« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف

الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف

 

قول الماتن: ولو أقِّت بالحصاد والصّرام، وشبههما، بطل

 

قد عرفت سابقاً أنَّه يشترط أن يكون الأجل مضبوطاً بما لا يقبل التَّفاوت، فلو وقّته بوقت الحصاد أو الصّرام، وشبههما، بطل؛ للجهالة المؤدّية للغرر، إذ لا يعلم وقت الحصاد والصّرام على نحو مضبوط.

 

قول الماتن: ولا يشترط في الأجل الوقع في الثَّمن، فلو أُقِّت ببعض يوم جاز

 

معنى الوقع في الثَّمن أن يكون للأجل اعتبار واعتداد، بحيث يكون له في العادة قسط من الثَّمن.

والمعروف بين الأعلام أنَّه لا يشترط في الأجل أن يكون له وقع في الثَّمن، فلو قال: إلى نصف يوم، صحّ.

 

قول الماتن: ومنع ابن الجنيد من النَّقيصة عن ثلاثة أيَّام، وهو قول الأوزاعيّ. ولا ينتهي في الكثرة إلى حدّ، ومنع ابن الجنيد من ثلاث سنين؛ للنَّهي عن بيع السِّنين، ولعلَّه للكراهة)

 

المعروف بين الأعلام أنَّه لا تقدير للأجل من حيث القلَّة والكثرة.

وقدِ ادَّعى الشَّيخ (رحمه الله) الإجماع على ذلك في الخلاف.

وتدلّ على ذلك: إطلاق الرِّوايات المُتقدِّمة.

ويؤيِّده: أنَّ الحكمة في السَّلم هو مراعاة حقّ الفقراء، وبما أنَّه لابدّ من أجل معلوم لتحصيل المسلم فيه، فيتحقّق ذلك بأقلّ مدّة يتصور تحصيله فيها.

وعن أبي عليّ والأوزاعيّ وأحمد أنَّه لابدّ وأن يكون للأجل وقع في الثَّمن، وأقلّه ثلاثة.

وفيه: ما قد عرفت من أنَّه لا يشترط في الأجل أن يكون له وقع في الثَّمن؛ لعدم الدَّليل، كما أنَّه لا دليل على أنَّ أقلّ الأجل ثلاثة، بل يصحّ ولو ببعض يوم.

كما أنَّ الأجل لا ينتهي في الكثرة إلى حدّ.

نعم، منع أبو عليّ (رحمه الله) من ثلاث سنينٍ؛ للنَّهي عن بيعه السِّنين.

وقد أجاد المصنِّف (رحمه الله)، حيث قال: (ولعلَّه للكراهة).

 

قول الماتن: ولو قال: إلى الخميس، حُمل على الأقرب، وكذا إلى ربيع أو جمادى، وإن كان التَّعيين أولى

 

لو قال: إلى الخميس، حُمل على أقرب خميسٍ بلا إشكال، بل لعلَّه لا خلاف فيه؛ وذلك للعرف، وكأنَّ لام التَّفريق فيه للعهديَّة.

وأمَّا بالنِّسبة إلى (ربيع)، و(جمادى)، فظاهر العلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة عدم حملهما على الأقرب، ولعلَّه لكونهما من المشترك اللَّفظيّ.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّهما من المشترك المعنويّ؛ إذ معنى (ربيع)، كلّ ثلاثين بين صفر وجمادى في كلّ سنةٍ.

ومعنى (جمادى) كلّ ثلاثين بين ربيع الثَّاني، ورجب في كلّ سنةٍ.

وحينئذٍ، فهما كالخميس من حيث أنَّ الفهم العرفيّ يقتضي التَّنزيل على الأقرب، أي يحمل (جمادى) على الجمادى الأُولى، ويحمل ربيع على الرَّبيع الأوَّل.

 

قول الماتن: الشَّرط الرَّابع: استناد المسلم فيه إلى ما لا يحيل عادةً، فلو أسنده إلى بستان معيّن أو قرية قليلة بطل

 

ذكر المصنِّف (رحمه الله)، وجماعة من الأعلام، أنَّه يشترط إسناد الثَّمرة إلى ما لا تحيل عادةً، كالبصرة، فلو حالت -أي حملت عاماً، ولم تحمل آخر- لم يصحّ.

ومن هنا، لو أسندها إلى بستان معيّن، أو قرية قليلة، بطل؛ وذلك لعدم الاطمئنان غالباً بوجود المال عند حلول الأجل.

نعم، لو اطمأنَّ بذلك لجاز.

 

قول الماتن: ولا يلحقه الإسناد إلى بلد معيَّن بالعين؛ لأنَّ القرينة حاصلة، وإن كان وجه القضاء متعيّناً، ولا يضرّ لعدم انحصاره

 

قد عرفت أنَّ حقيقة السَّلم ابتياع مضمونٍ كلِّيٍّ في الذِّمّة لا يتشخّص إلَّا بقبض المشتري، وهو حاصل هنا؛ لأنَّ المثمن كلِّيّ في الذِّمّة.

وعليه، فلو أسند الثَّمرة إلى بلد معيَّن لا يكون المبتاع عيناً، بل هو كلِّيّ في الذِّمّة.

نعم، يكون الأداء متعيّناً من بلد معيّن، وهذا لا يضرّ بصحَّة السَّلم؛ لأنَّ الأداء إذا لم يمكن من البلد المعيّن يكون من غيره، والله العالم.

 

logo