46/06/28
المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف
الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف
السلف في الحبوب والفواكه.
وفي التمر، والزبيب، والعسل، والمرجع فيها إلى العرف.
الشَّرط الثَّاني: التَّقدير بالكيل أو الوزن
قول الماتن: وتاسعها: الحبوب والفواكه والثِّمار، فيذكر في الحنطة البلد والحداثة والعتق واللَّون والكبر أو الصّغر والصّرابة، أو ضدّها.
ولا يشترط ذِكْر حصاد عام أو عامَيْن، وإن ذكره جاز، وفي الشّعير والقطنيّة ذلك كلّه
وصف العلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة الحنطة بأمور ستّةٍ: (البلد، فيقول: شاميّة أو عراقيّة، فإن أطلق حمل على ما يقتضيه العرف إن اقتضى شيئاً، وإلَّا بطل، ويقول: محمولة أو مولودة، يعني: محمولة من البلد الَّذي تنسب إليه، أو تكون مولدة في غيره.
ويذكر الحداثة والعتق والجيّد، أو الرديّ واللَّون، كالحمراء والبيضاء أو الصَّفراء، وإنِ اختلف بالحدارة، وهو امتلاء الحبّ أو الدِّقة وصفائه، ويذكر الصَّرابة أو ضدّها.
وينبغي أن يذكر القوى أو ضده، والأُنوثة أو ضدها، والحداثة أو العتق.
وإذا أسلف في الدَّقيق ضبطه بالوصف، ولو أسلم في طعام على أن يطحنه جاز، خلافا للشَّافعيّ.
والعلس، قيل: إنَّه جنس من الحنطة حبَّتان في كمام فيترك كذلك؛ لأنَّه أبقى له حتَّى يراد استعماله ليؤكل، وحكمه حكم الحنطة في كمامها لا يجوز السَّلف فيه إلا ما يتلف عنه كمامه عند الشافعية؛ لاختلاف الكمام، ولغيبوبة الحبّ، فلا يعرف.
والأولى: الجواز، ويبنى فيه على العادة، وله السَّليم، وكذا حكم كلّ صنفٍ من الحبوب... )[1]
وقد تبع في ذلك كلِّه الشَّيخ (رحمه الله)، وأضاف الشَّيخ (رحمه الله): (والأحوط: أن يُسمّى حصاد عام أو عامَيْن، وليس ذلك شرطاً... وليس على المشتري أن يأخذها بنفسه معيبةً بوجه من الوجوه...)[2]
قول الماتن: وفي التَّمر، البلد والنَّوع والكِبر والصّغر والحداثة أو العتاقة واللَّون إنِ اختلف النَّوع، وفي الرَّطب، ذلك كلّه، إلّا العتاقة، ويجب الفارق، ولو شرط المنصِّف أو المذنِّب لزم
المعروف بين الأعلام أنَّه يذكر في التَّمر أربعة أوصاف: النَّوع كالبرانيّ، والبلد إنِ اختلف الوصف، كالبصريّ، والقدّ كالكبار، والحداثة، والعتق.
وكذا إذا أسلم في الرَّطب وصفه بما يصف به التَّمر، إلَّا الحداثة، والعتق، فإنَّ الرَّطب لا يكون عتيقاً.
نعم، يجوز أن يشترط لُقَط يومه أو أمسه.
وكذا يجري مجراه من العنب والفواكه.
وأمَّا التَّمر، فلا يأخذه إلَّا جافاً؛ لأنَّه لا يكون تمراً، حتَّى يجفَّ، وليس عليه أن يأخذه معيباً، ويرجع فيه إلى أهل الخبرة.
قول الماتن: وفي الزَّبيب، البلد والنَّوع والكبر والصِّغر واللَّون إنِ اختلف نوعه والمزيت أو غيره، وله الجافّ من التَّمر والزَّبيب الخالي عن الحثالة، ولا يجب تناهي الجفاف.
وفي الفواكه، البلد والنَّوع والطَّراوة أو ضدّها واللَّون إن اختلف.
وفي الجوز، الصّنف والكبر والصّغر والبلد والحديث أو العتيق، وله منزوع القشرة العليا، وكذا اللَّوز.
وفي الطَّلا، البلد والنَّوع والحديث أو العتيق واللَّون والصّفا والقوام، ويجب كونه ممَّا ذهب ثُلثاه فصاعدا، خالياً من الثِّقل غير المعتاد، وإن ضمّ إليه ظروفه اشترط كونها ممَّا يصحّ فيه السَّلم، فلو كانت من أدم احتمل المنع لعسر وصفه، والأقرب: الجواز؛ لعدم تعلُّق الغرض بجميع أوصافه.
وفي السَّيلان والصّفر، البلد والنَّوع والقوام، وفي الدّبس ذلك، ولا يمنع منه مسيس النَّار، ويجوز السَّلم في المصفر من الرَّطب والتَّمر، ويوصف بوصفَيْهما)
قد عرفت أنَّ مرجع ذلك كلّه إلى العرف فهو أخبر بهذه الأمور من الفقيه.
قول الماتن: وعاشرها: العسل، فيذكر فيه البلد والزَّمان واللَّون، ويحتمل الإطلاق على المصفّى لا الشَّهد، ويحمل المصفّى على ما لم تمسّه النَّار، إلّا أن يشترط ذلك
المعروف بين الأعلام جواز السَّلم في العسل، فيذكر فيه البلد والزَّمان واللَّون.
قال الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط: (ويوصف العسل ببياض أو صفرة أو خضرة، ويُوصف ببلده، فيُقال: جبليّ أو بلديّ، وما أشبه ذلك، ويوصف بزمانه، فيقال: ربيعيّ أو خريفيّ أو صيفيّ، وليس له أن يأخذه بشمع؛ لأنَّه ليس بعسل، وله أن يطالب بعسل صاف من الشَّمع وإن صُفّي بالنَّار لم يجبر على أخذه؛ لأنَّ النَّار تغيّر طعمه فينقصه لكن يصفّي بغير نارٍ، فإن جاءه بعسل رقيق، فقال أهل الخبرة: هذا من حرّ البلد لزمه أخذه، وإن قالوا: الرَّقة في هذا الجنس من العسل عيب ينقص من ثمنه لم يلزمه أخذه...)[3]
أقول: قد عرفت أنَّ المرجع في كلِّ ذلك إلى العرف، فكلُّ وصفٍ يختلف الثَّمن فيه يجب ذكره، وإلَّا فلا.
قول الماتن: وحادي عشرها: الخشب، والحطب، فيذكر النَّوع واليبس والرُّطوبة والطُّول والثَّخن، ولا يجبان في الحطب.
نعم، يذكر فيه الغلظ أو الدِّقّة والوزن، وفي خشب العريش ذلك، ويريد السَّمع أو العقد
قال الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط: (الخشب على أربعة أضرب: خشب البناء وخشب القسيّ(4)، وخشب الوقود، وخشب يعمل منه النصب، وغير ذلك.
فأمَّا الَّذي يستعمل في البناء إذا أسلم فيها وصف نوعها، فيقول: ساج أو صنوبر أو غرب أو نخل، ويصف لونه إن كان يختلف اللَّون، ويصفه بالرُّطوبة واليبوسة، ويصف طوله وعرضه إن كان له عرض أو دورة أو سمكة و جيّدة أو رديئه، وإن ذكر مع ذلك وزنه جاز، وإن لم يذكر وزنه جاز، وليس له العقد لأنَّ ذلك عيب فيه -إلى أن قال:- وأمَّا ما يصلح للنَّصب وغيرها، مثل الآبنوس والسَّاسم، فإنَّه يصف نوعه ولونه، وينسبه إلى الغلظ من ذلك الصِّنف -إلى أن قال:- ولا يجوز السّلم في القسيّ المجهولة لاختلاف أنواعها وآلاتها...)[4]
قول الماتن: وثاني عشرها: الحجر واللَّبن والآجر، ففي الحجر النَّوع واللَّون والقدر والوزن، وللطَّحن يزيد الدقّة أو الثخن والبلد، وفي اللَّبن القالب المشهور، والمكان الذي يضرب فيه، وكذا في الآجر، ويزيد فيه اللَّون.
وثالث عشرها: الآنية، فيذكر النَّوع والشَّكل والقدر والطّول والسَّمك والسِّعة، وكونه مصبوباً أو مضروباً، والوزن، خلافاً للشَّيخ ومدار الباب على الأمور العرفيّة، وربَّما كان العوام أعرف بها من الفقهاء وخطّ الفقيه البيان الإجماليّ
لقد أجاد المصنِّف (رحمه الله)، حيث قال: (ربَّما كان العوام أعرف بها من الفقهاء، وحظُّ الفقيه البيان الإجمالي).
وليته التزم بذلك لأراح واستراح.
قول الماتن: درس 253
الشَّرط الثَّاني: التَّقدير بالكيل أو الوزن فيما يُكال أو يُوزن، وفيما لا يضبط إلَّا به، وإن جاز بيعه جُزافاً، كالحطب والحجارة
المعروف بين الأعلام أنَّه يشترط تقدير المبيع -أي المُسلَم فيه- بالكيل أو الوزن المعلومَيْن فيما يُكال أو يُوزن، وفيما لا يُضبط إلَّا به، وإن جاز بيعه -أي في غير السَّلم- جُزافاً، كالحطب والحجارة؛ لأنَّ المشاهدة ترفع الغرر، بخلاف الدَّين.
وفي الحدائق: (لا خلاف فيه نصّاً وفتوى؛ لما تقدَّم في أحكام البيع المطلق، وهذا أحد أقسامه...)[5]
وبالجملة، إنَّ ما يُباع جُزافاً في غير السَّلم لابدّ من الكيل فيه أو الوزن في السَّلم.
والسِّرّ فيه: هو لُزوم الغرر، وعدم اندفاعه هنا إلَّا بالكيل أو الوزن.
وأمَّا بيعه في غير السَّلم، فيمكن دفع الغرر بالمشاهدة؛ لأنَّ بيعه مشاهداً سليمٌ من الغرر، فإذا بيع سلماً احتيج إلى تقديره بمعلوم؛ لعدم إمكان المشاهدة في السَّلم.
وتدلّ على هذا الشَّرط -أي تقديره بالكيل أو الوزن المعلومَيْن، مضافاً لما تقدَّم في أحكام البيع-
جملةٌ من الرِّوايات:
منها: صحيحة عبد الله بن سنان قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الرَّجل يسلم في غير زرعٍ ولا نخلٍ؟ قَاْل: يُسمّي كيلاً معلوماً إلى أجل معلوم.[6]
ومنها: موثَّقة غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) قَاْل: قَاْل أمير المؤمنين (عليهالسلام): لا بأس بالسَّلم كيلاً معلوماً إلى أجل معلوم، ولا تسلمه إلى ديَّاس، ولا إلى حصاد[7]
والدّيَّاس: دقّ السُّنبل يخرج منه الحَبّ.
ومنها: صحيحة مُحمّد الحلبيّ قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليهالسلام) عن السَّلم في الطَّعام بكيل معلوم إلى أجل معلوم؟ قَاْل: لا بأس به[8]
وكذا غيرها من الرِّوايات.
ثمَّ إنَّك قد عرفت أنَّه لابدّ في الكيل والوزن من المعلوميَّة فيما يُكال به، ويُوزن به، كما صرَّح به في صحيحة مُحمّد الحلبيّ، وموثَّقة غياث المتقدِّمتَيْن.
وعليه، فلا يجزي ما كان مجهولاً من مكيال أو صنج -أي الميزان- ، وإن تراضيا عليه.