« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/04/25

بسم الله الرحمن الرحيم

 بيع الثِّمار 21// كتاب البيع

 

الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 21

 

قوله: نعم، يشترط تقدير ما يرعاه بما يرفع الجهالة

ويرفع الغرر، وإذا لم يلزم الغرر، وإن كان مجهولاً، فلا يضرّ.

فالمناط: هو الغرر وعدمه.

 

قوله: ولو أعطى الزَّارع نصف بزره، ونصف نفقته على الشَّركة جاز، ويكون بيعاً إن كان قد ظهر، وإلَّا صلحاً

قوله: (ويكون بيعاً إن كان قد ظهر)؛ لأنَّه إذا لم يظهر، وكان بيعاً، يكون باطلاً للغرر، بخلاف ما لو كان صلحاً فإنَّه يجوز؛ إذ لا يشترط في الصُّلح عدم الغرر، والله العالم.

 

قوله: إطلاق الكيل والوزن يحمل على المتعارف في بلد العقد، فإن تعدَّد فالأغلب، فإنَّه تساويا وجب التَّعيين، فيبطل بدونه

أغلب الفقهاء تكلَّموا في النَّقد، وأحالوا الكيل والوزن عليه.

لكنَّ المصنِّف (رحمه الله) عكس هنا، وفي اللُّمعة، فتكلّم أوَّلاً في الكيل والوزن، ثمَّ أحال النَّقد عليه.

ومهما يكن، فإنَّ إطلاق العقد يقتضي نقد البلد، فإن تعدَّد النَّقد فالغالب، فإن تساوت النُّقود افتقر إلى التَّعيين لفظاً، فإن أبهماه بطل العقد للغرر.

ذهب إلى ذلك أكثر الأعلام، قال صاحب مفتاح الكرامة (رحمه الله): (وقد یظهر أو یلوح من مجمع البرهان الإجماع علی ذلك، ودعواه غیر بعیدة؛ لأنِّي لم أجد من تأمَّل فی ذلك سوی المولی الأردبیلي...)[1]

وأمَّا الوجه في كون الإطلاق يقتضي نقد البلد إذا كانا يعلمانه مع وجوده فيه، وعدم ما يصرف عنه: هو أنَّ العادة والعرف جاريان على ذلك.

وعليه، فلا جهالة ولا غرر.

وأمَّا انصرافه مع التّعدُّد إلى الغالب: فهو الغالب المعروف.

وأمَّا إذا لم يحصل تعيين، ولا غلبة، كان البيع باطلاً للغرر، إلَّا إذا علم كلٌّ منهما قصد الآخر، فإنَّه يكفي؛ إذِ احتمال الذَّكر تعبُّداً لقطع النِّزاع ضعيف جدًّا؛ إذِ العقود تابعة للقصود.

وممَّا ذكرنا يعلم الحال في الكيل والوزن.

ولو تعارف كيل غير بلد العقد فيها، أو وزنها لمبيع خاصّ، انصرف إليه فيها من العالم بالحال، وإلَّا بطل العقد مع اختلاف القصد.

ثمَّ اعلم أنَّ الغلبة قد تكون في الاستعمال، وقد تكون في الإطلاق، بمعنى أنَّ الاسم يغلب على أحدهما، وإن كان غيره أكثر استعمالاً، فاتَّفقت الغلبة فيهما، فلا إشكال.

وإن اختلفت، بأن كان أحدهما أكثر استعمالاً، والآخر أغلب وصفاً، ففي ترجيح أحدهما، أو يكون بمنزلة التَّساوي؛ نظراً إلى تعارض المرجّحَيْن، نظر، والله العالم.

 

قوله: ولو عيَّنا غير المتعارف لزم

 

لأنَّ المدار حينئذٍ على ما عيّناه، ولا عبرة بغير ذلك.

 

قوله: والبحث في النَّقد كذلك

 

قدِ اتَّضح الحال فيه، وأحلنا الكيل والوزن عليه.

 

قوله: ولو تنازعا في النَّقد المعيَّن تحالفا

المعروف بين الأعلام أنَّه إذا اختلفا في عين الثَّمن أو جنسه، كما إذا قال: بعتك بهذه الدَّراهم، فقال: لا بل بهذه، أو قال: بعتك بذهب، فقال: بل بفضَّة، فإنَّهما يتحالفان بلا إشكال؛ لأنَّهما في مقام التَّداعي؛ إذ كلٌّ منهما يدَّعي شيئاً ينكره الآخر.

وحُكي عن التَّنقيح أنَّه جعل الاختلاف في عين الثَّمن أو جنسه، كالاختلاف في قدر الثَّمن، حيث قال: (لا فرق بينهما، وينسحب الأقوال الآتية فيه)[2]

وفيه: ما لا يخفى، كما سيأتي توضيحه -إن شاء الله تعالى-.

 

قوله: ولو ادّعى أحدهما النَّقد الغالب، قيل: يُرجّح

 

ذهب إلى ذلك العلَّامة (رحمه الله) في التَّحرير، حيث قال: (ولوِ اختلفا في النَّقد، رجع إلى نقد البلد، وعلى مدَّعيه اليمين، ولو تساوى النَّقدان، فالوجه تحالفهما)[3]

أقول: لا دليل على الرُّجوع إلى نقد البلد في صورة الاختلاف، كما أنَّه لا وجه لكون اليمين على مدَّعيه؛ لأنَّ المسألة من باب التَّداعي، فاليمين على كلٍّ منهما، وليست من باب الدَّعوى حتَّى تكون البيَّنة على المدَّعي، واليمين على مَنْ أنكر، والله العالم.

 

قوله: ولو تنازعا في قدر الثمن حلف البائع مع بقاء المبيع، والمشتري مع تلفه على الأشهر، ونقل الإجماع عليه في الخلاف، والرواية مرسلة، وقال ابن ‌الجنيد: يحلف المشتري إن كانت في يده أو أحدث فيه حدثا، ويحلف البائع إن كان في يده، ويتخيّر المشتري بين الأخذ به أو الترك، وقال الحلبي: يتحالفان إن تنازعا في البيع أو الثمن قبل التقابض ويفسد البيع، ولم يتعرّض لما بعد القبض، وقال ابن إدريس: يحلف صاحب اليد، واحتمل الفاضل التَّحالف مطلقاً، وحلف المشتري مطلقاً، وهما نادران

 

إذا اختلفا في قَدْر الثَّمن، فادَّعى البائع زيادته، والمشتري عدمها، فهناك عدَّة أقوالٍ:

الأوَّل -وهو قول المشهور-: أنَّ القول قول البائع مع يمينه إن كان المبيع باقياً، وقول المشتري مع يمينه إذا كان تالفاً.

وفي الجواهر: (على المشهور بين الأصحاب شهرةً عظيمةً، بل عن ظاهر الغُنية وكشف الرُّموز الإجماع عليه، بل هو صريح محكيّ الخلاف، وآخر مبحث الشَّرائط من السَّرائر، وإن أنكره في موضع آخر منها غاية الإنكار، لكن عن كشف الرُّموز أنَّ المناقضة منه ليس ببدع...)[4]

وفي مفتاح الكرامة: (هو مذهب الأكثر، كما في التذكرة وجامع المقاصد والأشهر، كما في الدروس والمشهور كما في جامع المقاصد أيضاً، والميسية، والمسالك، والروضة، ومجمع البرهان والكفاية...).

 


[1] مفتاح الكرامة: ج14، ص796.
[2] التَّنقيح الرَّائع للسّيَّوري: ج2، ص34.
[3] التَّحرير: ج2، ص362.
[4] الجواهر: ج23، ص184.
logo