46/06/22
المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف
الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف
قوله: ولا يجب التعرُّض لآحاد الأعضاء لعدم تفاوت الثَّمن فيه، وربّما أدّى إلى عزَّة الوجود، وكذا لو شرط الولد مع الأم المقصود بها التَّسرِّي، ولو قصد بها الخدمة كالزّنجيّة جاز، لقلَّة التَّفاوت
ما ذكره المصنِّف (رحمه الله) وغيره من الأعلام من عدم وجوب التّعرُّض لوصف كلِّ عضوٍ هو الإنصاف؛ وذلك لأنَّه يؤدِّي إلى عزَّة الوجود.
وأمَّا الجارية ذات الولد، فقد منع المصنِّف (رحمه الله) من السَّلم فيها إذا كانت حسناء، أي المقصود بها التّسرِّي.
وكذا العلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة؛ وذلك لأنَّه يعتبر وصف كلّ واحدٍ من الأم والولد، فيعزّ اجتماعهما في واحد.
وهذا بخلاف ما لو قصد بها الخدمة، كالزّنجيّة، فإنَّه يجوز السَّلم فيها؛ لإمكان وصف كلّ واحدٍ من الأم والولد من غير استلزام عزَّة الوجود.
ولكنَّ الإنصاف: هو الجواز مطلقاً، أي سواء كان المقصود بها التّسرِّي أو الخدمة؛ وذلك لمنع عزَّة الوجود في الحسناء، بل الوصف في كلٍّ منهما ممكن من غير استلزام عزَّة الوجود، والله العالم.
قول الماتن: وأولى بالجواز اشتراط كونها حاملاً، سواء كانت حسناء أو شوهاء، ومنع في المبسوط منه، لعدم إمكان ضبط وصفه، ومنع ابن الجنيد من اشتراط الحمل في الحيوان كلّه، والوجه الجواز، ولا يجب وصف الحمل، لأنَّه تابع
قال الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط: (ولا يجوز السَّلف في جارية حُبلى؛ لأنَّ الحمل مجهول لا يمكن ضبطه بأوصافه)
وحُكي عن ابن الجنيد (رحمه الله): (المنع في الحيوان الحامل، سواء كانت جاريةً أو شاةً).
والمشهور هو الجواز؛ لاغتفار الجهالة في الحمل؛ لأنَّه تابع، فلا تضرّ جهالة صوفه؛ لأنَّه لا يؤدِّي إلى الغرر، كما لو باع الحُبلى نقداً، ولو كانت جهالة الحمل مانعةً من صحَّة البيع لمنعت في الموضعَيْن، وهو الإنصاف.
ومن العجب أنَّ المصنِّف (رحمه الله) هنا جزم بالصِّحّة، ولكنَّه في اللُّمعة جزم بالمنع تبعاً للشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، ولم ينقضِ تعجُّبي منه.
قول الماتن: وثانيهما: الإبل، فيذكر السِّنّ، كالثّنيّ، والذُّكورة، والأُنوثة، واللَّون، كالأسود والأحمر، والصِّنف، كالعرابيّ والبخاتيّ، والنِّتاج إذا كان معروفاً عامّ الوجود كالعباديّ
المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز السَّلم في الحيوان بجميع أنواعه، ومنها الإبل، ومن المعلوم أيضاً وجوب ذكر هذه الصِّفات الخمسة، وهي النَّوع والسِّنّ والذُّكورة والأنوثة واللَّون؛ لاختلاف الأغراض باختلافها، واختلاف القِيم بها، فيذكر النَّوع، كالتُّركيّ والرُّوميّ والزُّنجيّ، ويذكر لونه إن كان الصِّنف مختلف اللَّون، فيذكر البياض والسَّواد، وشبه ذلك، ويذكر السِّنّ، فيقول: ابن ستٍّ أو سبعٍ، وهكذا، والعباديّ نسبة إلى عبَّاد بالفتح، وهم قبائل شتَّى من بطون العرب اجتمعوا على النَّصرانيّة بالحيرة.
قول الماتن: وثالثها: الخيل، فيذكر الذُّكورة والأُنوثة والسنّ والنَّوع، كالعربيّ والتُّركي واللَّون، ولو ذكر الشِّيات
الشِّيات: جمع شيه، وهي في الأصل مصدر، وشيّ وشيّاً وشيّه إذا خلط بلونه لوناً آخر، كالأغرّ والمحجَّل واللَّطيم، ولا يجب ذكرها.
نعم، يجوز ذلك.
قول الماتن: كالأغرّ والمحجَّل واللَّطيم، جاز، وإن لم يجب ذكرها.
ورابعها: البقر والحمير، ويتعرَّض فيه للسِّنّ والنَّوع والذُّكورة والأُنوثة واللَّون والبلد
البقر والحمير والبغال لا نتاج لها، كالإبل والخيل، فلا يتبيَّن نوعها بالإضافة إلى قوم، بل ينسبها إلى بلادها، ويصفها بكلِّ وصفٍ تختلف به الأثمان.
وفي جامع المقاصد والتَّذكرة: أنَّ الغنم والبقر إن عُرِف لهما نتاج، فكالإبل، وإن لم يُعرف لهما نتاج، نسبتا إلى بلادها، كالحمير، وهو الإنصاف.
قول الماتن: وخامسها: الطَّير، ويعرّض فيه للنَّوع واللَّون، وكِبر الجثّة أو صِغرها؛ لأنَّ سنَّها غير معلومٍ
المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز السَّلم في الطُّيور، ويذكر فيها النَّوع ويصفه بالصِّغر والكِبر من جهة الجثَّة؛ لأنَّ سنَّه غير معلومٍ، فإن عرف ذكره.
ومنع الشَّافعيّ في أحد قولَيْه من السَّلم في الطُّيور؛ لأنَّه لا يمكن ضبط سنِّها، ولا يعرف قدرها بالذِّراع.
وقد عرفت أنَّه لا يشترط ذِكْر السِّنّ، ومعرفة القدر؛ لأنَّ سنَّه غير معلومٍ، ولا يمكن معرفة قدرها بالذِّراع.