46/04/23
بيع الثِّمار 19// كتاب البيع
الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 19
قول الماتن: ويجوز لمشتري الثَّمرة بيعها قبل قبضها بجنس الثَّمن وغيره، زاد أو نقص)
المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز لمشتري الثَّمرة بيعها قبل قبضها بجنس الثَّمن وغيره، زاد أو نقص.
وفي الجواهر: (بلا خلاف ولا إشكال).
وفي مفتاح الكرامة: وهذه المسألة محلُّ وفاقٍ، کما في المسالك، وإلیها أشیر في المقنعة والنِّهایة، وصرَّح بها بقیودها فی أکثر کتب الأصحاب...[1]
الأدلَّةُ على الجواز
أقول: يدلُّ على الجواز -مضافاً للتَّسالم بينهم- صحيحتان:
الأُولى: صحيحة مُحمّد الحلبيّ عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: سألتُه عن الرَّجل يشتري الثَّمرة، ثمَّ يبيعها قبل أن يأخذها؟ قَاْل: لا بأس به إن وجد ربحاً فَلْيبع)[2]
الثَّانية: صحيحة مُحمّد بن مسلم عن أحدهما (عليه السَّلام) (أنَّه قَاْل في رجل اشترى الثَّمرة ثمَّ يبيعها قبل أن يقبضها، قَاْل: لا بأس)[3]
وأمَّا ما تقدَّم من منع البيع قبل القبض فهو مختصٌّ في المكيل والموزون، أو خصوص الطَّعام منهما.
وذكر المحقِّق (رحمه الله) في النَّافع أنَّ بيعها جائز على كراهيَّة، ولا يوجد له موافق من الأعلام، ولعلَّه لإطلاق بعض الرِّوايات المنع.
ولكنَّها مختصّة بما قدر بأحد التَّقديرَيْن، أي الكيل أو الوزن.
فالإنصاف: أنَّه لا كراهة، والله العالم.
قول الماتن: ولوِ اشترى ورق التُّوت أو ثمرته لم يستتبع أحدهما الآخر
لا إشكال في عدم دخول أحدهما في بيع الآخر إلَّا مع الشَّرط؛ إذِ الأصل عدم التَّبعيّة.
قول الماتن: ولوِ اشترى الأصل لم يتبع الثَّمرة
لا خلاف بين الأعلام في أنَّه إذا باع الأصل لم تدخل الثَّمرة في البيع، إلَّا مع الشَّرط؛ وذلك لما عرفت سابقاً.
قول الماتن: وفي تبعيَّة الورق نظرٌ، وكذا ورق الحنَّاء والآس، وكذا قضيب ما اعتُيد قضيبه، كالخلاف
ذكر المصنِّف (رحمه الله) أنَّ في (تبعيَّة الورق إذا باع الأصل؛ نظر، وكذا ورق الحنَّاء...).
ولكنَّ الإنصاف: عدم التَّبعيّة إذا فرض كونه ثمرةً معتدّاً به، ولم يكن هناك عرف يقتضي التَّبعيّة، والله العالم.
قول الماتن: وحيث قلنا: بالتَّبعيّة، يتربَّص إلى أوان أخذه عرفاً
المعروف بين الأعلام أنَّه على القول بعدم التَّبعيّة يجب على المشتري إبقاؤها مجاناً إلى أوان بلوغها إن كان المعتاد قطعها عنده، وإلَّا فقبله، وهو مختلف؛ إذ منه ما يُؤخذ بُسْراً مثلاً، ومنه رُطباً، ومنه تمراً، ومنه عنباً، ومنه زبيباً.
ولا يقدح عدم ضبطه بما لا يقبل الزِّيادة والنُّقصان بعد أن لم يكن أجلاً مضروباً في العقد، وإنَّما هو كالحكم الشَّرعيّ الثَّابت من إطلاق الأدلَّة الَّذي لا ريب في ظهوره في بقاء الثَّمرة إلى أوان صيرورتها كذلك.
ولا وجه للمناقشة: بأنَّه لا دليل على وجوب التَّبقية المخالفة؛ لأصالة حرمة التّصرُّف في مال الغير، مع كون حديث نفي الضَّرر معارضاً بمثله.
ووجه عدم المناقشة: هو التَّسالم على وجوب إبقاؤها مجاناً إلى أوان بلوغها.
قول الماتن: ولو باع الأصل، وقلنا: بدخول الورق، واستثناه البائع، فهو كاستثناء البائع الطَّلع قبل التَّأبير، فمقتضاه: تبقيته إلى أوان بلوغه
كما عرفت سابقاً.
قول الماتن: ولا يعتبر هنا اشتراط القطع، ولو اعتبرناه في شراء الطَّلع؛ لأنَّ ذلك ليس بملك متجدِّد بخلاف الشِّراء
المعروف بين الأعلام أنَّه لا يعتبر عندنا هنا اشتراط القطع في الصِّحّة، خلافاً لأحد وجهي الشَّافعيّة، حيث اعتبروا شرط القطع في الصِّحّة.
ولاريب في بطلانه؛ لأنَّ ما نحن فيه استدامة ملك لا ابتدائه.
وإذا كان الأمر كذلك، فلا معنى حينئذٍ لاعتبار القطع، وهذا بخلاف ما لو كان شراءً، فإنَّه ابتداء للملك.
قول الماتن: قيل: بيع الأصل سبب في زوال الملك، واستثناؤه سبب في التَّدارك، فهو كالحادث.
قلنا: السَّبب في الزَّوال هو البيع المطلق لا مطلق البيع، وليس المشرف على الزَّوال، ولمَّا يزل كالزَّائل العائد؛ لأنَّه تقدير لما لا وجود له بمنزلة الموجود
هذا إشكال على الكلام السَّابق.
قول الماتن: وروى يعقوب بن شعيب: إذا اشترى ثمرةً، وفي نيَّتهما فَسْخ المشتري إن لم يرتضها بعد صرامها (لا يصلح)، وظاهره الكراهة
وحاصله: أنَّه بحصول البيع فقد زال الملك عن الأصل، وعن ورق التُّوت مثلاً، والاستثناء بمنزلة الملك الحادث، فيكون كالشِّراء.
وأُجيب عن ذلك: أنَّ السَّبب في الزَّوال هو البيع المطلق، لا مطلق البيع، كما هنا، فإنَّه لم يحصل بيع على الإطلاق، بل الحاصل هو البيع المستثنى فيه الورق مثلاً.
ومن المعلوم أنَّ المشرف على الزَّوال، كما فيما نحن فيه، ولمَّا ينزل؛ باعتبار أنَّه استدامة ملك ليس كالزَّائل العائد كالشِّراء؛ لأنَّ هذا -أي الزَّائل العائد- تقديرٌ لما لا وجود له من الزَّوال فعلاً بمنزلة الموجود، والله العالم.