« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

 بيع الثِّمار 9// كتاب البيع

 

الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 9

 

ومنها: حديث المناهي أنَّه (صلى الله عليه وآله) نهى أن تُباع الثمار حتَّى تزهو -يعني تصفرّ أو تحمرّ[1]

وهو ضعيفة جدًّا بجهالة الحسين بن زيد، وشُعيب بن واقد.

كما أنَّ إسناد الصَّدوق (رحمه الله) إلى شُعيب فيه حمزة بن مُحمّد العلويّ، وهو مهمل، وعبد العزيز بن مُحمّد بن عيسى الأبهريّ، وهو مجهول.

هذا كلُّه بناءً على أنَّ التَّفسير منه (صلى الله عليه وآله).

ويُحتمل قويًّا أنَّه من الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله).

ومنها: ما في معاني الأخبار ونهى عن بيع الثَّمر قبل أن يزهو، وزهوه أن يحمرّ أو يصفر[2]

بناءً على أنَّ التَّفسير منه (صلى الله عليه وآله) لا من الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله).

والَّذي يهوِّن الخطب: أنَّها ضعيفة جدًّا بجهالة غير واحدٍ.

وأمَّا القول الآخر الَّذي ذهب إليه المُحقِّق (رحمه الله) في الشَّرائع، والعلَّامة (رحمه الله) في الإرشاد، فلعلَّه من باب الجمع بين هذه الرِّوايات، وبين رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه‌السَّلام) قَاْل: سُئل عنِ النَّخل والثَّمرة يبتاعها الرَّجل عاماً واحداً قبل أن يثمر؟ قَاْل: لا، حتَّى تثمر وتأمن ثمرتها من الآفة...[3]

أحدهما: لا تبتاعوا الثَّمرة حتَّى يبدو صلاحها، قيل: وما بدوّ الصَّلاح، قال: تذهب عاهتها، ويخلص رطبها[4]

والآخر: نهى عن بيع الثّمار حتَّى تذهب العاهة

وضعفهما من حيث السَّند واضح.

وعليه، فلا يوجد دليل قويّ لهذا القول الثَّاني، فالمُتعيّن هو القول الأوَّل.

أضف إلى ذلك: أنَّه قد يُراد بزمان أمن الثَّمرة من الآفة زمن احمرارها واصفرارها، كما ذكره بعضهم، فلا اختلاف حينئذٍ، والله العالم.

الأمر الثَّاني: في معنى بدوّ الصَّلاح في ثمرة باقي الأشجار.

فالمعروف بين الأعلام أنَّ بدوّ الصَّلاح فيها انعقاد الحَبّ بعد تناثر الورد، ومنهم المُصنِّف (رحمه الله) هنا.

ولكنّ المُحقِّق (رحمه الله) في الشَّرائع والنَّافع، والعلّامة (رحمه الله) في التَّذكرة، والمُصنِّف في اللُّمعة، والشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في الرَّوضة والمسالك، والمُحقِّق الثَّاني (رحمه الله) في جامع المقاصد اقتصروا على انعقاد الحَبّ من دون ذِكْر تناثر الوَرْد، ولعلّ مرادهم انعقاد الحَبّ بعد تناثر الوَرْد.

وعليه، فتكون ذات قولَيْن، هذا القول للأعلام، والقول الآخر للشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، وللقاضي (رحمه الله) في المُهذَّب.

قال الشَّيخ (رحمه الله) المبسوط: إنَّ بدوّ الصَّلاح يختلف بحسب اختلاف الثّمار، فإنْ كانت الثَّمرة ممَّا تحمّر أو تسوّد أو تصفرّ فبدوّ الصَّلاح فيها الحُمرة أو السَّواد أو الصُّفرة، وإن كانت ممَّا تبيضّ فهو أن يتموّه، وهو أنْ ينمو فيه الماء الحلو ويصفر لونه، وإن كان ممَّا لا يتلون مثل التُّفاح والبطيخ فبأن يحلو ويطيب أكله، وإن كان مثل البطيخ فبأن يقطع فيه النّضج؛ لأنَّ له نضجاً كنضج الرُّطب، وقد روى أصحابنا أنَّ التّلون يعتبر في ثمرة النَّخل خاصّة، فأمَّا ما يتورّد فبدوّ صلاحه أن ينتشر الورد وينعقد، وفي الكرم أن ينعقد الحُصرم، وإن كان مثل القثّاء والخيار الَّذي لا يتغيّر طعمه ولا لونه فإنَّ ذلك يؤكل صغاراً فبدوّ صلاحه فيه أن يتناهى عظم بعضه...[5]

والمُصنِّف (رحمه الله) وافقه في الكرم، حيث ذكر أنَّ بدوّ صلاحه فيه انعقاد حصرمه.

أقول: يدلّ على القول بأنَّ بدوّ الصَّلاح هو انعقاد الحَبّ بعد تناثر الوَرْد رواية مُحمّد بن شُريح قَاْل: سألتُ أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلٍ اشترى ثمرة نخل -إلى أن قال:- قال: وبلغني أنَّه قال في ثمر الشَّجر: لا بأس بشرائه إذا صلحت ثمرته، فقيل له: وما صلاح ثمرته؟ فقال: إذا عقد بعد سقوط ورده[6]

ولكنَّها ضعيفة بجهالة عليّ بن الحارث، وبكّار.

وأمَّا القول: أنَّ بدوّ الصَّلاح في ثمر الشَّجر هو انعقاد الحَبّ فقط.

فتدلّ عليه: موثَّقة عمَّار عن أبي عبد الله (عليه‌السَّلام) قَاْل: سألتُه عنِ الكرم متى يحلّ بيعه؟ قَاْل: إذا عقد وصار عُروقاً ثمَّ قال صاحب الوسائل (رحمه الله): مُحمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن مُحمّد، عن أحمد بن الحسن مثله، إلَّا أنَّه قال: وصار عقوداً، والعقود اسم الحصرم بالنَّبطية

ولكنَّ هذه الموثَّقة واردة في خصوص الكَرْم.

ولعلَّ الانعقاد إنَّما يكون بعد تناثر الوَرْد، فلا خلاف حينئذٍ إلَّا مع الشَّيخ الطُّوسيّ (رحمه الله) ، ومَنْ وافقه.

وأمَّا ما ذهب إليه الشَّيخ الطُّوسيّ (رحمه الله)، فيشهد له روايات الإطعام والبلوغ والإدراك.

ولكن بعد اعترافه بكون رواية أصحابنا خلافه، فلا يفيده ذلك.

والإنصاف: أنَّ بدوّ الصَّلاح هو انعقاد الحبّ بعد تناثر ورده، كما عليه الأعلام؛ لما عرفت من موثَّقة عمَّار، والله العالم.

ثمَّ قال سماحته دام ظله:

وكان تحرير هذا المطلب في ليلة الثَّالث والعشرين من شهر رمضان المبارك ليلة الأربعاء سنة 1445 للهجرة، المرجوّ قويًّا أن تكون هي ليلة القدر، والله العالم.

 

قوله: ويجوز بيع الثَّمرة الظَّاهرة والخفيّة في قشر أو قشرَيْن

المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز بيع الثَّمرة بعد انعقادها، سواء كانت ظاهرة ممَّا يشاهدها المُبتاع، كالتُّفاح والمشمش والعنب، أو كانت خفيَّةً في قشر يحتاج إليه لادِّخاره، كالجوز في القشر الأسفل، وكذا اللَّوز أو قشر لا يحتاج إليه، كالقشر الأعلى للجوز.

وفي الجواهر: بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك بل ولا إشكال، وفي التَّذكرة الإجماع عليه اعتماداً في ذلك كلّه على أصل السَّلامة...[7]

أقول: لا إشكال في الجواز؛ لإطلاق الأدلَّة، ولا يوجد ما يمنع من ذلك، وكونها خفيّةً لا يوجب الجهالة والغرر، بعد الاعتماد على أصل السَّلامة.


[1] الوسائل باب1 من أبواب بيع الثِّمار ح14و15.
[2] الوسائل باب1 من أبواب بيع الثِّمار ح14و15.
[3] الوسائل باب1 من أبواب بيع الثِّمار ح12.
[4] مسند أحمد، وكنز العمال.
[5] مسند أحمد، وكنز العمال.
[6] المبسوط: ج2، ص114.
[7] الوسائل باب1 من أبواب بيع الثِّمار ح13و6.
logo