« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 بيع الثِّمار 10//كتاب البيع

الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 10

 

قوله: وبيع الخضراوات بعد انعقادها -وإن لم يتناه عظمها

المعروف بين الأعلام أنَّ الخُضَر -كالقثّاء والباذنجان والخيار، ونحوها- لا يجوز بيعها قبل ظُهورها.

وفي الحدائق: (والمشهور، بل الظَّاهر أنَّه لا خلاف فيه أنَّه لا يجوز بيعها قبل ظُهورها...)[1]

وفي مفتاح الكرامة: (لا يجوز بيع الخَضروات -بفتح الخاء- قبل ظُهورها إجماعاً على الظَّاهر...).

وقدِ استُدلّ أيضاً: بأنَّها معدومة، وأنَّه يلزم الغرر، وقد نهى النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) عن بيع الغرر.

وقدِ استُدلّ أيضاً: بمفهوم موثَّقة سُماعة المُتقدِّمة -في حديث- (قال: وسألته عن ورق الشَّجر، هل يصلح شراؤه ثلاث خرطات أو أربع خرطات؟ فقال: إذا رأيت الورق في شجره فاشترِ منه ما شِئت من خرطة)[2]

وهي دالَّة على ذلك بمفهوم الشَّرط.

وأمَّا رواية معاوية بن ميسرة -في حديث- (قَاْل: سألتُ أبا عبد الله عليه‌السلام عنِ الرَّطبة يبيعها هذه الجزّة، وكذا وكذا جزّة بعدها؟ قَاْل: لا بأس به، ثمَّ قال: قد كان أبي يبيع الحنَّاء كذا وكذا خرطة)[3]

فهي، وإن كانت مطلقةً من حيث الظٌّهور وعدمه، إلَّا أنَّها تقيّد بالظُّهور؛ لما تقدَّم.

هذا مع قطع النَّظر عن ضعفها سنداً بسهل بن زياد، وعدم وثاقة معاوية بن ميسرة.

وكذا صحيحة بريد المُتقدِّمة[4] ، تُقيَّد بالظُّهور.

والخُلاصة: أنَّه لا يجوز بيع الخُضَر قبل ظُهورها بالاتِّفاق.

وأمَّا بيعها بعد الظُّهور، وبعد انعقادها فبالاتِّفاق، بل وكذا يجوز بيعها بعد ظُهورها، وقبل انعقادها، أي قبل بدوّ صلاحها، فيجوز أيضاً، كما تقدَّم في بيع ثمرة النَّخل وباقي الأشجار.

 

قوله: لقطةً ولقطات معلومة

أي معلومة العدد -واللُّقطة باصطلاحنا هي الرَّمية-.

 

قوله: وبيع ما يجز، كالرَّطبة والبقل، جزَّة وجزَّات

المعروف بينهم أنَّه يجوز بيع ما يجز كالرَّطبة -بفتح الرَّاء، وسُكون الطَّاء، قال الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله): (وهي الفصّة، والقضب)[5] والفصَّة: نبات يُعلَّق للدَّواب، والقضب: كلُّ نبتٍ اقتطع فأُكل طريًّا- والبقل -كالنَّعناع- جزَّة وجزَّات، ولا خلاف في ذلك أيضاً.

 

قوله: وما يخترط، كالحنّاء والتُّوت والآس، خرطةً وخرطات

لا إشكال في ذلك، وتدلُّ عليه أيضاً: موثَّقة سُماعة المُتقدِّمة (هل يصلح شراؤه ثلاث خرطات...).

قال الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في الرَّوضة: (أصل الخرط أن يقبض باليد على أعلى القضيب ثمَّ يمرّها عليه إلى أسفله ليأخذ عنه الورق، ومنه المثل السَّائر "دونه خرط القتاد"، والمراد هنا ما يقصد من ثمرته، ورقه)[6]

والمراد هنا: ما يقصد من ثمرته أي كالحنَّاء والتُّوت.

 

قوله: والمرجع في اللُّقطة والجزَّة والخرطة إلى العرف

المعروف بين الأعلام أنَّ المرجع في اللُّقطة والجزَّة والخرطة إلى العرف.

فما دلّ على صلاحيّته للقطع يقطع، وما دلّ على عدمه لكونه صغيراً فلا يقطع.

وأمَّا مع الشَّكّ في صلاحيَّته للقطع، فلا يقطع أيضاً؛ لأصالة بقائه على ملك مالكه.

 

قوله: ولو باع الجزَّة الثَّانية أو الخرطة الثَّانية أو الثَّالثة جاز عند ابن حمزة، ويُشكل بالجهالة فيبطل إلَّا بالتَّبعيّة، كما قاله الفاضل

المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجوز بيع الجزَّة الثَّانية والثَّالثة مستقلَّة -وكذا الخرطة الثَّانية والثَّالثة مستقلَّةً؛ إذ هي كالأُولى قبل ظُهورها، فلا يجوز للجهالة والغرر.

وحُكي عن ابن حمزة (رحمه الله) أنَّه جوَّز ذلك، فإن كان قصده الجواز مستقلَّة فلا ريب في عدم صحَّته، وإن كان يقصد أنَّه تُباع الجزَّة الثَّانية والثَّالثة والخرطة الثَّانية والثَّالثة تبعاً للأُولى الظَّاهرة، فيصحّ حينئذٍ لما عرفت أنَّه لا يضرّ انعدام ما عدا الأُولى بعد ضمِّها إليها، كالمُتجدِّد من الثَّمرة في السَّنة، أو في القابل إلى الثَّمرة الظَّاهرة.

 

قوله: ومنع الشَّيخ من بيع البطيخ والقثَّاء والخيار والباذنجان بعد ظُهوره قبل بدو الصَّلاح، إلَّا بشرط القطع، والوجه الجواز، ويُحمل الإطلاق على بدوّ الصَّلاح

قال الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط: إذا كان في الأرض أُصول البطيخ أو القثّاء أو الخيار أو الباذنجان، وقد حملت فباع ذلك فلا يخلو من أحد أمرَيْن: إمَّا أن يبيع الحمل الظَّاهر أو يبيع الأُصول، فإن باع الحمل الظَّاهر دون الأُصول نظر، فإن كان قبل بدوّ الصَّلاح فيه لم يجز بيعه إلَّا بشرط القطع فأما بيعه مطلقاً أو بشرط التَّبقية إلى أوان اللّقاط فلا يجوز.[7]

وفيه: ما ذكرناه سابقاً من جواز البيع بعد الظُّهور وقبل بدوّ الصَّلاح، فما ذكره المُصنِّف (رحمه الله) من قوله: (فالوجه الجواز)، هو الصَّحيح.

نعم، قد عرفت أنَّ البعض منع من صحَّة البيع قبل بدوّ الصَّلاح، إلَّا ببعض الشُّروط، وقد تقدَّمت.

وقد ذكرنا الوجه في الجواز، فلا حاجة للإعادة، ولا فرق في ذلك بين ثمار النَّخل، وثمار باقي الأشجار، وبين الخضروات.

وأمَّا قول المُصنِّف (رحمه الله) (ويحمل على الإطلاق على بدو الصَّلاح )، فهو بالنِّسبة إلى القدر المتيقَّن من صحَّة البيع، وإلَّا فلا مانع من حمله على الظُّهور قبل بدوّ الصَّلاح، والله العالم.

 


[1] الجواهر: ج24، ص77.
[2] الحدائق: ج19، ص342.
[3] الوسائل باب4 من أبواب بيع الثِّمار ح2و3و1.
[4] الوسائل باب4 من أبواب بيع الثِّمار ح2و3و1.
[5] الوسائل باب4 من أبواب بيع الثِّمار ح2و3و1.
[6] الرَّوضة: ج3، ص358و359.
[7] الرَّوضة: ج3، ص358. المبسوط: ج2، ص114.
logo