46/06/23
المعاملات / كتاب البيع // بيع السَّلف
الموضوع: المعاملات / كتاب البيع // بيع السَّلف
قول الماتن: و كلُّ ما يعلم سنّه يرجع فيها إلى البيَّنة، فإن فُقدت فإلى السّيِّد إن كان رقيقاً صغيراً، وإلى الرَّقيق إن كان بالغاً، فإن فُقد فإلى ظنّ أهل الخبرة
ذكر المصنِّف (رحمه الله) أنَّ كلَّ ما يعلم سنّه يرجع فيه إلى البيّنة، فإن فُقِدت فإلى السّيِّد إن كان المُباع رقيقاً، وإلى الرَّقيق نفسه إن كان بالغاً، فإن فُقِد فإلى ظنِّ أهل الخبرة.
أقول: أمَّا البيِّنة فهي حجَّة، وأمَّا غيرها ممَّا ذكر، فإن أفاد قوله الاطمئنان، أو كان ثقةً فيقبل قوله، وإلَّا فيشكل الاعتماد على قولهم.
قول الماتن: وسادسها: زوائد الحيوان، كاللَّبن واللَّبأ والسَّمن والزَّبد والرَّائب والصُّوف والشَّعر والوبر، فيتعرَّض في اللَّبن للنَّوع كالماعز والمرعى، وإن قصد به الجبن أو الكشك احتمل ذكر الزَّمان بالصَّفاء والغيم، فإنَّ لهما أثراً بيّنا في ذينك عند أهله، ويلزم عند الإطلاق حليب يومه وفي اللَّبإ ذلك، ويزيد في اللَّون والطَّبخ أو عدمه.
وفي السَّمن النَّوع، كالبقري واللَّون والحداثة أو العتاقة، وفي الجبن كلّ ذلك والرُّطوبة واليبوسة، وكذا القريش والأقط، وربَّما وجب في القريش ذكر اليومي أو غيره، لتفاوته بذلك، وفي الزَّبد جميع ما تقدّم
المعروف بين الأعلام أنَّه يذكر في السَّمن النَّوع، كالبقريّ، واللَّون، كالأصغر والحداثة والعتاقة.
قال الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط: (وإذا أسلم في اللَّبن وصفه بأوصاف السَّمن، ويزيد فيه ذِكْر المرعى، فيقول: لبن عواد أو أوارك أو حمضيَّة، وذلك اسم للكلاء، فالحمضيَّة هو الَّذي فيه الملوحة والعوادي هي الإبل الَّتي ترعى ما حلا من النَّبات، وهو الخلَّة يقول العرب: الخلَّة خبز الإبل، والحمض فاكهتها، فإذا كانت الإبل تُرعى الخلَّة سمّيت عوادي، وإن كانت ترعى في الحمض تُسمّى أوارك، وتُسمّى حمضيَّة، ويختلف ألبانها بذلك[1]
أقول: المرجع في المرعى إلى أهل الخبرة، وقد لا يحتاج إلى كلِّ ذلك إذا لم يكن له أثر بيِّن في اختلاف الثَّمن.
قول الماتن: ويتعرّض في الصُّوف والشَّعر والوبر للنَّوع والزَّمان والطُّول والقصر والنُّعومة والخُشونة والذُّكورة والأُنوثة لو ظهر لهما تأثير في الثَّمن
قال الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط: ويجوز السَّلف في الصُّوف ويصفه بسبعة أوصاف: بالبلد، فيقول: حلوانيّ أو جبليّ، أو غير ذلك، وباللَّون، فيقول: أسود أو أبيض أو أحمر، ويقول: طوال الطَّاقات أو قصارها، ويقول: صوف الفحولة أو الإناث؛ لأنَّ صوف الفحولة أخشن وصوف الإناث أنعم، ويذكر الزَّمان، فيقول: خريفيّ أو ربيعيّ، فإنَّ الرّبيعي أوسخ، والخريفيّ أنظف...)[2]
وتبعه بعض الأعلام.
والإنصاف: أنَّ كلَّ صفةٍ تختلف القيمة بها، ولا يؤدِّي ذكرها إلى مبطل للسَّلم، كعزَّة الوجود، وجب ذكرها، وإلَّا فلا.
وقد عرفت أنَّ العاميّ ربَّما كان أعرف من الفقيه بهذه الأوصاف، والله العالم.
قول الماتن: درس 250
وسابعها: الثِّياب، ويذكر فيه النَّوع والبلد والعرض والصَّفاقة والغلظ والنُّعومة وأضدادها، ولا يجوز ذكر الوزن لعسره.
وله الخام عند الإطلاق، وإن ذكر المقصور جاز، فإنِ اختلفت البلدان ذكر بلد القصارة، كالبعلبكيّ والقبطيّ والرُّوسيّ.
ويجوز اشتراط المصبوغ، فيذكر لونه و إشباعه أو عدمه، ولا فرق بين المصبوغ بعد نسجه أو قبله على الأقوى، ومنعه الشَّيخ إذا صبغه بعد غزله، لأنّ الصُّبغ مجهول، ولأنَّه يمنع من معرفة الخشونة والنُّعومة.
وفي وجوب ذكر عدد الخيوط نظر، أقربه ذلك، لاشتهاره بين أهله وتأثيره في الثَّمن.
وثامنها: الحرير والكرسف والكتّان، ويذكر فيها البلدان واللَّون والنُّعومة أو الخشونة، ويختصّ الحرير بالغلظ أو الدقّة.
ويجوز السَّلف في جوز القزّ، فيذكر اللَّون والطَّراءة أو اليبس والبلد، وأبطله الشَّيخ إذا كان فيه دود، لأنّ الحيّ يفسد بالخروج، والميّت لا يصحّ بيعه.
قلنا: هو كنوى التَّمر في بلد لا قيمة له فيه.
والكرسف بوجوب ذكر حَلْجه أو عدمه، وقيل: يحمل الإطلاق على عدمه، وهو بعيد، إلا مع القرينة، ولو أسلف في الغزل وجب ذكر ما سلف واشتراط الغلظ أو الدقّة، ولو أسنده إلى غزل امرأة بعينها بطل
المعروف بين الأعلام أنَّ الثِّياب يذكر فيها النَّوع والبلد إلى آخر ما ذكره المصنِّف (رحمه الله).
وذكر العلَّامة (رحمه الله) في القواعد ما ذكره المصنِّف (رحمه الله)، حيث قال: ذكر في الثياب ثمانية: النَّوع، كالكتَّان، والبلد، واللَّون، والطُّول والعرض، والصَّفاقة، والرَّقة، والنُّعومة، أو أضدادها[3]
ثمَّ إنَّ المصنِّف (رحمه الله) ذكر الحرير والكرسف والكتان، ثمَّ قال: (ويذكر فيها...).
أقول: قد عرفت سابقاً أنَّ المرجع في ذلك إلى العرف، وربَّما كان العوام أعرف بها من الفقهاء، فلا ينبغي للفقيه أن يشغل وقته في تفاصيل هذه الأمور.
مع أنَّ العوام قد يكونوا أعرف منها بها، ولولا أنَّ المصنِّف (رحمه الله) ذكر تفاصيل هذه الأمور لما كنَّا اشتغلنا بها.
- السَّلم في جوز القزّ
بقي شيء، وهو أنَّ السَّلم في جوز القزّ جائز عند الأعلام، إلَّا أنَّ الشَّيخ (رحمه الله) أبطله؛ لأنَّ في جوفه دوداً يفسده إذا خرج منه حيّاً، ويمتنع بيعه إذا مات؛ لأنَّ الميِّت لا يصحّ بيعه.
وفيه: أنَّ السَّلم في غير الدُّود الَّذي هو كنوى التَّمر في بلد لا قيمة له فيه.
والخلاصة: أنَّ ما ذكره الشَّيخ (رحمه الله) ليس تامّاً.