« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الجواهري
بحث الفقه

46/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة .../فصل في النيابة /كتاب الحجّ

 

الموضوع: كتاب الحجّ/فصل في النيابة /إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة ...

 

وأمّا الإشكال فيها من حيث السند، فإنّه:

أوّلاً: نقل صاحب الوسائل (قده) هذه الرواية عن الشيخ في التهذيب بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي سعيد، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي جعفر الأحول، عن عثمان بن عيسى، عن الإمام الرضا (عليه السلام)، ولكن قال المحقّق الخوئي (قده): يُلاحظ على هذا السند أنّ أبا جعفر الأحول المعروف بـ «مؤمن الطاق» ثقة، وإسمه محمّد بن علي بن النعمان، وهو من أصحاب الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) ومن الطبقة الخامسة، إلّا أنّه لا يمكن أن يروي عادة عنه يعقوب بن يزيد الذي من أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) ومن الطبقة السابعة؛ للفاصل الزمني الكثير بينهما، كما أنّ أبا جعفر الأحول لا يمكن أن يروي عن عثمان بن عيسى الذي هو من أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام)[1] . وعليه، لا يمكن الاعتماد على ما ذُكر في الوسائل؛ إذ إنّ السند مخدوش في موضعين.

وثانياً: نقل الشيخ هذه الرواية في موضع من التهذيب عن الأحول[2] ، وفي موضع آخر عن جعفر الأحول[3] ، ولم يُعلم أنّ المراد منه هو أبو جعفر الأحول المعروف. وعليه، سواء كان الرواي هو الأحول أو جعفر الأحول فإنّه لم يرد فيهما توثيق في كتب الرجال، بل هما مجهولان.

وثالثاً: إنّ أبا سعيد المذكور في السند الذي روى هذه الرواية عن محمّد بن أحمد بن يحيى، والذي روى عنه يعقوب بن يزيد، فقد يتوهّم أنّه هو أبو سعيد القمّاط أو أبو سعيد المُكاري، وكلّ منهما ثقة، إلّا أنّه لا يمكن رواية كلّ منهما عن يعقوب بن يزيد للفاصل الكبير بينهما؛ لأنّ يعقوب بن يزيد من أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) ولا يمكن أن يروي أبو سعيد القمّاط الذي هو من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) عنه، كما أنّه لا يمكن أن يروي أبو سعيد المُكاري الذي هو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) عن يعقوب بن يزيد؛ لأنّه من أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) فكيف يروي المتقدّم عن المتأخّر الذي هو من أصحاب الهادي (عليه السلام) عن أمر متقدّم على أبي سعيد؟! إذن، لا بدّ أن يكون المراد من أبي سعيد المذكور في السند هو سهل بن زياد، فإنّه مكنّى بهذه الكنية أيضاً، ويؤيّده رواية الكليني عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد كثيراً، إذن الرواية ضعيفة جدّاً[4] .

ورابعاً: روى الشيخ هذه الرواية نفسها بطريق آخر بإسناده عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن الأحول، عن عثمان بن عيسى، عن الإمام الرضا (عليه السلام)، فإنّه يُلاحظ على هذا السند أيضاً نفس الإشكالات المتقدّمة من أنّ الأحول مجهول ولم يرد فيه توثيق في كتب الرجال.

قال الميرزا التبريزي (قده): لو ثبت أنّ الأحول هو مؤمن الطاق المعروف فإنّه لا يمكن أن يروي عن عثمان بن عيسى الذي هو من أصحاب الإمام الكاظم والرضا (عليهما السلام)؛ لأنّ مؤمن الطاق من أصحاب الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام)، وهو من بعض أصحابهما، وهو من الطبقة الخامسة، فروايته عن عثمان بن عيسى الذي لم يرو عن الإمام الكاظم والرضا (عليهما السلام) لم توجد في مورد واحد[5] .

أقول: رواية مؤمن الطاق عن عثمان بن عيسى ممكنة، وهذا هو مورد للإمكان، فلماذا نستبعد ذلك؟ ولكنّ الإشكال أوّلاً: في جعفر بن بشير، وثانياً: لم يثبت أنّ الأحول هو مؤمن الطاق.

على أنّ جعفر بن بشير إذا كان المراد منه أبو محمّد البجلي، فإنّه ثقة ويروي عن الإمام الرضا (عليه السلام)، ولكن لا يمكن رواية جعفر بن بشير الذي هو البجلي؛ لأنّه يروي عن الأحول، والأحول يروي عن عثمان بن عيسى، وعثمان بن عيسى من أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام)، إذن هذا جعفر بن بشير متأخّر عن أصحاب الرضا (عليه السلام) فكيف يكون هو الذي يروي عن الإمام الرضا (عليه السلام) وهو الثقة. إذن، هو جعفر بن بشير الخزّاز المجهول.

وبناء على ذلك، تكون الرواية ضعيفة السند، فلا يمكن الاعتماد عليها، وحينئذ مقتضى القاعدة أنّ إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة، ولا يجوز للأجير أن يستأجر غيره إلّا مع الإذن الصريح أو الظاهر.

ولا بدّ من التنبيه على أنّه لو كان هناك قرينة تدلّ على جواز إعطاء الحجّة المستأجر عليها إلى شخص آخر، فإنّه لا يجوز للأجير أن يأخذ جزءاً من الأُجرة لنفسه، ويعطي الشخص الآخر مقداراً منها؛ لأنّ عدم الجواز منصوص في الروايات حيث إنّ الربح الذي يحصل عليه الأجير في هذه الحالة يُعدّ كسباً من دون عمل، وهو غير جائز في الإجارة على الأعمال، إلّا أن يُحدث حدثاً في العمل المستأجر عليه، ولكن هذا لا ينطبق على الحجّ؛ لأنّ الحجّ عمل واحد مترابط الأجزاء، فلا يبعّض ولا يجوز أن يأتي الأجير ببعض الأعمال ويستأجر شخصاً آخر لإتمام باقي الأعمال.


[1] مدّة إمامة كلّ إمام من الأئمّة الأثني عشر (عليهم السلام):الإمام علي (عليه السلام) من السنة 11 إلى السنة 40 هجري، ومدّة إمامته تسعة وعشرون سنة. الإمام الحسن (عليه السلام) من السنة 40 إلى السنة 50 هجري، ومدّة إمامته عشرة سنوات. الإمام الحسين (عليه السلام) من السنة 50 إلى السنة61 هجري، ومدّة إمامته إحدى عشرة سنة. الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) من السنة 61 إلى السنة 94 هجري، ومدّة إمامته ثلاثة وثلاثون سنة. الإمام الباقر (عليه السلام) من السنة 94 إلى السنة 114 هجري، ومدّة إمامته عشرون سنة. الإمام الصادق (عليه السلام) من السنة 114 إلى السنة 148 هجري، ومدّة إمامته أربع وثلاثون سنة. الإمام الكاظم (عليه السلام) من السنة 148 إلى السنة 183 هجري، ومدّة إمامته خمس وثلاثون سنة. الإمام الرضا (عليه السلام) من السنة 183 إلى السنة 203 هجري، ومدّة إمامته عشرون سنة. الإمام الجواد (عليه السلام) من السنة 203 إلى السنة 220 هجري، ومدّة إمامته سبعة عشر سنة. الإمام الهادي (عليه السلام) من السنة 220 إلى السنة 254 هجري، ومدّة إمامته أربع وثلاثون سنة. الإمام العسكري (عليه السلام) من السنة 254 إلى السنة 260 هجري، ومدّة إمامته ستة سنوات. الإمام الحجّة (عجلّ الله تعالى فرجه الشريف) من السنة 260 هجري إلى ... آخر الزمان. ملحوظة: عادة ما تكون الروايات عن الأئمة (عليهم السلام) في مدّة إمامتهم.
logo