بسبب العقد، وإن لم يكن ديناً قبله، فلا يكون مشمولاً؛ للنَّهي عن بيع الدَّين بالدَّين، كما فيما نحن فيه، حيث كان البيع بمؤجّل في العقد.
نعم، قد عرفت أنَّ الأحوط: ترك البيع في هذه الصُّورة؛ لاحتمال صدق بيع الدَّين على المؤجّل، ولو بالعقد.
وممَّا يؤيِّد الجواز في المقام: رواية إسماعيل بن عمر (أنَّه كان له على رجل دراهم، فعرض عليه الرَّجل أن يبيعه بها طعاماً إلى أجل، فأمر إسماعيل يسأله؟ فقال: لا بأس بذلك، فعاد إليه إسماعيل، فسأله عن ذلك، وقال: إنِّي كنتُ أمرتُ فلاناً، فسألك عنها، فقلت: لا بأس، فقال: ما يقول فيها من عندكم؟ قلتُ: يقولون: فاسد، فقال: لا تفعله، فإنِّي أوهمت)[1]
ورجوعه (عليه السَّلام) عمَّا أفتى به أوّلاً، ونسبة نفسه (عليه السَّلام) إلى الوهم، فإنَّما هو للتَّقيّة.
وإنَّما قلنا يؤيِّد ذلك، ولم نجعله دليلاً على الجواز؛ لضعف الرِّواية بإسماعيل بن عمر، فإنَّه غير موثَّق.
ويؤيِّده أيضاً: رواية عبد الله بن الحسن عن جدِّه عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السَّلام) (قَاْل: سألتُه عن السَّلَم في الدَّين؟ قَاْل: إذا قال: اشتريت منك كذا وكذا بكذا وكذا، فلا بأس)[2]
بناءً على أنَّ المراد بكذا وكذا، ممَّا له في ذمّته، لا أنَّ المراد كلِّيّ، ثمَّ يحاسبه بعد ذلك على ما في ذمَّته.
وفيه أوَّلاً: أنَّه يحتمل قويّاً كون المراد أنَّ الثَّمن كلِّيّ في الذِّمّة، ثمَّ يحاسبه بعد ذلك، لا أنَّ الثَّمن عيّن ما في الذِّمّة، وإلَّا لقال: بما في ذمّتك.
وثانياً: أنَّها ضعيفة بعبد الله بن الحسن، فإنَّه مهمل.