« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 بيع الثِّمار 31// كتاب البيع

الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 31

 

قول الماتن: ومع قيام السِّلعة وتلفها، ويغرَّم المثل أو القيمة

 

المعروف بين الأعلام أنَّ الإقالة تصحُّ مع قيام العين، وتلفها، فيرجع كلُّ عوضٍ إلى مالكه إن كان موجوداً ومثله، أو قيمته مع عدمه.

ويفهم من كلام الأعلام أنَّه لا يشترط في صحَّة الإقالة بقاء العين، ورجوع كلِّ عوضٍ إلى مالكه، بل تصحُّ مطلقاً، وهو كذلك؛ لإطلاق الأدلَّة.

وقدِ اتَّفقوا على أنَّه لو اشترى عبدَيْن، وتلف أحدهما، صحَّت الإقالة.

وبالجملة، فإنَّ التَّلف لا يمنع من صحَّة الإقالة.

نعم، التَّلف يمنع من صحَّة الإقالة بناءً على أنَّها بيع؛ لعدم معقوليَّة بيع المعدوم.

ولكنَّك عرفت أنَّها ليست بيعاً.

 

قول الماتن: ولا تصحُّ الإقالة بزيادة في الثَّمن أو نقصه

 

المعروف بين الأعلام أنَّ شرط الإقالة عدم الزِّيادة في الثَّمن، وفي مفتاح الكرامة: (إجماعاً، كما سمعت حكايته عن الخلاف وكشف الحقّ...).

مضافاً: لعدم ما يصلح مملِّكاً للزِّيادة.

كما أنَّه يشترط عدم النُّقصان في الثَّمن؛ وذلك للإجماع المتقدِّم، مضافاً لعدم ما يصلح مملِّكاً لما بقي من الثَّمن بعد الفسخ.

وفي الجواهر: إلَّا ما حكاه الشَّهيد في حواشيه عن الإسكافي، قَاْل: ولو اصطلح المتبايعان بزيادة أو نقيصة صحَّ عند ابن الجنيد، والأصحاب على خلافه؛ لأنَّها فسخ لا بيع...[1]

أقول: هناك تسالم بين الأعلام، بحيث خرجت المسألة عن الإجماع المصطلح عليه؛ إذ لم يخالف أحد من الأعلام.

وأمَّا ابن الجنيد (رحمه الله)، فلا يظهر منه المخالفة في المسألة؛ لأنَّه جعل ذلك من باب الصُّلح، ولو فرضنا مخالفته في المقام، إلَّا أنَّ خلافه لا يضرّ بالتَّسالم.

وتدلُّ عليه أيضاً -مضافاً للتَّسالم-: صحيحة الحلبيّ قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل اشترى ثوباً ولم يشترط على صاحبه شيئاً، فكرهه، ثمَّ ردَّه على صاحبه، فأبى أن يقيله إلَّا بوضيعة، قَاْل: لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة، فإن جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه ردَّ على صاحبه الأوَّل ما زاد[2]

وهي ظاهرة في فساد الإقالة، وبقاء الثَّوب على ملك المشتري.

قال في مفتاح الكرامة: (ولا فرق في الزِّیادة بین أن تکون عینیّةً أو حکمیّةً، فلو أقاله علی أن ینظره بالثَّمن، أو یأخذ الصِّحاح عِوض المکسَّرة، ونحوه، لم یصحَّ، کما في التَّذکرة وغیرها...)[3]

وبالجملة، فلا تجوز الإقالة بشرط الزِّيادة في الثَّمن أو المثمن أو نقصانهما، فلو أقال كذلك بطلت الإقالة، وبقي كلٌّ من العوضَيْن على ملك مالكه.

ووجه البطلان: إمَّا لأجل صحيحة الحلبيّ المُتقدِّمة المتمِّم بعدم القول بالفصل، بناءً على أنَّ المراد بالصَّحيحة ما يشمل المعاوضة والشَّرطيّة.

وإمَّا لأنَّ الشَّرط فيها يرجع إلى ما يخالف مقتضاها؛ لأنَّها لمَّا كانت فسخاً كان مقتضاها رجوع كلِّ عوضٍ إلى صاحبه، فإذا شرط فيها زيادةً أو نقصاناً في أحد العوضَيْن فقد شرط فيها ما يخالف مقتضاها، فيفسد الشَّرط.

ويترتَّب عليه: فسادها؛ لأنَّهما لم يتراضيا على الفسخ إلَّا على ذلك الوجه، ولم يحصل، فيبقى المبيع على ملك المشتري.

إن قلت: إنَّ فساد الشَّرط لا يلزم منه فساد المشروط، كما تقدَّم، فلماذا هنا يفسد المشروط بفساد الشَّرط

قلتُ: ما ذكرناه سابقاً من عدم سراية فساد الشَّرط إلى المشروط إنَّما هو إذا لم يكن الشَّرط راجعاً إلى أركان المعاملة.

أمَّا لو كان راجعاً إلى أحد العوضَيْن، كما لو كان موجباً لزيادة الثَّمن أو المثمن أو نقصاهما، ففساد الشَّرط يسري إلى المشروط؛ لعدم صحَّة المعاملة؛ لعدم معلوميَّة المبيع أو الثَّمن.

نعم، إذا كان الشَّرط خارجاً عن الثَّمن أو المثمن فهنا لا يسري إلى المشروط، كما أوضحناه سابقاً.

والخلاصة إلى هنا: أنَّه إذا شرط في الإقالة زيادةً أو نقصاناً في أحد العوضَيْن، فقد شرط فيها ما يخالف مقتضاها فيفسد الشَّرط ويسري فساده إلى المشروط.

وأمَّا إذا لم يرجع الشَّرط إلى شيءٍ من ذلك، بحيث يكون شرطاً خارجاً عن الثَّمن والمثمن، ففساده لا يسري إلى المشروط، كما حرّرناه سابقاً، والله العالم.

 


[1] الجواهر: ج24، ص353.
[2] الوسائل باب17 من أبواب أحكام العقود ح1.
[3] مفتاح الكرامة: ج14، ص835.
logo