« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 المعاملات // كتاب البيع // بيع الثِّمار

الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع الثِّمار

 

قول الماتن: ولو تعذّر الوصف بطل أيضاً، كاللَّحم

 

المعروف بين الأعلام أنَّ كلَّ ما لا يمكن ضبطه بالوصف على وجه ترتفع جهالته المؤدِّية إلى الغرر لم يصحَّ السَّلم فيه.

أقول: هذه الضَّابطة الكليَّة صحيحة بلا إشكال، وإنَّما الكلام في الأمثلة الَّتي ذكروها، وقد عرفت أنَّ المناقشة في الأمثال ليست من دأب المحصِّلين، إلَّا أنَّه لابُدّ من التّعرُّض لبعض الأمثلة الَّتي ذكرها المصنِّف (رحمه الله)، وغيره؛ ليتضح المراد منها:

ومن جملة تلك الأمثلة: اللَّحم، حيث المعروف بين الأعلام أنَّه لا يصحُّ السَّلم فيه.

وفي الخلاف إجماعاً، وكذا في الغُنية، وفي المبسوط أنَّه الظَّاهر من المذهب، وفي السَّرائر نسبته إلى أصحابنا، ونفى عنه الخلاف في الرِّياض.

وقدِ استُدلّ أيضاً: بعدم انضباط وصفه على وجه ترتفع الجهالة المؤدِّية إلى الغرر، بلا فرق بين اللَّحم النَّيء والمشويّ.

أقول: أمَّا بالنِّسبة للإجماع، فيظهر من خلال التَّتبع أنَّه لا مخالف في المسألة في الجملة، فيمكن القول: بحصول التَّسالم بينهم، بحيث خرجت المسألة عن الإجماع المصطلح عليه.

وأمَّا بالنِّسبة للدَّليل الثَّاني -وهو عدم انضباط وصفه-

فقدِ استشكل فيه: بأنَّه لا فرق بين الحيوان ولحمه وبينه وبين الشَّحم، فإذا جاز فيهما -كما هو المعروف كما سيأتي إن شاء الله تعالى- جاز في الآخر.

وقد يُجاب بالفرق بينهما: أنَّ الشَّارع المقدَّس كشف عن عدم ضبط اللَّحم بالوصف بخلاف الحيوان والشَّحم.

وذلك في رواية جابر عن أبي جعفر (عليه السَّلام):

قَاْل: سألته عن السَّلف في اللَّحم؟ قَاْل: لا تقربنه، فإنَّه يعطيك مرّةً السَّمين، ومرّةً التَّاوي[1] ، ومرّةً المهزول، اشتره معاينة يداً بيد، قَاْل: وسألتُه عن السَّلف في روايا الماء؟ فقال: لا تقربنها فإنَّه يعطيك مرّةً ناقصة، ومرّةً كاملة، ولكن اشترها معاينة، فهو أسلم لك وله[2]

وهي ضعيفة بالكافي بالإرسال، وبعَمْرو بن شمر الجعفيّ، كما أنها ضعيفة في التَّهذيب بعمرو بن شمر الجعفي، وهي أيضاً ضعيفة في الفقيه بعَمْرو بن شمر الجعفيّ

كما أنَّها ضعيفة من حيث الدَّلالة؛ لأنَّ النَّهي في هذَيْن الجنسَيْن المذكورَيْن إنَّما هو من حيث عدم وفاء المسلم إليه بما اشترط عليه، لا من حيث عدم الانضباط.

والإنصاف: أنَّه لولا التَّسالم بينهم لكان مثله مثل الحيوان والشَّحم من حيث جواز السَّلم فيهما.

 

قول الماتن: والخبز

 

من جملة الموارد الَّتي لا يصحّ فيها السَّلم: الخبز؛ وذلك لعدم انضباط وصفه، وفي الغُنية الإجماع عليه، كما في التَّذكرة في عدَّة مواضع منها، وفي الرِّياض نفي الخلاف فيه.

وقد أشكل على ذلك: بأنَّ الرِّوايات قد جوَّزت القرض في الخبز، ولو كان ممَّا لا ينضبط وصفه لم يجز قرضه مضموناً بمثله.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ هناك فرقاً بين القرض والسَّلم، فإنَّ القرض يتسامح فيه بما لا يتسامح في السَّلم؛ لأنَّ السَّلم نوع من البيع قطعاً، وقد نهى النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) عن بيع الغرريّ، بخلاف القرض، فإنَّه لا يشترط خلوّه من الغرر، كالصُّلح.

والإنصاف: أنَّه إن كان هناك تسالم على عدم الصِّحّة فبها، وإلَّا فمع الشَّكّ في حصول الجهالة المؤدِّية إلى الغرر، فمقتضى الأصل: عدم المانع، فيصحُّ حينئذٍ التّمسُّك بإطلاقات أدلَّة بيع السَّلم.


[1] التَّاوي: الهالك.
[2] الوسائل باب2 من أبواب السَّلف ح1.
logo