47/06/09
-ملاخطات ترتبط بأصل البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.
الموضوع: - ملاخطات ترتبط بأصل البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.
المورد الثاني:- إذا كان المورد من الشك في القدرة على الامتثال، كمن استطاع للحج وهو يشك في أنه يقدر على اتمامه حتى النهاية فإنَّ فترة الحج طويلة ويحتمل أنه يطرأ عليه طارئ في منتصف الاعمال، وهكذا إذا دخل وقت الصلاة يشك هل هو قادر على إتمام الصلاة أو يطرأ عليه طارئ يمنعه من اتمامها، فبالتالي هو يشك في ثبوت القدرة على الاتيان بالواجب بشكله الصحيح المطلوب إلى نهايته، وبالتالي هو سوف يشك - إن صح التعبير - في توجه التكليف إليه بالصلاة أو بالحج أو بالصوم وسائر الواجبات فيلزم - مادمنا نشك - اجراء أصل البراءة، فأنا اشك هل أتمكن من إتمام الحج أو لا ففي مثل هذه الحالة هو شك في أصل التكليف فيكون مجرى للبراءة عن جوب الصوم والحج والصلاة وسائر الواجبات لعدم جزم المكلف بقدرته على اتمامها حتى النهاية، وهذا اشكال فني.
وإذا قيل:- إنَّ العقل يحكم بالاشتغال في الموارد المذكورة.
قلنا:- يبقى دليل البراءة الشرعية حاكماً على العقل ومقدم على حكمه، فإنَّ العقل يحكم بالاشتغال مادام لا يوجد ما ينفي التكليف، ودليل البراءة الشرعية ينفي التكليف لأنَّ الملكف يشك هل يتمكن من إتمام الصلاة أو الصوم حتى النهاية أو لا فمقتضى دليل البراءة هو نفي حكم العقل، فالعقل يحكم بالاشتغال لكن حيث إنَّ دليل البراءة يقول إذا شككت في امكان امتثال التكليف واتمامه رفع عنك التكليف فإنه ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون )، وعليه كيون التكليف مرفوعاً ولا يجري حكم العقل.
وفي الجواب نقول:-
أولاً:- إنه دائماً يوجد مثبت يثبت قدرة المكلف على الاتيان بالصلاة أو الحج أو الصوم وسائر الواجبات حتى النهاية وعليه فلا يأتي هذا الاشكال؛ وهو الاستصحاب الاستقبالي، فإني مادمت الآن في صحة جيدة فأقول إنه بمقتضى الاستصحاب الاستقبالي أني سوف أبقى على ذلك إلى نهاية اليوم بل إلى نهاية الشهر بل إلى نهاية السنة والمستند لذلك هو الاستصحاب الاستقبالي، فإنَّ سيرة العقلاء جرت على ذلك، فإنَّ العاقل متى ما رأى نفسه سالماً بنى على أنه باقٍ على ذلك إلى الشهر الثاني وإلى السنة اللاحقة وهكذا وإلا فلا يمكنه أن يبني بيتاً ولا يشتري ثياباً ولا يتزوج ولا غير ذلك لأنه يحتمل الموت في كل لحظة، وعليه فلابد وأن يكون مثبت البقاء وهو الاستصحاب الاستقبالي، فبالاستصحاب الاستقبالي يثبت بقاء الحياة، وعليه فلا تصل النوبة إلى البراءة فإنَّ الاستصحاب حاكمٌ عليها.
ثانياً:- إنَّ المرتكز في أذهان المتشرعة هو لزوم العمل، والشارع لم يردع عن هذا الارتكاز، فيثبت بذلك المطلوب وأنَّ الشروط باقية، وبذلك سوف تكون أدلة البراءة غير شاملة لهذا المورد بل تكون منصرفة عنه، لأنه يوجد ارتكاز متشرعي على البقاء والشارع قد أمضى هذا الارتكاز المتشرعي على لزوم العمل، ولذلك يقال للمكلف عليك أن تصوم وعليك أن تحج وعليك أن تصلي وهكذا سائر الواجبات، فإنه الشارع إذا لم يمض ذلك فإذاً كيف يقال للمكلف يثبت عليك وجوب الصوم والصلاة والحج وهكذا؟!!
ثالثاً:- إنَّ نفس أدلة الوجوب تدل على ذلك، مثل يجب الصوم ويجب الصلاة ويجب الحج فإنَّها تدل بالإلتزام على أنَّ هذه الاحتمالات ملغاة وإلا يلزم أن يكون ثبوت دليل وجوب الصوم وهكذا الصلاة وسائر الواجبات لا معنى له، فدليل وجوب الحج يقول إنَّ احتمال طروّ طارئ اثناء الحج لا تعتني به، فنفس هذه الأدلة تلغي احتمال طروّ مثل هذه الأمور.