« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الجواهري
بحث الفقه

46/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

كما تصحّ النيابة بالتبرّع وبالإجارة .../فصل في النيابة /كتاب الحجّ

 

الموضوع: كتاب الحجّ/فصل في النيابة /كما تصحّ النيابة بالتبرّع وبالإجارة ...

 

وعلى تقدير عدم ضعف دلالة مرسلة ابن أبي عمير فإنّه قد يقال بأنّ هذه الرواية مطلقة وتشمل كلّ مَن مات قبل الحجّ حتّى وإن كان موته في المنزل قبل خروجه إلى الحجّ، ولكنّنا نقول: إنّ الرواية ليست مطلقة بل مقيّدة بالروايات التي تدلّ على أنّه لو مات في الطريق قبل الإحرام لم يسقط الحجّ عن ذمّة المنوب عنه، فكيف إذا مات قبل خروجه.

إذن تحمل هذه الرواية على الحجّ الاستحبابي.

ومن الأخبار التي استدلّ بها صاحب الحدائق (قده) مرسلة الصدوق قال: «قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يأخذ الحجّة من الرجل فيموت فلا يترك شيئاً، فقال: أجزأت عن الميّت، وإن كان له عند الله حجّة أُثبتت لصاحبه»[1] .

ويرد علىه: أوّلاً: إنّ هذه الرواية ضعيفة بالإرسال فلا يُحتجّ بها.

وثانياً: إنّ الرواية لا تدلّ على أنّ الحجّ المذكور هو حجّة الإسلام؛ لأنّ الظاهر من قوله (عليه السلام): «الرجل يأخذ الحجّة من الرجل» كون المنوب عنه رجلاً حيّاً فلا تجوز النيابة عنه بل يجب عليه أن يباشر الحجّ بنفسه، كما أنّها لا تدلّ على أنّ المنوب عنه عاجز عن إتيان الحجّ المباشري حتّى يجب عليه حجّ آخر غير حجّة الإسلام فيجهّز رجلاً يحجّ عنه. وعليه، يكون الحجّ المذكور في الرواية حجّاً استحبابيّاً عن المنوب عنه، ولا يكون حجّاً واجباً عنه.

وثالثاً: حجّ النائب الذي جاء به سابقاً عن نفسه لا يجزي عن المنوب عنه؛ لأنّ الإجزاء على خلاف القاعدة حيث إنّ الحجّ الذي وقع مستحبّاً أو واجباً عن النائب في الخارج لا ينقلب عمّا وقع عليه، ولا يجزي عن غيره وهو المنوب عنه.

ومنها: معتبرة عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «عن رجل أخذ دراهم رجل (ليحجّ عنه ـ كما في التهذيب المطبوع) فأنفقها، فلمّا حضر أوان الحجّ لم يقدر الرجل على شيء، قال: يحتال ويحجّ عن صاحبه كما ضمن، سُئل إن لم يقدر؟ قال: إن كانت له عند الله حجّة أخذها منه فجعلها للذي أخذ منه الحجّة»[2] ، ومعنى يحتال أن يحجّ عن المنوب عنه بأي طريق كان حتّى لو اضطر إلى التسكّع أو العمل كصانع أو خادم ونحو ذلك.

وفيه: وإن كانت هذه الرواية معتبرة إلّا أنّ نفس المناقشات المذكورة في الدلالة ترد عليها أيضاً، فإنّ الحجّ المذكور في الرواية يُحمل على الحجّ الاستحبابي عن المنوب عنه، فلا يكون مفادّ الرواية حجّة الإسلام أو الحجّة الواجبة على المنوب عنه بسبب عجزه عن الإتيان بالحجّ المباشري، كما أنّ مفادّها خلاف القاعدة؛ لأنّ الحجّ الذي وقع عن النائب في الخارج لا ينقلب إلى غيره ولا يجزي عن المنوب عنه.

والحاصل: ما ذهب إليه صاحب الحدائق (قده) من دلالة الروايات على فراغ ذمّة المنوب عنه بمجرّد عقد الإجارة غير صحيح؛ لأنّ الروايات لم تدلّ على ذلك، كما أنّ مقتضى القاعدة ليس سقوط التكليف عن ذمّة المنوب عنه بمجرّد عقد الإجارة كما تقدّم بيان ذلك.

 


logo