« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

47/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 -ملاخطات ترتبط بأصل البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.

الموضوع: - ملاخطات ترتبط بأصل البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.

ملاحظات ترتبط بأصل البراءة:-

هناك عدة ملاحظات ترتبط بأصل بالراءة يجدر الالتفات إليها أو إلى بعضها.

الملاحظة الأولى:- ذكرنا أنَّ الشك في ثبوت التكليف يكون مجرى للبراءة، ويقع الكلام في موردين يمكن عدّهما من موارد الشك في ثبوت التكليف رغم أنه قيل فيهما - من قبل الفقهاء - بلزوم الاحتياط.

المورد الأول:- إذا كان المورد من الشك في الامتثال، بمعنى أنَّ المكلف في وسط الوقت بعد أنَّ دخل الزوال ومضى نصف الوقت مثلاً شك أنه صلى صلاة الظهر أو لا ففي مثل هذه الحالة شكه يكون شكاً في أداء الصلاة أو بالأخرى يكون شكاً في ثبوت الوجوب وعدمه، والمناسب على مقتضى القواعد الحكم بالبراءة دون الاشتغال والحال أنَّ المعروف بين الفقهاء هو الحكم بالاشتغال.

وقد يجاب:- بأنَّ العقل يحكم في موارد الشك في الامتثال بلزوم الاحتياط وإنما هو يحكم بالبراءة فيما إذا كان الشك في أصل ثبوت التكليف لا ما إذا كان الشك في امتثال التكليف وسقوطه.

ويمكن مناقشة ذلك:- بأنَّنا نسلّم بهذا المقدار ولكن أقصى ما يحكم به العقل هو قصور البراءة العقلية وأنه لا يمكن التمسك بها في هذا المورد ولا تشمله، فالعقل في منتصف الوقت يقول مادمت تشك فعليك الاتيان بالعمل، ولكن لو لاحظنا البراءة الشرعية فيمكن أن يقال بإمكان التتمسك باطلاق دليلها - مثل إطلاق دليل ( رفع عن امتي ما لا يعلمون ) - فإنه يشمل الصلاة إذا شك في وسط الوقت في أدائها فمقتضى البراءة الشرعية هو ارتفاع شغل الذمة.

فإذاً قد يقال بالتفرقة بين البراءة العقلية وبين البراءة الشرعية، فالبراءة العقلية قد يقال بقصورها عن شمول هذا المورد فإنَّ العقل حينما يتوجه إلى أنَّ المكلف امتثل الواجب أو لا فليس من البعيد أنه لا يحكم بالبراءة في مثل هذه الحالة، وأما بالسنبة على البراءة الشرعية فالتمسك باطلاقها شيء وجيه.

أجل إذا قلنا إنَّ الامتثال مسقط للفاعلية فقط دون الفعلية فسوف يرتفع الاشكال من الأساس، فإنَّ المكلف إذا دخل عليه الوقت وصلى صلاة الظهر التي وجبت عليه ففي مثل هذه الحالة هو قد امتثل، فإذا امتثل وأدّى الصلاة فأمر أقم الصلاة لا يكون له فاعلية، يعني هو لا يقول اذهب وصلِّ لأنَّ المفروض أني قد صليت، فأمر أقيموا الصلاة لا تبقى له فاعلية بل ترتفع، وأما فالعلية فهي باقية على حالها، فإذا بنينا على أنَّ امتثال التكليف يسقط الفاعلية دون الفعلية فحينئذٍ الشك في المورد لا يكون شكاً في ثبوت التكليف وعدمه إذ المفروض الجزم بثبوت التكليف بنحو الفعلية ولكن لا فاعلية له وعليه يلزم الاحتياط.

ولكن الجواب المناسب عن اصل الاشكال أمران:-

الأمر الأول:- إنَّ المورد وإن كان من الشك في ثبوت التكليف وسقوطه في حق المكلف الذي يشك أنه صلى صلاة الظهر أو لا ولكن نقول صحيح أننا نشك في ثبوت التكليف ولكن يوجد ما يثبت أنَّ التكليف باقٍ وهو الاستصحاب، لأنَّ المفروض أننا نشك هل سقط التكليف أو لا وهل امتثلنا أو لا فنستصحب بقاء التكليف، ولا تقل إنه معارض بأصل البراءة لأني أحتمل أني قد امتثلت فأشك في شغل الذمة، قلتإن الاستصحاب مقدم وحاكم على البراءة.

الأمر الثاني:- إنه حتى لو غضضنا النظر عن الاستصحاب ولكن مع ذلك ربما يقال بعدم جريان البراءة في محل كلامنا، من باب أنَّ أدلة البراءة الشرعية منصرفة عن مثل الحالة، وإنما أدلة البراءة ناظرة إلى حالة ما إذا شك المكلف في أصل ثبوت التكليف مثل التدخين حيث نشك في أصل ثبوت حرمته، وأما إذا كان التكليف ثابتاً ونشك في امتثالة فليس من البعيد انصراف أدلة البراءة عن مثل هذه الحالة.

logo