« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

 بيع الثِّمار 25// كتاب البيع

الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 25

 

قول الماتن: فروع: الأوَّل: لو تحالفا في زمن الخيار المشترك تحالفا، ويحتمل العدم؛ لأنَّهما يملكان الفسخ، والوجه: الأوَّل، ما لم يفسخ أحدهما

 

ما ذكره المصنِّف (رحمه الله) من التَّحالف -لو اختلفا في زمن الخيار المشترك- هو الأقوى؛ لأنَّهما، وإن كان يملكان حقّ الفسخ، إلَّا أنَّه طالما لم يتحقَّق الفسخ من أحدهما فموضوع التَّحالف موجود.

 

قول الماتن: والغرض من اليمين: نكول الكاذب، ودوام العقد بإحلاف الصَّادق، وإن حلفا فالفسخ أمر ضروريّ، شُرِّع لتعذُّر إمضاء العقد، وعليه يتفرَّع التَّحالف في عقد المضاربة، ويجري التَّحالف في سائر العقود الجارية على هذا النَّمط

 

الكلام في هذه المباحث يحتاج إلى تفصيل تامٍّ في الأبواب المناسبة للمسألة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفِّقنا لذلك.

 

قول الماتن: الثَّاني: البادئ باليمين مَنْ يتَّفقان عليه، فإن اختلفا عيَّن الحاكم

 

قال صاحب الجواهر (رحمه الله): ويبتدئ باليمين منِ ادَّعي عليه أوَّلاً، كما في المسالك في نحو ذلك، بل هو مقرَّب التَّذكرة، ونفى عنه البُعد في جامع المقاصد، ولو تساويا في إبراز الدعوى ، فإن قلنا بتقديم من كان على يمين صاحبه ، اتجه ، حينئذ اليمين على الآخر ، وإلا فالقرعة ، لكن في الدروس البادي باليمين من يتفقان عليه فان اختلفا عين الحاكم ، وفي القواعد في نحو المقام احتمال استحباب تقديم البائع ، والمشتري ، والتساوي فيقرع ، ولعل ما ذكرناه أولى

أقول: لا دليل على تقديم أيٍّ منهما، والوجوه المذكورة هي استحسانيَّة، لا تبتني الأحكام الشَّرعيّة عليها.

والخلاصة: إذا لم يتَّفقا على أيٍّ يتَّفقا على أيٍّ منهما يبدأ باليمن.

فالأقرب للقاعدة: هي القرعة، ولا دليل على أنَّ الحاكم الشَّرعيّ هو الَّذي يعيّن في هذه الحالة.

قول الماتن: ثمَّ يحلف على النَّفي خاصَّة، فإن نكل أحدهما حلف الآخر على الإثبات، ولو جمع بين النَّفي والإثبات في اليمين، فالأقرب: منعه؛ لأنَّ موضع الإثبات بعد النُّكول

 

المعروف بين الأعلام أنَّ اليمين عندنا واحدة، وهي على نفي ما يدَّعيه الآخر، فيحلف البائع أنَّه لم يبع بخمسمائة، ويحلف المشتري: أنَّه لم يشترِ بألف.

ثمَّ إنَّه لو نكل أحدهما، فإن قضينا بالنُّكول، فيقضي عليه، وثبت الحقُّ للَّذي حلف، وإن لم نقضِ بالنُّكول -كما سيأتي إن شاء الله في بابه- حلف يميناً ثانيةً على إثبات ما يدَّعيه؛ لأنَّ اليمين الأُولى النَّافية هي لإسقاط دعوى الخصم، وبما أنَّ دعواه لم تسقط النُّكول الخصم -ولم نقضِ بمجرَّد النُّكول- فنحتاج إلى يمين أُخرى؛ لإثبات ما يدعيه.

وهل يكفي يمين واحدة جامعة بين النَّفي والإثبات قبل نكول الخصم، كما لو قال البائع: ما بعت بعشرة بل بعشرين، أو يقول المشتري: ما اشتريت بعشرين بل بعشرة؟

قد يُقال: بكفاية ذلك؛ لأنَّ هذا يغني عن يمين أُخرى لو نكل الآخر، فكان أفضل للحكم وأسهل للحاكم.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ اليمين الجامعة لا تكفي؛ لأنَّ يمين الإثبات بعد النُّكول، فلا تتقدَّم عليه.

 

قول الماتن: ولو نكلا عن اليمين فكحَلْفِهما

 

هل يكون نكولهما عن اليمين أصلاً كحلفهما، كما عن المصنِّف (رحمه الله)، أو يوقف الأمر؛ لأنَّهما تركا الخصومة.

وهذا محلُّه في باب القضاء، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفِّقنا لشرحه، إنَّه سميع الدُّعاء مجيب قريب.

 

قول الماتن: وعلى وفق إحداهما تحكُّم، ويحتمل: أن يتزلزل، فيفسخه المتعاقدان أو أحدهما، أو يرضى أحدهما بدعوى الآخر، أو يفسخه الحاكم إذا يئس من توافقهما وامتنعا من فسخه، لئلَّا يطول النِّزاع

 

ذهب جماعة من الأعلام، منهم العلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة، إلى أنَّه إذا حلفا يمين النَّفي سقطت الدَّعويان، وكان الملك باقياً على حاله، ولم يحكم بثبوت عقد حتَّى يحكم بانفساخه.

ومعناه: أنَّه يبطل العقد من أصله، وينزَّل منزلة المعدوم.

وذهب جماعة من الأعلام إلى أنَّ العقد لا يبطل من أصله، بل من حين التَّحالف، أو من حين الفسخ؛ وذلك لاتِّفاقهما على وقوع عقدٍ ناقلٍ للثَّمن، أو المثمن، فكيف يُنزَّل البيع بمنزلة المعدوم؟!

ثمَّ إنَّ الأقوى: هو أنَّه بالتَّحالف ينفسخ العقد من حينه، وإن لم يفسخه فاسخ، لا أنَّه يتزلزل، فيفسخه المتعاقدان أو أحدهما أو يرضى أحدهما بدعوى الآخر، أو يفسخه الحاكم، ونحو ذلك.

ووجه ما ذكرناه: هو أنَّ دعوى كلٍّ منهما تنتفي بيمين صاحبه، فينفسخ حينئذٍ؛ إذ لا يمكن إمضاؤه على وفق اليمين؛ لأنَّه متعذِّر، ولا على وفق أحدهما؛ لأنَّه تحكُّم.

 

قول الماتن: وعلى الانفساخ ينفسخ من حينه، لا من أصله

 

logo