46/05/02
بيع الثِّمار 24//كتاب البيع
الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 24
قول الماتن ولو تنازعا في قدر المبيع حلف البائع
لو تنازعا في قدر المبيع، فقال البائع: بعتك ثوباً، فقال المشتري: بل ثوبَيْن، فإنَّ القول قول البائع بيمينه؛ لأنَّه منكر لبيع زائد مع اتِّفاقهما على أمر مشترك، وهو بيع الثَّوب الواحد.
إن قلت: لماذا ذهب المشهور فيما لو كان التَّنازع في قدر الثَّمن إلى أنَّ البائع يحلف مع بقاء المبيع، والمشتري يحلف مع تلفه، مع أنَّه كان ينبغي أن يحلف المشتري؛ لأنَّه منكر للزِّيادة.
قلتُ: لولا الرِّواية المتقدِّمة لذهب إلى ذلك، وبما أنَّها ضعيفة، كما عرفت، فقلنا: إنَّ المشتري يحلف على كلِّ حالٍ.
قول الماتن: وكذا في تعيين الثَّمن المعيّن، أو في جنسه
لو كان التَّنازع في تعيين المبيع فالحكم هو التَّحالف، كما لو قال البائع: بعتك هذا الثَّوب، وقال المشتري: بل هذا الثَّوب مشيراً إلى غير ذلك الثَّوب المعيَّن، فإنَّه لا بُدّ من القول بالتَّحالف؛ لعدم الاتِّفاق على شيءٍ؛ لادِّعاء كلٍّ منهما ما ينفيه الآخر، بحيث لم يتَّفقا على أمر، ويختلفا فيما زاد، وهو ضابط التَّحالف، فيحلف كلٌّ منهما يميناً واحدةً على نفي ما يدَّعيه الآخر، لا على إثبات ما يدَّعيه، ولا على يمين جامعة بين النَّفي والإثبات.
أقول: أمَّا يمين النَّفي، فيقول البائع مثلاً: واللهِ، ما بعت بهذا الثَّوب، ويقول المشتري: واللهِ، ما اشتريتُ بهذا الثَّوب.
وأمَّا يمين الإثبات، فيقول البائع: واللهِ، بعتُ بهذا الثَّوب، ويقول المشتري: واللهِ، اشتريت بهذا الثَّوب.
وأمَّا اليمين الجامعة بين النَّفي والإثبات، فيقول البائع: واللهِ، ما بعتُ بهذا الثَّوب، بل بهذا الثَّوب، ويقول المشتري: واللهِ، ما اشتريت بهذا الثَّوب، بل بهذا الثَّوب.
والخلاصة: أنَّ المطلوب من كلٍّ منهما هو يمين النَّفي؛ لأنَّه يغني عن يمين أخرى لو نكل الآخر، فكان أفضل للحكم، وأسهل للحاكم، وأنَّ اليمين محذورة، وقد نهى عن تكرارها.
قول الماتن: أو في تعيين العوضَيْن، كقوله: بعتك العبد بالدَّار، فيقول: بعتني الجارية بالبستان
فإنَّهما يتحالفان لو تنازعا في تعيين الثَّمن المعيَّن، كما لو قال: بعتك بهذه الدَّراهم، فقال: لا، بل بهذه.
وكذا لو تنازعا في جنس الثَّمن، فقال: بعتك بذهب، فقال: بل بفضَّة، فإنَّهما يتحالفان قطعاً، كما عرفت سابقاً.
قول الماتن: أو في تعيين العوضَيْن، كقوله: بعتك العبد بالدَّار، فيقول: بعتني الجارية بالبستان
فإنَّهما يتحالفان بلا كلام؛ لادِّعاء كلٍّ منهما ما ينفيه الآخر، بحيث لم يتَّفقا على أمر، ويختلفا فيما زاد، وهو ضابط التَّحالف.
قول الماتن: وعليها يحمل قول النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) إذا اختلف المتبايعان تحالفا وترادّا
هي رواية نبويَّة[1] ضعيفة السَّند لم ترد من طرقنا.
وعليه، فهي مؤيّدة فقط.
قول الماتن: واختلاف الورثة كالمتبايعَيْن، وربَّما قيل: يحلف ورثة البائع في المبيع، وورثة المشتري في الثَّمن؛ جرياً على قاعدة تقديم المنكر، وقصراً للرِّواية على موردها
ذهب جماعة كثيرة من الأعلام إلى أنَّ اختلاف الورثة في مقدار الثَّمن، كالمتعاقدَيْن، فإن كانت السِّلعة قائمةً حلف ورثة البائع، وإن كانت تالفةً حلف ورثة المشتري.
وفي الحدائق: ذهب الأكثر إلى ذلك... .
وممَّنْ ذهب إلى ذلك المصنِّف (رحمه الله) هنا، وفي اللُّمعة، والمحقِّق الثَّاني (رحمه الله) في جامع المقاصد، والشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في الرَّوضة.
وذهب جماعة من الأعلام فيما لو اختلف ورثة البائع، وورثة المشتري في القدر إلى أنَّ القول قول ورثة البائع في قدر المبيع، وورثة المشتري في قدر الثَّمن، وإن كانت عين المبيع قائمةً؛ لأنَّ القول قول مدَّعي الأقلّ في الثَّمن والمثمن، خرج من ذلك -للرِّواية المُتقدِّمة- صورة ما لو كان النِّزاع بين البائع نفسه، والمشتري كذلك، مع قيام عين المبيع دون غيرها من الصُّور الَّتي منها محلّ البحث.
والإنصاف: أنَّ هذا الكلام متين لو صحَّت الرِّواية، فإنَّه يقتصر على موردها؛ لأنَّها على خلاف القاعدة والأصل، وكلَّما كان كذلك فيقتصر حينئذٍ على مورد النَّصّ.
ولكن بما أنَّ الرِّواية المذكورة سابقاً ضعيفة سنداً، فلا يمكن العمل بها، فلا بُدّ من الذَّهاب إلى ما تقتضيه القاعدة والأصل، وهو أنَّ ورثة البائع يحلفون في قدر المبيع؛ لأنَّهم يدَّعون الأقلّ، وينكرون الزِّيادة، وورثة المشتري يحلفون في قدر الثَّمن؛ لأنَّهم يدَّعون الأقلّ، وينكرون الزِّيادة أيضاً، وإن كانت العين قائمةً.