« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

47/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 -هل العلم الإجمالي يقتضي وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية بنحو العلية أو بنحو الاقتضاء؟ - مبحثالعلم الإجمالي(الشك في المكلف به) - الأصول العملية.

الموضوع: - هل العلم الإجمالي يقتضي وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية بنحو العلية أو بنحو الاقتضاء؟ - مبحث العلم الإجمالي(الشك في المكلف به) - الأصول العملية.

 

عودٌ إلى صلب الموضوع:- كان البحث في الشك في المكلف به، ونعود إليه الآن ونقول: إنَّ الشك في المكلف به له مصداقان، فتارةً يكون من قبيل دوران التكليف بين المتباينين، كالشك في أنَّ الواجب ظهر يوم الجمعة هل هو صلاة الجمعة أو صلاة الظهر، وهذا شك في المكلف به وهو دوران بين المتباينين فإنَّ صلاة الجمعة مباينة لصلاة الظهر، وأخرى يكون من قبيل الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين، وكلا البحثين هما من مصاديق العلم الإجمالي، أما بالنسبة إلى مورد المتباينين فهو مصداق للعلم الإجمالي، فإنه عندما يدور الأمر بين صلاة الظهر وصلاة الجمعة فهذا يعني أنَّ المكلف عنده علم اجمالي بوجوب احدهما، وهكذا الحال بالنسبة إلى الأقل والأكثر الارتباطيين، وماداما من مصاديق العلم الإجمالي فسوف نتكلم تارةً عن المتباينين، وأخرى عن الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين، وقد قيدنا البحث بالأقل والأكثر الارتباطيين لأنَّ الدوران بين بين الأقل والأكثر الاستقلاليين واضح فإنَّ العلم الإجمالي فيه منحل فإنَّه يوجد فيه قدر متقين وأما الزائد فسوف تجري البراءة فيه، وأما الأقل والأكثر الاتباطيين فلا يمكن الانحلال فيها بهذا الشكل.

دوران أمر التكليف بين المتباينين:-

والكلام تارةً يقع بلحاظ حرمة المخالفة القطعية، وذلك بأن يترك المكلف الطرفين معاً، كأن يترك صلاة الظهر وصلاة الجمعة معاً، وأخرى يقع بلحاظ وجوب الموافقة القطعية، وذلك بأن يأتي بصلاة الجمعة وصلاة الظهر معاً.

أما الكلام بلحاظ حرمة المخالفة القطعية:- فيقع ضمن نقاط ثلاث:-

النقطة الأولى:- أصل اقتضاء العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية.

النقط الثانية:- هل يمكن الترخيص في المخالفة القطعية؟

النقطة الثالثة:- على تقدير إمكان الترخيص في المخالفة القطعية هل يستفاد من الأدلة الترخيص في المخالفة القطعية بالفعل؟

ونفس هذه النقاط تأتي بلحاظ وجوب الموافقة القطعية.

وقد تقدم الحديث عن ذلك كله في مبحث القطع، لكن الآن نحاول التوسع بلحاظ النقطة الثانية - وهي أنه هل يمكن الترخيص في المخالفة القطعية؟ - ومرجع البحث في حرمة المخالفة القطعية إلى البحث عن العلّية والاقتضاء وأنه إذا كان العلم الإجمالي يقتضي حرمة المخالفة القطعية فهل هو يقتضيها بنحو العلَّية حتى لا يمكن الترخيص أو يقتضيها بنحو الاقتضاء حتى يمكن الترخيص؟، فإذا لم يمكن الترخيص في المخالفة القطعية فهذا يعني أنَّ العلم الإجمالي علَّة لحرمة المخالفة القطعية وإذا أمكن الترخيص فيها فهذا يعني أنه مقتضٍ لحرمة المخالفة القطعية وليس علَّة لها، وبالجملة نحن نبحث هنا عن أمورٍ ثلاثة:-

الأمر الأول:- العلّية والاقتضاء بشكلٍ أوسع لحرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية.

الأمر الثاني:- ما يترتب من ثمرة على ذلك.

الأمر الثالث:- الإشارة إلى بعض التنبيهات المرتبطة بالعلم الإجمالي.

أما الأمر الأول:- وهو أنه هل العلم الإجمالي يقتضي وجوب الموافقة القطعية أو حرمة المخالفة القطعية بنحو العلَّية أو بنحو الاقتضاء؟

قد وقع الكلام في أنَّ العلم الإجمالي هل هو علّة لوجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية بحيث لا يمكن الترخيص بالخلاف حتى في الطرف الواحد أو هو مقتضي لوجوب الموافقة القطعية أو حرمة المخالفة القطعية، والاحتمالات المعروفة ثلاثة:-

الاحتمال الأول:- إنَّ العلم الاجمالي لا يتستلزم بذاته وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية بل ذلك ناشئ من تعارض الأصول. وهذا ما ذهب إليه الشيخ النائيني(قده) في اجود التقريرات[1] .

الاحتمال الثاني:- إنه يستلزم بذاته - أي من دون تعارض الأصول - وجوب الموافقة وحرمة المخالفة ولكن بنحو الاقتضاء. وهذا ما ذهب إليه الشيخ النائيني(قده) في فوائد الأصول[2] .

الاحتمال الثالث:- إنه يسلتزم بذاته وبنحو العلّية وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية. وهذا ماذهب إليه الشيه العراقي(قده) في نهاية الأفكار[3] .

وسيقع الكلام عن كل واحدٍ من هذه الآراء - أو الاحتمالات - تباعاً.


logo