« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

 بيع الثِّمار 12// كتاب البيع

الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 12

 

قوله: وكذا الثَّمرة بشرط الصَّرام

 

لو باع الثَّمرة بشرط القطع، فإنَّه يأتي فيه جميع ما تقدَّم، والله العالم.

 

قوله: ولو باعها مطلقاً وجب تبقيتها إلى أوان أخذها عرفاً من بُسر أو رطب أو تمر أو عنب أو زبيب أو طلاء

 

لو باعها مطلقاً -أي بدون شرط القطع أو التَّبقية- وجب تبقيتها إلى أوان أخذها، ويرجع إلى المتعارف في تلك الشَّجرة من بُسر أو رطب أو تمر أو عنب أو زبيب أو طلاء.

وهذا الإبقاء حكم شرعيّ، أو كالحكم الشَّرعيّ، لا تقدير له شرعاً، ولا يضر في الصِّحّة عدم ضبطه بما لا يقبل الزِّيادة والنُّقصان؛ لأنَّ الإبقاء ليس أجلاً في عقد البيع، لا بالنِّسبة إلى الثَّمن، ولا إلى المثمن، وإنَّما هو أمرٌ مترتِّبٌ على عقد البيع وثُبوته فهو من مقتضيات المعاوضة، وليس هو أجلاً في نفس المعاوضة.

ومن هنا، لا يضرُّ جهالة أجل البقاء؛ لأنَّ ذلك حقٌّ خارجٌ عن نفس المعاوضة، ولو كان داخلاً في نفس المعاوضة، كما لو كان الثَّمن مؤجّلاً أو المثمن مؤجّلاً إلى أوان أخذ الثَّمرة لكان العقد باطلاً، ولم يكن العرف رافعاً للجهالة.

وممَّا ذكرنا يتَّضح لك عدم صحَّة ما ذكره صاحب الرِّياض (رحمه الله)، حيث قال: (بأنَّه لا دليل على وجوب التَّبقية المخالفة لأصالة حرمة التّصرُّف في مال الغير[1] ، واستناد البعض إلى استلزام كون الثَّمرة للبائع ذلك غير بيّنٍ، وحديث نفي الضَّرر بالمثل معارض، فإن كان إجماع أو قضاء عادة بذلك، وإلَّا فالأمر على الفقير ملتبس)[2]

وفيه: أنَّه لا التباس بعد أن لم يكن أجلاً في نفس المعاوضة، وإنَّما كان من مقتضيات المعاوضة. ومن هنا، لم يستشكل الأعلام في ذلك، والله العالم.

 

قوله: و لو اضطرب العرف فالأغلب، ومع التَّساوي يحتمل وجوب التَّعيين، والحمل على أقلّ المراتب؛ لأنَّه المتيقّن، وعلى أعلاها صيانةً لمال المشتري

 

لو اضطرب العرف فالأغلب؛ باعتبار أنَّ الإطلاق ينصرف إلى العرف الغالب؛ إذ ينذر حُصول التَّساوي في العرف.

ومع ذلك، فلو فرض التَّساوي فهناك عدَّة احتمالاتٍ:

الأوَّل: احتمال وجوب التَّعيين؛ إذ لو لم يُعيّن للزم الغرر، وهو مبطل للمعاملة.

الثَّاني: أنَّه يحتمل التَّنزيل على أقلّ المراتب اقتصاراً فيما خالف الأصل -لأنَّ الأصل تسلَّط البائع على ملكه، وهذا يقتضي حرمة التّصرُّف في ماله- على المتيقَّن، وهو أقلّ المراتب، وهو البُسر مثلاً.

الثَّالث: أنَّه يحتمل التَّنزيل على أعلى المراتب، كالزَّبيب مثلاً؛ وذلك استصحاباً للجواز.

ولا يخفى ضعف الاحتمال الأوَّل؛ إذ لا غرر في نفس المعاوضة؛ لأنَّ الإبقاء ليس أجلاً في نفس المعاوضة، وإنما هو من مقتضياتها، كما عرفت.

 

قوله: واستثناء البائع الثَّمرة كذلك

ممَّا ذكرنا يتَّضح الحال فيما إذا باع الأصل، واستثنى الثَّمرة، وأطلق، فإنَّه يجب على المشتري إبقاؤها لمثل ما ذكرناه طابق النَّعل بالنَّعل.

 

قوله: والسَّقي لكلٍّ منهما جائز ما لم يتضرّرا

المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز السَّقي لصاحب الثَّمرة لأجل صلاحها؛ لأنَّه من حقوقها المُستحقّة له باستحقاق تبقيتها مع انتفاء الضَّرر عن الآخر، كما أنَّه يجوز لصاحب الأُصول سقيها بلا إشكال مع انتفاء الضَّرر عن الآخر.

وإذا منع أحدهما الآخر من السَّقي أجبر الممتنع؛ لعدم تسلُّطه على منع تصرُّف الآخر لصلاح ماله.

قوله: ولو تقابلا رجّحت مصلحة المشتري، ويُحتمل ترجيح مالك الثَّمرة مشترياً كان أو بائعاً

إذا كان السَّقي يضرّ أحدهما بالفعل، وبالآخر بالتَّرك، أي كانت مصلحته هو السَّقي، فقد تقدَّم في مبحث ما يدخل في المبيع البحث بالتَّفصيل حول هذه المسألة عند قوله: (ولو تضرَّر أحدهما احتمل تقديم صاحب الثمرة، وتقديم المشتري وهو خيرة الفاضل...).

وفرض المسألة هناك، وإن كان في بيع الأصول، وبقاء الثَّمرة للمالك، وفرض المسألة هنا بين مشتري الثَّمرة وصاحب الأصل، إلَّا أنَّه لا فرق في الحكم بين المسألتَيْن، وذكرنا ما هو الإنصاف هناك، فراجع.


[1] لصِّحاح: ج6، ص2414. راجع الجواهر: ج24، ص81.
[2] الرِّياض: ج9، ص29.
logo