« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 بيع الثِّمار 17//كتاب البيع

 

الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 17

قول الماتن: ولو تجدَّدت ثمرة أو لقطة للبائع قبل القبض، ولا تمييز، فللمشتري الفسخ، وإن بذل له البائع الجميع، أو ما شاء، على الأقوى

المعروف بين الأعلام أنَّ الاختلاط إن حصل قبل القبض، فإنَّ المشتري يتخيَّر بين الفسخ والشَّركة؛ وذلك للتّعيُّب بالشَّركة، ولتعذُّر تسليم المبيع منفرداً.

نعم، لو كان الاختلاط بتفريط المشتري مع تمكين البائع لقبض المبيع،

فالأقوى: عدم الخيار للمشتري؛ لأنَّ التّعيُّب جاء من مثله، فيكون دَرْكه عليه، لا على البائع، كما لو حصل مجموع التَّلف من قِبله.

وذهب المصنِّف (رحمه الله) إلى أنَّ الاختلاط إن كان قبل القبض تخيَّر المشتري مطلقاً، أي ولو كان الاختلاط بتفريط منه لحصول النَّقص مضموناً على البائع، وإن كان الاختلاط بعد القبض فلا خيار لأحدهما لاستقرار البيع بالقبض، وبراءة ذمَّة البائع من دَرْكه بعده.

 

الإنصافُ في المَسْألة

 

ولكنَّ الإنصاف: هو ما ذهب إليه المشهور من التَّفصيل قبل القبض بين تفريط المشتري وعدمه؛ لأنَّه كان بتفريط منه قبل القبض، فعدم الخيار له هو الأقوى؛ لأنَّ العيب جاء من جهته، فلا يكون مضموناً على البائع.

ثمَّ إنَّه حيث يثبت الخيار للمشتري، فلا يسقط يبذل البائع له ما شاء، ولا يسقط أيضاً ببذل الجميع على الأقوى؛ لأصالة بقاء الخيار.

 

قول الماتن: ولو كان بعد القبض اصطلحا

 

قد عرفت أنَّ الاختلاط إن حصل بعد القبض فلا خيار لأحدهما؛ لاستقرار البيع بالقبض.

والأصل: براءة ذمَّة البائع من دَرْكه بعده.

وعليه، فينحصر التّلخُّص بالصُّلح، والله العالم.

 

قول الماتن: وما يتجدَّد من القصيل بعد قطعه للبائع، إلَّا أن يقع الشِّراء على الأصول

المعروف بين الأعلام أنَّه لو اشترى الزَّرع من أصوله فلا إشكال في صحَّة ذلك؛ فإن قطعه فنبت فهو للمشتري أيضاً؛ لأنَّه اشتراه من أصله.

نعم، لو لم يشترط المشتري الأصل، أي لم يقع الشِّراء على الأصول، فما يتجدَّد من القصيل بعد قطعه يكون للبائع؛ لأنَّ الأصول له، ولم يقع عليها البيع.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ المشتري إذا اشترى الزَّرع قصيلاً، وشرط عليه صاحب الأرض قطعه، فلم يقطعه، كان عليه أُجرة الأرض، كما ذكرنا ذلك في بعض المناسبات.

 

قول الماتن: وما ينبت من الحَبّ المشترى سُنبله للمشتري، لا لربِّ الأرض

 

لا إشكال في كون سنبله لمشتري الحَبّ؛ إذ لا وجه لكونه لصاحب الأرض، كما أنَّه لا يستحقّ أُجرة الحفاظ والمراعاة، ونحو ذلك؛ لأنَّه متبرِّع بعمله، إلَّا أن يأمره صاحب الحَبّ، فيكون له أُجرة المثل.

 

قول الماتن: ولو اشترى ثمرة بشرط القطع، فتركه حتَّى أينع، فله، وعليه الأُجرة، ولا شركة عندنا، وقال الشَّيخ وابن إدريس: إن كانت الأرض خراجيَّة فعلى المشتري الخراج دون الأُجرة، وإن كانت عُشريَّة فعليه الأُجرة والزَّكاة، والمرويّ في القصيل: يتركه مشتريه حتَّى يسنبل، إن عليه طسق الأرض

 

قد عرفت فيما سبق أنَّه يجوز شراء الزَّرع قصيلاً، أي مشروطاً قطعه، وكذا شراء النَّخل بشرط القطع أجذاعاً، وهذا لا كلام فيه، وذكرنا الدَّليل على ذلك.

وإنَّما الكلام إذا لم يقطعه الَّذي شرط القطع عليه، فالمعروف بينهم -كما هو الصَّحيح- أنَّ البائع مخيّرٌ بين قطعه بإذن صاحبه -وهو المشتري-، أو بإذن الحاكم الشَّرعيّ، أو بدون إذنهما، على الخلاف في المسألة؛ باعتبار أنَّه لا حقّ لعرق ظالم، ولنفي الضَّرر والضِّرار، على ما تقدَّم، وبين تركه والمطالبة بأُجرة أرضه مدَّة بقائه.

وأمَّا عدم قطع البائع له مع التّمكُّن منه، فلا يقضي بسقوط الأُجرة الَّتي يكفي فيها بقاء أرض المالك مشغولة بها، بل لا يرتفع بذلك الغصبيّة الَّتي تُوجب تسلُّطه على أرش النُّقصان لو حصل بسبب البقاء الَّذي يستحقّ أخذ أُجرته منه؛ إذ ليس ذلك برضاً منه بالبقاء بالأُجرة.

وقد خالف العلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة، وقد ذكر أنَّه لو لم يقصله، أي يقطعه، كان شريكاً للبائع، ويحكم بالصُّلح.

وفيه: أنَّه لا دليل على الشَّركة، بل له فقط أُجرة أرضه مدَّة بقائه.

 

logo