46/06/15
المعاملات // كتاب البيع // بيع الثِّمار
الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع الثِّمار
قول الماتن: والنَّبل المنحوت
المعروف بين الأعلام أنَّ عيدان النَّبل قبل نحتها يجوز السَّلم فيها لإمكان ضبطها، لكن لابُدّ من التَّقدير بالعدد أو الوزن، وما يبقى فيها من الاختلاف لا يقدح؛ لعدم اختلاف الثَّمن بسببه.
وأمَّا بعد نحتها، فالمعروف بين الأعلام عدم جواز السَّلم فيها؛ لعدم القدرة على معرفة نحتها، وتتفاضل في الثَّمن، وتتباين فيه مع كونها مخروطةً خفيفة الأطراف، ثخينة الوسط فلا يمكن ضبطها.
أقول: الجزم بعدم إمكان ضبطها في غير محلِّه.
والأقرب: الإحالة إلى العرف، ومع الشَّكّ فقد عرفت أنَّ الأصل عدم المانعيَّة من جهة الغرر.
قول الماتن: ولا يمنع مسيس النَّار من السَّلم إذا أمكن الوصف
المعروف بين الأعلام أنَّه لا يمنع من السَّلم ما مسَّته النَّار لإمكان الوصف، خلافا للشَّافعيّ، حيث منع من السَّلم فيما مسَّته النَّار لمكان التَّأثير النَّار فيه.
وفيه: ما عرفت من إمكان ضبط أوصافه.
قول الماتن: والمعتبر والأوصاف الّتي يختلف الثَّمن بها بما لا يتغابن بمثله
هذا هو المعروف بين الأعلام، فإنَّ الضَّابطة عندهم بالنِّسبة للوصف هو كلّ ما يختلف لأجله الثَّمن اختلافاً لا يتسامح بمثله عادةً، فإنَّه يجب ذكره في هذه الحالة.
وأمَّا الاختلاف اليسير غير المؤدِّي إلى اختلاف الثَّمن، فلا يقدح عدم ذكره، وقد عرفت أنَّ المرجع في الأوصاف إلى العرف.
قول الماتن: ولا يجب الاستقصاء، فلوِ استقصى وأدَّى إلى عُسْر الوجود بطل، وإلَّا صحّ
المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجب الاستقصاء في الأوصاف إلى أن تبلغ الغاية لعُسْر الوجود، بل يقتصر على يتناوله اسم الموصوف بالوصف الَّذي يزيل اختلاف أثمان الأفراد الدَّاخلة في ذلك المعيَّن، فإنَّ استقصى ذلك ووجد الموصوف صحَّ السَّلم، وإلَّا بطل.
وبالجملة، فإنَّ المراد بيان جواز السَّلم في غير عزيز الوجود، والمنع فيه.
وبالأخصّ أنَّ عقد السَّلم مبنيّ على احتمال الغرر؛ لأنَّه بيع ما ليس بمرئيّ، فإذا كان عزيز الوجود كان مع الغرر مؤدِّيّاً إلى التَّنازع والفسخ، فكان منافياً للمطلوب من السَّلم.
والخلاصة: أنَّ الاستقصاء في ذكر الأوصاف المؤدِّي إلى عزَّة الوجود، وعُسْر التَّحصيل، مبطل للسَّلم.
وقدِ اتَّضح من ذلك: أنَّ المراد بعزيز الوجود ممتنعه، وإذا امتنع بطل السَّلم فيه.
قال صاحب الجواهر (رحمه الله): (بل لا يبعد إلحاق النُّدرة الَّتي تعدّ المعاملة معها سفهاً به، نعم لا بأس بها إذا لم تكن كذلك، وإن حصلت المشقَّة معها، كما نصَّ عليه في القواعد والدُّروس وغيرهم...)[1]
وفيه: أنَّه قد ذكرنا في بعض المناسبات أنَّه لا دليل على بطلان المعاملة السَّفهيّة.
نعم، معاملة السَّفيه باطلة؛ لأنَّه محجور عليه.
وأمَّا مجرَّد المعاملة السَّفهيّة من دون كون صاحبها سفيهاً، فلا دليل على بطلانها.
قول الماتن: ولا يشترط ذكر السَّلامة من العيب، فإنَّ الإطلاق يحمل عليه، نعم ذكره مستحبّ
المعروف بين الأعلام أنَّ الأصل في المبيع السَّلامة من العيوب.
وهذا أصل عقلائيّ أقرّه الشَّارع المقدَّس، والمعاملات بين العقلاء قائمة عليه.
ومن هنا، لم يشترط ذكر السَّلامة من العيب في البيع اعتماداً على ذلك الأصل، كما أنَّ الإطلاق محمول عليه.
نعم، الأفضل: ذكره قطعاً لدابر النِّزاع، والله العالم.